اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مغزى "ديمقراطية" تأخير قانون الانتخابات -//- د. يوسف شيت

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

مغزى "ديمقراطية" تأخير قانون الانتخابات

د. يوسف شيت

إذا استثنينا مشاهدة برامج الرياضة والدراما على الفضاءيات العراقية , ماذا سنشاهد على الفضائيات العراقية الأخرى , وأحيانا غير العراقية, سوى أخبار التفجير والقتل وهدم البيوت وإسالت دماء الأبرياء ,  أو مشاحنات بين هذه المؤسسة وتلك , بين هذا المسؤول وذاك من جهة وبين الاعلام الذي ينقل ما هو على الأرض من جهة أخرى , أو حديث لرئيس الوزراء الذي كثر على الفضائيات (وعن هذا الموضوع حديث آخر), أو المشاحنات بين السياسيين وقذف الاتهامات فيما بينهم  أو نقاشهم حول قانون ما إلى حين ما يتوصلّ إليه رؤساءهم واستلام أوامرهم بالتصويت أو عدمه . وقانون  الانتخابات هو موضوع حديثنا . رأت الكتل المتنفذّة بأنّ وجود نوّاب يعطون الأولوية لتشريع قوانين تصبّ في الصالح العام وتؤسس لنظام ديمقراطي برلماني وطني بدلا من نظام محاصصة أثنية وطائفية ويعطي امتيازات لأحزاب وشخصيات تشكّلت منها فئة تتطفل على أموال الدولة على حساب الملايين من جماهير الشعب , رأت هذه الكتل بوجوب إبعاد هكذا نوّاب , غير مرغوب فيهم , عن قبة البرلمان لتفادي الفضائح , كمحاولة تهميش الشخصيات والأحزاب الوطنية ومنظمات المجتمع المدني واهمال آراءهم وآراء المحتجّين على سياسات السلطات في مختلف المحافظات , وتشريع قوانين تؤهّلهم  للبقاء على كراسي الحكم كما جاء ذلك عن طريق تعديل قانون الانتخابات رقم 16 لسنة 2005 واصدار قانون رقم 26 لسنة 2009 الذي ينقل أصوات المرشحين والكتل غير الحاصلة على المعدّل الانتخابي إلى القوائم الفائزة !!! وجاء هذا القانون أيضا ,كحجر عثرة أمام رغبة المواطن الذي كان ينشد التغيير . واصبح التغيير المنشود , بعد تجربة الفترة الثانية لحكومة المالكي والبرلمان , أمرا ملحّا لدى الجماهير بسبب السياسات اللامسؤولة التي أدت إلى تفاقم الارهاب والفساد المتعدد الأوجه والفشل في تحسين الخدمات , بما فيها المؤسسات التعليمية والصحية , والقضاء على الفقر والبطالة , رغم الزيادات الكبيرة في واردات النفط التي يجهل الناس عن أوجه صرفها الحقيقية .

إنّ تاريخ البرلمانات العراقية يؤكّد بوجود هدف رئيسي لدى السلطات الحاكمة وهو طريقة الاحتفاظ ببرلمان يخرج بقوانين يراعي بالدرجة الاولى مصالح الحكّام . إلاّ أنّ الطريقة تختلف من نظام إلى آخر . ففي نظام البعث البائد , على المرشح أن يكون منتميا إلى حزب البعث , وتحديد عدد من المرشحين " المستقلين" يتنافسون فيما بينهم,ولكن بشرط أن يكون المنافس منضويا تحت "خيمة الثورة" وخانعا "للقائد الضرورة". وفي النظام الملكي , كان يحقّ للملك (المتحكّمين آنذاك عبداله, الوصي على العرش, ونوري السعيد) تعيين عدد كبير من نوّاب البرلمان وإلغاء ترشيح المشكوكين بولائهم للعرش الملكي أو اعتقالهم ولو لفترة اجراء الانتخابات . ولكن في انتخابات حزيران 1954 تشكّلت جبهة وطنية (إنتخابية) من الحزب الوطني الديمقراطي وحزب الاستقلال والحزب الشيوعي الذي مثلّته المنظمات الديمقراطية والعمالية والفلاّحين , وتمّ ترشيح 37 شخصية . ورغم ممارسة الارهاب والتزوير في الانتخابات , فازت الجبهة ب11 مقعدا وقرر البعض من النوّاب المستقلين الانظمام إليها . وكانت تلك "فضيحة" لرئيس الوزراء أرشد العمري , فقرر تقديم استقالته . فسارع السفير البريطاني إلى إصلاح الوضع باستدعاء نوري السعيد وتنصيبه رئيسا للوزراء والذي سارع بدوره إلى إلغاء البرلمان وسحب إجازة الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وصحف المعارضة . بعد ذلك أجرى نوري السعيد انتخابات ليأتي بنواب على مقاسه 1 . هكذا ضاق صدر النظام الملكي بوجود 11 نائبا من مجموع 170 لأنّه لا يحتمل أي انتقاد أو نقض لمشاريعه داخل قبّة البرلمان .  أمّا الآن , لماذا يضيق صدر الكتل الحاكمة حاليا بدخول نوّاب من الأحزاب والشخصيّات الوطنية التي يشهد لها التاريخ بنضالها ضدّ تلك الأنظمة الفاسدة ؟ والجواب واحد وحيد وهو , لأنّ صدرها أضيق مما نتصوّر , وهي لا تريد كشف الفساد والفاسدين والضالعين في الارهاب , وسوء إدارة مؤسسات الدولة , وبشكل عام , تريد هذه الكتل الاحتفاظ بنظام المحاصصة الذي يحافظ على امتيازاتها . لذلك نرى نوّابها حاليا يحاولون التحايل على قرار المحكمة الاتحادية العليا التي نقضت المادة القانونية الداعية إلى تحويل أصوات الناخبين المصوتين لمرشحيهم إلى مرشحين لم يصوتو لهم بحجة أنّ طريقة سانت ليغو التي اعتمدها قانون انتخابات مجالس المحافظات في احتساب الأصوات أصبحت قديمة (ومن المدّعين بهذا السيدان المالكي والجعفري) . ولكن ما علاقة عملية حسابية يحتفظ المرشح بأصواته ولاتجيز باعطائها لغيره سوءا أصبحت قديمة أو جديدة , لأنّ التوزيع الحسابي معتمد في كلّ المجالات في حياة الناس ومنذ نشوء المجتمعات البشرية . هناك من يدّعي بأن اعتماد طريقة سانت ليغو تأتي ببرلمان وحكومة غير مستقرّان . ولكن على الأقلّ , نستطيع القول بأنّ انتخابات 2006 أتت ببرلمان  وحكومة أكثر استقرارا من الحكومة الحالية التي صوّت لها البرلمان بعد موافقة أمريكا وايران (نقلا عن أحاديث السيدين أياد علاّوي وأحمد الجلبي على فضائية الرشيد والبغدادية) والذي جاء عن طريق قانون يسمح بسرقة أصوات الناخبين ومنحها للذين لم ينتخبوهم ودخول حوالي 290 نائبا من مجموع 325 قبّة البرلمان لم يحصلوا على الحدّ الأدنى من الأصوات التي تؤهلهم ليصبحوا نوّابا ! ونتيجتها تحوّلت الحكومة من سلطة تنفيذية إلى حكومة أزمات , وفشل البرلمان في مراقبتها واخفاقه بتشريع قوانين تهمّ حياة الشعب , مما أدّى إلى تعقيد الأوضاع أكثر من السابق , لسنا حاليا بصدد طرحها وتحليلها . هناك عدة محاولات للكتل الحاكمة للخروج بقانون انتخابات لايمتّ بصلة إلى الديمقراطية ويسمح بتهميش الكثير من الكتل والاحزاب , ومنح الحقّ لقيادات الكتل الكبيرة تعيين من لم يحصل على أصوات تؤهله دخول البرلمان وحرمان من يحصل على أكثر منهم . ومن هذه المحاولات .

1. تعديل طريقة سانت ليغو (عمليا محاولة التخلّي عنها) وتعدد الدوائر الانتخابية , هذا يؤدي إلى تشتيت أصوات الكثير من القوائم , وبالتالي حرمان البعض من مرشحيها دخول البرلمان , 2.عدم اعتماد طريقة سانت ليغو مع تعدد الدوائر والالتفاف على قرار المحكمة الاتحادية لسرقة الأصوات وضمّها للفائز الأكبر .

3. التماطل في إقرار القانون واعتماد القانون الحالي مع إجراء تغيير بسيط لايمسّ طريقة سرقة الاصوات , بحجة ضيق الوقت واجراء الانتخابات في وقتها المحدد .

4.عدم إقرار أي قانون انتخابي واللجوء إلى تمديد فترة الحكومة والبرلمان , وفي هذه الحالة لايمكن للجماهير أن تتحمّل أكثر في استمرار الأوضاع المزرية , مما يؤدي إلى تفاقم الأوضاع أكثر.

5. تمديد فترة الحكومة الحالية بعد انتهاء فترة البرلمان . والحالة هذه سيتحوّل العراق إلى دكتاتورية الحزب الواحد وإراقة المزيد من الدماء . رغم أنّ الاحتمال الأخير يحضى بنسبة قليلة جدا , ولكن لايمكن إهماله , لأنّ هذه الأفكار طرحت من قبل بعض نوّاب دولة القانون عندما دار الحديث حول انتخابات نيابيّة مبكّرة عن طريق حلّ البرلمان وإبقاء حكومة المالكي لحين إجراء إنتخابات جديدة , وهذا ما تمّ رفضه من قبل بقية الكتل .                                         هناك كتل تشعر بمحاولة تهميشها , لذا غيّرت رأيها بتخلّيها عن نظام الدوائر المتعددة وتبنّي نظام الدائرة الواحدة , مثل بعض الكتل المنضوية في القائمة العراقية , هذا بالاضافة إلى التحالف الكردستاني الذي يصرّ على نظام الدائرة الواحدة , وهذا يستدعي الأخذ بطريقة سانت ليغو في احتساب أصوات الناخبين للخروج بقانون انتخابي أكثر ديمقراطية . كما أنّ هناك الكثير من الأحزاب والمنظمات وشخصيات ,بما فيهم نوّاب حاليون يرون عدم وجود ضرورة تشريع قانون جديد , بل أنّ الحلّ الأسهل هو تعديل المادة التي نقضتها المحكمة الاتحادية العليا . إلّا أنّ خلق الأزمة تبدأ بخلط الأوراق,وقد برعت الكتل السلطوية في هذا الجانب من الألعاب في إلهاء الناس , وللناس تجارب تعرف كيف تنهي اللعبة وتحصل على حقوقها المشروعة .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.