كـتـاب ألموقع

تصريحات نائب, خطيرة وخاطئة -//- د. يوسف شيت

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

المجموعة: يوسف شيت

تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 01 تشرين2/نوفمبر 2013 11:09

الزيارات: 2154

اقرأ ايضا للكاتب

تصريحات نائب, خطيرة وخاطئة

د. يوسف شيت

ليس من الغريب أن تتعرض القوى الوطنية الديمقراطية وأحزابها وشخصياتها بمختلف أفكارها إلى تشويه تاريخها من قبل أناس لايقرأون التاريخ بموضوعية وحيادية, بل يحاولون تحريف التاريخ, شاحذين لذلك العواطف القومية والدينية والطائفية أو العشائرية, ومتعكزين على مواقف وأفكار أو مقترحات قوانين لبث سمومهم الصفراء. طلع علينا النائب السيد أرشد الصالحي, رئيس الجبهة التركمانية بتصريح يوم 29-10-2013 لايمتّ بالحقيقة صلة من أوّله إلى يائه(1) . يقول : "لانقبل أن يكون مدبري مجزرة كركوك الذين أعدموا في 1963 بشهداء سياسيين" . ونسأل , من هم مدبري مجازر كركوك في 14- 16 تمّوز 1959 ؟ يأتي هذا التصريح في وقت تشتدّ فيه الدعايات الانتخابية بين الكتل المتصارعة على السلطة والمال, وغاية النائب, عضو اللجنة القانونية البرلمانية, التلاعب بعواطف التركمان العراقيين ومحاولته حرف التاريخ وبث الحقد والكراهية بين العراقين من أجل مقعد نيابي, لأنّ الوضع الخطير الذي خلقته الكتل المتحكمّة باستمرارها في الشحن القومي والطائفي يسمح بإمرار هكذا أفكار وأعمال.

بعد ثورة تمّوز 1958 كانت شركات النفط الاجنبية, وخاصة في كركوك, من المساهمين البارزين في التآمر للقضاء على الثورة. واستقطبت الشركات حولها متآمرين من شتى المكونات العرقية والطائفية, ومنهم من القومية التركمانية. وساهمت القنصلية التركية في كركوك, إلى جانب شركات النفط, تأجيج الحقد القومي بشكل مفضوح, مما حدا بقائد الفرقة الثانية آنذاك الزعيم ناظم الطبقجلي إلى إصدار قرار بغلق القنصلية ومنع دخول الصحف التركية إلى المدينة. وكانت السلطات التركية ترسل الاسلحة إلى العناصر المتطرفة من التركمان, حسب تقارير نواحي العمادية ونيروا وريكان ولواء الموصل(2) . استطاعت شركات النفط والقنصليات الاجنبية من تأزيم الاوضاع وزيادة الحقن القومي قبل الاحتفال بالذكرى الاولى لثورة تمّوز 1958 . ومن الجانب المقابل قام وكيل قائد الفرقة الثانية محمود عبد الرزّاق بالتعاون مع منظمات وأحزاب وشخصيات في كركوك لتحاشي وقوع تصادمات بين المتظاهرين من التركمان الذين رفضوا الاحتفالات سوية وبين المتظاهرين من جماهير المدينة. ورغم الاستفزازات من قبل المتطرفين التركمان الذين راحوا يركبون سيارات عسكرية ويتجولون في مختلف شوارع المدينة  وصلت المسيرة إلى نهايتها. ولكن رغبة شركات النفط ومن لفّ لفّها عملت المستحيل من أجل أن يكون هناك صدام وإسالة دماء, سواء كانت الدماء تركمانية أو غيرها من أجل تحقيق أجنداتها. ونجحت في نشر الفوضى في المدينة,  وذهب ضحيتها حوالي 40 من القتلى ومنهم 27 تركمانيا(3) . ولم يشر أي من التقارير المحايدة إلى قيام الشيوعيين بأية مجزرة, كما يدّعي النائب الصالحي وبعض وسائل الاعلام في تركيا والجمهورية العربية المتحدة المتورطة آنذاك بالتآمر على العراق وبالتنسيق مع المخابرات الأجنبية. يدعي الصالحي بأنّ فترة الحكم بين 8 شباط و18 تشرين الأول 1963 كانت فترة حكم الرئيس عبد السلام عارف. قبل كل شيئ يحاول الصالحي تبرئة البعث من الجرائم البشعة التي ارتكبها أبان الفترة المذكورة. ثمّ أين رأى وسمع الصالحي بعثيا ينكر قيادة البعث للانقلاب الفاشي في 8 شباط 1963! بل هم يفتخرون به. ألم يقرأ الصالحي تصريح سكرتير البعث آنذاك علي صالح السعدي, عندما قال " أتينا إلى الحكم بقطار أمريكي" , ألم يكن قادة الانقلاب, أحمد حسن البكر ومنذر الونداوي وصالح مهدي عمّاش وحردان التكريتي من قادة وكوادر البعث! من كان يعتقل ويعذّب ويقتل ويغتصب مئات الالوف من الوطنيين, وخاصة الشيوعيين, في قصر النهاية (القصر الملكي المسمى بقصر الرحاب) ونادي الجزيرة ونادي الاولمبي الرياضي وأقبية الأمن ومراكز الشرطة ومعسكرات الجيش ودور السينم أو دفنهم أحياء, ألم يكن المقبور ناظم كزار وعمّار علوش والسعدي, ومحمد فاضل وعبدالكريم الشيخلي وسعدون شاكر وخالد طبرة وغيرهم من قادة وكوادر حزب البعث, وبالمناسبة, حينها كان صدّام يتدرب على القتل تحت أمرة ناظم كزار في قصر النهاية! وفي عام 1970, عندما ثبتّ البعث دعائم حكمهم الثاني لقب البكر إنقلابه المشؤوم في 8 شباط الفاشي ب"عروسة الثورات" .  أمّا المسؤول عن نشاطات وعمليات المخابرات الامريكية في الشرق الأوسط في مطلع الستينات يقول: "إنّ المخابرات الامريكية هي التي لعبت الدور الأساسي والحاسم في عملية الاطاحة بعبدالكريم قاسم وتأمين نجاح انقلاب حزب البعث في 8 شباط 1963"(4).

يدّعي المحامي الصالحي بأنهم, "منذ خمسين عاما نحاول الوصول إلى قتلة الشعب في كركوك والموصل" . قبل خمسين عاما كان انقلاب البعث الفاشي الذي تطرقنا إليه أعلاه, وكان أسلاف السيد الصالحي من القوميين المتطرفين أول من ساند الانقلاب وساهم في اعتقال الوطنيين من كل أطياف الشعب, بما فيهم التركمان. أما إذا كان المقصود هو مؤامرة العقيد الشوّاف التي وقعت في الموصل يوم 8 آذار 1959 كان قبل حوالي 55 عاما, ويمكن الاطلاع على خيوط المؤامرة والقائمين عليها من داخل وخارج العراق, مثل الجمهورية العربية المتحدة والأردن وشركات النفط العاملة في العراق والمخابرات المركزية والمخابرات الانكليزية, من خلال محاكمة المتآمرين في المحكمة العسكرية العليا الخاصة في بغداد والتي كانت تبث جلساتها على الهواء مباشرة وعلى شاشات التلفزيون. كما أصدرت عشرات المجلدات لتوثيق كافة المحاكمات ليطلع الشعب عليها, لذلك سمّيت ب" محكمة الشعب " . كما أدعو, كل من يريد معرفة الحقائق عن القوى الوطنية والديمقراطية العراقية بكافة أحزابها ومنظماتها وشخصيّاتها وتضحياتها وأهدافها وآراءها الاطلاع وقراءة ما يصدر عنها أو من مصادر حيادية, وحتى من أعداءها الذين أصبح قسما منهم يكفّر بذنوبه نتيجة الأخطاء وما اقترفوه ضدّ هذه القوى وفضحهم الكثير من الأسرار والخطط التي كانت سببا في تدمير البلد.

إذا كان مشروع قانون اعتبار ضحايا انقلاب 8 شباط الفاشي هو مخالف للدستور وفق المادّة 132 , فإنّ المادة الدستورية لم تحدد الفترة الزمنية, كما أن للجنة الشهداء والسجناء أن تقترح القانون الذي تراه ضروريا ومنسجما مع طموحات ضحايا تلك الفترة, ولمجلس النوّاب الحق في قبوله أو رفضه. وما أثار انتباهي هو نعت الصالحي إنقلاب تشرين 1963 ب"ردّة تشرين السوداء" !!! وهذه التسمية يطلقها البعثيون فقط, لا غيرهم, من المتباكين على انقلاب 8 شباط الفاشي. وإذا كانت فترة 8 شباط حتى تشرن أول 1963 هي فترة حكم عارف, لماذا تنعت انقلاب عارف بالردّة السوداء !!! .

وأخيرا أرجو من السيد الصالحي أن يصحح الفترة البعثية الاولى والتي هي تسعة أشهر  وعشرة أيّام وليست ستة أشهر .

www.selihi.com    -  1 - موقع السيد أرشد الصالحي

2- تاريخ الوزارات العراقية ,ج3 ص54

3- تاريخ العراق , حنا بطاطو ج3 اعتبارا من ص 222

4- الحكّام العرب في مذكرات زعماء وقادة ورجال المخابرات, مجدي كامل,ص316

• < السابق
• التالي >