اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

أيّ تغيير نريد وكيف نغيّر؟// د. يوسف شيت

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

اقرأ ايضا للكاتب

أيّ تغيير نريد وكيف نغيّر؟

د. يوسف شيت

 

عندما نتحدّث عن تطوّر ما داخل المجتمع , يعني حدوث تغيير, أي وجود حالة احتقان داخل المجتمع بسبب التناقضات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي لم تجد حلا لها . ولكن ليس كلّ تغيير يؤدّي إلى تطور. يؤكّد ماركس في دراسته وتحليله للمجتمع البشري , بأنّ المجتمع يتطوّر على شكل خط حلزوني صاعدا نحو الأعلى مع حدوث انكسارات . هذه الانكسارات التي يشير إليها ,هي الانتكاسات التي تحدث في المجتمع وتعرقل تطوره . في العراق جاءت ثورة 14 تمّوز 1958 لحلّ التناقضات داخل المجتمع , لتنقله من علاقات إنتاج شبه اقطاعية إلى علاقات إنتاج رأسمالية أكثر تطورا , لأنها أعطت للقوى المنتجة مساحة أوسع لتطوير الصناعة والزراعة سواءا بتشريعها قانون الاصلاح الزراعي أو دعم الصناعة الوطنية بقطاعيها العام والخاص , وبذلك تقلّصت البطالة إلى حدّ كبير . كما شرّعت الكثير من القوانين التي تتيح حريّة تشكيل النقابات والاتحادات والجمعيات والنشر , والخروج من حلف بغداد العدواني وتحرير النقد العراقي من منطقة الاسترليني وغيرها . إلاّ أنّ الصراع بين قوى الثورة والقوى المضادّة لها والمدعومة من الخارج , وبشكل خاص من النظام المصري وشركات النفط الاحتكارية العاملة في العراق , أدّى إلى قيام إنقلاب 8 شباط 1963 وحدوث إنتكاسة لثورة تمّوز عانى منها الشعب العراقي ويعاني من نتائجها لحدّ الآن , من حروب وقتل وسجون وتعذيب واغتصاب وتدمير البنى التحتية وتدمير الصناعة الوطنية وخسارة في النقد التي تقدّر بمئات المليارات من الدولارات . وانتهى الأمر بمجيئ حكّام استلموا زمام الامور بغفلة من الزمن وأدخلوا البلد في دوامة الصراعات السياسية والطائفية والقومية تحت ظلّ نظام المحاصصة يقودها برلمان فاشل ومشلول وحكومة تحيك أزمة بعد أخرى . فشل حكّام مابعد الاحتلال في كلّ ما هو مطلوب لتطوير البلد , ولكنّهم نجحوا في سرقة المال العام والتضييق على الحريّات العامة والخاصّة , وخاصة حرية التعبير عن الراي . وصراعهم على المناصب واستقواء كل طرف من أطراف النزاع بدول اقليمية وغيرها أدى إلى استفحال الارهاب وفقدان الأمن وزيادة فرص الحرب بين الطائفتين الشيعية والسنية ، لأنّ الحكومة الحالية هي حكومة طائفية يديرها حزب الدعوة ذي العقيدة الشيعيّة وتساندها بقية أحزاب الإسلام الشيعيي رغم الخلافات فيما بينها. وأعطت هذه الحكومة التي يتزعّمها حزب الدعوة الاسلامية لقوى التعصّب السنّي وأحزابها مبررات للتصعيد بين الطائفتين وتمكين الارهابيين ، سواءا من الميليشيات الشيعية أو من الفصائل الإرهابية السنيّة بما فيها بقايا البعث والقاعدة وداعش، للقيام بمزيد من قتل الابرياء . إنّ الأوضاع المزرية في البلد وخطورة الوضع في محافظات بابل وبغداد وصلاح الدين وديالى والموصل ، وأشدّها خطورة في الأنبار دليل واضح على فشل البرلمان والحكومة في حلّ مشاكل البلد . ونرى بأنّ تصعيد الخلافات بين الحكومة والبرلمان ، وما بين الكتل الحاكمة نفسها يزداد كلّما اقترب موعد الانتخابات النيابية . وهنا يظهر، كم هم عديمي الوفاء لبلدهم هؤلاء الحكاّم , وأصبح ديدنهم التمسّك بكرسي الحكم بدون أن يبالوا ما جلبه ويجلبه نظام المحاصصة الذي يعكس تناحراتهم المخلوطة بدم الأبرياء من دمار للبلد .

دخل الحزب الشيوعي ، بعد الاحتلال ، العملية السياسية التي أصبحت أمرا واقعا وهو يحمل مشروعه الوطني على أمل مواصلة النضال مع بقية قوى العملية السياسية وفي ظروف سياسسية متغيّرة لتفعيل مشروعه الداعي إلى التغيير الذي يؤسس لنظام ديمقراطي مدني . لكن ظهر بأنّ أغلبية الفرقاء لم يكن ليهتموا بإي مشروع وطني ، لأنّ قرارات مؤتمر لندن الذي أشرفت عليه الخارجية الأميركية بواسطة موفدها خليل زادة كان لها الأولوية بالنسبة لهم لأنّها تعكس مصالح أحزابهم الدينية والقومية والسعي كل طرف لتثبيت نظامه الذي يؤمّن مصالحه بعيدا عن أي نظام ديمقراطي تعددي ، لذلك استبعد هؤلاء كلّ المقترحات التي طرحها الحزب الشيوعي ومعه أحزاب وشخصيات وطنية أخرى، كتشكيل مجلس وطني تنبثق منه حكومة وطنية مؤقّتة تقود البلد نحو انتخابات برلمانية حرّة ، وكتابة دستور من قبل لجنة مهنية مختصّة بدون تدخلات وإملاءات داخلية أو خارجية ليطرح أمام الشعب للتصويت عليه .

ومنذ الاحتلال لم ير البلد فترة هدوء أو تحسّن وعلى كلّ الأصعدة ، بل بالعكس تماما ، كلّما يمرّ الوقت لإصلاح البلد، كلّما تفاقمت المشاكل أكثر والتي لا تجد حلّا لها، وتبرز أزمة بعد أخرى بسبب الصراعات اللامبدأية بين الكتل الحاكمة والتدخلات الخارجية مع زيادة الضحايا من الأبرياء . والآن ، وبعد مرور 11 عاما ، يمرّ البلد بأخطر أزمة سياسية تكرّسها الكتل البرلمانية لدعايتها الانتخابية  غير آبهة بمآسي الناس . لهذه الأسباب طرح التغيير نفسه كعملية ملحّة ، ونادت وتنادي به الأكثرية من الجماهير والأحزاب والشخصيات الوطنية والمراجع الدينية ، وحتى بعض النوّاب الحاليين سواء بحسن نيّة أو لركوب موجة المطالبة الجماهيرية للحفاظ على مراكزهم . وعملية التغيير يجب أن تجري وفق الدستور ، أي عن طريق انتخابات حرّة . لكن الأوضاع المشار إليها تعكس مدى صعوبة التغيير رغم أنّه أصبح مطلبا جماهيريا ، وذلك للأسباب التالية :

1- الامكانيات المالية الهائلة المجهولة المصدر ( سواء المسروقة من المال العام أو من دول مقابل تنفيذ أجندات لها في العراق) التي تملكها الكتل الحاكمة . وهذه الأموال يوظّف قسم منها لشراء السلاح والذمم ، وتوسيع الاعلام وتمويل الحملة الانتخابية ، والقسم الآخر يهرّب للخارج للإستثمار وشراء القصور والبذخ . وتشير معلومات مؤكّدة إلى وجود حواضن عشائرية ودينية يديرها رؤساء عشائر ورجال دين من مختلف الطوائف تتهيأ لبيع أصوات التابعين لها إلى الكتل المتّخمة بمال الشعب المسروق , أي ستفتح قريبا سوق للمزايدة بالأصوات وعلى نطاق أوسع من السابق ونحن على أبواب الانتخابات .

 2- الشحن الطائفي والقومي والعشائري للشارع العراقي من قبل أصحاب مصالح أنانية من المتنفذين بالسلطة ومن هم بحمايتهم من كبار أصحاب رؤوس الأموال ورجال الدين ، بحيث أصبح الفرد (أكثرية الناس) يفكّر في حماية طائفته أو دينه أو قوميته أو عشيرته التي يكنّ لها كل العطف وغدت هويته الرئيسية ، بينما أصبحت نفسيته لاتتقبّل الهوية الوطنية إلاّ بالقول . أي أنّ الأحزاب الإسلامية والقومية لها القابلية على التلاعب بعقلية الناس والحصول على الأصوات التي تؤهلها للاستمرار بالسلطة والحفاظ على امتيازاتها .

3- بدأ الحملة الاعلامية للإنتخابات منذ فترة ، حيث يقوم المالكي بالقاء خطاب أسبوعي عملا بمقترح مستشاره الاعلامي على شاكلة الرئيس الأميركي . فإذا كان الرئيس الأميركي يتحدث عن منجزات بلاده وتطورها ، فعن أية منجزات يتحدّث المالكي ، بينما يوميا تسيل دماء العراقيين وتنهب ثرواتهم في وضح النهار من قبل زبائنيته ومعارضيه "المشاركين في الحكم" على حدّ سواء؟ كما أصبحت الجوامع والحسينيات خير أوكار للدعاية الانتخابية والشحن الطائفي . ليس هناك من يعترض على هذه الخروقات ، لا من قبل بعض رجال الدين الذين يدّعون بأنهم يقفون على مسافة واحدة من الكتل والأحزاب ولا من السلطات ، وخاصة رئاسة الجمهورية التي تدّعي حماية الدستور ولا من بعض أطراف المعارضة التي تريد التغيير, أو أنّ بعضا من انتقاداتها تكون خجولة، ولا من قبل الهيئة العليا للإنتخابات التي تدّعي الاستقلالية .

4- غياب أهم معلم من معالم الديمقراطية وهو قانون الأحزاب الذي كان من المفروض أن يشرّع قبل إجراء أية انتخابات برلمانية أي عام 2004 في فترة حكومة العلاّوي . مرّت عشر سنوات وترفض الأحزاب الطائفية التصويت عليه ، لأنّ إجازة أي حزب يقدّم طلب وترفق معه جملة وثائق يفرضها قانون الأحزاب ، ومنها النظام الداخلي وبرنامج الحزب وطريقة تمويل الحزب . بأي نظام داخلي أو برنامج حزب يعترف به عمّار الحكيم أو مقتدى الصدر أو المالكي أو جماعة بدر أو الفضيلة ، وكذلك الأحزاب السنيّة بما فيها الاسلامية الكردستانية ومن على شاكلتهم ، وكيف يبررون بأنّ تمويل أحزابهم وأحزاب أوك و حدك والتغيير  ليست من المال العام أو من دول الخارج؟؟؟ وهذه من أصعب وأخطر الأسئلة بالنسبة لهم .

5- يدّعي بعض قادة التيارات الاسلامية بأنّ العراق بحاجة إلى دولة مدنية ! ومن هؤلاء باقر الزبيدي أحد زعماء كتلة عمّار الحكيم     والعديد من نوّاب دولة القانون وحزب الدعوة الاسلامية يدّعون بعلمانية نظامهم . كما أن بعض الكتل الاسلامية غيّرت إسمها إلى اسم يحمل طابع مدني ، مثل "المواطن" و "الأحرار" و "الإصلاح الوطني"  و "دولة القانون" و "المستقلّون" و "المتّحدون" وغيرها. إنّهم يضللون الناس بشعاراتهم وأحاديثهم ، ويدّعون التغيير الذي لا يعدوا مجرّد تغيير الاسم أو بعض الوجوه .

6- هناك من يدعو إلى مقاطعة الانتخابات بحجة أنّ العراق يمرّ حاليا بظروف غير اعتيادية. ولكن متى مرّ العراق بظروف عادية ولفترة عدّة عقود؟ كما يدّعون بأنّ نتيجة الانتخابات معروفة مسبقا ، فلماذا يجهد المواطن ويعرّض نفسه للمخاطر الأمنية . مثل هذه الأحاديث  تصبّ في صالح الكتل المتشبثة بالحكم التي تريد إبعاد المواطنين المستائين من سياساتهم والراغبين في التغيير عن صناديق الاقتراع . وليس هناك من ينكر بأنّ الانتخابات ستزوّر وبشتى الطرق كما جرى في الانتخابات السابقة وتدخّلات خارجية لتغيير نتائجها ، ولكن المشاركة الفعّالة في مراقبة الانتخابات من قبل الكتل التي تريد التغيير ، مثل كتلة التيّار المدني الديمقراطي وغيرها ، تستطيع حسر التزوير الذي سيحصل . وهناك من يدعو إلى المقاطعة من باب الثوريات ، وهنا نقتطف ما تطرّق اليه لينين في كتابه "مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية" برسالته الموجهّة إلى "فرقة يساري فرانكفورت الألمانية" :"...إنّ البرلمانية الألمانية لم يول عهدها سياسيا، وإنّ الاشتراك في الانتخابات البرلمانية وفي النضال من على منبر البرلمان أمر لا بدّ منه لحزب البروليتاريا الثورية ، وكذلك بالضبط لأغراض تربية الفئات المتأخرة من طبقته هو ، بالضبط لأغراض ايقاظ القرويين المبلدة والمظلومة والجاهلة". في مجتمعنا العراقي ترزح الملايين تحت فاقة الفقر والجهل والظلم والتهميش , بسبب شحن أفكارها بالحقد الطائفي والقومي والديني , فما هي الأساليب التي تستطيع إنقاذ هذه الملايين وتنويرها بحقوقها ومصالحها وواجباتها , على الأقلّ في الظرف الحالي , غير النضال السلمي ووفق الدستور, بما في ذلك الاشتراك في الانتخابات .                 

إن الظروف الموضوعية للتغيير موجودة وأشرنا إليها ، والتي تتلخّص ب : فقدان الأمن والأمان للمواطن ، استمرار نهب المال العام، رداءة وفقدان الخدمات مثل الماء والكهرباء ، فقدان الأمن الصحي والغذائي ، عدم الاهتمام بالبيئة ونظافة المدن ، إهمال التعليم بكلّ مراحله، بل ومحاولة طبعه بعقيدة بحدّ ذاتها ، مما يساعد على التأجيج الطائفي ، فشل السلطات في القضاء على الفقر والبطالة وتوفير السكن اللائق لملايين المواطنين وفقدان القوانين التي توفّر الحد الأدنى للعيش بكرامة ، مثل قانون التقاعد والمعونة الاجتماعية .

أما الظروف الذاتية للتغيير لازالت ضعيفة ، ولكن يمكن تطويرها إلى حدّ ما . وسبب هذا الضعف يكمن في :

1- محاولة تهميش التيّار الديمقراطي الذي يشكل القوّة الرئيسية الساعية إلى إقامة نظام مدني ديمقراطي يؤمن بالتعددية . إلاّ أنّ عددا كبيرا من الأحزاب والشخصيات الوطنية الديمقراطية وفي مقدّمتها الحزب الشيوعي استطاعت مؤخرا من تجميع قواها لخوض الانتخابات المقبلة في 30 نيسان القادم ، واستفادت من فشلها في الانتخابات السابقة بسبب تشتت قواها الانتخابية . وتشريع قانون انتخابات جائر يسمح القوائم الكبيرة الحاصلة على أعلى الأصوات بالاستحواذ على أصوات القوائم الأخرى ، أي الاستحواذ على أصوات المواطنين الذين لم ينتخبوهم والتي بلغ عددها في انتخابات 2010 حوالي 2,5 مليون صوت, ما يعادل 20% من قوام مجلس النوّاب, أي 65  نائبا !!!

2- ضعف الإعلام لدى قوى التيّار المدني الديمقراطي ، وخاصة المرئي منه ، مقابل امتلاك الكتل السلطوية لعشرات الفضائيّات التي تعمل خلال 24 ساعة يوميا في داخل وخارج العراق وكثرة المواقع الالكترونية الرسمية وغير الرسمية وتلقيها الأسئلة من الناس والردّ عليها وكثرة صحفهم التي تذاع مقتطفات منها على الفضائيات ، وكلّ هذا على حساب الأموال المسروقة ورشاوي الأجندات الخارجية . وتحذر الفضائيات العراقية , سواء المملوكة للدولة أو للأحزاب والشخصيات من اللقاء مع شخصيات وقيادات أحزاب وطنية , إلاّ نادرا, وبالعكس فالأكثرية منها تحاول تشويه آراء وأفكار الأحزاب الوطنية عندما تستضيف شخصيات تتنكّر لهويتها الوطنية وترى في الدولة الديمقراطية المدنية والشيوعية كفرا , بينما تحرّك من تحت عباءاتها الإرهاب وتسكت عن سرقة المال العام ومعانات الشعب . على قوى التيّار المدني الديمقراطي, وبشكل خاص الحزب الشيوعي , أن تسعى لتوسيع إعلامها , مثلا الاسغلال الواسع للفيسبوك وفتح مواقع إلكترونية في كل محافظة ونشر خيمات انتخابية بعد بدأ الدعاية الانتخبية لتكون هذه الطرق حلقة وصل بين المواطن وقوى التيّار الديمقراطي للإطلاّع على تساؤلاتهم وآرائهم ومعاناتهم التي تزداد كلّما طال وجود وزراء ونوّاب طغت مصالحهم الشخصية والحزبية كلّيا وبدون خجل على مصلحة الشعب والوطن , ونشر برامج وآراء أحزاب التيّار وشخصياته والتنوير بها , وأهمية التغيير وطريقة ولوجه.

 3- إنّ نفسية الكثير من المواطنين لاتتقبّل التضحية الجسدية أو إهانة كرامتها سواءا على يد السلطات أو التشكيلات المسلّحة الأخرى بسبب الخوف المتراكم لعدة عقود من الأنظمة السابقة وقناعتها بأنّ السلطات الحالية والتشكيلات المسلحة الخارجة عن القانون  تحمي طائفتها أو قوميتها أو عشيرتها , وأصبحت حماية البلد من المصير المجهول بالنسبة لها عمل ثانوي وهذا يشير إلى تجهيل المواطن والاستخفاف بموقعه الطبقي وبكونه ,هو المنتج الرئيسي للخيرات المادية والروحية. وهنا نلاحظ إزدواجية المواطن الذي يريد التغيير نحو الأحسن ، لكنّه يصطدم بجعله الأولوية للطائفة أوللقومية أو للعشيرة . نستنتج من هذا, كم هو شاق النضال الفكري لتوعية الجماهير بحقوقها وقيادتها للحراك من أجل حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية وعدم التفريط بصوتها الانتخابي . والصعب هنا لا يعني المستحيل ، بل استغلال الهامش الديمقراطي لتطوير هذا النشاط ونقله إلى مستويات أعلى، وهناك بوادر متنوعة من قبل الحزب لرفع مستوى الوعي الجماهيري والتحشيد الانتخابي .                          

4- ضرورة رفد قيادة التيّار المدني الديمقراطي بعناصر شابة وبالعنصر النسوي ، لأنّ القائد الشاب هو أكثر من يشعر بأحاسيس الشباب ومتطلباتهم وموقعهم في المجتمع كقوّة انتاجية وانتمائهم الطبقي وطرق زجّهم في النضال المتعدد الأشكال وكذلك بالنسبة للنساء . وللحزب الشيوعي تجربة كبيرة في العمل بين الشباب والنساء من عمّال وفلاّحين وكسبة وطلبة ومثقفين وعسكريين ومن كلّ الأعراق والأديان والطوائف , والمطلوب دائما هو الاستفادة من تجارب الماضي بإيجاد آلية تناسب الظروف المستجدة .

5- لاتزال حالة التفاؤل المفرط في تحقيق نجاحات كبيرة موجودة ، وهذه الحالة التي رفضها الحزب في تقييمه للانتخابات السابقة أدت سابقا وتؤدي إلى الإحباط في حالة ظهور نتائج غير مشجّعة للتيّار الديمقراطي . والمهم هنا هو جسّ نبض الشارع بشكل واقعي للحصول على صورة تعكس مزاج ونفسية الناس ومدى رغبتهم في التغيير وأيّ تغيير يريدون ، وهذا يساعد قيادة الحزب بشكل خاص وقيادة التيّار المدني بشكل عام في وضع سياسة صائبة لخوض الانتخابات .

 

 وأخيرا، نؤكّد بأنّ الظروف الموضوعية للتغيير موجودة ، لكن التغيير لا يأتي بدون استيعابها . والعمل  المثابر والمتعدد الأوجه، رغم تعقيداته وصعوبته، هو الكفيل الوحيد لإجراء التغيير الذي نريده .     

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.