اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الجواهـــري في البصرة، ومع اهلها ومثقفيها// رواء الجصاني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

رواء الجصاني

 

عرض صفحة الكاتب 

الجواهـــري في البصرة، ومع اهلها ومثقفيها

رواء الجصاني

 

    خلال مراجعة موضوع توثيقي نشرته مؤخرا، موسوم "مع الجواهري في حواضر ومدن العراق" فاضت الذاكرة عجولا  ببعض صور ولقطات واسماء عن محطات في "مقامة" الشاعر الكبير في البصرة وعنها وحولها، تصلح لموضوع توثيقي منفصل، يؤرخ لعدد من الشؤون، ويؤشر دلالات معبرة، وبأتجاهات مختلفة..

   والمبتدأ انه كان يصف فيحاء العراق في مجالسه الخاصة والعامة بأنها " البصرة وكفى" .. وفي هذا الاطار ننقل عن الباحث  الاردني المميز. د. يوسف بكار:  "أن الجواهري الذي زار محافظات العراق زيارات «خطف» – كما يقول – بدأت منذ أيام التدريس فيها وأيام الصحف التي أصدرها، وكانت تربطه علاقة قويّة بها. وقد استهوته من بين مدن العراق اثنتان: البصرة والحلّة. وكان يقول في منفاه الدمشقي: ( لو قدّر لي أن أعود إلى العراق لما اخترت غير البصرة أسكن فيها… بعدها الحِلّة، لأن البصرة «كلّ شيء فيها، ما يوجد فيها لا يوجد في غيرها، إنّها تختلف عن العراق كلّه، إن أهلها معروفون بشيمتهم وكرمهم وطيبتهم… وباختصار " أموت على البصرة") ..أما الحلّة، فلأن «موقعها جميل. قريبة من بغداد، وناسها منفتحون، بل إنها قريبة من النجف، وقد  درّست فيها بين عام 1930 وحتّى عام 1932" (1)

 

* اصدقاء مميزون

     تحدّثنا "ذكريات" الجواهري، وديوانه ومجالسه عن علاقات شخصية عديدة كانت تربطه مع "البصراويين" مثقفين وشخصيات عامة وغيرهم، ومنهم اصدقاء ومعارف مميّزون، وقد اورد او اشار لاسماء بعضهم في قصائده، وكتاباته واحاديثه ومن اقدمهم الكاتب والشخصية المرموقة عبد الرزاق الناصرى، الذي توطدت علاقتهما الشخصية بشكل وثيق اواخر عشرينات واوائل ثلاثينات القرن الماضي في بغداد، واستمرت حين انتقل – الناصري- للاقامة والعمل في البصرة، ليزوره الجواهري هناك.. ثم تتحقق زيارات اخرى لتلك المدينة الفيحاء، بعد ان اصبح السيد جواد الجصاني، النجفي، صديقه، ثم صهره لاحقا(2) مديرا لمعارف اللواء (محافظة) البصرة، في الفترة 1951-1952. 

    وبعد اغتراب - لجوء الجواهري الى براغ عام 1961 راح الاديب، والسياسي والشخصية البصرية المعروفة، موسى اسد الكريم ( ابو عمران) من اقرب اصدقاء وندماء الشاعر الكبير، ولعل ابياته الاربعة على صفحة ديوانه الذي اهداه اليه توضح بعض تلكم العلاقة، ومطلعها: يا أبا عمران والدنيا ضباب وسرابُ (3) .

   وفي حقبة براغ ايضا توطدت العلاقات الصداقية والشخصية، والعائلية، مع ابن البصرة البارز، المؤرخ والوزير والسفير، فيصل السامر، الذي اقام في براغ لاجئا وناشطا سياسيا بعد انقلاب البعث الدموي في شباط 1963. وقد اشار له الجواهري في قصيدته الشهيرة"بائعة السمك" المنظومة عام 1965 ومطلعها: "وذات غداة وقد أوغلت بنا شهوة الجائع الحائر" ..

     وفي عودة لمؤلفه "ذكرياتي" يوثق الجواهري انه انتقل من بغداد مدرساً في ثانوية البصرة في النصف الاول من ثلاثينات القرن الماضي، وسكن في مركز المدينة، لعدة اشهر فقط، لينقل منها الى الحلة، جزاء نظمه قصيدة أعتبرت سياسية/ مناهضة، وهو في دائرة حكومية، ثم ليستقيل من التعليم كله، ويتفرغ للشعر اولا، وللصحافة التي عشقها، موردا لتغطية متطلبات الحياة .. كما شهدت البصرة مطلع الاربعينات محطة جواهرية اخرى، وهي عودته عبرها الى العراق من ايران، عن طريق الاهواز، حيث كان قد استقر في طهران مع عائلته أشهر قليلة، بعد احداث مايس عام 1941 احترازا من تداعيات ما عرف – ويعرف-  بحركة رشيد عالي الكيلاني..

 

* مواقف وقصائد لشعراء بصريين مميزين

   بحسب المتنبي العظيم فأن "عداوة الشعراء بئـس المقتنى" ولكن الحال تلك لم تنطبق على مواقف ورؤى شعراء بصريين متألقين من الجواهري.. ومؤكد ان المطلوب الان ان نوثق بشواهد ملموسة على ما نزعم به. ومن بين ما متوفر عندنا : ما كان يكنّه بدر شاكر السياب للجواهري، ووصفه بــ " أعظم شاعر في ختام النهج التفعيلي للشعر العربي" (4) .. مع الاشارة الى ان (بدراً) تعاون في تحرير بعض صحف الجواهري مطالع الخمسينات الماضية (5).

   اما الشاعر سعدي يوسف فكانت علاقته أطول زمنــا، واوثق، مع الجواهري، ليس ثقافيا وحسب، بل واجتماعيا ايضا، وقد رثاه بقصيـــدة وكتابات عديدة بعد رحيله عام 1997. الى جانب اصداره مؤلَفــاً حمل عنوان "محمد مهدي الجواهري" ضم قراءات مختارة من ديوان الشاعر الخالد (6). 

   وكذلك كانت الحال مع الشاعر عبد الكريم كاصد، اذ ثمة علاقة اليفة بينه والجواهري وخاصة في دمشق الشام خلال عقــد الثمانينات الفائت، وقد ساعد في مراجعة مؤلفه "ذكرياتي" الصادر في جزأين عامي 1988-1990 . وثمة كتابة اخرى بعنوان "الجواهري .. بين المعري وعبد الكريم كاصد" تؤشر لبعض تلكم العلاقة (7).

    كما من بين ما تجدر الاشارة له ايضا بهذا التوثيق التاريخي موقف معبر للشاعر البصري المعروف، جواد الحطاب في قصيدة " نص في رثاء الجواهري"  افتتح بها دورة مهرجان "المربــــد"  عام 2019 وكان قد نظمها بعد رحيل االشاعر الخالد عام 1997 ونشرتها عدة صحف عربية في حينها (8) .

    اما الشاعر والفنان محمد سعيد الصكار، بصري العيش والهوى،  فله اكثر من موقف وشعر وذكريات مع الجواهري وعنه، منشور بعضها في كتابه "اخوانيات الصكار" الصادر عن دار المدى في دمشق عام 2001 وكلها محبة وتبجيل للعبقرية والعطاء.. دعوا عنكم لوحته ذائعة الصيت، وبأكثر من شكل ابداعي، حين  خط فيها ورسم وأوحى من، ولبيت الجواهري الشهير "أنا العراقُ لساني قلبه ودمي فراتهُ وكياني منه أشطارُ"..

  

كتابات وبحوث ودراسات

   لقد كان من المفترض، بل والمهم ايضا، ان نوثق في سياق هذه "المقامة"  بشكل اوسع، مواقف وكتابات المثقفين البصريين – وما اكثرهم وأجلهم- عن الجواهري، تأرخة وبحوثا ودراسات وغيرها، ولكن البعد عن الذوات المعنيين، وعن المصادر ذات الصلة، حال دون التمكن من اتمام الأمر بالشكل المطلوب.. وبرغم ذلك  دعونا نشير على سبيل المثال لا الحصر الى آثار الاديبين، والناقدين البصريين النافذين، ياسين النصيّر، ومحمد الجزائري عن الجواهري الخالد، وهي عديدة وعلى امتداد سنوات، بل وعقود.. ومن بينها – على سبيل المثال-  مساهمة النصيّـر المتميزة بمناسبة الذكرى العشرين لرحيل الجواهري (تموز 2017) ومما جاء فيها أنه أول من اطلق عليه وصف " النهر العراقي الثالث" .. اما لمحمد الجزائري فنوثق لحواره الثري مع الجواهري، عام 1975 الذي نشرته صحيفة "الجمهورية" البغدادية بشكل بارز ..

  ... ونوثق ايضا لاطروحة دكتوراه موسومة بـ "لغة شعر الجواهري" أتممها الباحث على ناصر غالب في جامعة البصرة عام  1995. ودراسة د. صدام فهد الاسدي الموسومة "الغربة والحنين الى الوطن في شعر الجواهري" . كما نشير لما ادلى به الشاعر كاظم الحجاج في تصريح خاص بأنه يحفظ نصف شعر الجواهرى (9) . وكذلك الى ما كتبه الاستاذ جاسم المطير في الذكرى العشرين لرحيل الجواهري .. وللبحث الموسوم " دلالات الرثاء في شعر الجواهــــري" للباحث اسماعـــيل عوض رشيد المنشور في مجلة اداب البصرة عام 2013 . و" بنية الأفعال في قصيدة (أزح عن صدرك الزبد) الجواهري، للباحث صيوان خضير خلف، المنشور مجلة أبحاث البصرة للعلوم الإنسانية، بتاريخ 2011.6.30.

 

* وللفنانين البصريين شواهدهم وشهاداتهم..

   والبداية التي ننطلق منها بهذا المحور، هي للفنان التشكيلي فيصل لعيبي، صاحب التخطيطات الباهرة للجواهري، بالاسود والابيض، في الثمانينات الماضية،  وكذلك "البورتريه" المجود والمعبر للشاعر العظيم، بالالوان عام 1996 .. كما نعرج من التشكيل الى الموسيقى والغناء فنوثق لما انجزه الفنان حميد البصري من لحن جميل لبعض مقاطع قصيدة الجواهري الشهيرة "يا دجلة الخير" .. وكذلك لأداء المطرب المميز فؤاد سالم وهو ينشــد للجواهري، ومن ابيات "دجلة الخير" ايضا .. كما لا يمكن ان ننسى دور الفنان عبد الستار البصري في تجسيد شخصية الجواهري في مسلسل "كبرياء العراق" ذي السبع حلقات من اخراج انور الحمداني وانتاج قناة السومرية عام 2011.

  

* ابن الفراتين في " مربد البصرة "

اما الحدث الابرز بين البصرة والجواهري، فذلك الذي حدث عام 1969 خلال الدورة الاولى مهرجان "المربد" الشعري، حين هرعت جموع بصرية حاشدة، الى محطة "المعقل"  لأستقبال شاعر الوطن القادم اليهم من بغداد بالقطار. وقد تكرر الحشد الجماهير الكثيف حين كان يلقي قصيدة جديدة - ذاع صيتها بشكل كبير لاحقا-  امام حضور المهرجان والمشاركين فيه (10) وجاء مطلعها: ..

يا "ابن الفراتين" قد أصغى لك البلدُ، زَعْماً بأنك فيه الصادحُ الغَرِدُ..

ما بين جنبيكَ نبعٌ لا قَرارَ له، من المطامح يستسقي ويَرتفد..

كأن نفسَك بُقيا أنفسٍ شَقيت، وكلّ ذنبِ ذويها أنهم وُجِدوا

وأنهم حلبوا الأيام أضرعها، حتى إذا محضتهم دَرّها زَهَدوا

 

* الابن على سر ابيـه

   والابن هنا نجل الجواهري الثاني، الكاتب والفنان التشكيلي، الدكتور "فلاح" الذي عشق البصرة فأنتقل اليها طبيبا متخصصاً بالأشعة في مستشفاها المركزي، اواخر الستينات الماضية، ولنحو سبعة اعوام، ويتزوج من بصرية جليلة (11) وليتميز هناك بصلاته الاجتماعية، والثقافية الوطيدة، وبمحبته لاهل المدينة الفيحاء، ومحبتهم له، وليكتب عنها الكثير من الذكريات الجميلة قسم  منها منشور وموثق في كتبه، كما في موقع "ايلاف" الالكتروني، ومنذ اعوام ..

    كما نوثق هنا ايضا بشكل سريع  لعلاقات الجواهري الصداقية والاجتماعية مع وجوه وشخصيات، رسمية وعامة في البصرة خلال تواجده فيها، او خارجها، ومن بينها التي وردت في احاديثه الخاصة، ومجالسه وجزأي ذكرياتـه، وهم من بيوتات وعوائل وعشائر كريمة مثل : النقيب، أل باش عيان، أل زينل (12)  وكذلك السعدون، والذكير، وبركات، والسعد (13)  .

 

* أخيـرا...

    نؤكد مرة اخرى- كما هي عادتنا في توثيقات عديدة عن الجواهري - بأن المادة هذه ليست سوى محاولة تأشير وحسب، وعناوين، قد تسهل امام الباحثين، مشاريع تفيد وتوسع محطات عن الشاعر الخالد، ليس في جوانبها الشخصية والذاتية فقط،  بل لأحداث ووقائع ثقافية وسياسية، عراقية بشكل رئيس، وعسى ان يكون زعمنا هذا في محله، معتذرين سلفا اذا ما فاتتنا سهوا الاشارة الى اسماء وشخصيات عامة ذات صلة بـ "الجواهري والبصرة" وعسى ان يصحح لنا، ويضيف المتابعون والباحثون ما عندهم لاستكمال هذه الكتابة التوثيقية ...

---------------------

** هوامش واحالات:

1/ بغداد في ذاكرة الجواهري - صحيفة الرأي

 http://alrai.com/article/567106.html

 

2/ وهو زوج (نبيهة) شقيقة الجواهرى، وانجبا" كاظم ورجاء ولواء ونداء وصفاء.. ورواء، كاتب هذا التوثيق.

3/ والابيات منشورة في كتاب د. محمد حسين الاعرجي (دار المدى – دمشق 2002) ونصها:

"يا أبا عمران والدنيا ضبابٌ وسرابُ / وأحاديث كذابٌ، واباطيلُ سحابُ / واحدٌ منهنّ ما ضُمّنهُ هذا الكتابُ / لكَ يُهدى، وكلانا في الأباطيل سَحابُ"

4/ بدر شاكر السياب : دراسة فنية وفكرية / حسن توفيق / اصدار  المؤسسة العربية للدراسات والنشر- بيروت 1979.

5/ "الجزء الاول من "ذكرياتي" للجواهري/ دمشق 1988 - ص 485.

6/ دار المدى – دمشق 2001 .

7/ صفحة 126 من  كتاب" الجواهري.. بعيــــون حميمة" لرواء الجصاني ، اصدار بابيلون – براغ / بغداد عام 2016.

8/ ومما جاء فيها: "لم اربّ من قبل حماما، لا اشعل ؛ لا ابيض ؛ لا اصفر ؛ لا رماديا..

من اجلك – انت فقط – ذهبت لسوق الغزل، واشتريت مائة طير زاجل، (بعدد سنواتك يا نَسرَ لُبَد) واطلقتها ؛ باتجاه مقبرة الغرباء".

9/ في حديث شخصي مع الشاعر نقله لنا د. محمد معارج الحجاج (حزيران 2021) والذي زودنا ايضا بعناوين بعض البحوث والدراسات المنشورة في اصدارات جامعة البصرة.

10/ اضافة للمنشور في اصدارات عديدة حول الامر، وثق لنا عن الأمر السيد خالد العلي (تموز2021) نقلا عن شهود عيان كانوا من ضمن الذين عايشوا ذلك الحدث.

11/  وهي التدريسية " ولدان " من اسرة احمد حقي ال ابراهيم الكريمة، وانجبا ثلاثة ابناء هم: زهراء وفرزدق وعمار .

12/ ومنهم المحامي المعروف يوسف زينل (ابا القاسم) الذي جاء ذكره في بيت قصيدة الجواهري الموسومة "ابا زيدون" عام 1962 ونصه" ألا ابلغ أبا القاسم انا نعصر الخمرا/ وانا نقرأ الغيّب، وانا ننفثُ السحرا".

13/ ومن عشيرة  "السعد" الكريمة، الشخصية العسكرية الوطنية غضبان مردان، الذي تزوج أخوه "سامي" من ابنة الجواهري "خيال" اواسط الستينات، وانجبا أبنتين : آمال وميادة.

 

ملاحظة: الصورتان المرفقتان:

-  الاولى للجواهري في القرنة، ضمن احدى فعاليات مهرجان المربد عام 1969.. والثانية - - - للجواهري في الثلاثينات

 

     

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.