اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

العراق .. انهيار الدولة والعشيرة// علاء الخطيب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

العراق .. انهيار الدولة والعشيرة

علاء الخطيب

كاتب واعلامي

 

التراجع الحضاري الذي يشهده العراق باختفاء ثقافة الدولة واستبدالها بثقافة العشيرة أو العائلة، يؤشر الى ظاهرة خطيرة وهي تدني الحس الانساني في المجتمع العراقي الذي لم يَعُد للضعيف مكان فيه، ويرجع المجتمع الى عصر التخلف وشريعة الغاب، ان العودة لثقافة التعصب للعشيرة هي تحطيم لثقافة المواطنة والمدنية، فالمواطن الجيد هو ابن العشيرة القوية وليس المواطن الذي يقدم او يضحي من اجل وطنه هذه هي المعادلة التي  تتمدد اليوم في العراق، ربما يكون الامر طبيعيا حينما يلجأ مواطن عادي للاستقواء بعشيرته، اما ان يلجأ مسؤول يتشدق ببناء الدولة ويتمشدق بالحديث عن القضاء والقانون فهذا امر له دلالات سلبية. أي ان من يقود الدولة لا يعترف بالدولة ومؤسساتها، وهو يناقض نفسه بنفسه، وأقل ما يقال عنه انه عضو عصابة تسيطر بأسم الوطن على الثروة ويضع نفسه في إطار الشرعية وهو ابعد ما يكون عنها، فحينما يدعو المسؤولون الموطنين لاحترام القانون والقضاء وهم  لا يحترمون  ما يدعون له فهذا يعني انهم يضحكون على الشعب باسم القانون والانتخابات. أو أنهم متناقضون لا يعرفون معنى المجتمع المدني ، فهناك فرق بين ثقافة العشيرة وثقافة الديمقراطية.

  الديمقراطية هي مفردة من مفردات المجتمع المدني، ومبادئها لا تنسجم مع مبادئ الغجر وقاعدة المواطنة هي من تحكم المجتمع، والقانون هو السيد الذي يعيد الحق الى نصابه، وينبغي ان يكون اول من يطبقه ويحترمه هم مسؤولو الدولة. عندما قام صالح الحسناوي وزير الصحة الأسبق بالاحتكام لقانون العشيرة في خصومته مع المفتش العام  لوزارته عادل محسن، الجميع وجه له اللوم بتجاوز القضاء وسلطة الدولة، فقد سنَ الوزير الحسناوي سُنةً سيئة ظننا انها خطأ لن يتكرر، لكن الامر لم يدُم طويلاً حتى قاضت الدكتورة حنان الفتلاوي المتحدث الرسمي باسم السيد عمار الحكيم في ديوان عشائري وبررت النائبة الفتلاوي بأنها بنت عشيرة، وكأن العشائر لا تنتمي الى الدولة وان قانون العشيرة فوق قانون الدولة، واستمرت هذه الظاهرة بالتمدد وتقويض الدولة وتدميرها على أيدي قادتها الجهلة، فما رأيناه من مؤتمرات عشائرية تناصر السياسيين وتدافع عنهم وربما تدخل في تحالفات وحروب من اجلهم ،وآخرها وليس أخيرها هو تصريحات مدير صحة الكرخ التي تحدث فيها عن خصومة عائلية عشائرية بينه وبين وزيرة الصحة على خلفية احتراق قسم الولادة في مستشفى الكرخ، باعتقادي اخطر ما يمر به المجتمع العراقي اليوم هو  النكوص المدني.

  فالعشيرة أصبحت طرفا في الخصومات السياسية، وستدخل مستنقع الانتهازية والكذب، بينما العشيرة بمبادئها الاصيلة كوحدة اجتماعية مصدر للقيم والنخوة وإغاثة الملهوف وإكرام الضيف، هذه المعاني ستختفي تماماً اذا ما اصبح الشيوخ دمى بايدي السياسيين سيدمرون كل الارث العشائري الجميل في العراق.

   كما سيفقد المجتمع الكثير من قيمه، اذا ما تنامت ظاهرة التعصب العشائري والرجوع الى قاعدة انصر أخاك ظالما او مظلوما او كما يقول المثل العراقي انا وأخوي على ابن عمي وانا وابن عمي على الغريب، ستؤدي هذه الطاهرة  الى  غياب المعايير الأخلاقية والدينية والإنسانية وينثني المستحيل فيصبح ممكنا، في مجتمع يفقد عناصر قوته وإنسانيته، فلا يحق لنا ان نفتخر بعد اليوم بحضارة وادي الرافدين ووارثة حمورابي لأننا لا نمت لأؤلئك بصلة، لأننا لسنا ابناء شرعيين لتلك الحضارة العظيمة ، إننا ابناء الغجر  .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.