اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الجمعة العظيمة.. الألم من اجل الحب// علاء الخطيب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الجمعة العظيمة.. الألم من اجل الحب

علاء الخطيب

 

بين الكراهية والحب يقف الألم شامخا ليصنع الحياة، ومن رحم المأساة تولد المحبة، هذه باختصار معادلة الفداء والتضحية عند السيد المسيح، حينما كان واثقا ان الكراهية طارئة والحب هو الأصل.

في الجمعة العظيمة او جمعة الآلام وقفت مذهولا في الكنيسة السريانية العراقية في لندن، أثر دعوة كريمة من نيافة المطران سيدنا توما دوقما وانا أشاهد تراجيديا الموت في كأسٍ مرٍ رهيب تصورها ترنيمة الحزن التي صدحت من حناجر المؤمنين العاشقين.

 مشاهد القتل والمحاكمة صورت لنا الكراهية حينما تتقمص روح الانسان فيغيب صوت الحكمة والعقل من اجل دنيا فانية، دون التفكير ان  النفس مضانها في غدٍ الى جدثٍ تنقطع في ظلمته آثارها وتغيب أخبارها، وان الخلود لا يتحقق بطول البقاء وإنما بعظمة المواقف.

 قل كيف عاش ولا تقل كم عاش    من جعل الحياة الى علاه سبيلا

 

الجمعة العظيمة عكست الجدلية الأزلية بين الخير والشر بين سلوك المستبدين والدعاة المخلصين على مر العصور، حينما ارتفعت اصوات الكراهية وهي تقول أصلبوه أصلبوه ... استقبل السيد المسيح الموت بصدر رحب وتحمل الآلام من اجل ان يبقى الحب حياً في قلوب الناس كل الناس، ولكي يعم السلام العالم، هكذا يقول إنجيل يوحنا في الإصحاح 42 الآية 19، هكذا هي سيرت المضحين عبر التاريخ يموتون لعيش الاخرون بسعادة ومحبة، فالحياة رساله يحملها الانسان  كساعي بريد من اجل إيصالها، وعند ذاك لا يكون الموت سوى حتمية قدرية ومعادلة مهملة. فلا يهم ان وقع على الموت أم وقع الموت عليه. فهناك قيم تحلو بها الحياة كالحرية والمحبة والسلام والطمأنينة والإنسانية المحضة.

 دخلت الكنيسة التي خيم عليها الهدوء امشي بين جموع المصلين الذين لم ينتبهوا لي، حتى اتخذت مقعدي استمع لترانيم الذكرى، ثم وقف الجميع بخشوع وهم  يؤديون الطقوس بكل هيبة ووقار ونظام، وقف سيدنا المطران توما  ليلقي موعظته التي خصصت لموضوعة الذكرى، إلا ان الوطن لم يكن غائبا عن تلك الموعظة، فقد قارن نيافة المطران بين ما جرى بالامس وما يجري اليوم في العراق من استبدال للحب بالكراهية وانحدار القيم الانسانية كميزة مهمة عند بعض البشر.

في مقدمة الكنيسة وضع نعش أسود توافد المصلون ليضعوا أكاليل الزهور عليه لتعبق بالبركة ثم توزع على الحاضرين، حمل النعش وطيف به خارج الكنيسة سرنا خلفه مستشعرين اجواء المأساة حاملين الشموع تصاحبنا موسيقى جنائزية حزينة لنشهد المشهد الاخير من القداس حينما يؤدي المؤمنون التحية للنعش، لتنطلق ترنيمة لأجلكم شربت كأس الموت ليعلن بعدها صديقنا سيدنا المطران توما نهاية المراسم التي أحضرها لأول مرة، حينها أحسست ان معرفة الاخر ضرورية وان الحب هو الأساس الذي يبنى عليه الكون وما عداه لا القيمة له، فمهما يكن حجم الألم فالحب اعظم. 

 

 علاء  الخطيب

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.