كـتـاب ألموقع
أمام السوداني قضايا ينبغي ان تعود لتحتل الأهمية القصوى- 2// موسى فرج
- المجموعة: موسى فرج
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 06 آب/أغسطس 2024 21:01
- كتب بواسطة: موسى فرج
- الزيارات: 676
موسى فرج
أمام السوداني قضايا ينبغي ان تعود لتحتل الأهمية القصوى- 2
موسى فرج
القضية الثانية: قل ولا تقل...
3،750 تريليون دينار ما يعادل 2،5 مليار دولار سُرقت من الأمانات الضريبية بواقع 260 صك تم منحها لشركات وهمية خلال الفترة بين أيلول 2021 وآب 2022 ...
جرت فصولها في حقبة الكاظمي وتم الإعلان عنها في باكورة عهد السوداني، وقال مستشاره الإعلامي: "إن هذا الملف متابع بشكل شخصي من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وإن الحكومة مصممة على الاقتصاص من كل من تورط بسرقة وهدر المال العام".
في نفس اليوم الذي تم الاعلان فيه عنها تواصلت معي شخصياً عدة قنوات فضائية فقلت: انه وبالرغم من ضخامة مبلغ السرقة لكنها لن تكون الأولى ولا الأخيرة ، إلا أن أهميتها تأتي من كونها قضية نموذجية للفساد المافيوي في العراق وينبغي اعتمادها كحالة دراسية " Case study " لطبيعة الفساد في العراق لتوافر معظم عناصر الفساد فيها وكما يلي:
أولا: بطل "سرقة القرن" رجل أعمال يدعى نور زهير "الواجهة".
ثانياً: بيئة ممارسة الفساد فيها ومساهمة الأطراف التشريعية والتنفيذية في أعلى مراتبها فيها وكما يلي:
1. السلطة التشريعية:
-أعضاء في مجلس النواب فاسدون أو في أقل تقدير قصيرو النظر يتعاملون مع قضايا البلد من منطلق شخصي ضيق: قاموا بشن حملة هوجاء لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين في الوزارات والتي تمثل خط الصد الأول لمواجهة الفساد كونها تمارس مهمتها عن قرب وميدانياً. الفاسدون منهم كان الدافع من وراء حملتهم قيام الأقلية من المفتشين العموميين الذين التزموا بشرف المهنة بالوقوف بوجه الفاسدين من حاضنة أولئك النواب أو محاسيبهم وإعاقة نهبهم للمال العام . وقصيرو النظر من النواب استندوا في مشاركتهم في حملة إلغاء مكاتب المفتشين العموميين الى حقيقة أن الأطراف التي هيمنت على أمانة مجلس الوزراء ومكتب رئيس الوزراء ومنذ حقبة المالكي سعت باستماتة للتخلص من الكفوئين والنزيهين من المفتشين العموميين وزجت بدلاً عنهم الموالين حزبياً والذين يتعاملون مع قضايا الفساد بشكل مظهري أو انتقائي وكذلك فعلت مع هيئة النزاهة ولكن بصيغة أخرى كون هيئة النزاهة هيئة دستورية ليس بالإمكان إلغاءها- ولو كان غير ذلك لفعلوها مبكراً- ولكن يمكن تطويعها فعمدوا الى اختيار من يجعلها تدور في فلك مصالحهم الضيقة وينحى بها الى المظهري والدعائي والانتقائي من الأفعال مبتعداً عن التصدي بأمانة لمواجهة الفساد وإن لم يفعل مارسوا عليه الضغوط بغية أفشاله ومن بين اشكال تلك الضغوط استحداث جهات بديلة تابعة مرتبطة مظهريا برئيس الوزراء وفعليا بهم تمثل الضد النوعي لهيئة النزاهة فإن لم يرعوي عمدوا الى آخر العلاج: الإقصاء والإقالة ، ومن ذلك يتبين السر وراء الرقم القياسي في عدد من تناوب على رئاسة هيئة النزاهة بخلاف كافة الأجهزة الرسمية في العراق منذ عام 2004 ، والحق أقول أن غالبية رؤساء هيئة النزاهة مورس معهم في نهاية المطاف اسلوب الكي...
- رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب هيثم الجبوري قام بتوظيف بطل "سرقة القرن" نور زهير مستشاراً له...! واستغل موقعه النيابي ليوجه كتاباً رسمياً الى رئيس الحكومة يطلب فيه منع ديوان الرقابة المالية من التدقيق السابق للصرف لمعاملات الأمانات الضريبية لإسقاط خط الصد الثاني الذي يقف في طريق تنفيذ "سرقة القرن".
2. الفساد في السلطة التنفيذية:
- رئيس الحكومة الكاظمي ونزولاً عند رغبة مدير مكتبه/ مدير جهاز المخابرات لاحقاً "المدان والهارب حالياً رائد جوحي" وعدد من مستشاريه وجه كتاب رسمي الى وزير المالية باستبعاد ديوان الرقابة المالية من التدقيق السابق للصرف في قضايا الأمانات الضريبية فأذعن وزير المالية خنوعاً بدلاً من أن يصرخ قائلاً: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولا طاعة لرئيس في مخالفة القانون ... فسقط خط الصد الثالث الذي يقف في طريق سرقة القرن...
- فُرض على الوزير تعيين مدير عام فاسد يمتثل بحرفية لتنفيذ ما تريده منه هيئة أركان غزوة "سرقة القرن" فامتثل وزير المالية المحاصصي "المدان والهارب حالياً فسقط خط الصد الرابع .
- وبوشر بتنظيم 260 صكاً لخمس شركات خلال الفترة من 9 أيلول 2021 لغاية 11 آب 2022، وبمبلغ إجمالي يزيد عن 3،5 تريليون دينار وبما يعادل مليارين ونصف المليار دولار أمريكي وكل صك من تلك الصكوك قد استحال من كثرة التواقيع التي عليه بألوانها المختلفة الأسود والأزرق والأخضر والأحمر الى ما يشبه علم المثليين، لكن كل ذات وكل عين من اصحاب تلك التواقيع في حين تفترض التعليمات الرسمية انه قبل ان يضع توقيعه الكسيف عليه قد إطلع ودقق معاملة الصرف للتأكد من مشروعية وقانونية الصرف ولكن كلهم يقول وقّعت دون وجود معاملة مرفقة بالصك ...! فسقط خط الصد الأخير وباتت أبواب القاصات مشرعة أمام السراق ليحملوا عشرات الشاحنات "وتبين لاحقاً ان الشاحنات حكومية وضعت تحت خدمة السراق" بأكداس من رزم الأوراق النقدية الخشنة بنوعيها الدينار العراقي والدولار الأمريكي وانتهت غزوة ما يعرف بـ "سرقة القرن".
وفي نفس اللقاءات مع الفضائيات وفي نفس اليوم طالبت شخصياً توسيع التحقيق ليشمل كل الذين تواطؤا أو فتحوا الطريق أمام السراق بدءً من رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي مروراً برئيس الحكومة ووزير المالية والمدراء العامون وكل من له علاقة مباشرة وغير مباشرة وعدم حصر الأمر بالسارق أو السراق المباشرين.
وحصل ذلك ليس استئناساً برأيي أو الأخذ بمشورتي وأيضا ليس بعيداً عن حقيقة الفساد في مواجهة الفساد في العراق ... فالأطراف الفاعلة في "سرقة القرن" هم فاسدو حقبة الكاظمي والكاظمي مطلوب حياً أو ميتاً من قبل الأطراف السياسية التي هيمنت على المشهد السياسي في الحقبة اللاحقة وتريده كبش فداء ...
وهذا ما يفسر السر وراء طبيعة السؤال الأول الذي أواجهه شخصياً قبل أي سؤال آخر من قبل الفضائيات العراقية: "ما هو دور الكاظمي ومدير مكتبه رائد جوحي في قضية سرقة القرن...؟"، وكان ردي النمطي في كل مرة : أنا معني بمواجهة الفساد في العراق أياً كان الفاسد ولا يعنيني اسمه أو شكله." علماً أني ومنذ عام 2012 طرحت في محاضرة لي عن الفساد على قاعة غرفة تجارة النجف مقترحاً لمواجهة الفساد يقوم على الآتي: تخصيص 10% من حجم الموازنات المالية السنوية وهو "لا يقل في كافة الأحوال عن 10 مليار دولار أمريكي سنويا " وهو ما يفوق موازنتي دولتي الأردن ولبنان مجتمعتين للفاسدين بصيغة مكافأة أو فدية يوزع بينهم وفقاً لمدى انغماس كل منهم بالفساد مقابل أن يكفوا أيديهم الآثمة عن سرقة الـ 90% الباقية من أموال الموازنات السنوية لتصرف بأمانة وكفاءة على الشعب العراقي المغلوب على أمره، وعندها يتم إلغاء هيئة النزاهة في العراق وتحريم التلفظ بمفردات من قبيل: الفساد، السرقة، نهب المال العام، الحرامي ، ضمن حدود جمهورية العراق الاتحادي.
ظهر السيد رئيس الوزراء أمام كاميرات الفضائيات العراقية والعربية محاطاً بأكداس رزم الأوراق النقدية بنوعيها الدينار والدولار معلناً عن استرداد جزء من الأموال المسروقة من الأمانات الضريبية، والذي كان مودعاً في مصرف الرافدين الحكومي.
كما تم إطلاق سراح نور زهير بكفالة مقابل تعهده بتسليم كامل المبلغ المسروق خلال مدة أسبوعين، ومرت الأسابيع والأشهر ثقالاً على المواطن العراقي وهو ينتظر البشارة باسترداد أموال "سرقة القرن" ليس بسبب أطمئنانه بأنها ستصرف على حاجاته ولكن لمجرد الثأر من الفاسدين ورد الأعتبار له ، والإطاحة برؤوس الفاسدين وزجهم بالسجون نكالاً بما اقترفت اياديهم القذره ... وتواصلت جهود القضاء العراقي وهيئة النزاهة ليتبين أخيراً أن:
- المبالغ الخاصة بسرقة القرن لم تكن فقط ما تم الإعلان عنه سابقاً بل تفوقه بكثير... وان السلطة التنفيذية ممثلة بوزارة المالية متلكئة في الإفصاح عن حجم الأموال المسروقة بدقة في حين أن عدم التحديد الدقيق لمبلغ السرقة يعيق المحاكم من المضي قدماً في اجراءات التقاضي الأمر الذي دفع بالسيد رئيس هيئة النزاهة أن يطالب وزيرة المالية وخلال 15 يوم من تحديد مبلغ السرقة بدقه.
- وان الأموال المستردة لغاية تاريخه من "سرقة القرن" ورغم الجهود المبذولة لا تتعدى الربع.
- وان هيئة النزاهة عملت بدأب خلال الفترة الماضية على توقيع مذكرات التفاهم مع الدول الأخرى والأنتربول العربي والأجنبي بغية استرداد المطلوبين ونجحت في ذلك بالنسبة لعدد من أطراف السرقة المذكورة من غير الحكوميين لكن الوقت ما زال مبكر لاسترداد الحكوميين منهم وفي مقدمتهم مدير مكتب رئيس الوزراء/ رئيس جهاز المخابرات رائد جوحي ومستشارين في مكتب الكاظمي رئيس الحكومة السابق وكذلك وزير المالية السابق وعدد من المدراء العامين رغم دأب القضاء العراقي ووزارة الداخلية العراقية على تنظيم واصدار النشرة الحمراء بغية القبض عليهم في الدول التي غادروا اليها واستردادهم.
- وتبين أيضاً ان السلطة التنفيذية ما زالت تمانع وتتلكأ بالتعاون مع هيئة النزاهة لتزويدها بالوثائق المتعلقة بقضايا الفساد رغم أن علاقة رئيس هيئة النزاهة حالياً برئيس الحكومة تمثل الحالة المثلى والتي كانت تشكل أمنية بعيدة المنال لأسلافه من رؤساء هيئة النزاهة.
- الأمر الذي حدا بالسيد رئيس هيئة النزاهة مناشدة البرلمان العراقي لمناقشة وتشريع قانون الحصول على المعلومة الذي طال انتظاره لتمكين الهيئة من اداء دورها في مواجهة الفساد في العراق.
في غضون ذلك:
- ظهر على الفضائيات رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس النواب العراقي يعلن أن حجم الفساد في شركة الموانئ العراقية وحدها يتجاوز 20 مليار دولار أمريكي وبأن الفساد فيها بلغ استشرائه لمديات مخجلة بحيث أن 93 مليون دينار مصروفة تحت بند شراء راية الحسين "ع" في حين أنه وبحسبة بسيطة فإن المبلغ المذكور لو فرش على الأرض بشكل متراصف وبفئة ألف دينار عراقي لبلغت المساحة التي يغطيها: 9300 متر مربع في حين ان مساحة ملعب نموذجي لكرة القدم تبلغ 7140 متر مربع...!
- ظهر عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر في اكثر من لقاء على الفضائيات العراقية وهو يؤكد: "أن العراق يخسر 90% من ايرادات المنافذ الحدودية وبما يعادل 11 مليار دولار نتيجة الفساد". وقد سبقه لقول ذلك عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار البرلمانية مازن الفيلي.
- وإن كنت أنسى فلا أنسى حمديه الجاف المتسببة بسرقة أكثر من مليار وربع المليار دولار أمريكي من مصرف التجارة العراقي.
- كما ان المزاعم القائلة بأن: "هناك فعليا فارقا بحدود 30 مليار دولار بين حجم الدولارات الذاهبة إلى الخارج وبين قيمة البضائع الداخلة ، مازال قائما ويتسع، وهو أمر لم تغير منه إجراءات الفدرالي الأمريكي إلا لناحية حلول البنك الأردني بديلاً عن المصارف العراقية الأهلية في الاستحواذ على الدولارات العراقية...
- النائب في البرلمان العراقي المستقل عن الحله السيد أمير المعموري يجوب وعلى مدار الساعة أصقاع بابل العريقة بل ويتعداها الى واسط والصويرة متابعاً ميدانيا وكاشفاً للفساد وهدر المال العام فتجده غاطساً تارة في صوامع الحنطة المغشوشة وتلك المعفره التي يتم تسويقها من قبل الفاسدين على انها من محصول السنة فيتسبب ذلك بالأضرار الصحية للناس فضلاً عن هدر المليارات من المال العام، وتارة قافزاً فوق مشروع للمجاري أو آخر لتبطين الأنهر وثالث لتبليط واكساء الطرق وهي جميعاً تتم خلافاً للمواصفات وتنطوي على هدر للمال العام ، وثالثة تجده يتابع انجاز مستشفى النيل الذي يفترض أن تتم المباشرة في عام 2022 ولكن لأسباب نجهلها لم يتم ذلك لغاية تاريخه... وبإمكان أي عضو برلماني أن يفعل مثله ولكنهم لا يفعلون.
بقي أمر بسيط خارج التغطية وودت لو أذكره: إيران ومنذ الإطاحة بنظام الشاه عام 1979 وعلى مدى 45 سنه في علاقة عداء معلن مع الولايات المتحدة واسرائيل... رغم ذلك فإن الموساد الإسرائيلي يجوب أراضيها الشاسعة تارة يغتال علماءها وأخرى يتسبب بضرب منشئاتها الحساسة وثالثة يقتل ضيوفها الرسميين...
العراق استباحه الأمريكان عام 2003 ولغاية تاريخه ولا يتواجد أمريكي وعراقي على امتداد جغرافية العراق الاتحادي إلا والموساد ثالثهما... فهل تظن أن العراق خال من الموساد ومؤمّن من هذا الجانب ...؟ مجرد سؤال لا أكثر...
هل يود أحد منكم أن يدفعني لأن أقول: أأزيدنكم ...؟
رحم الله أديب العراق الراحل مصطفى جواد الذي اشتهر بين اوساط العراقيين وبشكل واسع بسبب برنامجه التلفازي والإذاعي اللغوي الشهير: "قل ولا تقل" ، والذي بمقتضاه جاز لي أن أقول: قل سرقة الشهر ولا تقل سرقة القرن....
المتواجون الان
724 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع