اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

حراك السردين .. حراك أكتوبر // زكي رضا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

زكي رضا

 

عرض صفحة الكاتب 

حراك السردين .. حراك أكتوبر

زكي رضا

الدنمارك

17/12/2019

 

حاولت سلطة المحاصصة بالعراق بشياطينها الثلاث ولا زالت، وهي تواجه أكبر رفض جماهيري لها منذ وصولها للسلطة بعد الإحتلال لليوم من شيطنة إنتفاضة اكتوبر عن طريق إلصاق مختلف التهم بها وبالمنتفضين. مستخدمة في هذا السبيل مختلف الأساليب ومنها أساليب غير أخلاقية لا تليق الا بها وبجمهورها، فربطت الإنتفاضة بدوائر إقليمية ودولية بإعتبارها هي من حرّكت الجماهير لخوضها. لتتجاوز وهي تقمع وتقتل وتغتال وتخطف المتظاهرين والناشطين حقيقة فشل نظامها في بناء الدولة، وتتجاوز بعناد أيضا عشرات الإحتجاجات والوقفات الجماهيرية المطلبية في جميع أنحاء العراق وتظاهرات عامي 2011 و2015 الواسعتين ضد الفساد وتوفير الخدمات والبطالة وإزدياد مساحة الفقر بالمجتمع، والتي أدّت بالنهاية الى إنفجار الغضب الجماهيري العفوي. لكن هل الإنتفاضة بدأت من العدم، أي ألم تكن هناك أصابع رمت أول حجر في مستنقع السلطة الفاسد؟

 

حادثة منفردة لكنها ذات مغزى عميق قد تبسّط لنا كيفية إنطلاق هذه الإنتفاضة، ففي شتاء العام الماضي وجدت الشرطة شاب ظنّته متشرّدا ينام ملتحفا بالعلم العراقي تحت نصب الحرية في ساحة التحرير ببغداد، وبعد سؤاله عن سبب نومه في ذلك الجو البارد أجاب من أنّه دعا عدد من الشباب للإعتصام في الساحة الا أنّ أحدا لم يلبّي دعوته، ما دعاه لأن يعتصم وحيدا. فما كان من رجال الشرطة الا ضربه وطرده من الساحة كما أوضح بنفسه لاحقا. هذا الشاب هو الشهيد (صفاء السراي) أحد أهم منظمي هذه الإنتفاضة وأبرز رموزها والذي أستشهد بعد أن اصابته قذيفة قنبلة دخانية في رأسه. بالتاكيد أن فكرة الإعتصام لم تكن فكرة منفردة، بل هي فكرة مجموعة واعية وجريئة من الشباب ضاقت بهم سبل الحياة بغياب أحزاب معارضة حقيقية قوية في وطن ينخره الفساد وتحكمه عصابات منظمة إحتكرت كل شيء فيه، مجموعة يبدو أنها نسّقت مواقفها خلال عام كامل أو أكثر مستفيدة من مواقع التواصل الإجتماعي لتحشّد من خلاله أكبر عدد ممكن من المتذمرين من الأوضاع المعيشية السيئة التي يعيشونها وشعبهم ووطنهم، كالفساد والفقر والبطالة وإنعدام الخدمات وغيرها الكثير. فهل إمكانية مثل هذا السيناريو ممكن أم لا؟ هنا لا نريد التحدث عن إنعدام الوعي في المجتمع، بل عن وجود الوعي عند نخبة من الشباب قادرة على إجراء تغيير في الحياة السياسية بتحشيدها أكبر عدد ممكن من الجماهير المتضررة ودفعها للتظاهر من أجل مصالحها ومصالح أبنائها، هذه الجماهير التي خرجت اليوم بمئات الآلاف من أجل تحقيق هذه الأهداف؟

 

قبل شهر تقريبا دعا أربعة أشخاص فقط في مدينة بولونيا الإيطالية من خلال مواقع التواصل الإجتماعي الى تظاهرة من أجل إدانة خطاب الكراهية والشقاق الذي يثيره هناك زعيم حزب الرابطة اليميني القومي الفاشي، ليتفاجأ الرجال الأربعة بحضور 15 ألف شخص لتلك التظاهرة! ومن وقتها ولليوم وصل عدد المتظاهرين في خمس مدن إيطالية هي (ميلانو وتورينو وفلورنسا ونابولي وباليرمو) الى 300 ألف شخص، فيما تظاهر يوم السبت 15/12/2019 في روما وحدها 40 ألف شخص. أنّ قيادة أربعة أشخاص قد لا يعرفون بعضهم البعض الا من خلال مواقع التواصل الإجتماعي لتظاهرات بهذا الحجم في إيطاليا، تعني أنّ للإنترنت دور كبير في تحشيد الجماهير المتضررة من قضية ما والتظاهر في سبيل تحقيق مطالبها " قطع نظامي طهران وبغداد الدينيين الإنترنت للحد من إستخدامه في التحشيد الجماهيري للتظاهرات". وقال أحد منظمي هذه الحركة التي تقود التظاهرات المسّماة حركة السردين تيمنا بهذا النوع من السمك الذي يتحرك بمجموعات كبيرة لمواجهة أعدائه من السمك الكبير، "المهم ورغم عفوية الحركة هو أن ينزل اكبر عدد من الناس للشارع ليقولوا أنهم سئموا خطاب الكراهية". لماذا لم تتهم السلطات الإيطالية ومنها حزب الرابطة اليميني القومي الفاشي المتظاهرين من أنهم ينفذّون أجندات أجنبية، ولماذا لم يقف مثقفوا إيطاليا وأحزابها ضد هذه الحركة الناشئة كما يقف البعض او يشكّك بإنتفاضة شعبنا، كون وقوف جماهير هذه الأحزاب والعصابات وجيوشهم الألكترونية ضد إنتفاضة شعبنا أمر مفروغ منه .

 

هل من حقّ شعبنا أن ينتفض ضد سلطة غارقة في الفساد؟ هل من حق شعبنا أن ينتفض لإعادة بناء وطنه؟ هل من حقّ شعبنا أن ينتفض ليعيش بكرامة؟ هل من حقّ شعبنا أن ينتفض ضد العصابات والمافيات والميليشيات التي تقتل وتخطف وتسرق؟ ليدلّنا من يقف ضد هذه الإنتفاضة أو من يشكّك بها عن الطريق الذي علينا سلوكه لإنهاء نظام المحاصصة الطائفية القومية الفاسد، وهل علينا الإنتظار عقد أو عقدين آخرين من الزمن حتّى يغيّر الفاسدون أنفسهم بأنفسهم وهل هناك أمل ولو ضئيل في ذلك، ومتى سيتغير ميزان القوى لصالح جماهير شعبنا إن لم يتظاهر أو ينتفض!؟

 

" جئت - للتظاهرات - لكي أكون شاهدا وإلا لكنت خجلت بكوني إيطالي " المتقاعد روبيرتو ريبرينو

 

أنا أقف الى جانب شعبنا وأساهم في إنتفاضته كطريق للتغيير والحريّة والا فأنا خجل من كوني عراقي.

 

زكي رضا

الدنمارك

17/12/2019

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.