كـتـاب ألموقع

حين يسكت الضمير يتكلم الدولار// د. ناهدة محمد علي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتبة

حين يسكت الضمير يتكلم الدولار

الدكتورة ناهدة محمد علي

 

لقد وضعت المنظمات الإنسانية العالمية العراق وبعض الدول العربية في نهاية قائمة الشفافية والنزاهة، حيث لا ينطق هنا صوت الحق بل منطق القوة ولمعان الدولار. ولهذا هرول الآلاف من شباب الأمة العربية يقطعون السهول والجبال والغابات والبحار وربما يغرقون بها لكي يحموا أنفسهم من القتل والتهجير والبطش مدنيين كانوا أم عسكريين لا فرق بينهم في الطائفة والدين والعرق، الكل يريد أن ينجوا فقط.

 

البعض أطلق على الحركات الطائفية إسم (التحرير) ومن المضحك أنه لا أحد يستطيع تحريرنا من أنفسنا، ونحن مستعبدون شئنا أم أبينا، ولو تساءلنا لوجدنا جواباً واحداً لا ثاني له هو أننا لا نملك مواردنا، فقد جلبنا من يستخرجها ويسوقها ويحولها إلى طعام وسلاح ، طعام لكي نعيش، وسلاح لكي نتقاتل، أي أننا بالمحصلة نعيش لنتقاتل.

أصبحت شعوبنا عاجزة عن توفير إحتياجاتها الإستهلاكية وعاجزة عن إستثمار الموارد الطبيعية، ونحن عاجزون عن حماية أنفسنا بل نطلب من الغرب مشكوراً أن يحمينا، كما أطعمنا وكسانا، وبعدها نطلب من شبابنا أن يصمت دهراً ولا ينطق كفراً.

 

إن الكثير من الناشطين المدنيين يقبعون في سجون الدول العربية مثل مصر والسودان وسوريا والعراق ممن حاولوا فضح بعض أوجه الفساد المالي والإداري. لكن هذا النوع من الفساد أصبح كشجرة الزقوم جذورها راسخة في الأرض وفروعها شامخة إلى السماء وحول هذه الشجرة حماة أشداء، ومن يتذوق ثمرتها يصعب له أن يتوقف عن أكلها. ولا يمكن قلع هذه الشجرة بألحديث عن الإصلاح بل بإستخراج الجذور من منبتها والتوقف عن المشاريع الوهمية والتي توضع لها ميزانيات خارقة لكنها تبقى حبراً على ورق ويبقى العراق وبعض الدول العربية تحبو كالسلحفاة وتنتج يومياً ملايين البراميل من النفط ولا يتغير في النهاية شيء من أوضاع الشعب المستهلِك بل تُتخم المعسكرات بسلاح الدرجة الثانية والشباب العاطلين الذين وجدوا في التجنيد الخلاص الوحيد لهم. ومن يمولنا بهذا السلاح يعلم أننا لن نخزنه طويلاً بل سنصوبه إلى صدور بعضنا وسنجد الأسباب حتماً . وها نحن نقع في فخ حفرناه لأنفسنا، ولو فكرنا بالخروج منه فلن نخرج إلا بحبال مستوردة. وإن فكرنا في الهرب من جحيم الفساد فيجب أن نعبر إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية، ولن نهرب هناك من شيء بعدها, ولن نتساءل لِمَ لا يرتقي العرب بذاتهم فقط.