كـتـاب ألموقع

نبحث عن الشرف والشرفاء فلا نجدهما (5)// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

نبحث عن الشرف والشرفاء فلا نجدهما (5)

محمد الحنفي

المغرب

 

دعم أمريكا والصهيونية لأدلجة الدين الإسلامي جعل المؤدلجين خاضعين لهما:

وإذا كانت أدلجة الدين الإسلامي، من قبل الدول، أو الأحزاب، أو الجمعيات، أو النقابات، أو غيرها، لا تنتج الشرف، والشرفاء،  فإن الولايات المتحدة الأمريكية، التي تدعم الدول، والأحزاب، والجمعيات، والنقابات المؤدلجة للدين الإسلامي، تنتج الشرف، وتفرز المزيد من الشرفاء، وأن الصهاينة الذين تطبع معهم الدول، والأحزاب، والجمعيات، والنقابات المؤدلجة للدين الإسلامي، تنتج الشرف، والشرفاء. وهو أمر لا يمكن أن يتصوره منتج للشرف، وفارز للشرفاء، لأن مؤدلجي الدين الإسلامي، لا يمكن أن يكونوا منتجين للشرف، والشرفاء، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية، لا يمكن أن تفكر في إنتاج الشرف، والشرفاء، لأنها تنتج سياسة المصالح، التي تتناقض مع سياسة إنتاج الشرف، والشرفاء، ولأن الصهاينة المعتبرين حلفاء طبيعيين، لمؤدلجي الدين الإسلامي، لم يعرف عنهم إلا إنتاج خبث القيم، والسفالة، والانحطاط الخلقي، وإفساد مجتمعات المسلمين، في مشارق الأرض، ومغاربها.

 

وهؤلاء الذين يتمثلون في مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين لا يجدون ذاتهم إلا في نشر الخراب بين البشر، وخاصة في بلدان المسلمين، وقد بلغ هذا الخراب مبلغه، فيما يسمى ب (الحراك العربي)، الذي ليس حراكا عربيا بالمعنى الصحيح، بقدر ما هو حراك مؤدلجي الدين الإسلامي، المدعوم أمريكيا، وصهيونيا، ورجعيا، مما أدى إلى تخريب الوطن العربي، والشروع في تخريب أوروبا، وأمريكا، وغيرها من البلدان الديمقراطية، تحت يافطة (الجهاد الإسلامي / الصهيوني / الأمريكي / الرجعي)، الممول من قبل دول البيترو دولار، التي صرفت آلاف الملايير، من أجل ذلك، لتبدع لنا كارثة ما أفتى به مفتوها الضالعون في الجهل، والضاربون في عمقه، مما سموه ب (جهاد النكاح)، إيغالا في إفساد بنات المسلمين، الذين ابتلوا بظاهرة (جهاد النكاح)، التي صارت تعم جميع بلدان المسلمين.

 

وهذا الواقع هو ما يقتضي من اليسار، الوقوف ضد ثلاثي مؤدلجي الدين الإسلامي، المدعوم أمريكيا، وصهيونيا، والمد الأمريكي، والمد الصهيوني، على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد.

 

وليس الشرف كذلك، أن تصير الدول المسماة إسلامية، وما تفرزه من إرهاب، وحركات إرهابية، عميلة للولايات المتحدة الأمريكية، وللصهيونية، المتمثلة في الدولة المسماة إسرائيل؛ لأن الدول الإسلامية المؤدلجة للدين الإسلامي، والراعية للأحزاب والتوجهات المؤدلجة للدين الإسلامي، والتابعة لمنظوماتها المختلفة، على أساس أدلجة الدين الإسلامي: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

 

فشرف الدول الإسلامية، وإنتاجها للشرفاء، لا يتأتى عن طريق أدلجتها للدين الإسلامي، بل عن طريق:

 

1) فصل الدين عن السياسة، احتراما للدين، وسعيا إلى جعل السياسة منزهة عن توظيف الدين، والاستقواء به، ومن أجل أن يصير الدين لله، والسياسة للجميع.

 

2) تحويل المجال الديني في المجتمع، أنى كان هذا الدين، إلى فضاء لإنتاج نبل القيم، ولإنتاج الشرفاء، مهما كان هذا الفضاء؛ لأن نبل القيم، يستهدف بناء الشخصية الفردية / الجماعية، كما يستهدف توطيد وحدة المجتمع، في إطار الدولة التي يجب أن تكون وطنية، ديمقراطية، ودولة للحق، والقانون، ودولة علمانية، لضمان الحق في تعدد المعتقدات، وليست دولة دينية، كما تدعي ذلك كل دولة من دول المسلمين، التي تعتبر نفسها دولا إسلامية، ومنها الدولة المغربية، التي تحرص على وحدة المجتمع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مهما اختلفت العلاقات، واللغات، واللهجات، والأعراق، ومهما اختلفت العادات، والتقاليد، والأعراف؛ لأنه بدون ذلك، لا يمكن حماية أي بلد من التفكك، على جميع المستويات، وخاصة التفكك الذي لا علاقة له بالتعدد العقائدي، أو المذهبي، أو العرقي، أو اللغوي.

 

3) الحرص على دمقرطة المجتمع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى يطمئن الفرد، وتطمئن الجماعة على مستقبل الأجيال، خاصة وأن مجتمعات المسلمين، لا تعرف شيئا اسمه الديمقراطية، خاصة، وأن الدول المؤدلجة للدين الإسلامي، ومعها الأحزاب التي تنهج نفس النهج، تعتبر الديمقراطية بدعة غربية، لضمان الاستمرار في تغييب آراء الشعوب، فيما يجري اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، أو لضمان الاستبداد البديل الذي لا يتغير أبدا، والذي يكرس نفسه باسم الدين الإسلامي.

 

4) الحرص على تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، ونظرا لأن الدول التي تعتبر نفسها إسلامية، لا تعترف بشيء اسمه حقوق الإنسان ولا تعترف بشيء اسمه الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وحتى إذا اعترفت بها، فلحاجة في نفس يعقوب، كما يقولون.

 

وقد كان من المفروض أن يتصدى اليسار لممارسات الدول الإسلامية، التي تنكر على الشعوب حقها في التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان، وغير ذلك مما له علاقة بالوجود الإنساني.

 

ومعلوم أن فصل الدين عن السياسة، وجعل المجال الديني مختصا بإنتاج القيم النبيلة، ودمقرطة المجتمع، في مجالاته، وقطاعاته المختلفة، والحرص على تمتيع جميع الناس، بجميع الحقوق، ستحد من صيرورة الدول المسماة إسلامية، المنتجة للإرهاب، والإرهابيين، وستحد من كونها عميلة للصهيونية، وستجعل منها دولا لإنتاج الشرف، والشرفاء.

 

وإعداد المجال في الدولة المغربية، وفي باقي دول المسلمين، لإنتاج الشرف المفضي إلى إفراز الشرفاء، الذين يغيرون خريطة الشعب، لصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لا بد من:

 

1) تحقق الدولة الوطنية / الديمقراطية / العلمانية / المدنية، باعتبارها دولة للحق، والقانون.

 

فتحقق الدولة الوطنية، التي تهتم بما يجري في المجال الوطني: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، يجب أن يقطع دابر التبعية للآخر، مهما كان هذا الآخر؛ لأن الغاية، هي تجسيد الاستقلال الوطني، على جميع المستويات، لا على المستوى السياسي، كما حصل منذ استقلال المغرب، عن الاحتلال الأجنبي.

 

والاستقلال الاقتصادي، لا يعني إلا العمل على تحرير الاقتصاد الوطني، من التبعية إلى الاقتصاديات العالمية، بما فيها الاقتصاد الرأسمالي العالمي، حتى يهتم هذا الاقتصاد بالتفاعلات الوطنية، ويستجيب الإنتاج الاقتصادي لمتطلبات الشعب المغربي، ولطموحات الكادحين، ومن أجل أن يتحول إلى مصدر للتشغيل، بالنسبة للعاطلين، والمعطلين، ولتحقيق اكبر فائض للقيمة، وتحرير الاقتصاد المغربي، من الحاجة إلى استيراد المواد الاستهلاكية اليومية.

 

والاستقلال الاجتماعي، لا يعني إلا الحرص على وطنية المدرسة العمومية، والجامعة المغربية، التي يجب أن تكون برامجها المختلفة منتجة للحس الوطني، وللوطنيين، مهما كانت الشروط، وكيفما كانت الارتباطات الدولية، من أجل إيجاد إنسان وطني، مهما كان مستواه المعرفي، والحرص على أن تكون الخدمات الصحية، في خدمة الوطن، وفي خدمة المواطنين، لحماية الشعب من مختلف الأمراض، ولجعل السياسة السكنية، هادفة إلى تمكين كل مواطن، وكل مواطنة من السكن اللائق، وبتكلفة لا تهدف إلى تحقيق المزيد من الأرباح، كما هو الشأن بالنسبة لبناء السكن الآن، التي تستغل حاجة الناس إلى هذا القطاع الحيوي، لرفع قيمة السكن اللائق، ولفسح المجال امام العاطلين، والمعطلين، في مستوياتهم المختلفة، من اجل إيجاد الشغل، الذي تتحقق معه كرامة الإنسان، ودون الخضوع للرغبة في مكننة الإنتاج، والاستغناء عن قطاعات عريضة من اليد العاملة، سعيا إلى تحقيق المزيد من الأرباح، على حساب تعميق الفقر بين ابناء الشعب، الذين ينتمون إلى هذا الوطن، الذي لا يزداد إلا تنكرا لهم، بالإضافة إلى جعل الترفيه في خدمة جميع أفراد المجتمع، ليتحول إلى ترفيه وطني، بإقامة منتجعات في السهول، والجبال، والوديان، وعلى مدى التراب الوطني، وعلى مدار السنة، ولجميع الطبقات الشعبية، ولمختلف الأعمار، ودعم السياحة الشعبية التي تشجع المغاربة على التعرف على وطنهم، وعلى ما يتميز به هذا الوطن.

 

والاستقلال الثقافي، لا يعني إلا الاهتمام بالثقافة الوطنية، باعتبارها مجالا لإنتاج القيم الثقافية الوطنية، والاهتمام بمكوناتها المختلفة، وبالتفاعل القائم بين تلك المكونات، وبعناصر الالتقاء، والاختلاف فيما بينها، والعمل على تطويرها مجتمعة، ومختلفة في نفس الوقت، وجعل البعد الوطني في الثقافة، في خدمة الجهوي، والإقليمي، والمحلي، وجعل البعد المحلي والإقليمي والجهوي، في خدمة البعد   الوطني.

 

أما الاستقلال السياسي، فلا يمكن أن يعني إلا جعل الدولة المغربية، وغيرها من دول المسلمين، تبني سياستها على ما تقتضيه مصلحة الوطن، والمواطنين، ومصلحة الشعب، ومصلحة الكادحين، وتبني علاقاتها الدولية على هذا الأساس.

 

2) احترام حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي يجب أن تتلاءم معها القوانين الوطنية، المعمول بها، على المستوى الوطني، وفي جميع الدول المسماة إسلامية، التي لا تحترم فيها حقوق الإنسان، ولا تتلاءم فيها القوانين، مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. ويترتب عن احترام حقوق الإنسان، احترام الكرامة الإنسانية لكل فرد في المغرب، وفي أي دولة من دول المسلمين، التي تحترم حقوق الإنسان، وتحرص على ملاءمة القوانين مع الإعلانات، والمواثيق، والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. وهذا الاحترام غير وارد عندنا هنا  في المغرب، وخاصة عندما يتعلق الأمر بالنساء، وبالأخص في عهد حكومة الإسلاميين، الذين سجلوا تراجعات خطيرة، فيما يخص حقوق الإنسان، وحقوق المرأة.

 

3) وضع حد لاقتصاد الريع، الذي أنتج لنا طبقة همجية من البورجوازية الريعية، من الذين وجدوا أنفسهم أثرياء، بدون القيام بأي عمل، لا يتجاوز القبول بممارسة العمالة المخزنية، لاستحقاق الريع المخزني.

 

ووجود هذه الطبقة الهجينة في المجتمع المغربي، لا يمكن أن يعبر إلا عن الحرص على إفساد المجتمع: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، كما يجعل جميع أفراد المجتمع يعيشون على الريع، كيفما كان نوع هذا الريع، الذي يجعل طالبيه يدوسون كرامتهم، حتى يعيشوا على الريع المخزني، بدون كرامة؛ لأنه لا كرامة لمن يعيش على الريع ،حتى وإن كانت قيمته المالية متدنية، لا قيمة لها أمام القيم المالية الريعية المرتفعة.

 

والغريب أن قطاعات اجتماعية كبيرة، تتلقى أموالا طائلة، عن طريق الريع، دون أن تساهم في أي شكل من أشكال الإنتاج المادي، والمعنوي، من منطلق أن الخيرات المادية، والمعنوية، لا يمكن أن تتم، إذا لم يقم الإنسان بإنتاجها، من خلال العمل في مؤسسات إنتاجية، أو خدماتية معينة.

 

4) بناء اقتصاد وطني متحرر، يستحضر اعتماد الإمكانيات الذاتية الخاصة، والعامة، ويسعى إلى إيجاد صناعة وطنية، تستجيب لحاجيات السوق المغربية، وتوفر على الخزينة المغربية، استيراد العديد من المواد الاستهلاكية، بأموال طائلة، تصير في خدمة الشعب المغربي، وفي خدمة ما هو وطني، وفي حالة ما تدعو الضرورة إلى استيراد بضائع معينة، أولية، أو مصنعة، فإن على الدولة المغربية، باعتبارها دولة وطنية / ديمقراطية، أن تتفاوض في هذا الاتجاه، على أساس الندية، والحرية، وعلى أساس أن يكون التوريد، مقابل التصدير، وانطلاقا من تنوع مصادر التوريد، والتصدير في نفس الوقت، حتى يكون انفتاح الاقتصاد الوطني، على الاقتصاد العالمي، ببعده الوطني، حرصا من المغرب، ومن المغاربة المتحررين، على تحرر الاقتصاد الوطني من التبعية للغير، ومن الارتباطات، والاشتراطات الدولية المؤدية إلى التبعية.