اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

هل الماركسية لا زالت حاضرة في عصرنا؟ (10)// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد الحنفي

 

عرض صفحة الكاتب 

هل الماركسية لا زالت حاضرة في عصرنا؟ (10)

محمد الحنفي

المغرب

 

بناء نظرية التغيير في واقع معين:

وبعد وقوفنا على أن التطور يستهدف الماركسية كفلسفة، والماركسية كعلم، والماركسية كمنهج علمي، بصفة شمولية، من خلال التفاعل مع الطبيعة، ومع المجتمع، ومع الفلسفة، ومع العلوم، ومع المناهج العلمية، ومع التقنيات بصفة عامة، ومع التقنيات الحديثة، أو الدقيقة، بصفة خاصة، من أجل الارتقاء بالماركسية، إلى مستوى تطوير خدمة الإنسان بصفة عامة، وخدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين بصفة خاصة، ننتقل إلى العمل على بناء نظرية التغيير، التي يمكن اعتمادها أساسا، من قبل حركة ثورية معينة، لتغيير واقع معين: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا.

 

وإذا كانت أية حركة ثورية، لا يمكن أن تفعل في واقع معين، إلا بامتلاك نظرية ثورية معينة، فإننا نستطيع أن نعمل، في إطار الحركة الثورية، على بناء نظرية معينة، لتغيير واقع معين، تغييرا قويا، وبالطريقة المناسبة، التي ترى الحركة: أنها تمكن من عملية التغيير المنشود.

 

ومنذ ظهرت الماركسية، قال الثوريون العظام، الذين قادوا أول ثورة ماركسية اشتراكية: (لا حركة ثورية، بدون نظرية ثورية). ونحن نضيف: بناء على بساطة رؤيانا: (لا تفعل النظرية الثورية، إلا الحركة الثورية)، حتى نقطع الطريق أمام المدعين، وأمام التحريفيين، وأمام المتمركسين، وأمام من يصف العمل الرجعي المتخلف، والإرهابي، بالعمل الثوري.

 

فما الذي يمكن اعتماده في بناء النظرية الثورية، المنسجمة مع واقع معين، بخصوصية معينة، في مكان ما، وفي زمن ما؟

 

هل يمكن اعتماد الفلسفة الماركسية؟

 

هل يمكن اعتماد العلم الماركسي؟

 

هل يمكن اعتماد المنهج الماركسي؟

 

إن الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، لا يمكن إلا أن تكون معتمدة، في تفكيك واقع معين، وإعادة تركيبه، من أجل إدراك القوانين المتحكمة فيه: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، وبإدراك القوانين المتحكمة في ذلك الواقع، نستطيع وضع قوانين التغيير، التي يجب اعتمادها من قبل الحركة، حتى تستطيع الفعل في الواقع، في أفق تغييره، تغييرا شموليا، يستهدف الاقتصاد، والاجتماع، والثقافة، والسياسة.

 

فالفلسفة الماركسية، مهمتها طرح الأسئلة الفلسفية المساعدة على البحث في الواقع، بحثا فلسفيا، يمهد الطريق، أمام إمكانية طرح أسئلة تقود إلى البحث العلمي في الواقع، من أجل إيجاد أجوبة علمية، تقود إلى إدراك الواقع، إدراكا علميا، يمكننا من معرفة القوانين المتحكمة في الواقع، والتي ننطلق منها، لاستنتاج قوانين التغيير، التي تحيلنا من جديد على الفلسفة الماركسية، التي تحيلنا بدورها على عملية طرح الأسئلة المناسبة، من أجل العمل على التدقيق في قوانين التغيير، على المستوى العلمي الماركسي، حتى تصير فعاليته ناجحة، ومسرعة، بعملية التغيير، في أفق تحقيق أهداف معينة، تجعل الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، في خدمة المجتمع ككل، وفي خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين يسعون إلى التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية، كأهداف ماركسية، وبناء الدولة الاشتراكية.

 

وعندما تنتهي الفلسفة الماركسية، التي لا تنتهي أبدا، في مواكبتها للواقع، في تحولاته المختلفة في الزمان، والمكان، وطرح الأسئلة الفلسفية اللازمة، يأتي دور الماركسية، كعلم يلم بقوانين الواقع، في تحولاته الطبيعية، والفيزيائية، والكيميائية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. ذلك الإلمام الدقيق، الذي يصير شرطا لمساهمة الماركسية كعلم، في بناء نظرية التغيير،  التي تنطلق من خصوصية الواقع. والتي تفتقر إليها، كل الحركات الماركسية، عبر العالم، حتى تقطع الطريق أمام استيراد النظريات، التي التي تناسب خصوصيات أخرى، في الزمان، وفي المكان، لتطبيقها في واقع مختلف، في الزمان، وفي المكان، مما يؤدي، بالضرورة، إلى فشلها؛ لأن المسألة، ليست مسألة استيراد النظريات، بل إن تلك النظريات المستوردة، إذا كانت مناسبة لمكان، وزمان معينين، بخصوصية معينة، لا يمكن تطبقها، تعسفا، في واقع مختلف.

 

والواقع المختلف، ليس محتاجا إلى استيراد النظريات، كالماركسية اللينينية، أو الماوية، على سبيل المثال، بل في حاجة إلى بناء نظرية ثورية مناسبة له، تمكن من العمل على تغييره، تغييرا شاملا، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، انطلاقا من النظرية الثورية المناسبة، والمتناسبة، مع خصوصية الواقع، في المكان، وفي الزمان.

 

فالماركسية كعلم، عندما تعتمد في بناء نظرية التغيير، فإنها تضمن التدقيق في عملية البناء، الذي يصير قادرا على تحدي كل الصعوبات، التي تقف في وجه تفعيل النظرية الماركسية، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى إنجاز عملية التغيير، في مستوياتها المختلفة، من أجل إنجاز واقع مختلف، متماسك، وفعال، يقف وراء تطور، وتطوير الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي؛ لأن التغيير الشمولي، يصح فيه كل شيء، لا علاقة له بالمجتمع المتطور، فاعلا، ومتفاعلا مع الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، ومطورا للماركسية، في أبعادها المختلفة، ومتطورا بها.

 

ولذلك، فالعلم الماركسي، بقدر ما يتفاعل مع الواقع، بقدر ما يفعل في،ه وبقدر ما يتفاعل معه الواقع، بقدر ما يفعل فيه، ومن منطلق التفاعل بين الجانبين، والفعل في كل من الجانبين، تولد حركة منسجمة، ولكنها، في نفس الوقت، منتجة للفكر، الذي يوجه الممارسة التي تثبت صحة الفكر، أو عدم صحته، ما دامت الماركسية، في حركتها، وفي تطورها، تستهدف الإنسان، وما دام الإنسان من مكونات الواقع، الذي يتشكل وفق الفكر، الذي ينتجه الإنسان الممارس له في الواقع، ليتأكد من صحته، أو من عدمها.

 

والماركسية كعلم، لا يمكن أن تكون صحيحة، ما لم يتم انتشارها، وفق ما تقتضيه الماركسية كمنهج علمي.

 

والماركسية كمنهج علمي، هي عبارة عن تفعيل مجموع القوانين العلمية، التي تندرج ضمن المادية الجدلية، والمادية التاريخية، بتوطئتها الفلسفية: المادية الجدلية، والمادية التاريخية.

 

ودور المنهج الماركسي، هو تأطير الإنتاج الفلسفي الماركسي، وتأطير إنتاج العلم الماركسي، والحضور المكثف في فلسفة البناء الماركسي، من أجل إحضار أهمية التزام البناء النظري، بالمنهج الماركسي، الذي يقتضي أن يعمل على تقويم ذلك البناء، حتى يصير في مستوى مواكبة التحولات، في الواقع الطبيعي، والمجتمعي، والمعرفي، والفلسفي، والعلمي، والتقني الدقيق، وفي مستوى المساهمة في عملية التغيير، التي تستهدف الفكر، والممارسة، باعتبارهما متفاعلين باستمرار.

 

فالمنهج الماركسي، هو منهج علمي، والمنهج العلمي، لا يكون، كذلك، إلا بضوابطه القانونية المتطورة باستمرار، تبعا لتصور هذه القوانين العلمية، التي تندرج ضمن المادية الجدلية، والمادية التاريخية. وهو ما يعني: أن أي شخص يطمح إلى أن يصير ماركسيا، فإن عليه أن يكون مستوعبا للمنهج العلمي الماركسي. واستيعاب المنهج العلمي الماركسي، لا معنى له، إلا باستيعاب قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية، إلى درجة التمثل، باعتبار تلك القوانين: أدوات للتحليل الملموس، للواقع الملموس، باعتبارها وسائل، لتحصين المناضل الماركسي، ولتحصين الحركة الماركسية، ولضبط الاتجاه الذي يكون محكوما بالتطور، حتى يتأتى العمل على نهج متطور، ومتفاعل، وفاعل في واقع معين.

 

وإذا كان في إمكان المنهج الماركسي، أن يفكك الواقع، وأن يعيد تركيبه، وأن يسعى إلى نهج الطريق الصحيح، في جعل الواقع يتغير إلى الأرقى، حتى لا ييأس من التطور، وحتى لا تغلب في واقع معين، عوامل كبح التحول، التي تحول دون تغيير الواقع، في الاتجاه الصحيح؛ لأنه بقدر ما يتم إعمال قوانين المنهج العلمي الماركسي، بقدر ما يتبين ما يجب عمله، من أجل تغيير الواقع إلى الأعلى، والأحسن، في نفس الوقت، وبقدر ما نعمل على كبح تفعيل تلك القوانين، بقدر ما نتعامل مع واقع، نجهل هويته. وجهل الهوية: لا يعني إلا العجز عن تفعيل القوانين العلمية، في التحليل الملموس، للواقع الملموس. والعجز، لا يعبر إلا عن الجهل بأدبيات الماركسية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي. والجهل بالأدبيات الماركسية، يجعل الباب مفتوحا أمام قيام أي شيء، في صفوف اليسار، إلا أن يكون اليسار ماركسيا، قلبا، وقالبا، إلا أن يكون الماركسيون، مستوعبين للماركسية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي.

 

والسؤال الذي يصبح ملحا الآن، وأكثر من أي وقت مضى:

 

ما هو اليسار، ومن هم اليساريون؟

 

هل الحركة التي لا تعتنق الاشتراكية العلمية، يمكن أن تحسب على اليسار؟

 

وهل اليساريون الذين لا يستوعبون الماركسية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، يمكن أن يكونوا يساريين؟

 

  وإذا اعتبرنا مسبقا، أن كل من يدعي أنه ينتمي إلى اليسار، بدون هوية ماركسية، أنه يساري، وأن الحركة، التي ينتمي إليها، يسارية:

 

فما هو الأفق الذي يعمل من أجله هؤلاء الماركسيون، بدون هوية ماركسية، وهذه الحركة أيضا، التي لا هوية ماركسية لها؟

 

إن حركة بدون هوية ماركسية، لا يمكن أن تكون يسارية، واليساريون بدون هوية ماركسية، لا يمكن أن يكونوا يساريين، والأفق الذي يعملون من أجله، هو مجرد أفق بورجوازي صغير، ليس إلا، لتصير البورجوازية الصغرى، ممارسة للسطو على النقابات، وعلى الجمعيات، وعلى الأحزاب اليسارية، التي تم، ويتم إفراغها من محتواها الماركسي، خدمة للبورجوازية التابعة، وللتحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف.

 

ألا يجب أن نتوقف قليلا، من أجل الإجابة على السؤال:

 

هل الأحزاب التي ننتمي إليها يسارية؟

 

وهل نحن يساريون؟

 

وللإجابة على هذين السؤالين، لا بد أن نسجل: أن الحركة اليسارية، إذا لم تأخذ بالماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، لا يمكن أن تكون يسارية، وأن اليساريين إذا لم يستوعبوا الماركسية، كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، لا يمكن أن يكونوا يساريين؛ لأن أي حركة تدعي اليسارية، ولا تأخذ بالماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي، هي مجرد حركة بورجوازية صغرى، تضم بين صفوفها ثلة من الانتهازيين، الذين يبعثون باستمرار، من أجل تحقيق تطلعاتهم الطبقية. والمنتمون إلى الحركة التي تدعي أنها يسارية، هم مجرد بورجوازيين صغارا، يبحثون عن تحقيق نطلعاتهم الطبقية، بأي وسيلة كانت، بما فيها: ادعاء الانتماء إلى اليسار، وهم لا يستوعبون الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي.

 

فاليسار الحقيقي، إذن، هو اليسار الاشتراكي العلمي، الذي يستوعب الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي.

 

واليساريون الحقيقيون، إذن، هم اليساريون المقتنعون بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف، كما عبر عنها الشهيد عمر بنجلون، في تقديمه للتقرير الأيديولوجي، في المؤتمر الاستثنائي، المنعقد في يناير 1975، قبل أن يستشهد على يد الظلاميين، سنة 1975، ويستوعبون الماركسية كفلسفة، وكعلم، وكمنهج علمي.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.