اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• تراتيل بمسبحة يحيى السماوي وخرزه السومرية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ذياب مهدي آل غلآم

            تراتيل بمسبحة يحيى السماوي وخرزه السومرية

أطلالة على ديوان الشاعر يحيى السماوي(مسبحة من خرز الكلمات) كانت مفقوده منذ سنتين تقريبا وجدتها بعد تصفحي لبعض مدوناتي لذلك أحببت ان انشرها وفاء لكلمة صدق ومحبة لرفيقي والصديق صاحب القلب الرئوم أبن العراق سماوتها يحيى..وأعتذر له!

**************************

حين يغزوني الهم، افتح صحائف الذكريات لأغرف مما فات من عشق عراقي... ليس كما يقال في مثل أهلنا(اذا استفلس التاجر يبحث في اوراقه القديمة) لا... الذكريات الشفاهية والمدونة جزء من زماكان عشته بلذته وهجيره! بعنفوانه وجفافه، ولذلك أحببت ان اقلب مدوناتي بعد ان عسعس الهم وزادت مكابداتي مع عشقي فالى آين المصير؟ رحت استظل (بسيباط العنب) كثيرا ما نطلق على مبدعي العراق وقاماته الممتشقه عبر سماء الوطن... بنخلته... او كما يقال نخلة عراقية شامخة! دلالة جميلة لها مالها من معنا روحي وفكري وهوية لمواطنة نفتقدها، وتفتقدها الآجيال الجديدة، بسبب حاكمية الطغيان السابقة والاحقة!! وكذلك حين نشير مثلا للجواهري الكبير شاعر العرب وسناجتها بآنه النهر الثالث وآنعم به.... لكن حين ادخل الى حومة الشاعر يحيى السماوي لا اعرف سوى أني أحس وكأنني تحت سيباط عنب! لذلك اقول أن يحيى السماوي كما أحب ان انعته بآنه شجرة كروم كبيرة (شجرة عنب شواطي المحاجير!!) على الفرات تطل على حيرة النعمان بن المنذر لا أعرف لماذا الشاعر السماوي يحيى. كرمة تعطي عنبها بكل انواعه واشكاله شعرا وخمرا... طيبة مطهرة نقية... أنه امتداد لسوابيط العنب (ونحوشه عصاري!) لماذا حين ادخل عالم كرمة العراق السماوي يتماها معه في شجوني عمر الخيام وأبو نؤاس والعلامة محمد سعيد الحبوبي!! لماذا بثينة بدون جميل؟ في شعره، لماذا هند تداعبه! وصبية كان بيتهم خلف(الخناك؟وما آدراك ما الخناك؟ سجن السراي، قشلة سماوة العشاق؟) لذلك رحت اقلب صحائف ديوانه، هديته لي قبل سنتين، انا المفجوع بالعراق مابعد فرح الانتخابات وما آل اليها من مآل!! المهم دونت شغفي وبدتت مدلهم من يومياتي وضجري فكان الكأس الخمري من عنب المحاجير وسوابيطه المستظله بنخيل الفرات خمرة يمزجها يحيى بشيء من تمر السماوة الجني بآيادي صبايا الفرات الأوسط (الطواشات) نخل السماوة الذي طرته سمراء...سمراء...وعنب أبنها البار شاعرنا... بكأس دهاقا صافية، يدب دبيبها وحتى لموضع الأسرار لانقل لها قفي! خمرة السماوي مزيج من حب وعطاء ودمع منهل من عيون تحمل منفاها وغربتها ولا تكف عن الحلم والأمل ،خمرة معجونة بروح وعسل التمر وقليل من (دهلة )الفرات في وقت (خنيابه) لندخل عالم يحيى السماوي الشعري انا قارئ فقط بعيون فنان تشكيلي صحيح أكتب الشعر وكتابات آخرى لكن الآن انا قارئ مهظوم من آيام عراقية!؟ وهذا رأي الشخصي ليس ناقدا ولا متبجحا، او متملقا، لكن اكتب نشوتي وأحساسي حين اقرأ ليحيى السماوي وخاصة الآن اعيد قراءة ديوانة (هديته) مسبحة من خرز الكلمات.... اقول في هذه المجموعة الشعرية التي أحب ان اطلق عليها(الشعرفي قصيدة النثر) يتخيل لي انها حومة لدرويش متصوف بعشقه العراقي، بخور ،شموع، طلاسم، تعويذات، ثمة سجادة عليها كأس من شمس الحمية، ومسبحة بوذية الأصل بخرز كأنها أختم بابيلة بحروف سومرية... فالعراق علم الأنسان والأنسانية كل ما ينبغي لهما أن يتعلما قبل الآديان!! أن اول من وضع المسبحة وصنعها لنفسه لكي يحفظ دروسه وتعاليم اساتذته هو(بوذا) نعم ولقد وضع العدد 99 بقدر ارشاداته وبعدها كانت اسمائه وتجلت بأسمين مثاليين ليكون عدد اسمائه 101 ومرت الازمان وجاءت الآديان فأتخذت المسبحة للدلاله على كهنوتية اصحابها... وتوارثتها الآديان الى ان استعملها رجال الأسلام المحدثين ما بعد هبوط الرسالة المحمدية وتخذت للدلالة على اسماء الله المئة وواحد لكن في عدها تكون99 تقسم لثلاث اقسم حتى لتكن طويلة فيكون العدد 33 ويضعون فاصلتين مابين كل 11 خرزة ليسهل العدد حين التسبيح! فالسبحة أو المسبحة مظهر شرقي وأيقونة تفضي إلى كثير من الخصائص .. فهي لدى العامة وسيلة صلاة ، وأداة عدّ وحساب ، ومصدر إيقاع منتظم حين تحرّك حباتها الأصابع .. وهي إعلان عن إيقاع الزمن الهارب ، وتثبيت لمروره، ارجع لهذه المجموعة التي قلت انها:" الشعر في النثر " انها مكابدات يحيى السماوي بعدد اسماء الله! انه تماهي روحي عقلي لايخرج من ارضه، فهو ثابت متحرك بالواقع الموضوعي، لاتشغله السماء بغدها! ولايعتني بها حيث سمائوه الوطن، عشقه الذي يحمله، وهو غريب الدار تحت سماوات آخرى سموها له أوطان آخرى!! إن المتابع لشعر السماوي يجد عنده المحافظة الصارمة على شكل القصيدة العمودية بشروطها الفنية من خيال وعاطفة متأججة واسلوب راقٍ يحافظ على السلامة والجزالة اللغوية والفخامة اللفظية والجمالية التعبيرية والشكلية المعتمدة على الوزن والقافية واللغة السليمة الحريصة على النحو والصرف والبلاغة العالية التأثير مع الابتعاد عما يشوب القصيدة من التعقيد اللغوي واللفظي الجامدين... فخرزه الشعرية مليئة بصور هي لوحات بريشة الحرف وازميل الكلمات وناي العزف وصوت المغني المغرد وانامل فنان بارع في توفير الأجواء الساحرة والصادمة والمدهشة المضمخة بعطر الأنفاس الحرّى، وأداء العالِم اللغوي المتمرس في مهنته، فهل لا أقول: أنه سيباط لكرمة عنب فراتيه! إنّ الشاعر الكبير يحيى السماوي جسر موصل ورابط بين القصيدة العمودية الكلاسيكية بصرامة شروطها الفنية وبين قصيدة التفعيلة الحداثية بسعة وحرية فضائها، وبشكليهما ومضمونيهما وصورهما وأدائهما الفني التعبيري، أنه الشعر في النثر ، وهذا يتجلى واضحا عنده... هكذا اقرأ ديوانه، مسبحة من خرز الكلمات... لندخل ملكوته، صومعته ،هذا الدرويش المترهب الصوفي لحد الثمالة بخمرته الشعريه العراقية لحد النخاع! وهذه اختيارتي الخاصة، على مدخل صومعته واذا احببتم لنقول كهفه القدسي الذي زينه ب 99 خرزة، دعاء، اسم من الأسماء الحسنى الأرضية! نعم مسبحة من عصر سومري وكيف لا؟ وهو ممن تبحر في لغة أهله حيث اول من دون وكتب بالحرف هناك بالقرب من نخل السماوة وسمراءه! الوركاء...مدينة اول من انطقت الحرف ودونته حين عرف الحرف الأول وابجديته! هكذا ارد يحيى السماوي أن يدون بدراية و بقصدية تربطه علاقته الروحانية في طريقة الدعاء والتسابيح فهو يتماها في مجموعته هذه مع دعاء أسلامي نردده في الغالب أيام رمضان أسمه (دعاء جوشن صغير) نعم حين دخلت كهف المتصوف يحيى وقرأت 99 نص شعر في نثره، تذكرت أنني في حضرة شاعر يمنح الروح شغفها ولايحلق بها في عالم غيبوبتها أو آفيونها! لا بل يزدان بها سمو وحلم وأمل هو قاب قوسين أو أدنى من وطنه لكنه غريب الدار!(صغير- كالبرتقالة – قلبي.. لكنه يسع العالم كله!) ورحت اتهدج بتراتيله، مناجاته، أنفاسه الحرى، لعشقه ،صبابته،وهو المتمرس بعزف انغامه على ربابته( أنت لست شمسا...فلماذا لايتجه قلبي الآ نحوك؟) تسأله مشروع، لكنه يعرف مقصده، فيجيبها بنغم الصبا(فأنا لن أستعذب خبز الحرية ...مالم يكن... مشدودا الى تنورك... بقيود نبضي) قيود نبض القلب، شراينه، اوتار قيثارة سومرية، لكنه يختصرها بأيقاع النبض..هو أبن حافة الصحارى ورقصتها (الدحه) والدبكة (ويردس حيل!) "مياه أنوثتك...أنبتت في حقل رجولتي عشب الفحولة... ونسجت لصحاراي قميص الخضرة" فهل يخاطب كما خاطب البابلي كليكامش صاحبة الحانة؟ وهل وجد عشبة الخلود عندها؟ فكان نسيجها من خضرة وعيون بسعة بساتين الأشواق؟ فهل  تذوب زنزانات صحراء السماوه بشرطيها!! فتصدق صاحبته المترعه بكأس النبيذ المقدس وبالخضرة السندسية... حيث تبلله مياه انوثتها،المطعمة بعبق رائحة (طليع) النخيل! حيث نبضه قيود، وايقاع لمقام عراقي الشدو والانشاد... يتهدج من جديد، فهل المسيح ببشارته قام؟ (بين احتضاري في غيابك... وانبعاثي في حضورك..) يوم قيامته، وقلبه منفى عراقي، بسواد بساتينه، انها البشارة!( بغد مضى... وبالأمس الذي لم يأت بعد!) كيف قلب هذا العاشق المعادلة في قيامته! معادلة جعل الغد ماضيا ً ، والأمس مستقبلا ً ، لأنه في غمرة استسلامه للقادم المجهول وحنينه للماضي الذي كان عليه وطنه، يعيش غربته وكأنه مجبولا بها! فيرجع يتوجس نشوته، بصيغة قرآنية المعنا، لكنها جميلة الصياغة حيث يخاطب ليلاه (نهر رجولتي...لايستعذب الجريان...الآ... في حقولك، أنوثتك!) كأنه يقول لها أنت حرثي، وأنا أتيك آنا شئت!؟ عند السماوي يحيى اندماج تجانسي ، وقل: انجذاب كهرومغناطيسي ! مابين معشوقته والوطن، ربما تجد في بعض نصوصه نرجسيته الخاصة به لا المتعاليه على الآخر! انها آنوية الشاعر الفنان، الذي يموسق نبضاته واشجان فؤاده ويختزل قاموس لغته لحيولها الى أدعية تلقنها ولقنا بها منذ الصغر، هذا الكم من المخزون والموروث تحول الى مانسميه آيات في كتاب مسطور... تحول بقدرة مبدع، الى مسبحة لقطب دروشة في حومة العشق! أنها تراتيل في كهف متصوف حفيد لعشق الحلاج شهيد بغداد والنقاء... في احد خرزة نقش وكأنها خاتم اسطواني (الجائع لا يرى من الشجرة غير الثمرة...كقلبي: لا يرى من نساء الدنيا الآك!) وكأن نداء حفيف يقول له: لولا الخبز لما عبد الله! كأنه يقول لها:  أنت رغيف عصاري الأم الحنونة... رغيف تنور الحبايب... فالسماوي فيه جوعة صبابة! وانظروا كيف يتماها شاعرنا مع محسوساته الواقعية (للطبيعة كتابها...الاشجار حروف...الأنهار مداد...والأرض الورقة...) ويتسأل من يجيد قراءته...فيرد الصدى من أعماقه كالشهيق (كالطيور، والاطفال، والعشاق!) وشاعرنا على علم بآن الشعراء جنود الرب وحراس كتاب الطبيعة...قلوبهم المرهفه والمهفهفة...هل نقول ياعشاق العالم اتحدوا! لنقرأ (فمي قلم... لايجيد الكتابة... الآ... في دفتر شفتيك) فلماذا لم يقل لها "شفتاك علمتني كيف انطق الشهادتين! قلق يعيشه يحمل غربته وقلقه المشروع فهو تآخا مع الطير كل يوم على شجرة ما! آين الضفة الآخرى؟(ريحك وليس شراعي...اوصل سفينتي الى الضفة الآخرى؟ من نهر القلق) لكن ايها السفان لم ترسو! وأنت سيد القلق! ونحن ننتظر، فجر آتي وكما يقال: ننتظر خلالات العبد!؟ وقبل مسك الختام لنسمع هذا النداء المفعم بالأمل وبالغد السعيد..."لن يكون بعيدا اليوم الذي سينتقم فيه: الجياع من المتخمين...الأغلال من صانعها...الأوطان من السماسرة...وملائكة يقيننا من شياطين ظنونهم) لكي يعيش الأنسان في وطنه، جمهورية العشاق بسلام آمن! هكذا ، يجهد شاعرنا في نصوصه ليشوقنا، فيمضي بعيدا في الوصف والتخيل ،لنمضي معه في رحلة الفكر والتأمل، وأحيانا يكون الختام في نصه (خرزته) غير ما نتوقع ( كل يذهب في حال سبيله... النهر نحو البحر... السنابل نحو التنور... العصفور نحو العش... الآفك نحو اللغة... القلم نحو الورقة... الصلوات نحو الله... الوطن نحو الصيارفه... وقلبي نحوك!) ولا يخفى ما تتضمنه كثير من نصوصه النثرية هذه من سخرية مبطنة ، كما في قوله عن ذهاب " الوطن نحو الصيارفة " فالعبارة تثير في النفس الحقد على المحتل واللصوص الذين نجحوا في إقامة امبراطورياتهم المالية على حساب جياع الشعب العراقي ومرضاه ومعوزيه ومشرديه . ولنسمع كيف يفصح شاعرنا السماوي يحيى عن التفكير الحدسي حين يمارسه من أجل ان يخفف من معاناة الأنسان وخاصة أنسانه العراقي!( أعرف تماما أين يرقد"نيوتن" وأين كان الحقل... لكن: في أي تنور انتهت الشجرة؟ وفي أية معدة استقرت التفاحة؟) كل العلماء يعنون بوصف الظاهرة وتقنينها ، لكن شاعرنا ينصرف تفكيره للأنسان وما يهمه ويحرره من جلادية ومستغليه، فبعدما كان العراقي يعيش في جمهورية الرعب والطاغية والصمت ،تحول الآن للعيش بجمهورية السلب والنهب وكاتم الصوت! ولذلك أن يحيى السماوي منشغل بهموم أبن جلدته في عصر لا أنساني...عصر انهيار المواطنة والتفكيك... عصر لا مكان فيه للضعيف في غابة الأقوياء... شاعرنا منحاز للجماهير وكيف لا ينحاز وهو سليل للأمام علي ع والى أبي ذر الغفاري وحفيد من القرامطة وصديق لزنج العراق في جنوب المراثي...ان انحيازه لشعبه الأجدر بالحياة لما يملكه من موارد طبيعية في وطنه! من لصوص السلطات والقادة النرجسيين الذين حولوا الأيمان بالله الى سلعة وكرسي!! وهكذا يقول شاعرنا عن العبيد والكادحين الذين شيدوا الحضارات السومرية والبابلية والأشورية  ومن ثم شيدوا الاهرامات وسور الصين وجنائن بابل المعلقة ... لكن القادة سرقوا انجازاتهم( أعرف أن العبيد هم الذين شيدوا... الأهرام... سور الصين...وجنائن بابل... ولكن: أين ذهب عرق جباههم؟ وصراخههم تحت لسع السياط... أين أستقر؟) وفي اطلالتي هذه تنفست فيها بشيء من ذكريات جلت بعض (زنجار الروح) وانزياح بعض الهم فشكرا للسماوي يحيى على سبحته وخرزها الموشومة بالعشق الصوفي العذري انه قطب من اقطاب الدراويش وانا غرفت من حومته... أمل وتأمل نحو آفق بعيد يمتد من غربتي حتى وطني.......!؟

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.