اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

رثائي إليك يا ابن القوش ــــ باسل شامايا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

رثائي إليك يا ابن القوش

         باسل شامايا

من العسر أن أوفق في اختيار المفردات اللغوية التي تسعفني في التعبير عن حزني وألمي  بفقدان أخ عزيز صعقني خبر انطفاء شمعته التي بقت متوقدة 64 عاما في خدمة الأفكار والمبادئ الإنسانية السمحة ، فقد كان والى لحظاته الأخيرة كتلة من المشاعر الإنسانية المعطاءة التي لا تحدها حدود لوطنه وشعبه .. كان واحد من أولئك النشامى الذين وقفوا بوجه الطغاة وصرخوا غير هيابين : لا للذل .. لا للخنوع .. لا للعبودية ....!! . اقتحم الحياة السياسية قبل أن يكمل السابعة عشر من العمر، التحق بفصائل قوات الأنصار في كردستان العراق عام 1963 ، وكان حينها لم يبلغ من العمر السابعة عشر ، وكان المناضل الفقيد توما توماس قائدا على هذه الفصائل فطلب منه العودة الى القوش لئلا يقلقوا عليه أهله فرفض ذلك وبإلحاح حيث قال  : إنني جئت مؤمنا للوقوف بوجه أعداء الشعب بمحض إرادتي لا بتأثيرات أخرى لذا سأبقى الى جانب رفاقي أشاركهم في النضال ضد الحكومة الرجعية الجاثمة على صدر العراق . اعتنق الفكر التقدمي كغيره من الشبان الذين آمنوا بان هذا الفكر هو الطريق الاصوب للخلاص من الدكتاتورية ، تعرض الى الملاحقة والمضايقة ومطاردة أزلام السلطة في سبعينيات القرن المنصرم ، مستهدفين كسر شوكته وثنيه عن التواصل في ذات الطريق الذي سار فيه الأحراروالاباة، ومع ذلك لم يرضخ ولم يستسلم لتلك القوى الظالمة بل بقي كما كان منذ نعومة أظفاره وفياً لوطنه مخلصاً لقضيته وشعبه فاختار الغربة مكرها لا خوفا من مصير تلاعب به السفاحين، بل ليعبد طريقاً للنضال من اجل خلاص شعبه ووطنه من تلك المعاناة التي عانوا منها  ثلاثة عقود من الزمن، وكذلك ليصون فكره وانتماءه وحبه لتلك المبادئ والأفكار النيرة التي أفنى العمر في خدمتها دون أن يتخاذل يوما ، ودون أن يحني رأسه للجلاد ،بل عاش أبيا لم تخيفه تلك الممارسات القمعية التي كان له نصيباً كبيرا منها كما كان للآلاف من المناضلين الأبطال ، فلقد سجل في حياته أروع صفحات للعطاء والتضحية من اجل انتصار إرادة شعبه التي سلبتها اعتى الدكتاتوريات في العالم . وبعد ا ن رست به سفينة  المطاردة القمعية والهجمة الشرسة للقوى الديمقراطية والتقدمية ارض الغربة تعالت أصوات الرفض الجماهيري والشعبي للخلاص من الدكتاتورية المقيتة ، فتحققت أمنيات وآمال شعبنا المجروح ،فجنى ثمار الحرمان والبؤس من نضاله المرير بزوال ذلك النظام البائد، فزرعت الأيام في دواخل الفقيد  رغبة جامحة وشوق عارم للعودة الى وطنه وقضاء ما تبقى من العمر بين حنايا الوطن العزيز وبلدته الحبيبة القوش موطن ذكرياته وملاذه الآمن ، لكن الموت أبى أن تتحقق تلك الأمنية فحال دون ذلك ....!  بأية كلمات أرثيك أيها الأخ الكبير..؟ وبأية مفردات أنعي فراقك الأبدي أيها الصديق القدير..؟ وكل ما املك في قاموسي  عاجز عن إيفائك ما تستحقه من الوصف ، خسارتك كبيرة أيها العزيز..كبيرة لكل من عرفك وانتعش بمعاشرتك ، خسرناك وخسرنا مجلسك الذي كان زاخرا بالنقاشات الفكرية الرائعة ، وخسرنا عمق انتماءك في ذاك الحب الذي كنت تخزنه في وجدانك وأعماقك لبيتك الكبير العراق .. غادرتنا يا جلال فأخذت معك تلك الابتسامة الزاهية والغنية بالأمل والتفاؤل وتلك الروحية الفائضة بالدعابة المهذبة اللطيفة تلك التي كنت تغدق بها على الجميع، انك لم تمت أيها المغادر الى الدروب المظلمة ،بل أنت حي كعبير الزهور الطرية التي تمنح الحب والحياة . وفي الأخير أتقدم من القوش بالتعازي القلبية الصادقة مشاطرا عائلة الفقيد خصوصا الأخت سلوى ( أم منار ) مشاعر الحزن العميق بفقدان العزيز جلال جلوشريك حياتها ورفيق دربها ،كما اعزي شقيقه عابد في بغداد وشقيقته الخالة جميلة في القوش واولاد اشقائه وشقيقاته وكافة عشيرة جلو على هذه الخسارة الفادحة  الذي برحيل العزيز الى رحاب الخالدين بعد أن صارع المرض اللعين أياما وسنين، تمنياتي لكم أعزائي بالمزيد من الصبر والسلوان على هذا المصاب الجلل وللراحل الغالي الذكر الطيب دائما وأبدا .

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.