اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مؤامرة رشيد عالي الكيلاني على ثورة 14 تموز// حامد الحمداني

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

      من الذاكرة

مؤامرة رشيد عالي الكيلاني على ثورة 14 تموز

وقائدها عبد الكريم قاسم

حامد الحمداني

31/3/2018

 

 رشيد عالي الكيلاني، رئيس وزراء سابق، ووزير مخضرم في العهد الملكي، حيث شغل العديد من المناصب الوزارية، ولعب دوراً كبيراً في تحريك العشائر لإسقاط العديد من الوزارات، والإتيان بغيرها، مستغلاً العشائرية والطائفية المقيتة.

 

 قاد الكيلاني في عام 1941 انقلاباً ضد حكومة [ياسين الهاشمي] بمعاونة قادة الجيش كل من العقداء الأربعة [صلاح الدين الصباغ ] و[ كامل شبيب ] و[محمود سلمان] و[فهمي سعيد] وشكل وزارة برئاسته، وعلى اثر ذلك هرب الوصي عبد الإله إلى القاعدة البريطانية في الشعيبة.

 لكن القوات البريطانية احتلت بغداد وأعادت الوصي عبد الإله إلى العرش من جديد، وهرب الكيلاني إلى خارج العراق، حيث تمكن من الوصول إلى المانيا، وبقي فيها إلى ما قبل سقوط برلين برعاية هتلر حيث هرب إلى سويسرا ومنها إلى السعودية، وأخيراً أستقر به المقام في مصر.

 وعندما قامت ثورة 14 تموز عام 1958، أصدرت حكومة الثورة قراراً بالعفو عنه، حيث كان قد حكم عليه بالإعدام، واعتبرت حركة أيار 1941 حركة وطنية، وأُعيد الاعتبار  لقادتها، وعليه فقد عاد رشيد عالي الكيلاني إلى العراق في الأول من أيلول 1958، بعد غياب دام 17 سنة مكرماً معززاً كأحد أبطال حركة مايس 1941، وقبل عودته قابل الرئيس عبد الناصر، وصرح بعد المقابلة أنه يشعر بوجوب إقامة الوحدة الفورية مع الجمهورية العربية المتحدة. قام عبد السلام عارف بزيارته في بيته، كما أستقبله عبد الكريم قاسم في مقره بوزارة الدفاع مرحباً به بوصفه قائداً لحركة أيار 941.

 

 لكن الكيلاني سرعان ما عاد إلى عادته القديمة ليشبع رغباته وشهوته للحكم ولم يمضِ على عودته سوي أيام قلائل حتى أصبح داره ملتقى لأصدقائه وأعوانه من الإقطاعيين والعديد من القوميين، وكان في مقدمة أولئك أبن أخيه[مبدر الكيلاني] والمحامي [عبد الرحيم الراوي] و[عبد الرضا سكر]، كما كان على علاقة وثيقة بسفارة الجمهورية العربية المتحدة.

فُوجئ الشعب العراقي في 8 كانون الثاني  1959 بإذاعة بيان من دار الإذاعة صادر من القائد العام للقوات المسلحة[عبد الكريم قاسم]جاء فيه : {أيها الشعب العراقي العظيم: بعون الله القدير، وبيقظة الشعب، تمّ اكتشاف مؤامرة خطيرة كان مقرراً لها أن تنفذ ليلة 8/9 لتعرض وحدة ومصير جمهوريتنا إلى الخطر وتشيع الفوضى والاضطراب في البلاد، وتهدد الأمن الداخلي، هذه المؤامرة هي من تدبير بعض العناصر الفاسدة  أُعدت بمساعدة الأجنبي من خارج البلاد، وإن الأدلة والأموال والأسلحة التي كانت ستستخدم لتنفيذ هذه المؤامرة قد تم وضع اليد عليها، كما أن الضالعين والمدبرين لها قد أُحيلوا إلى المحكمة العسكرية العليا الخاصة[محكمة الشعب] لمحاكمتهم بتهمة الخيانة والتآمر على الوطن. إننا ندعو الشعب إلى مزيد من اليقظة والحذر من أجل المحافظة على النظام العام، وإحباط الأعمال الدنيئة للعناصر المخربة في جمهوريتنا الخالدة }.

 

كما قام تلفزيون بغداد بعرض جانب من الأسلحة والأموال التي تم ضبطها مع المتآمرين، لكنه لم يوضح البيان بادئ الأمر طبيعة المؤامرة، ولا أسماء القائمين بها، ولا الدولة التي كانت وراءها، غير أن راديو بغداد ذكر في اليوم التالي أن الرجعية التي تضررت مصالحها سبب قانون الإصلاح الزراعي، والشعارات القومية المزيفة، كانت وراء تلك المؤامرة.

 

 وبعد أسابيع من صدور البيان، تبين أن رشيد عالي الكيلاني كان على رأس تلك المؤامرة التي ضمت زمرة من الإقطاعيين وعدد من الضباط المحسوبين على الجناح القومي، وكان من بين تلك الزمرة أبن أخيه [مبدر الكيلاني] والمحامي [عبد الرحيم الراوي] و[عبد الرضا سكر] بالإضافة إلى عدد من شيوخ العشائر، وعدد من الضباط، كان بينهم مدير الشرطة العام العقيد [طاهر يحيى] وآمر الكلية العسكرية العقيد [عبد اللطيف الدراجي] ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية العقيد [رفعت الحاج سري]، والزعيم الركن [عبد العزيز العقيلي]  قائد الفرقة الأولى في الديوانية، والعقيد الركن[عبد الغني الراوي] أمر الفوج الثالث من اللواء الخامس عشر بالبصرة وغيرهم من صغار الضباط.

 

 كما تبين للمحكمة أن رشيد عالي الكيلاني كان على اتصال وثيق بسفارة الجمهورية العربية المتحدة، وبشكل خاص مع رجال المخابرات والملحقين العسكريين [عبد المجيد فريد] و[ طلعت مرعي ] و[ محمد كبول ].

 

كان من المقرر أن تقوم الحركة الانقلابية بتدبير الفوضى والاضطراب، وذلك عن طريق قطع خطوط الهاتف، وإخراج القطارات عن سكتها، واعتراض البريد، ووضع العوارض في الطرقات، وركز الكيلاني على جهود حركته في مناطق العشائر، في جنوب العراق والفرات الأوسط، وعندما يتم لهم إثارة القلاقل والاضطرابات والبلبلة يتقدمون بطلب استقالة عبد الكريم قاسم مدعين أنه قد أوصل البلاد إلى الخراب والانقسام!!، وإذا رفض الاستقالة يتحرك الضباط المشاركون في المحاولة لإسقاطه بالقوة، وتشكيل حكومة جديدة برئاسة الكيلاني، ويعلن نفسه حاكماً عسكرياً عاماً، وقائماً بمهام رئيس الجمهورية.

كما كان مقرراً تأليف مجلس لقيادة الثورة مؤلفاً من 15 عضواً، وتقرر أيضاً فور نجاح المؤامرة تأليف وزارة جديدة، وإعلان انضمام العراق للجمهورية العربية المتحدة، كما خطط المتآمرون لإلغاء قانون الإصلاح الزراعي، والقيام بحملة لإبادة الشيوعيين وأنصارهم .

لقد هيأ الانقلابيون الأسلحة المهربة من العربية المتحدة[ القطر السوري] لكي توزع على مناصريهم حال بدء الحركة، كما أُعدت الطائرات العسكرية في سوريا لإسقاط التجهيزات العسكرية في أي منطقة من العراق يكون المتآمرون بحاجة إليها، كما تلقى الكيلاني مبالغ نقدية من السفارة المصرية لتوزيعها على شيوخ العشائر، عن طريق المصرف الوطني للتجارة والصناعة. 

عيّنَ المتآمرون ليلة 8/9 من كانون الأول 958 للشروع بالمؤامرة، لكن المخابرات العراقية استطاعت كشف المؤامرة قبل وقوعها، حيث تمكنت من الوصول إلى عبد الرحيم الراوي، ومبدر الكيلاني، واستطاعت نيل ثقتهما، وتمكنت من الوصول إلى كثير من أسرارها، وتسجيل أحاديث المتآمرين بكل تفاصيل المؤامرة.

 

مَثلُ كل من رشيد عالي الكيلاني و مبدر الكيلاني وعبد الرحيم الراوي أمام المحكمة العسكرية العليا الخاصة حيث جرت محاكمتهم ليلة 9/10 كانون الأول، وصدر الحكم على مبدر الكيلاني، وعبد الرحيم الراوي بالإعدام، ولم يثبت الاتهام ضد رشيد عالي الكيلاني، وتمت تبرئته من تهمة الاشتراك في المؤامرة.

غير أن المحكمة استدعته مرة أخرى يوم 15 كانون الأول بتهمة جديدة هي تحريض دولة أجنبية على القيام بأعمال عدوانية ضد العراق، بعد أن تقدم كل من[مبدر الكيلاني] و[عبد الرحيم الراوي] برسالة إلى رئيس المحكمة طالبين الحضور إلى المحكمة لتقديم إفادة جديدة عن دور[رشيد عالي الكيلاني] في المؤامرة، وقد استجابت المحكمة إلى طلبهما واستدعتهما للتحقيق من جديد، حيث تحدثا أمام الهيئة التحقيقية بالتفصيل عن دور رشيد عالي الكيلاني بالمؤامرة، وهكذا أصبح الاثنان شاهدا إثبات في قضية جديدة.

 

كما استقدمت المحكمة شهوداً آخرين كان من بينهم[عبد الرضا سكر]. وفي 17 كانون الأول صدر الحكم ضد رشيد عالي الكيلاني بالإعدام شنقاً حتى الموت.

لكن عبد الكريم قاسم لم يتخذ أي أجراء فعّال ضد الضباط المشاركين في المؤامرة، بل أكتفي باحتجازهم لفترة قصيرة ثم أفرج عنهم، وعين عدد منهم في مناصب مدنية، وشارك هؤلاء فيما بعد في اغتيال الثورة، وعبد الكريم قاسم نفسه، فقد كان لهم دور رئيسي في انقلاب 8 شباط 1963 وكان تصرف قاسم هذا يمثل أحد أخطائه الكبرى في مهادنته وتسامحه مع المتآمرين والعفو عنهم لكي يكرروا أفعالهم من جديد التآمر على الثورة وعليه هو بالذات.  

حرص قاسم على أن تجري المحاكمة في بادئ الأمر بصورة سرية، نظراً لعلاقة الجمهورية العربية المتحدة بها، لكي لا يجعل المحاكمة سبباً في زيادة التوتر بين البلدين، ولم ينبس عبد الكريم قاسم بكلمة واحدة بحق الرئيس عبد الناصر طوال مدة حكمه.

غير أن المحكمة ارتأت بعد افتضاح أمر[الكيلاني] واعترافات مبدر الكيلاني وعبد الرحيم الراوي أن تُجرى بصورة علنية، حيث افتضح دور العربية المتحدة في تلك المؤامرة.

 

 وعلى اثر ذلك تعرضت محكمة الشعب إلى حملة شعواء من العربية المتحدة، والعناصر القومية والقوى الرجعية وعملاء الإمبريالية، وشركات النفط، وشيوخ الإقطاع الذين تضررت مصالحهم من جراء قانون الإصلاح الزراعي، وجردوا من سلطانهم على ملايين الفلاحين، وفقدوا مراكزهم السياسية في البلاد.

 

 لكن مهما قيل عن [محكمة الشعب] ورئيسها الشهيد العقيد [ فاضل عباس المهداوي ] فأن تلك المحكمة كانت تمثل ضمير الشعب العراقي، فقد كانت تعقد جلساتها بصورة علنية، وتنقل للعالم على الهواء مباشرة عن طريق الإذاعة والتلفزيون، وتوكل المحامين للمتهمين، وتمنحهم حرية الدفاع عن أنفسهم واستدعاء شهود الدفاع.

 

 إن على الذين أدانوا و يدينوا محكمة الشعب ورئيسها الشهيد فاضل عباس المهداوي أن يحدثونا عن محاكم العهد الملكي، ومجالسه العرفية كمحكمة النعساني، ومحاكم انقلابيي 8 شباط 963 الفاشيين، وعن المحاكم الصدامية الذائعة الصيت، وجرائمها البشعة بحق الإنسانية التي أكدتها محاكمة المجرم عواد البندر رئيس ما كان  يسمى بمحكمة الثورة، والذي كان يصدر أحكام الإعدام بالجملة، ووصل به الأمر بمحاكمة العديد من المواطنين الذين كانوا قد استشهدوا في أقبية المخابرات تحت التعذيب الوحشي، والحكم بالإعدام على أطفال لم يتجاوزا الرابعة عشرة من العمر، وتنفيذ تلك الأحكام دون وازع من قانون ولا أخلاق ولا ضمير، فقد كانوا أولئك الحكام أدوات طيعة بيد الدكتاتور الأرعن صدام حسين الذي كان هو بالذات من يصدر الأحكام بالموت على المواطنين قبل أن تجري محاكمتهم الشكلية، ومن دون أن يكون لهم حق الدفاع الشخصي، ولا توكيل محامين للدفاع عنهم.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.