اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ألمكتبة

• في الاشتراكية العلمية، لا مجال لتوظيف الدين في الأمور الأيديولوجية، والسياسية - صفحة3

الاشتراكية العلمية، لا يمكن أن تكون منطلقاتها إلا علمية:.....1

وبيت القصيد، بالنسبة إلينا، هو المنهج الذي يعتمد في تحليل الواقع، في أبأبعاده الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من أجل الوصول إلى نتائج تعتمد في بناء نظرية عن الواقع، والعمل على تفعيلها، بواسطة حزب معين، من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف المحددة، التي من بينها الوصول إلى السلطة، من أجل تصريف البرنامج الحزبي، لتحقيق نظرية الحزب، والأهداف الحزبية، في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، الذي قد تستفيد منه الجماهير الشعبية الكادحة، وقد تتضرر منه.

فالحزب المؤدلج للدين الإسلامي، يعتمد المنطلقات الدينية / المثالية، التي يبني على أساسها منهجه المثالي، الذي يسميه هذا الحزب منهجا دينيا إسلاميا، للإيغال في تضليل الجماهير، التي تعتقد أن الحزب الإسلامي، جاء ليعيد الاعتبار للدين الإسلامي، ولا يدرون أن هذا الحزب أدلج الدين الإسلامي، من أجل أن يستغله في الأمور السياسية، حتى تتجيش الجماهير الشعبية وراءه، ويستقوي بها، ليصل إلى السلطة باسم الدين الإسلامي، إما ليدعم الاستبداد القائم، أو ليكرس استبدادا بديلا.

والجماهير الشعبية الكادحة، التي يومن أفرادها بالدين الإسلامي، والتي تعاني من الأمية، والفقر، وعدم وجود إلمام كاف لديها، حتى بالدين الإسلامي، الذي لا تعرف عنه إلا ما تسمعه من فقهاء المساجد، الذين يرددون ما هو مدون في الكتب الصفراء، أو في الكتب المؤدلجة للدين الإسلامي، أو من مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين تتحول مقارهم الحزبية إلى مساجد، ويعملون على تحويل مقرات المنظمات الجماهيرية إلى مساجد، وأكثر من هذا، فإنها تعمل على تحويل الشوارع إلى مساجد، بالإضافة إلى استغلالهم للمساجد التي لا يخلو منها حي، أو دوار، أو حتى دار في البادية، حيث يتخذ أفرادها مكانا ما، مسجدا.

ومشكل الجماهير الشعبية الكادحة، ونظرا لعدم معرفتها بحقيقة الدين الإسلامي، فإنها لا تستطيع أن تميز بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، بسبب التضليل الذي يمارسه المؤدلجون على المسلمين، وعدم التمييز بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي، يجعل الجماهير الشعبية تعتقد: أن ما يقوم به مؤدلجو الدين الإسلامي، هو الإسلام عينه، مع أنه ليس إلا تحريفا له.

والمنهج الديني / الإسلامي، بمنطلقاته الدينية / الإسلامية، كما يسميها مؤدلجو الدين الإسلامي، لا يمكن أن يسعى إلا إلى الاستغلال السياسي للدين الإسلامي، من أجل تجييش المسلمين وراءهم، في أفق الوصول إلى السلطة، والتحكم في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتوظيف كل ذلك، لصالح مؤدلجي الدين الإسلامي، بصيرورتهم حاكمين، يمسكون بيدهم كل شيء، لتبقى الجماهير الشعبية الكادحة غارقة في الويلات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تصير قدرا آتيا من عند الله، وكل من نهب أموال الشعب، فإن عليه أن يتوقف، ومن ضبط في عهدهم يمارس النهب، لا بد أن يحاسب، ولكن بمنطق مؤدلجي الدين الإسلامي، لا بمنطق دولة الحق، والقانون. وبالتالي، فإن ما يسميه مؤدلجو الدين الإسلامي، بالمنهج الإسلامي، بمنطلقاته الدينية / الإسلامية، وبالنتائج التي يتم التوصل إليها، وبالنظرية التي تنبني على تلك النتائج، وبتحويل النظرية إلى ممارسة في التعامل مع الواقع. كل ذلك لا يعدو أن يكون مثاليا، ولا علاقة له بالعلمية من قريب، أو بعيد، ولا يمكن أن يقف وراء تغيير الواقع تغييرا جذريا، ولا يمكن أن يصير وسيلة لتغيير ملكية وسائل الإنتاج، من الملكية الفردية، إلى الملكية الجماعية، كما لا يمكنه أن يقف وراء قيام الدولة المدنية الديمقراطية، كما لا يمكنه أن يسعى إلى تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، لأن منهجا مثاليا قائما على منطلقات دينية، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى تكريس الواقع، كما هو، لا كما يجب أن يكون، وبمنطلق غيبي، ورجعي، ومتخلف، لا ينتج إلا المزيد من التخلف، ليصير الحزب المؤدلج للدين الإسلامي، في واقعه، وفي منهجه، وفي أهدافه، وفي وصوله إلى السلطة، مسؤولا عن تكريس التخلف.

أما الحزب الإقطاعي، الذي يعتمد المنطلقات الخرافية، التي يحاول أن يعطيها بعدا دينيا، لتحقيق غايتين أساسيتين، من وراء توظيفه للخرافة، والدين، في منطلقاته الخرافية، ببعدها الديني:

الغاية الأولى: شغل أبناء الشعب بالفكر الخرافي، الذي يصير موضوع التداول، بين جميع أفراد الشعب المغربي، الذين يعملون على تفسير كل ما يجري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يصير بدوره محكوما بالفكر الخرافي.

والغاية الثانية: إعطاء الشرعية الدينية للإقطاع، الذي يصير متصرفا في كل شيء، وباسم الدين الإسلامي، وكأن الإقطاع مكلف من الله، بقهر أبناء الشعب، واستغلالهم باسمه، في العمل المضني في الأرض، لإنتاج المزيد من الخيرات الزراعية، والحيوانية، التي لا يستفيد منها المقهورون أي شيء، لكونها تذهب إلى جيب الإقطاعي، الذي لا يعترف بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، للعاملين في الأرض.

ولذلك، نجد أن اعتماد الإقطاع على المنطلقات الخرافية، بأبعادها الدينية، وباعتبارها منطلقات ميتافيزيقية / مثالية، يكرس العمل على أن يصير المنهج، كذلك، خرافيا، وإعمال المنهج هو إعمال خرافي، والنتائج المتوصل إليها، نتائج خرافية، والنظرية المبنية على تلك النتائج، لا تكون إلا خرافية، والممارسة المترتبة عنها، لا تكون إلا خرافية، من أجل تكريس الاستبداد الإقطاعي القائم، وقطع الطريق أمام إمكانية انبثاق فكر متنور، يؤدي إلى إلغاء النظام الإقطاعي، ليحل محله حكم متطور، منبثق عن تحول التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية الإقطاعية، إلى تشكيلة اقتصادية / اجتماعية رأسمالية.

وبالنسبة إلينا في المغرب، وبرجوعنا إلى مرحلة الاحتلال الأجنبي، نجد أن الإقطاع المغربي، جاء نتيجة لقيام هذا الاحتلال بانتزاع الأراضي من أصحابها الحقيقيين، وتسليمها إما إلى عملاء الاحتلال الأجنبي، الذين تحولوا، بفعل ذلك، إلى إقطاعيين، بدون أن يخوضوا أي شكل من أشكال الصراع، ليصيروا كذلك، وليشاركوا الاحتلال الأجنبي في حكم المغاربة، إلى جانب النظام المخزني، الذي وقف وراء مجيء هذا الاحتلال، وهو ما يعطينا أن الإقطاع المغربي دخيل على المجتمع المغربي؛ لأنه تكون، وصار واقعا قائما، بفعل الاحتلال المذكور، الذي يصير، كذلك، بمثابة الخرافة، التي يستند إليها الإقطاع، الصنيع للاحتلال الأجنبي، وإما إلى المعمرين الأجانب، الذين يصيرون امتدادا للبورجوازية الزراعية في البلد الأصلي للمحتل، والتي تعتبر منطلقاتها في التعامل مع الواقع مثالية.

ومعلوم أن المخلوق عندما لا يصير أصيلا، يصير مشوها في خلقته، وفي فكره، وفي ممارسته.

والإقطاع المغربي مخلوق مشوه، والتشوه في الخلقة، هو الذي يجعله يقبل أن يصير عميلا للأجنبي، مع أن الاحتلال الأجنبي، هو نظام بورجوازي، يعتمد منطلقات عقلية / مثالية، أكثر تطورا من المنطلقات الخرافية، التي يعتمدها الإقطاع، وعمالة الإقطاع المغربي للاحتلال الأجنبي، تجعله يعتمد هو بدوره منطلقات تمزج بين الخرافة، والدين، وبين العقل المثالي، لتبني منهجا مختلفا، للوصول إلى نتائج مختلفة، لبناء نظرية لا تنفي الإقطاع، كما لا تنفي التحالف مع النظام المخزني، وتؤهله، في نفس الوقت، لأن يتحول إلى بورجوازية، حتى يقطع الطريق أمام إمكانية قيام صراع بورجوازي، ضد الإقطاع المغربي، ليصير الإقطاع متحكما في مصير المغاربة، قبل الاحتلال، وبعده.

الاشتراكية العلمية، لا يمكن أن تكون منطلقاتها إلا علمية:.....2

والحزب البورجوازي، يعتمد منطلقات العقل المثالي، الذي لا نستطيع معرفة كنهه، لبناء منهج بورجوازي، مثالي، يقود، في دراسته للواقع، إلى الوصول إلى نتائج مثالية، تتحول إلى ممارسة بورجوازية في الحكم، واستغلال العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، من أجل مراكمة المزيد من الثروات، وحمايتها، وتوظيفها، للمزيد من الاستغلال الهمجي للمجتمع ككل.

والمنطلقات البورجوازية / المثالية، تهدف إلى جعل المجتمع، برمته، يعتمد تلك المنطلقات، في عملية التفكير الفردية، والجماعية، حتى ينشغل الجميع بتلك المنطلقات، لإعطاء الشرعية للنظام البورجوازي، وللاستغلال البورجوازي، ولتكون التطلعات الطبقية لدى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى يصير كل فرد يحلم بالتحول، إلى بورجوازي، ليختفي، بذلك، الصراع ضد الاستغلال البورجوازي، الذي يكتسب الطابع الأبدي، على مستوى الظاهر، الذي يخفي وراءه إمكانية قيام الصراع، ضد الاستغلال البورجوازي، في أية لحظة، متى توفرت شروط انبثاق ذلك الصراع.

وقد كانت المنطلقات البورجوازية في الأصل، متناقضة مع المنطلقات الخرافية / الدينية، إلا أنه وبعد بيان دور الدين، والخرافة، في حماية الاستغلال البورجوازي / الرأسمالي، تم التآخي بين المنطلقات البورجوازية، والمنطلقات الدينية، والمنطلقات الإقطاعية، لتصير جميعها في خدمة الاستغلال، المترتب عن اعتماد جميع المنطلقات. وهذا التآخي، هو الذي قاد إلى التحالف البورجوازي / الإقطاعي، ومع مؤدلجي الدين الإسلامي، في العديد من الدول، وعلى المستوى العالمي، خاصة وأن جميع أطراف التحالف، ضد المنطلقات المادية، وضد حزب الطبقة العاملة اليساري، وضد اليسار، وضد العمل على تحقيق الاشتراكية.

والمنطلقات التي يعتمدها الحزب البورجوازي، منطلقات عقلية / مثالية، غير علمية، لا يمكن أبدا أن تنتج، من خلال المناهج التي تبنى عليها، إلا نتائج مثالية، تعتمد في بناء نظريات مثالية، لا يمكن أن تنتج إلا ممارسات مثالية، لا تخدم إلا مصالح البورجوازية، أو التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف.

وبالنسبة إلينا في المغرب، يوجد الحزب، أو الأحزاب التي تعتمد منطلقات دينية / إسلامية، لبناء منهج ديني / إسلامي، للوصول إلى أدلجة الدين الإسلامي، وصولا إلى نتائج دينية / إسلامية، لإنتاج نظرية إسلامية، تصلح لبناء ممارسة دينية / إسلامية: أيديولوجية، وسياسية، وفي إطار الدولة التي يسمونها إسلامية، والتي تشرف على "تطبيق الشريعة الإسلامية"، كما يوجد الحزب، أو الأحزاب الإقطاعية المتبرجزة، التي تعتمد منطلقات خرافية / دينية / عقلية / مثالية، لبناء مناهج متعددة المنطلقات، لإنتاج نظرية مشوهة، لا هي بالإقطاعية الصرفة، ولا هي بالدينية / الإسلامية، ولا هي بالبورجوازية الصرفة، لإنتاج ممارسة مشوهة، ومشوشة، تعتمد لبناء دولة مشوهة، ومشوشة، مما يجعل هذا الحزب، أو الأحزاب الإقطاعية المتبرجزة، تساهم بشكل كبير، في تكريس تخلف المجتمع، وتعيق ذلك التخلف، كما يوجد الحزب البورجوازي المرتبط بالأصول الإقطاعية، الذي يعتمد بدوره منطلقات عقلية / مثالية / خرافية / دينية، تشد هذا الحزب، أو الأحزاب البورجوازية، إلى الأصول الإقطاعية، لإنتاج نظرية بورجوازية / إقطاعية، لا تقطع مع الأصول الإقطاعية، ولا تخلص إلى البورجوازية، بمفهومها الأوروبي، لبناء نظرية بورجوازية / إقطاعية، مشوهة إيديولوجيا، وسياسيا، لبناء دولة مشوهة، لا تخدم إلا مصالح التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف.

وسواء تعلق الأمر بالأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، أو بالحزب، أو الأحزاب الإقطاعية المتبرجزة، أو بالحزب، أو الأحزاب البورجوازية / الإقطاعية، فإن هذه الأحزاب جميعا تتميز ب:

أولا: كونها لا ديمقراطية، ولا شعبية.

ثانيا: كونها ترتبط بالمؤسسة المخزنية، وتتحالف معها، وتخضع لتعليماتها.

ثالثا: كونها ترتبط بالإملاءات الخارجية، المتعددة المصادر، وخاصة تلك الآتية من صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والمؤسسات المالية الدولية.

رابعا: كونها تصل إلى تحمل المسؤوليات التشريعية، والتنفيذية، عن طريق تزوير إرادة الشعب المغربي، الذي تنجزه الدولة المغربية، عبر وزارة الداخلية.

وبالنسبة للحزب اليساري، أو حزب الطبقة العاملة، فإن هذا الحزب، هو الحزب الوحيد الذي يعتمد منطلقات مادية / علمية، لإنتاج منهج علمي، يقود إلى نتائج علمية، تعتمد في بناء نظرية علمية، تنتج ممارسة أيديولوجية، وسياسية علمية، لبناء دولة اشتراكية / ديمقراطية / تقدمية / علمانية، تعمل على خدمة مصالح العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين. وهذه المنطلقات، هي التي تسمى بالمنطلقات الاشتراكية العلمية، التي تهدف إلى:

1) إيجاد أيديولوجية مؤسسة على الاقتناع بالاشتراكية العلمية.

2) بناء حزب يساري، أو حزب الطبقة العاملة، على أساس الاقتناع بالاشتراكية العلمية، كوسيلة، وكهدف.

3) أن يربط هذا الحزب، في نظريته، وفي ممارسته، بين التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

4) أن يحرص على تفعيل المنظمات الجماهيرية، التي تسعى إلى الارتباط بأوسع الجماهير.

5) تربية الجماهير على امتلاك الوعي بأوضاعها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

6) السعي إلى أن يصير جميع أفراد المجتمع، يمتلكون الوعي بحقوقهم المختلفة، والنضال من أجل التمتع بها.

7) إعداد الطبقة العاملة، بمفهومها التقليدي، أو بمفهومها الحديث، إلى لعب دورها، أيديولوجيا، وسياسيا، وفي إطار أحزاب اليسار، أو من خلال النقابات المبدئية، والمناضلة، ومع حلفائها من الأجراء، وسائر الكادحين، باعتبارها طليعة المجتمع.

8) عدم مهادنة الممارسة البيروقراطية، وكافة أشكال الانحراف، التي يعرفها العمل النقابي، والعمل الجماهيري، من خلال المنظمات النقابية، والجماهيرية، التي يجب الحرص على ديمقراطيتها، وتقدميتها، وجماهيريتها، واستقلاليتها، ووحدويتها، حتى تصير إطارات علمية، لتأطير الجماهير المعنية بكل تنظيم نقابي، أو جماهيري، وقيادة نضالاتها، في أفق تحقيق المطالب الجماهيرية، التي تشعر الجماهير بأهمية دورها، في تحقيق المطالب السياسية، ودورها في الحفاظ على مبدئية العمل النقابي، وعلى محاربة الممارسة البيروقراطية، وكافة أشكال التحريف.

والاشتراكية العلمية، التي هي أساس إيجاد أيديولوجية الحزب اليساري، أو العمالي، الذي يمكن أيضا أن يحمل اسم الحزب الثوري، هي اشتراكية ثورية، في نفس الوقت، لكونها تقوم على أساس التحليل الملموس، للواقع الملموس، عن طريق إعمال قوانين التحليل العلمي: المادية الجدلية، والمادية التاريخية، من أجل الوصول إلى رؤيا علمية، عن الواقع العيني المدروس، من أجل بناء نظرية علمية، تصلح للاعتماد في العمل على تحقيق التغيير الشامل: الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، لواقع معين، من أجل صيرورته في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.

والدين في التحليل الاشتراكي العلمي، أنى كان هذا الدين، يعتبر جزءا من الواقع المدروس، ومكون من المكونات الثقافية، وقوة مادية قائمة فيه، يمكن التعامل معها، كمعطى مادي، من جملة المعطيات المدروسة في واقع معين، حتى نستطيع معرفة الواقع، معرفة علمية، على مستوى الخصوصية، مما يغني النظرية المعتمدة في عملية التغيير.

والاشتراكية العلمية، ليست ضد الدين كمعتقد قائم في الواقع، مهما كان متعددا، ومهما كان الأفراد المومنون به؛ لأن الاعتقاد بأي دين، حق من حقوق الأفراد، يعبرون عنه بواسطة الطقوس التي يمارسونها، ولكن عندما يتحول الدين، على يد المؤدلجين، إلى تعبير أيديولوجي، وسياسي، فإنه يصير نقيضا للاشتراكية العلمية، التي تجد نفسها تخوض صراعا مريرا ضد الأيديولوجية الظلامية، القائمة على استغلال الدين أيديولوجيا، وسياسيا.

والاشتراكية العلمية، ليست، كذلك، ضد المعرفة الدينية، بشرط أن ترتبط تلك المعرفة بالمؤسسة الدينية، أنى كانت هذه المؤسسة، وأن تصير مؤسسات الدولة، وسيلة لنشر المعرفة الدينية، التي توجه طبيعة تلك المعرفة، لخدمة مصالحها، حتى يبقى الدين بعيدا عن التوظيف الأيديولوجي، والسياسي.

كما أن الاشتراكية العلمية، ليست ضد تمويل المؤسسات الدينية، إلا أن مصدر هذا التمويل، يجب تحديده، حتى يصير مشروعا، ومن أجل أن لا يصير فاقدا للمشروعية. ذلك، أن واقعا معينا، يعرف تعدد المعتقدات، ولكل معتقد مؤسساته، التي تمارس فيها الطقوس. والمفروض أن يمول المومنون بكل معتقد، المؤسسات التي يمارسون فيها طقوسهم الدينية، وأن لا تمول تلك المؤسسات من أموال الشعب، التي تدبرها الدولة، طبقا للقوانين المعمول بها؛ ولكن عندما لا يمول المومنون بمعتقد معين، المؤسسات التي يمارسون فيها طقوسهم الدينية، فإن ذلك يعني أن الدولة هي التي تقوم بعملية التمويل، من أموال الشعب. وهو ما ليس مشروعا في الاشتراكية العلمية.

فالعلاقة بين الاشتراكية العلمية، وبين المعتقد الديني، هي علاقة الكل بالجزء، وعلاقة المعتقدات الدينية بالاشتراكية العلمية، هي علاقة الجزء بالكل، والعلاقة القائمة بين الكل، والجزء، أو العكس، هي علاقة جدلية.

وانطلاقا مما رأيناه في الفقرات السابقة، فإن المنطلقات المعتبرة دينية، أو خرافية ـ دينية، أو منطلقات العقل المثالي، لا يمكن اعتبارها منطلقات علمية، لكونها تقف وراء بناء مناهج مثالية، تصير مصدرا لإنتاج ممارسة مثالية، تعتمد لبناء نظرية مثالية، تصير مصدرا لإنتاج ممارسة مثالية، تعمل على صياغة واقع مناسب، ومتناسب، مع المثالية الدينية، أو الخرافية، أو مع العقل المثالي. أما المنطلقات المادية، المعتمدة في إنتاج منهج مادي، توظف فيه قوانين المادية الجدلية، والمادية التاريخية، للوصول إلى نتائج مادية، توظف لإنتاج نظرية مادية عن الواقع، تقف وراء القيام بممارسة مادية، لا يمكن أن تكون إلا علمية. وعلميتها، هي التي تقف وراء العداء المطلق، الذي تكنه الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، والتي تسمي نفسها دينية، والأحزاب الإقطاعية المتبرجزة، والبورجوازية، ذات الأصول الإقطاعية، والبورجوازية، وحتى البورجوازية الصغرى، المريضة بالتطلعات الطبقية. والمنطلقات المادية، لا يزيدها ذلك العداء، إلا الإصرار على الاستمرار، والتطور، والتوسع، من أجل أن تعمل الأحزاب اليسارية، والتقدمية، والعمالية، التي تعتمد المنطلقات المادية العلمية، من أجل تغيير الواقع تغييرا جذريا، حتى يصير في خدمة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، بعد تغيير ملكية وسائل الإنتاج، من الملكية الفردية، إلى الملكية الجماعية، لتحقيق الاشتراكية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ويتم القضاء على كافة أشكال الاستغلال المادي، والمعنوي، التي لا تخدم إلا مصالح مؤدلجي الدين الإسلامي، ومصالح الإقطاع المتبرجز، ومصالح البورجوازية، والبورجوازية الصغرى.

ذلك أن منطق التاريخ، ومنطق التطور، ومنطق العلمية، يقود إلى العمل على وضع حد للاستغلال، الذي تعاني منه الغالبية المطلقة من البشرية، أما المنطلق الديني، والخرافي الديني، والعقلي المثالي اللا علمي، فلا يقود إلا إلى تكريس واقع الاستغلال المادي، والمعنوي، للغالبية المطلقة من البشرية.

للمتابعة على الصفحة الرابعة / انقر التالي ادناه

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.