اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ألمكتبة

• في الاشتراكية العلمية، لا مجال لتوظيف الدين في الأمور الأيديولوجية، والسياسية - صفحة5

الدين الإسلامي وتعدد التوظيفات الأيديولوجية:

لقد رأينا في الفقرة السابقة، أن الإيمان بدين معين، والقيام بالطقوس المتعلقة به، وكيفية، ومكان القيام بها، شأن فردي، وأن الإيمان بالدين، أي دين، يؤدي إلى التحرر من التبعية للبشر، من غير موضوع الإيمان، ورأينا، كذلك، أن الدين ينتج القيم الإنسانية، النبيلة، وأن أدلجة الدين، تقود إلى إنتاج قيم الاستبداد، والاستعباد، والاستغلال، وأن أي أدلجة للدين، لا يمكن أن تصير إلا تحريفا للدين، وتضليلا للمومنين به، حتى يصيروا في خدمة مؤدلجيه، الذين يعتبرونه مصدرا لقيام الدولة الدينية، التي تصير في خدمة الحكام، وأذنابهم من المؤدلجين، وكل المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي للمومنين بالدين، الذي تمت أدلجته.

وما رأيناه، يتعلق بأدلجة الدين بصفة عامة، أما أدلجة الدين الإسلامي، فإن أمرها يزداد فظاعة، بالنسبة لمجتمعات المسلمين.

والأصل في الدين الإسلامي، الذي اعتبر أكثر تطورا من الديانات السابقة عليه، والتي عرفتها البشرية في تاريخها العريق، أنه، كبقية الأديان، بعد ظهورها مباشرة، لم يكن مؤدلجا، وأنه كان، ولا زال، وسيبقى، مصدرا للقيم النبيلة، ذات الطابع الإنساني الصرف، وما ورد فيه من تشريعات، لها علاقة بتنظيم المجتمع بعد الهجرة، من مكة إلى المدينة، كان يجب التعامل معه، على أنه نسبي، وليس مطلقا، كما هو حاصل الآن؛ لأن الشروط الذاتية، والموضوعية، التي حكمت تلك التشريعات، غير قائمة الآن، والالتزام بتلك التشريعات، في ظل الشروط القائمة الآن، سواء كانت ذاتية، أو موضوعية، سوف يصير من المعيقات الأساسية، لتطور المسلمين، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ومن يقود الحملة، من أجل الالتزام بتلك التشريعات، ليس إلا تنظيمات طفيلية، تعمل على تكريس تخلف مجتمعات المسلمين، والمجتمعات البشرية، بموجب مباشرة فرض تلك التشريعات، تحت يافطة: "تطبيق الشريعة الإسلامية"، في ظل شروط مختلفة، عن الشروط التي كانت قائمة بعد الهجرة، من مكة إلى يثرب مباشرة، ولذلك فنسبيتها قائمة، كما يدل على ذلك ما صار يعرف بأسباب النزول، والناسخ، والمنسوخ، التي كان يتداولها المسلمون القدماء فيما بينهم، أكثر مما يتداولها من يسمون أنفسهم بعلماء المسلمين، في عصرنا هذا، حتى لا يقول من يعمل على فرض العمل بها، باسم "تطبيق الشريعة الإسلامية"؛ لأن من يعمل على ذلك، يعيش في التاريخ، وخارج الواقع الإنساني، المتحول باستمرار.

وانطلاقا من كون تشريعات الدين الإسلامي نسبية، وليست مطلقة، فإن القول بتاريخيتها، يصير علميا، حتى لا يطلب منا الالتزام بمنطوقها. وتاريخيتها تفرض على المسلمين التمييز بين الثابت، والمتحول في الدين الإسلامي، أو بين العقيدة التي تعتبر ثابتة، وبين الشريعة التي تعتبر متحولة، من زمن، إلى زمن، ومن مكان، إلى مكان، نظرا لاختلاف الشروط المتحولة باستمرار.

والالتزام بتطبيق تشريعات الدين الإسلامي، كما هي في ظل شروط مختلفة، ودون اعتبار لنسبيتها، ودون اعتبار، كذلك، للشروط المختلفة، قاد، ومنذ وفاة الرسول محمد بن عبد الله، إلى قيام العديد من التوجهات التي تتوالد باستمرار، بأدلجة الدين الإسلامي، بتحويل الدين الإسلامي، من دين، إلى أيديولوجية معبرة عن مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية. وتحويل الدين الإسلامي إلى أيديولوجية، هو الذي يقود تلك التوجهات، إلى تأسيس أحزاب سياسية، تصير مهمتها الأساسية، هي توظيف الدين الإسلامي، في الأمور الأيديولوجية، والسياسية، لتضليل الناس، وجعلهم يعتقدون: أن ذلك التوظيف الأيديولوجي، والسياسي، هو الإسلام الحقيقي، فينساقون وراء الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، التي تعتبر نفسها وصية على الدين الإسلامي، التي يدفع بها توظيفه، إلى الوصول إلى مراكز القرار، من أجل تصريف برامجها القاضية بتطبيق ما تسميه بالشريعة الإسلامية، وتوقيف القوانين، التي يسمونها قوانين وضعية، مما يقف وراء التراجع الخطير، الذي تعرفه المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، بحكم تطبيق الشريعة الإسلامية، التي تستبعد الشروط التي قامت فيها تلك الشريعة الإسلامية، باعتبارها هي المناسبة للمسلمين، أنى كان لونهم، أو جنسهم، أو لغتهم، أو عرقهم، أو التاريخ، أو المكان الذي يعيشون فيه؛ لأن المهم أن يعيش مسلمو هذا العصر، نفس الحياة التي عاشها أوائل المسلمين، بما فيها محاربة غير المسلمين، باسم الفتوحات الإسلامية، بدافع جمع الغنائم، وإرغام من يحرصون على المحافظة على دينهم، بدافع الجزية، لترتفع، بذلك، مداخيل الدولة الفاتحة، ومن أجل أن تتسع دائرة اقتصاد الريع، الذي يحصل عليه المنتمون إلى الدولة الفاتحة، والذي يخصص جزء منه لهذه الدولة، من أجل أن يتمتع الفاتحون، وتتمتع الدولة بالخيرات، التي تجمع، كغنائم، عن طريق الفتوحات.

ولذلك، نجد أن الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، تجد في تحريف الدين الإسلامي، ملاذا يمكنها من استغلال الدين الإسلامي: أيديولوجيا، وسياسيا، من أجل الوصول إلى مراكز القرار، لا لتطبيق الشريعة الإسلامية، التي يدغدغ بها مؤدلجو الدين الإسلامي عواطف المسلمين، بل لتحقيق تطلعاتهم الطبقية، التي تصير هدفا ساميا، بالنسبة لمؤدلجي الدين الإسلامي.

فأدلجة المؤدلجين للدين الإسلامي، هي تحريف للدين الإسلامي. ووصاية محرفي الدين الإسلامي عليه، هي، كذلك، مساهمة في تحريف الدين الإسلامي، وادعاء توكيل الله لهم بحماية الدين الإسلامي، كذب على الله؛ لأن الله لم يعد في حاجة إلى بعث رسل جدد، بعد موت الرسول محمد بن عبد الله، لكون رسالته آخر الرسالات، ولكون تلك الرسالة (القرءان) جاءت أكثر تطورا، من الرسالات السابقة عليه، لقدرتها على التلاؤم مع الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، المتحول، والمتطور باستمرار، باعتباره قابلا بتطوير مفاهيمه، من عصر، إلى عصر آخر، ومن بلد، إلى بلد آخر، وكل من يدعي أن الله أوكل إليه حماية الدين الإسلامي، ووصايته عليه، ليس إلا كذابا، ومحرفا للدين الإسلامي، وليس مسلما بالمعنى الدقيق للدين الإسلامي، أي أنه يمارس شيئا آخر، لا علاقة له لا بالإيمان، ولا بالإسلام. وهذا الشيء، هو الاشتغال على أدلجة الدين الإسلامي، من أجل توظيفه أيديولوجيا، وسياسيا. وتأسيس ما يسميه الإعلام بالأحزاب الدينية الإسلامية، على أساس أدلجة الدين الإسلامي، من أجل استغلاله سياسيا، لتحقيق هدفين أساسيين:

الهدف الأول: جعل المومنين بالدين الإسلامي، يعتقدون أن الحزب الإسلامي، هو حزب الله، وأن العاملين في ذلك الحزب، أوكل إليهم الله الوصاية على الدين الإسلامي، من أجل أن يتجيشوا وراءهم.

والهدف الثاني: استغلال المجيشين، من أجل دعمهم، والتصويت عليهم في الانتخابات، من أجل الوصول إلى مراكز القرار، ومن خلالها إلى الحكومة، حتى يتمكن محرفو الدين الإسلامي، من التقرير، والتنفيذ، بما يخدم مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، حتى يفرضوا سيادتهم على أرض الواقع، ليصيروا بذلك ممتلكين للواقع، في تجلياته المختلفة.

والمشكل القائم عندنا، ليس هو أدلجة الدين الإسلامي، وتأسيس الأحزاب التي يسمونها دينية / إسلامية، التي توظف الدين الإسلامي سياسيا؛ بل هو عدم قيام المومنين بالدين الإسلامي، بالتمييز بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي؛ لأن التمييز بينهما يقتضي معرفة:

أولا: أن الدين الإسلامي، لا يتجاوز الإيمان بالرسالة التي تلقاها الرسول محمد بن عبد الله، وبأن الرسول صادق فيما بلغه إلى الناس كافة.

ثانيا: أن الإيمان بالدين الإسلامي، شأن فردي، لا علاقة له بالآخرين، وأن ما يترتب عن ذلك الإيمان، كذلك، شأن فردي، نظرا لكونه لا يتجاوز علاقة الفرد بموضوع الإيمان.

ثالثا: أن الالتزام بمقتضيات رسالة الدين الإسلامي، يستهدف تحقيق الغايات، التي تخدم العلاقات العامة، في مجتمع المسلمين.

رابعا: أنه بموت الرسول محمد بن عبد الله، لم تعد العلاقة بالسماء قائمة، لعدم وجود الضرورة الداعية إلى ذلك.

خامسا: أنه لا يوجد ما يدل على أن من حق أي كان، أن يصير وصيا على الدين الإسلامي، وعلى المسلمين، مهما كان.

سادسا: أن كل من يقدم على استغلال الدين الإسلامي، أيديولوجيا، وسياسيا، ويفرض وصايته عليه، ليس إلا محرفا للدين الإسلامي، لكونه لا يأخذ منه إلا ما يخدم مصالحه، ليصدق عليه قول الله: "يومنون ببعض ويكفرون ببعض".

سابعا: أن لجوء محرفي الدين الإسلامي، إلى تكفير، وتلحيد من خالفهم الرأي، لا علاقة له بالدين الإسلامي في شيء.

ثامنا: أن التشريعات الواردة في النص الديني، هي تشريعات نسبية، وليست مطلقة، بدليل وجود الناسخ، والمنسوخ، وأسباب النزول.

تاسعا: أن الدين الإسلامي قابل للتلاؤم مع التحولات، التي تعرفها مجتمعات المسلمين، والمجتمعات البشرية، في الزمان، والمكان. وإلا، فما معنى أن يكون الدين الإسلامي صالحا لكل زمان، ومكان.

عاشرا: أنه في الدين الإسلامي، يجب التمييز بين العقيدة، التي تتخذ صفة الثبات، وبين الشريعة التي تتحول، باستمرار، من زمن، إلى زمن، ومن مكان، إلى مكان آخر، حتى وإن كانت بمرجعية النص الديني؛ لأنها من تقرير الشعوب المعنية بها، من خلال مؤسساتها التشريعية، التي تقتضي إصدار التشريعات المناسبة، والمتناسبة مع شروط الزمان، والمكان.

ولذلك نجد أنه على المومنين بالدين الإسلامي، أن يميزوا بين حقيقة الدين الإسلامي، وحقيقة أدلجة الدين الإسلامي، حتى يدركوا أن الدين الإسلامي ليس هو أدلجة الدين الإسلامي، وأن أدلجة الدين الإسلامي ليست هي الدين الإسلامي، وأن مؤدلجي الدين الإسلامي لا علاقة لهم بالدين الإسلامي، حتى وإن كانوا يتظاهرون بالالتزام بفرائضه، وواجباته؛ لأن ذلك لا يتم إلا لحاجة في نفس يعقوب.

ومن خلال ما رأيناه، يتبين أن الدين الإسلامي مباح لجميع مؤدلجي الدين الإسلامي، على اختلاف أجناسهم، وألوانهم، وتوجهاتهم، مما يجعل الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، تتعدد بتعدد الراغبين في ممارسة تلك الأدلجة، في كل زمن، وفي كل مكان، حتى صارت أدلجة الدين الإسلامي هاجس كل من يبحث عن الشهرة، على مر العصور، وهو ما يتناقض مع حقيقة الدين الإسلامي، الذي لا يكون إلا لله: "وان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا". أما المومنون بالدين الإسلامي، ف "أمرهم شورى بينهم"، كما جاء في القرءان، وما سوى ذلك، لا يمكن وضعه إلا في خانة استغلال الدين الإسلامي: أيديولوجيا، وسياسيا.

خلاصة عامة:

وهكذا، يتبين من خلال مناقشتنا لموضوع: (في الاشتراكية العلمية، لا مجال لتوظيف الدين في الأمور الأيديولوجية، والسياسية)، الذي تناولنا فيه مفهوم الاشتراكية، ومفهوم العلمية، والعلاقة بين الاشتراكية، والعلمية، والمنطلقات العلمية، واللا علمية، في تفكير الإنسان، وفي الاشتراكية العلمية لا يمكن أن تكون المنطلقات إلا علمية، والمنطلقات اللا علمية تاريخية، والمنطلقات العلمية واقعية، والدين والتوظيف الأيديولوجي، والسياسي، والدين الإسلامي، وتعدد التوظيفات الأيديولوجية، والسياسية؛ لأنه لا يوجد شيء في الاشتراكية العلمية، اسمه توظيف الدين، أو توظيف الدين الإسلامي، نظرا لكون توظيف الدين، أو الدين الإسلامي، يقتضي أن تصير منطلقات المنهج الاشتراكي العلمي، منطلقات دينية، والمنطلقات الدينية، منطلقات مثالية، والمنطلقات المثالية، منطلقات لا علمية، ليصير بذلك المنهج الاشتراكي، لا علمي، بسبب اعتماده منطلقات مثالية، تقود إلى نتائج غير علمية، تعتمد في بناء نظرية اشتراكية، غير علمية، وبالتالي، فإن أي اشتراكية، يمكن بناؤها، على أساس نظرية اشتراكية مثالية، لا يمكن أن تكون اشتراكية، بالمعنى الدقيق للاشتراكية، التي لا تبنى إلا على أساس نظرية اشتراكية علمية دقيقة، يمكن أن تتحقق على أرض الواقع، لتصير، بذلك، ملكية وسائل الإنتاج، ملكية اجتماعية، وليصير التوزيع العادل للثروة، قائما على أرض الواقع، ولتصير الدولة الاشتراكية، كدولة ديمقراطية / علمانية / تقدمية، وكدولة للحق، والقانون، قائمة، ومدبرة لأمور المجتمع الاشتراكي، الذي يساوي بين جميع أفراده، بقطع النظر عن جنسهم، أو معتقدهم، أو لونهم، أو عرقهم، أو لغتهم، مما لا يتناسب مع المجتمع الاشتراكي، الذي يتعامل مع جميع أفراده، على أساس المساواة فيما بينهم.

والاشتراكية العلمية عندما لا تعتمد المنطلقات الدينية، لمثاليتها، فإن ذلك لا يعني أنها تقف من الدين موقفا سلبيا، وكما رأينا، فإن الاشتراكية العلمية تحترم جميع المعتقدات الدينية، مهما تعددت، ما دامت تعتبر شأنا فرديا، وما لم تتم أدلجتها، لتستغل أيديولوجيا، وسياسيا، بل إن الاشتراكية العلمية، تعتبر المعتقدات الدينية، القائمة في الواقع، بما فيها الدين الإسلامي، قوة مادية، قائمة في الواقع، لا يمكن تجاوزها، بل لابد من اعتبارها في التحليل الاشتراكي العلمي، ولا بد من استحضار أهمية القيم الإنسانية النبيلة، التي يتحلى بها المومنون بتلك المعتقدات، ودور تلك القيم الإنسانية النبيلة، في مد الجسور، من أجل مرور الوعي الاشتراكي العلمي، والوعي الطبقي، إلى حاملي تلك المعتقدات، الذين سوف يلعبون دورا كبيرا، وأساسيا، في تفعيل عملية التغيير، في المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، في أفق قيام الدولة الاشتراكية، راعية القيم الإنسانية النبيلة، الناجمة عن تحويل الملكية الفردية لوسائل الإنتاج، إلى الملكية الجماعية، وعن التوزيع العادل للثروة، وبناء المجتمع الاشتراكي الإنساني.

والاشتراكية العلمية كمنهج علمي، للتحليل الملموس، للواقع الملموس، وكهدف، هي التي تميز في موقفها بين مصالح الطبقة المؤدلجة للدين، والتي تنتمي إلى الطبقة الوسطى، التي تعمل على تضليل جميع أفراد المجتمع، الذين لا يميزون بين الدين كمعتقد، وكشأن فردي، ينظم العلاقة بين الفرد، كل فرد، وبين موضوع الإيمان، وما يترتب عن ذلك من طقوس دينية، تختلف باختلاف الأديان، وبين أدلجة الدين، التي تحول الدين من مجرد معتقد، يهم الأفراد، إلى تعبير أيديولوجي، عن مصالح الطبقة المؤدلجة للدين، التي تنتمي إلى الطبقة الوسطى، التي تعمل على تضليل جميع أفراد المجتمع، الذي يصير بذلك التضليل متوهما، أن أدلجة الدين، أي دين، هي الدين نفسه.

والمشكلة القائمة عندنا في كل بلاد المسلمين، بما فيها البلاد العربية: أن المومنين بالدين الإسلامي، لا يميزون بين حقيقة هذا الدين، وبين أدلجته، التي يتقنها مؤدلجوه، الذين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم، ولا من خلفهم، ويعتبرون تأويلاتهم التي تنجز لخدمة مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بمثابة قرءان منزل عليهم، لا يحتمل الصدق، أو الكذب، كما يقول البلاغيون، وكل من خالف تلك التأويلات، فهو كافر، أو ملحد، يجب الحكم بتصفيته جسديا، والتصفية الجسدية، هي الإرهاب عينه، الذي يتجنب المومنون بالدين الإسلامي، أن يصيبهم، كما أصاب الشهيد عمر بنجلون، وفرج فودة، ومهدي عامل، وحسين مروة، ممن كانوا يواجهون فكريا، وعلميا، خطر أدلجة الدين الإسلامي، وكما يصيب العشرات، والمئات، من أبناء شعوب المسلمين، وخاصة في العراق، ولبنان، والجزائر، والمغرب، والباكستان، وأفغانستان، ومصر، وغيرها من بلاد المسلمين، حيث تستفحل أمور أدلجة الدين الإسلامي، وحيث يصاب مؤدلجو الدين الإسلامي بالهيستيريا، فيشرعون في قتل كل من خالفهم الرأي، يمينا، وشمالا، ويخططون لذلك على المدى القريب، والمتوسط، والبعيد.

وانطلاقا من هذا الواقع، الذي يعيش فيه مؤدلجوا الدين الإسلامي فسادا دينيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، على أساس التحريف الذي يلحقونه بالدين الإسلامي، نرى ضرورة تحمل اليسار، لمسؤوليته، في الدعوة إلى ضرورة التمييز بين الدين، كمعتقد لا يهم إلا الأفراد، في علاقتهم بموضوع الإيمان، مع اعتبار التشريعات الواردة في النص الديني، ذات طابع تاريخي، وبين أدلجة الدين، التي تستهدف تحويل الدين إلى أيديولوجية، لخدمة مصالح المؤدلجين، بما في ذلك أدلجة الدين الإسلامي.

ومعلوم أن قوة اليسار، تتجسد في صموده، وفي سعيه المستمر، من أجل تحقيق أهدافه المتمثلة في التحرير، والديمقراطية، والاشتراكية.

ومن بين مظاهر التحرير، التي يجب العمل على تحقيقها، تحرير الدين الإسلامي من الأدلجة، والعمل على فرض احترامه، باعتباره معتقدا للمسلمين، بعدم اللجوء إلى أدلجته، كما هو حاصل في جميع بلدان المسلمين.

فهل يعمل اليساريون، والاشتراكيون العلميون، على التمييز على التمييز بين الدين الإسلامي، وبين أدلجة الدين الإسلامي؟

وهل يسعون إلى حماية الدين الإسلامي من الأدلجة؟

وهل يتجنبون، بذلك، الظهور بمظهر معاداة الدين الإسلامي؟

وهل يعتبرون الإيمان بالدين الإسلامي، قوة مادية قائمة في الواقع؟

إن أمل الشعوب دائما، كان في اليسار، وإن الأمل في تحرير الدين من الأدلجة، يجب أن يصير من مهام اليسار.

محمد الحنفي

ابن جرير في 16 / 2 / 2012

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.