اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

ألمكتبة

الإسلام / الماركسية: علاقة الالتقاء والاختلاف// محمد الحنفي - 3

 

أما دور الماركسية فيمكن اختصاره في :

1) الكشف عن بشاعة النظام الرأسمالي الذي لا يهتم إلا بتوسيع هامش الربح على حساب العمال بصفة خاصة، و سائر الكادحين بصفة عامة. و هو ما يؤدي إلى انتشار الأمراض الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية التي تكشف عن بشاعة هذا النظام سواء تعلق الأمر بالمركز أو بالأطراف حسب تعبير سمير أمين.

فانتشار الأمراض المختلفة في المجتمعات المحكومة بالنظام الرأسمالي المؤدي إلى تكريس المزيد من الاستغلال الذي كان يعتبر قبل ظهور الماركسية قدرا من عند الله لا مفر منه، و لا يمكن للعمال و الفلاحين و سائر الكادحين إلا الإذعان له حتى لا يعتبرون مخالفين لارادة الله، فيؤدي ذلك إلى اتخاذ الإجراءات القمعية المختلفة التي تباركها المؤسسة الدينية التي تخدم مصالح المتنبئين الجدد في جميع الديانات.

و قد بينت الماركسية بشأن الاستغلال الاقتصادي بواسطة اكتشاف قانون القيمة و فائض القيمة التي تبين حجم الأرباح التي تذهب إلى جيوب المستغلين، و مدى الحرمان الذي يعاني منه العمال الكادحون.

2) و نظرا لكون البورجوازية في النظام الرأسمالي هي المستفيد الأول، فإنها تسخر كل إمكانياتها المادية و السلطوية لتعميق استغلال العمال الذي لا يزيد المجتمع إلا بؤسا، و يرفع البورجوازية إلى مستوى التخمة.

فشراهة هذه الطبقة البورجوازية المستغلة تدفعها إلى توظيف الأجهزة الإدارية و القضائية و التشريعية لتكريس قمع العمال لجعلهم يذعنون للاستغلال الاقتصادي، و تعرضهم للطرد و التشريد و المحاكمات في حالة مطالبتهم بحقوقهم الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و رفع شعار "دعه يعمل دعه يمر" الليبرالي لا يهدف إلا إلى فرض الاستغلال الذي يعتبر تعبيرا عن "ذكاء" البورجوازية، و هو ذكاء يشبه إلى حد كبير ذكاء الحيوانات المفترسة في الغابة. و لذلك فهي توظفه لجعل كل الأجهزة القمعية في خدمة مصالحها الطبقية التي لا حدود لها ابتداء بالسلطة التنفيذية، و مرورا بالسلطة التشريعية و انتهاء بالسلطة القضائية، فكل السلط تكون في خدمة البورجوازية و مؤسساتها الاستغلالية المختلفة منذ قيام الثورة الفرنسية إلى يومنا هذا.

3) الكشف عن التناقضات القائمة بين شعارات البورجوازية و ممارستها، ففي الوقت الذي يدعي فيه البورجوازيون أن نظامهم الرأسمالي يحترم حقوق الإنسان، نجد هؤلاء البورجوازيين أول من ينتهك الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية لتناقض تلك الحقوق مع مصالحهم الطبقية، فيعاني العمال  في ظل النظام الرأسمالي من كافة أشكال الجهل و المرض، و الفقر، و الاستعباد، و لم يتمكن العمال من ضمان التمتع ببعض الحقوق إلا بعد كفاحات مريرة، و تقديم تضحيات كبيرة، كما انه في الوقت الذي يدعي فيه النظام الرأسمالي انه جاء ليحقق الحرية نجد أن هذه الحرية لا تتجاوز مجرد إطلاق يد الرأسماليين في الاستغلال البشع للكادحين وفق قاعدة "دعه يعمل دعم يمر".

و الماركسية عندما تكشف عن التناقضات القائمة بين القول و العمل، و بين النظرية و الممارسة في النظام الرأسمالي تكون قد قدمت إنجازا عظيما في التاريخ البشري. و هي بذلك لا تتوانى عن تعميق التناقضات من اجل تأزيم النظام الرأسمالي وصولا إلى إقناع الطبقة العاملة، و حلفائها و سائر الكادحين بعدم نجاعة هذا النظام، و النضال من اجل تحقيق النظام البديل.

4) تحسيس الطبقة العاملة بأهميتها في عملية الإنتاج نظرا لأن التضليل الذي يقوم به البورجوازيون يجعل الشغيلة تعتقد أن عملها هو منحة من البورجوازية، و ليس ضرورة موضوعية كما هو سائد في العديد من مناطق العالم. و دور الماركسية يكمن في إزالة الغشاوة عن أعين الطبقة العاملة، و جعلها تدرك أهمية عملها و ضرورته في عملية الإنتاج، و انه لا يكون هناك إنتاج بدون ذلك العمل.

و إن أهم ما يجعل البورجوازية تزداد استفادة في النظام الرأسمالي هو التضليل الأيديولوجي المسلط على الطبقة العاملة، و سائر الكادحين من اجل تأبيد النظام الرأسمالي، و الاستماتة في خدمته لتأبيد سيطرته. و أهم ما قامت به الماركسية هو الكشف عن ذلك التضليل الإيديولوجي و تشريحه و الكشف عن تناقضاته، و أثره على الطبقة العاملة، و سائر الكادحين و بيان خطورته على مستقبلهم، و وضع أيديولوجية بديل تجعل الطبقة العاملة و حلفاءها يمتلكون وعيهم الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي باعتبار ذلك الوعي مدخلا لممارسة الصراع الحقيقي ضد البورجوازية، و ضد النظام الرأسمالي في جميع طبعات المركز و المحيط.

5) و للوصول إلى ذلك لابد من قيام الماركسية بنقض الفكر الرأسمالي و تأسيس فكر الطبقة العاملة، و هو أهم ما أنجزته الماركسية بامتياز و لازالت تقوم به. فمن استفادتها من الإبداعات العلمية المتطورة، و من الفلسفة البورجوازية نفسها قامت الماركسية بوضع منهج للتحليل و التفكير يمكنها من دراسة التناقضات القائمة في الأنظمة الاقتصادية ما قبل الرأسمالية، و انتهاء بالنظام الرأسمالي وصولا إلى الكشف عن قوانين تطور المجتمع و انتقاله من نظام اقتصادي إلى نظام اقتصادي أعلى وصولا إلى النظام الاشتراكي الذي تسود في إطاره العدالة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية.

فنقض الفكر الرأسمالي يعتبر حجر الأساس الذي قامت عليه الماركسية لأنه لولا ظهور الرأسمالية ما كان هناك فكر رأسمالي و ما وجد من ينتقد ذلك الفكر، و ينقضه، و مادام الأمر كذلك فعملية النقض تلك تعتبر ضرورة  تاريخية بامتياز تلازم الرأسمالية و تتطور بتطورها، إلى أن تقضي عليها. و هذا التلازم الذي بدخل ضمن ضرورة الرأسمالية و الماركسية سيكون محكوما بالاستفادة المتبادلة من التطور الذي يحصل في بنية النظام الرأسمالي، و من الإبداعات الماركسية في نفس الوقت، و لكنها الاستفادة المحكومة بقانون النفي، و هو ما يثبت بطلان مقولة نهاية التاريخ التي ابدعتها الرأسمالية في تجددها بسبب استفادتها من الأزمة التي يعيشها النظام الاشتراكي. و انهيار ما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي كقلعة للاشتراكية، لتعتبر أن النظام الرأسمالي سيبقى قائما و إلى الأبد. و لولا تصدي الماركسية لهذا النوع من الفكر لأصبحت تلك النظرية كتقليعة رأسمالية جديدة بمثابة قرآن منزل من السماء. و لكنها الماركسية بمنهجها الاشتراكي العلمي تصدت لهذه النظرية، و كشفت عن بطلانها و ستنقض كل نظرية رأسمالية كيفما كانت قوتها و عليها فقط أن تجدد نفسها كما تجدد الرأسمالية نفسها.

6) و لتحقيق ذلك التجدد لابد من دور آخر للماركسية يكمن في الاستفادة من العلوم، و تطور تلك العلوم لصالح تطور و تطوير قوانين الاشتراكية العلمية درءا للجمود الذي أصابها و جعلها عاجزة مرحليا عن الكشف عن التناقضات التي لازمت تطور النظام الرأسمالي في جميع المجالات.

فاستفادة الماركسية من تطور العلوم يدخل في سيرورتها و صيرورتها، و يعتبر خاصية أساسية ملازمة لها لاعتبار واحد و هو أن الماركسية تومن بأن لا شيء ثابت في الوجود المادي، و مادامت كذلك فإن الماركسية نفسها تتطور و إلا فإنها ستصاب بالجمود الذي أدى إلى تحلل نظامها و انهياره فيما كان يعرف بالاتحاد السوفياتي الذي كان محكوما بما عرف بالجمود "العقائدي" الذي جعل الماركسية و الاشتراكية غلافا لصعود طبقة انقضت على النظام الاشتراكي، و حولته إلى نظام رأسمالي هجين يعاني من مختلف الأمراض الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و ما وقع في الاتحاد السوفياتي يعتبر اكبر دليل على ضرورة تجدد الماركسية من خلال تعامل الماركسيين معها على أنها تتجدد باستمرار، و أن حياتها في تجددها، و أنها لا تعيش و لا تستمر إلا باستفادتها من تطور العلوم و الآداب و المعارف المختلفة لمواجهة التحديات الكبرى التي تطرح أمامها و خاصة عندما يتعلق الأمر بتحديات العولمة التي تفرض إعادة النظر في المقولات الماركسية التقليدية، و العمل على تطور قوانين التحليل العلمي للماركسية التي تحولت في مرحلة الجمود العقائدي إلى كتاب مقدس يستظهره الماركسيون كما يستظهر أهل الكتاب كتبهم كتعبير عن الانتماء إلى الماركسية بينما نجد أن الممارسة تتناقض مع المقولات الجاهزة نفسها.

7) و أهم دور قامت به الماركسية هو الكشف و لأول مرة في التاريخ البشري عن تمرحل التاريخ، لأنها هي وحدها، و بعد الدراسة المعمقة للتاريخ، و قف مؤسسا الماركسية على تحديد المراحل التاريخية الكبرى عن طريق تطبيق قوانين الدياليكتيك المادي على التاريخ البشري ليجد أن هذا التاريخ مر بمراحل المشاعة و العبودية و الإقطاع و الرأسمالية و الاشتراكية و يهدف إلى الوصول إلى المرحلة الشيوعية التي ينتفي فيها وجود أجهزة الدولة التي يفتقد  مبرر وجودها، و ذلك على مستوى التاريخ الأوربي على الأقل. و يمكن أن تختلف مراحل التاريخ البشري عن ذلك في مناطق أخرى إلا أننا مع ذلك الاختلاف سنجد تقاربا في التمرحل، لو وجد من يقوم بالدراسة الهادفة و المتأنية لتاريخ آسيا و إفريقيا و أمريكا إذا تم احترام توظيف القوانين الاشتراكية العلمية، لنقف على مراحل تطور كل قارة على حدة و كل قطر من تلك القارة إلا أن التحريف الذي يلحق الماركسية ادخل الماركسية و الماركسيين في متاهات التحليل الذي يفتقر إلى العملية رغبة في التشويش و سعيا إلى خدمة الطبقات المستفيدة من الأوضاع الاستغلالية القائمة، و تماشيا مع الطبيعة الانتهازية للبورجوازية الصغرى التي تقود عملية ذلك التحريف تجسيدا لنزعتها الانتهازية، و هو ما قاد إلى ظهور اتجاهات لا تحمل من الماركسية إلا الاسم، و تهدف في معظمها إلى التشويش على الماركسية. و لذلك و حتى تلعب الماركسية دورها في القراءة العلمية للتاريخ البشري على المستوى العام، و على المستوى الخاص، لابد من إعادة الاعتبار إلى الماركسية كعلم، و كمنهج و كهدف، بإعادة قراءتها في تطورها  قراءة علمية من اجل الوقوف على جوانب التحريف التي لحقتها منذ ظهورها إلى يومنا هذا و بواسطة القوانين العلمية التي أبدعتها الماركسية نفسها لتمكين الماركسيين من استحضار الدور الرائد للتحليل الماركسي في الكشف عن التطور الذي حصل في واقع معين، و القوانين التي تحكمت فيه، وصولا إلى توظيف كل ذلك في عملية التغيير الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي التي أصبحت تراوح مكانها بسبب غياب التحليل العلمي الماركسي.

و ما يدعيه بعض المحللين من أن الماركسية أصبحت متجاوزة يدخل في إطار التحريف الذي ذكرنا، خدمة للرأسمالية التي تسعى بكل الوسائل إلى تأبيد سيطرتها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و موظفة في سبيل ذلك كل الوسائل بما فيها الدفع باتجاهات ماركسوية للتشويش على الماركسية، و باسم الماركسية. كما تدفع باتجاهات اسلاموية معينة للتشويش على حقيقة الإسلام، و باسم الإسلام خدمة للرأسمالية التي افتعلت عن طريق ذلك التوظيف المشبوه صراعا مريرا بين الإسلام و الماركسية. و كأن الرأسمالية تحترم الإسلام و تعتبر جزءا منه في الوقت الذي نجد فيه أن الاستغلال الرأسمالي يتنافى مع العدالة التي دعا إليها الإسلام، تلك العدالة التي لا تتحقق إلا في الآفاق التي تسعى الماركسية إلى تحقيقها.

8) و للوصول إلى تصحيح مسار الماركسية العلمي، تكشف الماركسية الدور الذي يلعبه التنظيم بصفة عامة، و التنظيم الحزبي بصفة خاصة، و الذي يهمنا منه هو تأسيس حزب الطبقة العاملة الذي يتبنى الاشتراكية العلمية كأيديولوجية للطبقة العاملة بناء على أن هذا الحزب هو الذي يعمل على :

أ- نشر الوعي العلمي في المجتمع ككل، باعتبار ذلك الوعي دورا رائدا في تنوير جميع أفراد المجتمع عن طريق إزاحة الفكر الخرافي و الممارسة الخرافية من الواقع الذي يتحرك فيه حزب الطبقة العاملة.

ب- بث الوعي الطبقي في صفوف الطبقة العاملة بصفة خاصة باعتبارها المحرك الرئيسي لدائرة الإنتاج، و في صفوف الكادحين بصفة عامة حتى يدركوا بعمق مصلحتهم الطبقية التي تستلزم وحدتهم و نضالهم من اجل حمايتها و الدفاع عنها. و التناقض القائم بينها و بين المصالح الطبقية للمستغلين سواء كانوا مالكين لوسائل الإنتاج أو منظمين لعملية الإنتاج.

ج- الدفع بالطبقة العاملة و سائر الكادحين إلى الانتظام في مختلف التنظيمات الجماهيرية، و خاصة النقابية و الشبابية من اجل العمل على تحسين الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية للجماهير الشعبية الكادحة، و تحسيسها بدور التنظيم في نسج لحمة الوحدة بين الكادحين.

د- العمل على تفعيل التنظيم السياسي الخاص بالطبقة العاملة و سائر الكادحين لتحقيق الأهداف المرحلية و المتجسدة في التحرير و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية و الأهداف الاستراتيجية المتمثلة في القضاء على أسس الاستغلال المادي و المعنوي و بناء المجتمع الاشتراكي الذي تؤول فيه ملكية وسائل الإنتاج إلى المجتمع ككل.

ه- المحافظة على الوحدة الأيديولوجية و التنظيمية و السياسية للطبقة العاملة، تلك الوحدة التي تعتبر أساسية و ضرورية للمحافظة على وجود وعي طبقي حقيقي في صفوف الطبقة العاملة و حلفائها و إتاحة الفرصة أمام استفادة الشغيلة من التطور الذي يحصل في المعرفة الفلسفية، و في العلوم و التقنيات من اجل تجديد الفكر و تطوير الممارسة.

9) و حزب الطبقة العاملة هو وحده القادر على قيادة تحالف الكادحين في الاتجاه الصحيح من اجل:

أ- تشريح الاختيارات الرأسمالية أو الرأسمالية التبعية من اجل الكشف عن تناقض تلك الاختيارات مع مصالح الطبقة العاملة، الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية إلى جانب حلفائها الكادحين و بيان مدى عمق الاستغلال الذي يستهدف العمال و سائر الكادحين في إطارها من اجل امتلاك الوعي و بضرورة نقضها و العمل على مناهضتها.

ب- المساهمة في تفعيل النضال الديمقراطي في جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية سعيا إلى فرض ديمقراطية حقيقية من الشعب و إلى الشعب.

ج- جعل الجماهير الشعبية الكادحة تملك وعيها الطبقي لتلتحم فيما بينها و تسعى إلى احترام حقوقها، و فرض احترام تلك الحقوق على المسؤولين و على الطبقة الحاكمة.

د-جعلها تلتحق بالتنظيمات المختلفة النقابية و الجمعوية و الحقوقية من اجل التمرس على وضع الملفات المطلبية و النضال من اجل تحقيق تلك المطالب و بالوسائل المشروعة.

ه- تهيئها لاستيعاب أيديولوجية الطبقة العاملة المعبرة عن مصلحة الكادحين الطبقية، و توظيف تلك الأيديولوجية لمناهضة الأيديولوجيات الإقطاعية و البورجوازيات الإقطاعية و البورجوازية و البورجوازية الصغرى.

و- إعدادها لتبني الموقف السياسي لحزب الطبقة العاملة من مختلف القضايا الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية و الدفاع عن ذلك الموقف و الترويج له، و توظيفه لمناهضة مواقف الأحزاب ذات الطابع الإقطاعي و البورجوازي، و البورجوازي الصغير.

ز- الدفع بها في اتجاه الالتحاق بحزب الطبقة العاملة و تعضيده و توطيد صفوفه، و جعله سائدا في الواقع الذي يتحرك فيه حتى يستطيع القدرة على التأثير في الحياة العامة، و في الحياة السياسية و يلعب دوره في جعل الكادحين يقودون عملية التغيير الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي.

ح- و بذلك يكون حزب الطبقة العاملة هو المعبر الفعلي عن إرادة الكادحين، و هو القادر وحده على التوجيه السليم في صفوفهم و الساعي إلى جعلهم حريصين على التحلي بإرادة التغيير الفعلي.

10) و تعمل الماركسية بمنهجها العلمي الدقيق و المتطور على نقض المنطلقات المثالية، و بيان دورها في تكريس تضليل الكادحين و طليعتهم الطبقة العاملة. و نقصد هنا بالمنطلقات المثالية ما يعتمد في تحليل الظواهر الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية مما لا علاقة له بتجليات الواقع الذي يزخر بتلك الظواهر حتى و إن كانت تلك المنطلقات مادية صرفة لأن التحليل الملموس للواقع الملموس يقتضي الانطلاق من معطيات ملموسة لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بتكون الظاهرة. و  معطيات من هذا النوع لا تكون إلا مادية، و تحليل من هذا النوع سيجنب المحلل الماركسي الوقوع في عملية الإسقاط أو قياس واقع على واقع مخالف، أو نقيض كما ساد في العديد من الأنظمة التي كانت تدعي الاشتراكية أو داخل العديد من الأحزاب التي تدعي تبني الاشتراكية، و النضال من اجلها.

و من المثالية اعتماد نتائج تحليل لنين للواقع الذي عاش فيه لتحليل واقع آخر أو لتطبيق نتائج تحليل لنين على ذلك الواقع الذي يختلف جملة و تفصيلا عن واقع لنين.

و من المثالية الاستهانة بالعلم و نتائجه و اعتماد المنطلقات الخرافية لتحليل الواقع و محاولة فهمه اعتمادا على الفكر الخرافي السائد، ليتحول الواقع بذلك إلى مجرد ظواهر خرافية تقف وراءها كائنات خرافية لا قدرة للبشر على إدراكها.

كما انه من المثالية محاولة فهم الواقع انطلاقا من القناعة الدينية و الفكر الديني فكأن العقائد جاءت لتعطي تفسيرات أبدية للواقع في الوقت الذي يعرف الواقع حركة أبدية متغيرة و متطورة على مستوى الطبيعة و الاقتصاد و الاجتماع و الثقافة و السياسة، و هو ما يقتضي اخذ تلك الحركة بعين الاعتبار بدل اعتماد نظرة الثبات إليها. فالقناعة الدينية تستهدف منظومة القيم الأخلاقية من اجل صقلها و جعلها تسير في اتجاه تحقيق كرامة الإنسان. و هذا الاستهداف لا يمكن أن يكون منطلقا للبحث العلمي الدقيق، و الكشف عن القوانين المتحكمة في الظواهر و عدم اعتماد القناعة الدينية في التحليل العلمي لا يمكن أبدا أن يتناقض مع القناعة الدينية لاعتبارات نذكر منها :

أ- أن العقيدة تتخذ صفة الثبات، و البحث العلمي يتخذ صفة التحول بسبب التطور الذي يعرفه الواقع على جميع المستويات.

ب- أن العقيدة بنصوصها و شعائرها تستهدف صقل الروح و تربيتها و إعدادها لتكريس احترام كرامة الإنسان بينما نجد أن البحث العلمي يستهدف تطوير  الواقع المادي الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي.

ج- العقيدة و البحث العلمي يستهدفان معا الرفع من قيمة الإنسان المادية و المعنوية حتى يتبوأ مكانة سامية في هذا الكون و يعيش حياة كريمة تحفظ كرامته، و تفرض عليه السعي إلى المحافظة على تلك الكرامة.

و بذلك تكون الماركسية بموضوعيتها، و بمنهجها العلمي الدقيق وسيلة ناجعة لمعرفة الواقع معرفة علمية دقيقة و إدراك ما يجب عمله لتطوير الواقع تطويرا ينسجم مع يجب أن يكون عليه الإنسان.

و الذين يرفضون المنطلقات المادية الملموسة و يتمسكون بالمنطلقات المثالية إنما يسعون إلى تكريس الاستغلال لخدمة مصالح طبقية معينة تستفيد من اعتماد المنطلقات الدينية حتى  يتم اعتبار الاستغلال الممارس على أفراد المجتمع قدرا من عند الله، و الأمر ليس كذلك فالله تعالى لا يكون إلا عادلا و العدل من أسمائه الحسنى، و مادام كذلك فالعدل الذي تسعى إليه الماركسية لا يتناقض مع عدل الله الذي يتضمنه قوله تعالى "و أن تعدلوا هو اقرب للتقوى".

11) اكتشاف المنطلقات العلمية الذي يعتبر إبداعا ماركسيا بامتياز لتأسيس فكر اشتراكي علمي حقيقي. فإن الفكر الاشتراكي العلمي ليس مجرد وهم، انه المقولات و القوانين المكونة لمنهج التحليل العلمي التي نرى انه لابد فيها من :

أ- مادية الواقع المتجسدة في الواقع نفسه، و بمختلف مكوناته الروحية و المادية بمظاهر طبيعته و بمجتمعه، و بقوانينه الطبيعة الاجتماعية، بتراثه الحضاري و ما يزخر به من علوم و آداب و ثقافة، و بعاداته و تقاليده و أعرافه، بكل تحولاته التي لا ترى بالعين المجردة.

ب- القوانين الطبيعية التي اكتشفها و يكتشفها العلم الحديث في كل يوم تقريبا، سواء تعلق الأمر بالطبيعة أو بالمجتمع لأن تلك القوانين المكتشفة تساعد على فهم الواقع في أبعاده المختلفة لأجل توظيف ذلك الفهم في إعادة صياغة الواقع.

ج- الأصل هو الوجود أولا ثم بعد ذلك يأتي التفكير الذي يقود إلى عملية الاستدلال على ذلك بكل الوسائل الممكنة بما فيها الجانب الروحي الذي يشترط فيه الوجود الاجتماعي.

د- التطور الذي يحصل باستمرار في الطبيعة و في المجتمع الذي يخرج عن إرادة الإنسان و يكون محكوما بالقوانين الطبيعية و الاجتماعية و هي قوانين موضوعية لازال الإنسان منشغلا بالبحث عنها. و العمل على اكتشافها موظفا في سبيل ذلك كل الإمكانيات العلمية التي اصبح يتوفر عليها.

و الماركسية لا تتوقف عند حدود تفسير الواقع، و لا تعمل على تغييره بل تسعى إلى التعمق في فهم تلك المنطلقات التي تقود إلى ضبط منهج التحليل العلمي الماركسي الهادف إلى اكتشاف ما يجبه من اجل تغيير الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و السياسي، تغييرا يكون في خدمة تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية التي تعتبر ركائز لتحقيق كرامة الإنسان التي هي قوام وجوده الاجتماعي.

و بذلك السعي الماركسي يصبح الإنسان حاضرا في عمق الوجود و عاملا باستمرار على حماية وجوده الذي لا يقوى و لا يتوطد إلا بحفظ كرامته في أبعادها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية و الحقوقية و المعرفية و العلمية و الروحية، و هي أبعاد ضرورية لوجود الإنسان أولا، و لحفظ كرامته ثانيا.

و هكذا نجد انه في كل تفكير علمي سليم لابد من منطلقات سليمة. و المنطلقات السليمة تحتاج منا إلى التوقف  عندها، و هو ما فعلته الماركسية منذ ظهورها، و هو ما تفعله و ستفعله إلى ما لا نهاية. لأن العلم الماركسي هو علم المستقبل، و ليس ما يدعيه علماء المستقبليات الذين تختلف منطلقاتهم، فينتجون فكرا مثاليا لا علاقة له بالعلم. ويساهمون بسبب ذلك في تضليل شرائح عريضة من أفراد المجتمع و هو ما لا يقوى عليه إلا المضللون الذين يسمون أنفسهم مستقبليين.

12) جعل الطبقة العاملة و سائر الكادحين يحملون آمالا في المستقبل بدون حدود، و هو أمر لم يكن قائما قبل ظهور الماركسية. فقد كان السائد هو قبول العمال و الكادحين بما يمارس عليهم من قبل المستغلين من العمال و الكادحين. و الماركسية عندما تقلب الوعي و تعيده إلى طبيعته، إنما تحوله من وعي زائف إلى وعي حقيقي في فكر و وجدان و ممارسة العمال و الكادحين. و لذلك نجد البورجوازيين و الإقطاعيين و كل المستفيدين من الاستغلال يفقدون صوابهم، و يسعون إلى مقاومة الماركسية بكل الوسائل، و يوظفون بالدرجة الأولى الدين الإسلامي و سائر الديانات الأخرى، و يعملون على إنشاء تنظيمات دينية متطرفة للعب هذا الدور، و يخترقون سوق الكتاب و الإعلام السمعي البصري و المكتوب/المقروء، بما يؤدي إلى خلق تيار عام في المجتمعات البشرية يجعل الجماهير الشعبية الكادحة و المقهورة تحارب الماركسية على أنها دعوة إلى الإلحاد، و هو ما يعطي الشرعية للاستغلال و يؤيده، و يعمل على تعميقه باعتباره قدرا، و ليس ممارسة طبقية استغلالية تقود المستفيدين من الاستغلال إلى تعميقه، و اعتبار ذلك أقصى ما وصلت إليه البشرية، أو ما اصبح يعرف بنهاية التاريخ.

و لتحقيق حمولة الآمال في المستقبل في صفوف العمال و باقي الكادحين لابد من :

أ- امتلاك الوعي الطبقي المتمثل بالخصوص في إدراك العلاقة القائمة بين العمال و باقي الكادحين من جهة، و المستغلين من البورجوازيين و الإقطاعيين و سائر المستفيدين من عملية الاستغلال من جهة أخرى، ثم العلاقة القائمة بين العمال و وسائل الإنتاج، و ما يحصل عليه العمال، و ما يذهب إلى جيوب المستغلين.

ب- إدراك أهمية التنظيم على جميع المستويات، و أهمية الانخراط فيه و دوره في تقوية صفوف الكادحين، و فرض احترامهم، و انتزاع مكاسب اقتصادية لصالحهم، لأنه بدون إدراك أهمية التنظيم، لا يحضر في وجدان العمال و في فكرهم، و في ممارستهم الرغبة في التنظيم، و السعي إلى نشأته، و الانخراط فيه.

ج- المساهمة في بناء معرفة مكونات المصلحة الطبقية للعمال و الكادحين عن طريق تكوين ملفات مطلبية و عامة تكون موضوعا للنضال بواسطة الإطارات النقابية  و الجمعوية و الحقوقية.

د- وضع برامج للنضال تتناسب مع طبيعة التنظيم الجماهيري الذي ينخرط فيه العمال و الكادحون من اجل انتزاع المزيد من المكاسب لتحسين الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية للعمال و الكادحين.

ه- المساهمة الإيجابية و الفعالة في بناء البرنامج السياسي لحزب الطبقة العاملة، و سائر الكادحين حتى لا يكون ذلك البرنامج مملى من فوق، و حتى يراعى فيه تعبيره عن واقع بعينه. مما يجعل المعنيين به ينخرطون في النضال من اجل تحقيقه في أفق التغيير الشامل للنظام الاستغلالي القائم في مكان ما.

و بالدفع بالعمال في اتجاه امتلاك الوعي الطبقي، و الوعي لا يكون إلا طبقيا، و العمل على اجرأة ذلك الوعي، فإن العمال و سائر الكادحين يحولون اليأس إلى أمل، و الاستسلام إلى مقاومة الاستغلال، و الخضوع للنظام الاستغلالي إلى رفض ذلك النظام، و السعي إلى تغييره بنظام آخر ينتفي فيه الاستغلال.

13) احترام مقومات الشعوب الروحية و الحضارية، لأن تلك المقومات تعتبر شيئا ماديا ملموسا في حياة الشعوب، و لا يمكن أبدا استئصالها و القضاء عليها. و من عملية المنهج العلمي الماركسي الاعتراف بتلك المقومات، و استحضارها في التحليل الملموس للواقع الملموس، و في هذا الإطار لابد أن تستحضر الماركسية معتقدات الشعوب، و دور تلك المعتقدات في تحقيق وحدة كل شعب على حدة. و في العمل على إيجاد علاقات الاحترام بين الشعوب التي تجمعها نفس المعتقدات على اختلاف ألسنتها و ألوانها و انتمائها إلى قارات مختلفة، كالشعوب الإسلامية، و الشعوب المسيحية ... و هكذا.

و الماركسية عندما لا تستحضر المقومات الروحية و الحضارية للشعوب المعنية بالتحليل الماركسي تفتقد كونها علمية. و هي بذلك تفقد مبرر وجودها، لأن المقومات المستهدفة بالاعتبار تقود إلى :

أ- استحضار التاريخ الذي عاشه شعب من الشعوب، و ما حصل فيه من تطور اقتصادي، و اجتماعي، و ثقافي، و مدني، و سياسي و ما ترتب عنه من اكتساب مجموعة من المعتقدات. و ما تكون من عادات و تقاليد و أعراف. و اثر كل ذلك على حياة الأفراد و الجماعات و دوره في عملية التحول على المدى المتوسط و البعيد، أو في الجمود الذي تعرفه الحياة.

ب- استحضار المعتقدات السائدة و دورها في تحقيق وحدة الشعب و العوامل التي ساعدت على ذلك، و ما مدى تأثيرها في حياة الناس و توجيه سلوكهم الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي.

ج- استحضار الإبداعات الحضارية التي تربط الشعوب بتاريخها و جعلها تستحضر التاريخ من اجل الاستقواء به أمام الشعوب الأخرى، و الاستعانة به على الحاضر من اجل مستقبل افضل.

د- استحضار مكتشفات الشعوب العلمية، و إبداعاتها في هذا المجال و دور كل ذلك في تكون تراث روحي لدى شعب من الشعوب برفع مستواه إلى صدارة الشعوب المتحضرة.

و باستحضار هذه المكونات الروحية للشعوب تكتسب الماركسية موضوعيتها التي هي الجوهر فيها. و تعرب في نفس الوقت عن عدم عدائها لما هو روحي و عقائدي لتتجاوز بذلك التحريف الذي لحقها، و لتسترجع مكانتها في أوساط الكادحين لأن التحليل المادي للواقع لا يعني أبدا التركيز على الجانب المادي، بل يعني استحضار كل العناصر المكونة لذلك الواقع حتى و إن لم تكن مادية لدورها في توجيه حركة الواقع باعتبارها حركة مادية صرفة، و الحركة لا تكون إلا مادية.

و إذا سلمنا بالفصل  بين المثالي و المادي في المنطلقات، فإن ذلك الفصل لا يمتد أبدا إلى مكونات الواقع التي تجمع بين ما هو روحي أو عقائدي الذي يوجد ملازما للمجتمع البشري، و بين مادية ذلك الواقع و في ذلك المجتمع.

انه إذن التحليل الماركسي الذي لا يلغي أي عنصر من عناصر الواقع، و بالتالي فإن نفي أي عنصر سيؤدي إلى عكس ما يهدف إليه التحليل العلمي الصحيح، و يتوصل إلى نتائج قد لا تكون علمية، و هذا هو الخطأ الذي وقع فيه الماركسيون حينما اعتبروا المكونات الروحية و العقائدية لشعب من الشعوب مكونات مثالية، و لا يعتبرونها في التحليل ليتوصلوا بعد ذلك إلى نتائج تؤدي إلى إعلان العداء للماركسية من قبل حاملي المعتقدات المختلفة، و هو ما تعاني منه الماركسية إلى اليوم.

14) عدم التمييز بين الناس على أساس اللون أو العرق أو الدين أو اللغة، لأن العلم الماركسي يرفض ذلك التمييز لاعتبارات نذكر منها :

أ- أن المستهدف بذلك العلم هو الإنسان أنى كان لونه أو جنسه أو لغته أو دينه أو عرقه، فهو الإنسان بخصائص معينة يجب استحضارها في التحليل دون توظيفها في التفريق بين الناس و العمل على استثمارها في تحقيق الوحدة في إطار التنوع.

ب- أن الغاية هي تحقيق كرامة الإنسان كيفما كان، و أنى كان جنسه أو لونه أو عرقه أو دينه.

ج- أن دعم تحقيق الكرامة لا يتم إلا بتمتيعه بحقوقه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية لأنه بدون تمتيعه بها تبقى كرامته مهدورة.

د- أن حماية تلك الكرامة لا تحصل إلا بتوفير الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية. فالحرية تمكن الإنسان من التعبير عن آلامه و آماله، و طموحاته و تطلعاته الفردية و الجماعية. و الديمقراطية تمكنه من المساهمة في تقرير مصير وطنه الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي. و العدالة  الاجتماعية تتيح له فرصة الاستفادة من الخدمات الاجتماعية و من دخل يتناسب  مع حاجياته المادية المعنوية.

و هذه الاعتبارات وغيرها توضح لنا إلى أي حد يصير العلم الماركسي وسيلة لتحقيق الوحدة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية بين البشر على مستوى الدولة الواحدة، أو على مستوى مجموعة من الدول أو على المستوى العالمي. و هذه الوحدة في الرؤيا و في التصور و في الممارسة هي أرقى ما يمكن أن يحققه الإنسان، و قد كان العلم الماركسي سباقا إليه من اجل رفع مكانة الإنسان إلى مستوى تحقيق الكرامة الشاملة التي لا تتقيد لا بالدين و لا بالعرق و لا باللغة و لا باللون. و قد حدا حدو العلم الماركسي ما اصبح يعرف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي كان وراء صدور مجموعة من المواثيق الدولية المتعلقة بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و مجموعة من المواثيق الدولية المتعقلة بحقوق المرأة و الطفل و العمال و نشطاء حقوق الإنسان. إلا أن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و ما تلاه من مواثيق لم يرق إلى التصور الذي  أبدعه العلم الماركسي الذي رصد أسباب الانتهاكات الحقوقية الحقيقية، و المتجلية بالخصوص في عدم وضع حد ابدي لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان و بكافة الوسائل الاقتصادية و الاجتماعية و الأيديولوجية و السياسية، و هي وسائل ترتبط أساس بالأنظمة الاستغلالية السائدة.

فالحديث عن حقوق الإنسان في مجتمع يتكرس في إطاره الاستغلال هو مجرد تلميع للنظام الاستغلالي السائد فيه، و إكسابه شرعية الاستمرار في تكريس ذلك الاستغلال.

و لذلك فحقوق الإنسان يجب أن تكون مقرونة بالسعي إلى القضاء على الأنظمة الاستغلالية الهمجية و هو ما يرى العلم الماركسي نجاعته، و سبيلا حقيقيا إلى تحقيق كرامة الإنسان على جميع المستويات.

15) إعطاء مضمون جديد للديمقراطية، قائم على أساس الحرية و العدالة الاجتماعية. فالمضمون الذي كان سائدا عن الديمقراطية هو المضمون الانتخابي وفق قوانين انتخابية قد لا تكون محترمة في معظم الأحيان. و قد يطالها التزوير الذي تشهد به الوقائع في معظم الدول بما فيها الدول التي تدعي أنها قطعت أشواطا بعيدة في هذا الإطار.

أما العلم الماركسي فلا يرى الديمقراطية إلا من المنظور الشمولي الذي يشمل المضامين الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية على مستوى الممارسة اليومية.

فالمضمون الاقتصادي للديمقراطية لا يتحقق إلا بالتوزيع العادل للثروة وفق قاعدة " لكل حسب حاجته و على كل حسب قدرته" و هي قاعدة  لا تستثني أي إنسان من الاستفادة الاقتصادية في حالة وجود عائق مانع من العمل بصفة مؤقتة، أو بصفة دائمة. و هذه الرؤية لكيفية توزيع الدخل تقطع الطريق أمام أمرين اثنين :

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.