منوعات عامة

كيف غزت القطط العالم؟ إليك تاريخ انتشارها من مصر إلى باقي أصقاع الأرض

 

المصدر: Scientific American العلمي

منذ آلاف السنين قبل أن تأتي القطط وتهيمن على ثقافة الانترنت، اجتاحت أوراسيا القديمة وأفريقيا التي سكنها المزارعون القدامى والبحارة وحتى الفايكنغ، وذلك حسبما توصلت نتائج أول دراسة واسعة النطاق تُجرى على القطط التي عاشت خلال تلك الأزمنة.

 

تتبعت الدراسة، التي عُرضت في 15 من سبتمبر/أيلول 2016، الحمض النووي لأكثر من 200 قطة عاشت منذ 15 ألف سنة مضت وحتى القرن الـ 18.

 

وبحسب التقرير الذي نشره موقع Scientific American العلمي، فإن الباحثون لا يعرفون سوى القليل عن ترويض القطط، كما أن ثمة نقاشاً يجري حول ما إذا كانت القطط المنزلية (السنور البري) هو حقاً حيوان أليف؛ لأن سلوكها وتشريحها يختلفان عن القطط البرية بشكل واضح.

 

تقول عالمة الوراثة التطورية في معهد جاك مونو في باريس ايفا ماريا غايغل، "لا نعرف تاريخ القطط القديمة. لا نعرف أصلها، ولا نعرف كيف حصل تشتتها". وعرضت كاريا هذه الدراسة في الندوة الدولية السابعة عن الآثار الجزيئية الحيوية في جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، مع زميليها كلوديو اوتوني وتيري غرانغ.

 

احتوت مقبرة بشرية في قبرص يصل عمرها إلى 9 آلاف و500 عاماً على بقايا قط. ويشير هذا إلى أن الصلة بين البشر والقطط يرجع أصلها إلى عصر اكتشاف الزراعة على الأقل، وهو ما كان بالقرب من منطقة الهلال الخصيب منذ حوالي 12 ألف سنة.

 

روض المصريون القدماء القطط البرية منذ نحو 6 آلاف سنة، وبعدها حنطت الأسر المصرية الحاكمة بعد ذلك ملايين القطط. كما تناولت إحدى الدراسات القليلة السابقة على جينات الميتوكندريا للقطط القديمة (الذي يورث من خلال الأمهات فقط، على عكس معظم الأحماض النووية) لثلاث قطط مصرية مُحنطة فقط.

 

رحلات القطط

بنى فريق غايغل هذه الأفكار، لكنه توسع في الطريقة إلى نطاق أوسع بكثير. إذ حلل الباحثون الحبيبات الخيطية للحمض النووي من بقايا 209 قطط من أكثر من 30 موقعاً أثرياً في مختلف أنحاء أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا. وكانت العينات مؤرخة من العصر الميزوليتي -وهي الفترة السابقة لظهور الزراعة مباشرة، عندما كان البشر يعيشون على الصيد - حتى القرن الـ 18.

 

يبدو أن عدد القطط زاد في اتجاهين، حسب ما اكتشف الباحثون. فقد امتدت القطط البرية في الشرق الأوسط بسلالة حبيبات خيطية معينة في المجتمعات الزراعية القديمة في شرق البحر المتوسط. وترجح غايغل أن مخزونات الحبوب الموجودة في تلك المجتمعات الزراعية المبكرة جذبت القوارض، التي جذبت بدورها القطط البرية. ثم بدأ البشر بترويض القطط بعد أن رأوا فوائد الاحتفاظ بها.

 

بعد ذلك بآلاف السنين، انتشرت سلالة القطط المصرية في أنحاء أوروبا وآسيا وأفريقيا. كما وُجدت جينات الميتوكندريا الشائعة في مومياوات القطط المصرية التي حُنطت خلال الفترة بين نهاية القرن الرابع قبل الميلاد وحتى القرن الرابع ميلادياً، في القطط الموجودة ببلغاريا وتركيا وأفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى خلال نفس الفترة تقريباً.

 

تقول غايغل إنه ربما احتفظ الأشخاص الذين يرتادون البحر بالقطط لإبقاء القوارض بعيداً. وجد فريقها أيضاً بقايا قط له هذا الحمض النووي الأمومي في موقع من مواقع الفايكنغ التي يرجع تاريخها إلى ما بين القرنين الثامن والحادي عشر ميلادياً في شمال ألمانيا.

 

يقول عالم الوراثة السكانية في كلية الطب بجامعة هارفارد في بوسطن بماساشوستس بونتوس سكوغلاند، عن هذه الدراسة "ثمة كثير من الملاحظات المثيرة للاهتمام. لم أكن أعرف حتى بوجود قطط فايكنغ". كما عبرعن إعجابه بقدرة فريق غايغل على تمييز التحولات السكانية الحقيقية في الحبيبات الخيطية للحمض النووي، الذي يتتبع سلالة أمومية واحدة.

 

ومع ذلك يعتقد سكوغلاند أن الحمض النووي للنواة - الذي يوفر معلومات أكثر عن أجداد الفرد -، يمكن أن يتناول التساؤلات الخاصة بترويض القطط وانتشارها، مثل علاقتها بالقطط البرية، التي ما زالوا يهجِّنونها.

 

حلل فريق غايغل كذلك تسلسلات الحمض النووي للنواة المعروف بإعطاء القطط المخططة هذا الغطاء الخاص، ووجدوا أن الطفرات المسؤولة عن هذا لم تظهر سوى في العصور الوسطى. وتأمل غايغل في تتبع المزيد من الأحماض النووية للنواة للقطط القديمة. لكن التمويل لعلم الوراثة الحديث للقطط قليل، وهو أحد الأسباب التي تجعله يتراجع كثيراً عن الأبحاث المماثلة على الكلاب.

 

وعلى النقيض، أعلن فريق يرسم خريطة ترويض الكلاب في اجتماع أكسفورد أنه يستعد لتتبع الحمض النووي لأكثر من 1000 كلب وذئب قديم.

 

 

اعترضت غايغل على تلميح هذا المراسل بأن الكلاب تبدو أكثر من القطط شعبية بين الباحثين، وقالت "يمكننا أن نفعل ذلك أيضاً. نحن فقط بحاجة إلى المال".