اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

محاولة لتفسير التخندق الطائفي في الانتخابات// د. عبدالخالق حسين

اقرأ ايضا للكاتب

محاولة لتفسير التخندق الطائفي في الانتخابات

د. عبدالخالق حسين

 

لا شك إن أخطر ما يهدد الشعب هو الاعلام المضلل، خاصة في زمن التقنية المعلوماتية المتطورة حيث يسهل على خبراء صنع الإشاعات تمرير إشاعاتهم بخلط الزيف مع الحقيقة كما يدس السم بالعسل، وإخراج الإشاعة وكأنها حقيقة لا شك فيها. وللأسف الشديد، ليس هناك إنسان محصن ضد تصديق الإشاعة والتشويش بشكل مطلق ومهما أوتي من معرفة وحذر. ففي كثير من الأحيان استلم إشاعات كيدية من شخصيات أكاديمية مرموقة تؤمن بصحتها، ولكن ما أن أقدم لهم أدلة تثبت بطلانها حتى ويغيروا آراءهم ويعربوا عن أسفهم لتعميمها. وعلى سبيل المثال، استلمتُ مرة إشاعة بعثها أستاذ أكاديمي محترم، مفادها أن 50% من سكان محافظة البصرة مصابون بالسرطان بسبب التلوث باليورانيوم نتيجة القصف الأمريكي!!.

فقلت للأستاذ، أن تعداد سكان البصرة في حدود مليونين نسمة، وهذا يعني أن هناك نحو مليون إصابة بالسرطان في هذه المحافظة، وإذا ما أخذنا تردي الخدمات الصحية في نظر الاعتبار، فبعد 5 سنوات سيموت نحو مليون نسمة وستظهر إصابات جديدة في نحو 50% في المليون الباقي من السكان، وهكذا فخلال 20 أو 30 سنة سينقرض أهل البصرة عن آخرهم. ولو كان التقرير المزعوم صحيحاً، لأثار اهتمام منظمة الصحة الدولية (WHO). وسألتُ: هل تتفق هذه الأرقام مع المنهج العلمي في البحوث العلمية؟

والجميل، أن الأستاذ أنتبه فوراً إلى هذه الملاحظة واعترف بأن هذا لا بد وأن يكون من صنع جهات مغرضة، وما أكثرها في زمننا هذا، زمن الخديعة. بينما تقارير أخرى تؤكد أن نسبة الإصابة بالسرطان في العراق لا تختلف عما في البلدان الأخرى، وما هذه الحملة إلا لأغراض سياسية كيدية. ولابد أن يتذكر القراء الكرام الفرية ألأخرى التي تم تعميمها على نطاق واسع، ونالت اهتمام الأكاديميين، مفادها، أن حكومة المالكي "الصفوية العميلة الفاسدة" تعاقدت مع الاتحاد الأوربي لجعل العراق مكباً للنفايات النووية الأوربية!!!. فإذا كان الأكاديمي يمكن استدراجه لتصديق الافتراءات والإشاعات حتى في القضايا العلمية، فكيف بالإشاعات السياسية التسقيطية مع الناس العاديين؟

 

لقد وفرت شبكة الانترنت المجال لأي كان أن ينشر ما يشاء من آراء، والمشاركة في الشؤون العامة. وهذا ما شجع بعض الأكاديميين ليدلوا بدلوهم، ليس لنشر ما يخص مجالهم الأكاديمي ولأغراض تقريب العلوم إلى فهم العامة، بل وللخوض في مجالات خارج اختصاصهم، مثل السياسة أو أي مجال آخر، وهو حق مشروع. فالسياسة هي مهنة من لا مهنة له، كما أفعل أنا وآلاف غيري من مختلف الاختصاصات، وهذا من حقنا، لأننا نعتبر السياسة جزء من الثقافة العامة تخص الجميع. كذلك نجد الكثير من الزعماء السياسيين من خلفيات مهنية مختلفة لا علاقة لها بالسياسة، مثلاً الزعيم السوفيتي الأسبق غورباتشوف كان مهندساً، وهناك نسبة عالية من الأطباء بين السياسيين العراقيين، مثل الدكاترة: أياد علاوي، وإبراهيم الجعفري، وموفق الربيعي، وحنان الفتلاوي، وغيرهم.

 

ما الفرق بين الأكاديمي والمثقف؟

يجيب على هذا السؤال الفيلسوف البريطاني A. C. Grayling بما معناه، أن الأكاديمي متفرغ للتدريس الجامعي، وباحث متخصص في مجال علمي معين مثل الفيزياء، أو الكيمياء، أو علم النفس، أو علم الاجتماع، أو هندسة الجينات الوراثية...الخ. ولذلك  فجمهوره محصور في مجال اختصاصه، مؤلف من تلامذته وزملائه وقرائه المهتمين بهذا الاختصاص، وينشر بحوثه في مجلات متخصصة معروفة بين الجماعات التي تشاركه في ذلك الاختصاص.

أما المثقف، فهو ما يطلق عليه في اللغات الأوربية بـ (Intellectual)، ومجاله أوسع وأرحب بكثير من مجال الأكاديمي، وهو يشبه الصحفي حيث يخوض في كل مجال، وينشر في الصحافة العامة، وجمهوره من مختلف الفئات والمجالات المعرفية والناس العاديين.

والأكاديمي هو مثقف بحكم ما اكتسب من معارف، ومن حقه أن يخوض في الشأن العام إذا شاء، كأن يتبنى أي موضوع خارج مجال اختصاصه، ويكتب وينشر عنه بلغة بسيطة سلسة ومفهومة لدى القارئ العام، متجنباً رطانة (Jargon) الاختصاصات العلمية التي لا يفهمها إلا أصحاب الاختصاص. ومن حقه أيضاً أن يعلن لقبه العلمي (الأستاذ، الدكتور...الخ).

ولعل أخطر ما يجابه الأكاديمي هو إذا أراد الخوض في السياسة. فالسياسة مجال رحب يتقبل أياً كان، ولكنه في نفس الوقت معقد ومتشابك لا يخلو من مشاكل واتهامات والرجم بالحجارة. والأكاديمي هنا يشبه رجل الدين في أن كليهما يتمتعان باحترام وتقدير المجتمع طالما بقيا ضمن مجاليهما، ولكن إذا ما اختارا الخوض في السياسة فعليهما تقبل النقد، ولا يحق لهما التمترس وراء حصانة الدين، أو الأكاديمية ضد من ينتقدهما في آرائهما السياسية. فكما لا يحق لرجل الدين إضفاء القداسة على آرائه السياسية، كذلك الأكاديمي، لا يحق له إضفاء الحصانة الأكاديمية العلمية على آرائه السياسية، واعتبارها علمية منزهة من الزلل و فوق النقد !.

 

مناسبة هذه المقدمة أني قرأت مقالاً للأكاديمي في علم النفس، الأستاذ الدكتور قاسم حسين صالح، عن الانتخابات البرلمانية العراقية الأخيرة التي جرت يوم 30/4/2014، بعنوان: (الطائفية والعشائرية واللاأبالية..هي الفائزة!)، وعنوان ثانوي: (حقائق جديدة عن طبيعة الشخصية العراقية). والجدير بالذكر أن السيد الكاتب قد رشح نفسه ضمن (التحالف المدني الديمقراطي)، الذي ضم طيفاً عريضاً من المثقفين والأكاديميين وأصحاب الكفاءات، ومن مختلف الاتجهات السياسية، يجمعهم التمسك بالعلمانية والديمقراطية، وتبني الكفاءة، هدفهم، كما أعلنوا في حملتهم الانتخابية، إخراج العراق من مأزق المحاصصة الطائفية والعشائرية، والقضاء على الإرهاب والفساد والبطالة والفقر... وغيره من المشاكل السياسية والاجتماعية المتراكمة.

ويبدو أن الدكتور صالح متشائم من فوزه، لذلك استبق الاعلان الرسمي النهائي للنتائج الانتخابية معتمداً على النتائج الأولية، فكتب مقاله هذا ليبرر فشله في حالة عدم فوزه.

طبعاً من حق الكاتب أن يكتب ما يشاء ضمن ما يبيح له قانون الصحافة وحرية التعبير والنشر، ومن حقه أيضاً أن ينتقد الناخبين الذين صوتوا لقوائم الأحزاب الدينية والأثنية والعشائرية، ولكن في هذه الحالة يحق لنا أيضاً كقراء، أن ننتقده على تحليلاته وآرائه السياسية، ورغم أنه حاول جاهداً إضفاء صفة العلمية والأكاديمية على آرائه هذه، إلا إنها تبقى آراء سياسية وشخصية، وليست حقائق علمية مطلقة غير قابلة للنقد والنقاش.

 

الملاحظ أن موقف أ.د.قاسم حسين صالح من نتائج الانتخابات لا يختلف كثيراً عن موقف السياسي الداعية، مثل السيد طارق الهاشمي، إلا في أسلوب التعبير. فالكاتب لأكاديمي هنا يصف معظم الناخبين الذين لم يصوتوا لقائمته بالجهل والطائفية والعشائرية واللاأبالية، وحتى باللاوطنية، فيقول:

((وفيما كان المفروض ان تجري هذه الانتخابات تحت شعار (الوطن أولا) فإنها جرت تحت معادلة (ضد او مع المالكي)..وتفيد المؤشرات (التي ستثبتها النتائج الرسمية) أن الغالبية من جماهير الشيعة اختارت المالكي، والغالبية من جماهير السنّة اختارت من هو ضده، فيما الأقلية اختارت (الوطن!)... فعلى ماذا يدل هذا؟))

ويتوصل إلى الاستنتاجات التالية:  

((- ان الشعور بالانتماء للوطن قد مات عند نصف  العراقيين العرب!،

- ان الغالبية المطلقة في النصف الثاني من العراقيين العرب تتحكم بهم الطائفية والعشائرية،

- ان المتبقي الذي لا يتجاوز المليون عراقي عربي يتمتعون بالنضج السياسي والوعي الانتخابي.

- ان العراقيين في الخارج.. قد طلّقوا العراق!.)).

أعتقد أن هذه الأحكام مجحفة بحق العراقيين، ومجافية للحقيقة كان على الكاتب الأكاديمي تجنبها. فهو في هذه الحالة لا يختلف عن السياسي الذي يعتبر تحالفه وحده هو لصالح الوطن، أما القوائم الأخرى فهي ضد الوطن. وبطبيعة الحال فالذي يقف ضد الوطن هو خائن، وهذه التهمة شنيعة تشبه تهمة التكفيريين  لكل من لا يسير على سكتهم.

فمثلاً السيد طارق الهاشمي، نائب رئيس الجمهورية المُقال، والمطلوب للقضاء بتهم الارهاب، والمحكوم بعدة احكام بالاعدام، وكما نقلت مواقع الانترنت من تغريدته: "وصف العراقيين الذين انتخبوا رئيس الوزراء نوري المالكي بأنهم اما فاسدون مثله، او جهلة مغفلون انطلت عليهم اكاذيب المالكي."

 

 نحن لا نعتب على السيد طارق الهاشمي على أقواله تلك، لأنه سياسي ذو أغراض سياسية معينة ضد خصومه السياسيين، ولم يضفِ صفات علمية أكاديمية على أقواله، فمن غير المتوقع أن يقول غير ذلك وهو محكوم عليه بالإعدام بتهمة الإرهاب، ولكن من حقنا أن نعاتب الأكاديمي أ.د. قاسم حسين صالح، ونناقشه على ما كتبه، خاصة في وصفه لعراقيي الخارج بأنهم طلقوا العراق، وأن مليون عراقي فقط من مجموع العشرين مليون الذين يحق لهم التصويت هم وطنيون!

فتفسيره للنتائج الانتخابية وتخندق الناخبين في الطائفية والعشائرية غير دقيق. نعم هناك تخندق طائفي وأثني وعشائري ومناطقي، ولكن لهذا التخندق أسباب موضوعية كان على الباحث الأكاديمي تفسيرها علمياً لا إطلاق أحكام اعتباطية وتجريد الناس من الوطنية.

 

أسباب التخندق الطائفي والعرقي

في رأيي ، إن سبب هذا التخندق هو 40 سنة من الظلم والجور والقتل على الهوية المذهبية والأثنية، ونشر المقابر الحماعية، والتشريد بسبب الانتماء المذهبي والعرقي. كذلك النظام البعثي البدوي هو الذي قاد حملة إحياء العشائرية والقبلية، ناهيك عن حملة التهجير القسري لنحو مليون شيعي من مختلف القوميات بتهمة التبعية الإيرانية لأسباب طائفية بحتة. وحكم البعث هو الذي رفع شعار (لا شيعة بعد اليوم)، وقصف أضرحة أئمتهم، وأساء إلى مقدساتهم المذهبية، وقتل رموزهم الدينية. كما ويواجه المواطن الشيعي من كل القوميات اليوم حرب الإبادة الجماعية بسبب هويته المذهبية، إضافة إلى حملة التشكيك في دونه وقوميته وعراقيته.

 

يطالب بعض المعلقين نسيان الماضي، وأن صدام وحكمه قد ولىّ. ولكن ماذا عما يجري الآن من القتل على الهوية، وحرب الإبادة الجماعية، وحتى التهديد بقطع مياه دجلة والفرات عن الوسط والجنوب لقتل الشيعة عطشاً ؟ وفعلاً قبل أيام قامت فلول البعث (داعش) بغلق بوابات سدة الفلوجة لتنفيذ هذا التهديد، ولم يفتحوا السدة إلا بعد أن غرقت مدنهم. ألا يعني هذا أن الشيعي مهدد لكونه شيعي؟ فكيف والحالة هذه تريد منه ألا يتحصن بالخندق المذهبي؟ وكيف تريد من المواطن الكردي أن يصوت لقائمتك وليس لمرشحي أحزابه الكردستانية، وهو الذي تعرض للأنفال وحرب الغازات السامة في حلبجة؟ 

 

لذلك فمن الطبيعي، وبدافع غريزة حب البقاء (الداروينية)، وجد المواطن نجاته في التخندق بالعشيرة والمذهب والأحزاب الدينية والقومية. أما الكلام عن مساوئ الطائفية فقد سمعه من حكم البعث الصدامي أيضاً، وكذلك يسمعه الآن من "داعش" وهي تشن عليه حرب الإبادة وتصفه بأقذر الصفات اللاإنسانية. فكثير ممن يحاربون الطائفية قولاً إلا إنهم يمارسونها عملاً وبغطاء علماني. فالبعثيون علمانيون في الظاهر ولكنهم من أشد غلاة الطائفيين.

 

ولدينا مثال آخر يؤكد أن التخندق بالطائفة والقومية هو بدافع غريزة حب البقاء، ولأن الإنسان العراقي مهدد بالقتل على الهوية المذهبية والأثنية، والمثال هو انفصال الشيوعيين الأكراد عن الحزب الشيوعي العراقي، وتشكيلهم لحزبهم الشيوعي الخاص بهم (الحزب الشيوعي الكردستاني). وهذا دليل على أن الشعور بالانتماء القومي (الأثني) أقوى عندهم من الانتماء الطبقي. ونفس الكلام ينطبق على الذين تخندقوا بالأحزاب الدينية.

يبدو أن أ.د. قاسم حسين صالح يتوقع الخسارة في الانتخابات لذلك حاول الاستباق في إيجاد التبريرات والمعاذير لهذه الخسارة، فأوعزها إلى اللاوطنية، وعدم مشاركة 40% من الناخبين الذين وصفهم باللاأبالية ، وتجاهل الـ 60% الذين شاركوا في التصويت وتحدَّوا تهديدات الإرهاب، وهي نسبة عالية نالت اعجاب وتقدير العالم.

 

فغني عن القول، أن عدم مشاركة نسبة من المواطنين في التصويت لا يلغي شرعية نتائج الانتخابات. إذ لا أحد يشك بديمقراطية سويسرا مثلاً. ففي هذه الدولة الديمقراطية الاتحادية نادراً ما تتعدى نسبة المشاركة في التصويت فيها الـ 30%، ومع ذلك لا أحد يتهم الشعب السويسري باللاوطنية أو اللاأبالية. ولا أدري على أي دليل استند الكاتب في اعتبار لو شارك 40% الآخرون لصوتوا لقائمته؟ إن أغلب الظن أنه لو شارك الممتنعون عن التصويت لتوزعت أصواتهم على القوائم بنفس النسب الـ 60% الذين أدلوا بأصواتهم. وهذا ما تؤكده مؤسسات استطلاع الرأي عندما يأخذون عينة من الشعب ما بين 500 إلى 2000، ومن هذه العينة يعرفون بشكل تقريبي رأي الشعب كله، (كما يمكن معرفة طعم برميل من الماء بأن تذوق قطرة واحدة منه ولا تحتاج أن تشرب البرميل كله!)، وفي أغلب الأحيان تكون توقعاتهم قريبة للحقيقة. لذلك فالطعن بمشاركة 12 مليون (60%) من المشاركين والاعتماد على 8 مليون (40%) الذين لم يصوتوا قول يخالف المنهج العلمي.

 

ولإضفاء صفة العلمية على تفسيره، يذكر السيد الكاتب تجربة علمية أجريت على مجموعة من الكلاب بالصعق الكهربائي في غرفة دون أن يترك لها منفذاً للهرب، " وبعد تعرضّها لعدد من الصدمات استسلمت هذه المجموعة من الكلاب وظلت رابضة على ارضية الغرفة المكهربة دون ان تحرّك ساكنا". ثم كرر الباحث التجربة على مجموعة أخرى من الكلاب مع توفير منفذ للخروج، فعثرت عليه وخرجت منه، بينما رفضت المجموعة الأولى الخروج. و يستخلص الكاتب أن الشعب العراقي استمرأ الظلم، ورغم أن توفر له المنفذ (الانتخابات) للخروج منه، وهو أن يصوت لقائمته، إلا إنه رفض الاستفادة. أعتقد أن الماتب لم يكن موفقاً في هذا التشبيه أو المثال، (أي تطبيق تجربة الكلاب على الشعب)، وهذا ما يسمى بـالعلم المزيف (pseudoscience). لذلك أستدرك الكاتب قائلاً: "ولكي لا يجري تأويل خبيث لما قلناه، فان نتيجة التجربة تنطبق على كل انسان تعرض لخيبات متتالية سواء كان عراقيا، اوربيا ،او من أي بلد او ملّة أخرى."

 

المسألة هنا لا تحتاج إلى "تأويل خبيث"، بل الكاتب نفسه طبق تجربة الكلاب على العراقيين وبصراحة لا تقبل التأويل. فهناك نقاط ضعف في سحب هذه التجربة على الشعب العراقي أو أي شعب آخر، الأولى، أن الحيوانات لا عقل لها، وإنما تحركها الغرائز فقط ، بينما الإنسان له عقل إضافة إلى الغرائز. والثانية، وكما يؤكد باحثون في علم النفس وعلم الاجتماع، أن الظروف المختبرية التي تجرى فيها التجارب، سواءً على الحيوانات أو على البشر، تختلف عن الظروف الطبيعية التي يعيشها الإنسان خارج المختبر في حياته اليومية. لذلك لا يمكن تطبيق هذه التجارب على الإنسان، ناهيك عن تطبيقها على الشعب كله.  

لذا،أعتقد إنه لا يجوز لنا اتهام الشعب العراقي بأنه رضخ للظلم ورضى به، فالشعب بجميع مكوناته انتفض عدة مرات على الحكم البعثي الجائر، خاصة في انتفاضته (الشعبانية) في آذار 1991، ومازال يواجه الإرهاب بشجاعة وتفاني.

 

 

خلاصة القول، إن التخندق بالطائفة والعشيرة والأحزاب الدينية والقومية لها أسبابها الموضوعية، وسيبقى إلى أجل غير معلوم طالما بقي المواطن العراقي مهدداً بالقتل على الهوية المذهبية القومية، ولا يمكن التخلص منه بإلقاء المواعظ والإرشاد عليه، على طريقة وعاظ السلاطين. 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.