اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

أوباما ينتقم من بوش بترك العراق للإرهابيين// د. عبدالخالق حسين

اقرا ايضا للكاتب

أوباما ينتقم من بوش بترك العراق للإرهابيين

د. عبدالخالق حسين

 

لم تكن الهجمة المفاجئة والسريعة لاحتلال الموصل وصلاح الدين من قبل (داعش) التي أذهلت العالم، أن تتم بدون دعم دول إقليمية مثل السعودية وقطر وتركيا، وحتى أمريكا وبريطانيا.

 

فالمتابع لما يتعرض له العراق من هجمة إرهابية شرسة جديدة من قبل هذه العصابات الإرهابية المسلحة، وبطريقة متقنة من جميع الجوانب، وما يرافقها من دعم الإعلام العربي والدولي، والعبارات الموحدة التي يرددها الإعلاميون والسياسيون العرب والغربيون، وبروح التشفي، لا بد وأن يصل إلى قناعة أن هذه الحملة المنسقة لا يمكن أن تكون من صنع هذه المنظمة الإرهابية وحدها، بل وراءها حكومات إقليمية ودولية وإمكانيات ضخمة بما فيها الغرب، وبالأخص إدارة أومابا، وأن هذه المنظمة الإرهابية هي من صنع حكومات إقليمية ودولية لتوظيفها كقوة ضاربة ضد أية حكومة في العالم تخرج على سياسات هذه الحكومات.

 

والدليل كما يلي:

أولا، طريقة سيطرة داعش على الموصل بدون إطلاق رصاصة واحدة بسبب خيانات الضباط الكرد والضباط المحليين حين جاءتهم أوامر من مراجعهم العليا بترك واجبهم الوطني، وطلبوا من الجنود والمراتب بالذهاب إلى بيوتهم وبالملابس المدنية. فالضباط الكرد ذهبوا إلى أربيل، والضباط المحليين أنضم قسم منهم إلى داعش، إضافة إلى الخلايا النائمة التي كانت تنتظر ساعة الصفر لتنفذ مهمتها التي أنيطت بها حسب خطة مدروسة تم إعدادها منذ مدة وبمنتهى الدقة.

 

ثانياً، بعد سقوط الموصل، ومن ثم تكريت تم تسليم إدارتهما إلى البعثيين، لتواصل بهائم داعش، كقوة ضاربة، عملها في احتلال مناطق أخرى، مع إبقاء بعض الداعشيين يستمرون في إرهاب الناس بمعاملتهم بمنتهى القسوة من القتل والتعذيب لكل من لا يستجيب لطلباتهم، ولم يسلم منهم حتى رجال الدين السنة، وما قاموا به من هتك الأعراض، وتدمير الآثار التاريخية، وسرقة المتاحف وغيرها، وهدم التماثيل والآثار بالجرافات، كما و قاموا بجلد رجل دين في ساحة عامة في الموصل لأنه استخدم اسم  (داعش) بدلاً من (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، فالداعشيون يغضبون من تسميتهم بداعش. و تعمل داعش على نشر هذه الجرائم بالفيدو لإرعاب الناس وشل إرادتهم، وهي طريقة عرف بها البعثيون منذ 8 شباط 1963 إلى هذه اليوم.

 

ثالثا، طريقة تعامل الإعلام العربي والعالمي مع هذه الأحداث، بما فيها مؤسسة (BBC)، حيث نسمع عبارات موحدة وبتكرار، مثلاً، لحد اليوم لم يصفوا داعش بالإرهاب، بل بـ(السنة المتطرفين) ضد الشيعة Sunni extremists against Shiits، بينما هم ذبحوا حتى رجال الدين السنة في الموصل وبمنتهى القسوة والوحشية وأمام الناس.

 

رابعاً، إبراز هذه الحرب بين القوات العراقية والإرهابيين بأنها حرب أهلية بين الشيعة والسنة، في حين أن منتسبي الجيش العراقي هم من جميع مكونات الشعب العراقي دون استثناء، إضافة إلى مشاركة عشائر سنية مع الجيش لمحاربة داعش في المناطق الغربية والموصل.

خامساً، تكرار الإعلام والسياسيين العرب والغربيين اتهام رئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، بأن هذه الكارثة من صنعه وذلك بعزله وتهميشه للشركاء في العملية السياسية من السنة والكرد، وهذا غير صحيح. فجميع المكونات ممثلة في الحكومة وحسب نتائج الانتخابات التي أعترف بنزاهتها مراقبون دوليون. فإذا كانت غاية بعض الشركاء في العملية السياسية إفشالها من الداخل، وقاموا بأعمال إرهابية، ودعم الإرهاب وسعوا لإلغاء لإلغاء جميع القوانين والإجراءات الرادعة للإرهاب من أمثال طارق الهاشمي، ورافع العيساوي وأحمد العلواني وعشرات غيرهم، فماذا عسى أن يعمل المالكي إزاء هؤلاء الشركاء وهم في السلطة والإرهاب في آن واحد؟

سادساً، محاولة الإعلام إعفاء داعش من مسؤولية هروب مئات الألوف من أهل الموصل إلى كردستان، فيقابل المراسلون البعض من النازحين وبانتقائية واضحة، وربما تلقينهم ليقولوا ما يريده المراسلون، فيرددون أنهم لم يفروا خوفاً من داعش وإنما خوفاً من تنفيذ المالكي لتهديده باسترجاع المناطق المحتلة بقصفها بالطائرات. فالمالكي ملام في جميع الأحوال.

سابعاً، تقاعس إدارة الرئيس الأمريكي أوباما في الاستجابة لطلب العراق بمساعدته في مواجهة الإرهاب، ضمن اطار الاتفاقية الأمنية الإستراتيجية المعقودة بين الدولتين عام 2011، وتبرير أوباما لتقاعسه وكما جاء في بيانه الذي ألقاه في البيت الأبيض يوم 19/6/2014، أنه "لا يوجد حل عسكري للأزمة في العراق وأن الأمر يتطلب حلا سياسيا". هذه العبارة هي الأخرى تتكرر باستمرار من قبل معظم السياسيين الغربيين والخليجيين، وكأن داعش التي تضم في صفوفها مرتزقة من الشيشان والأفغان وباكستان، وفلول البعث، هم شركاء في العملية السياسية.

 

لماذا يتقاعس أوباما في دعم العراق؟

والسؤال هنا، لماذا يتقاعس أوباما في دعم العراق وتركه ضحية لهذا الإرهاب المتوحش؟

 

الجواب هو، أن أمريكا يحكمه حزبان يتنافسان بشراسة على السلطة وهما: الديمقراطي، والجمهوري. وكل حزب يحاول أن يحارب الآخر ويدمر شعبيته بمختلف الوسائل المشروعة وغير المشروعة. وهذه الحالة ليست جديدة، بل معروفة ومتبعة في أمريكا لعشرات السنين، إذ سمعنا بفضيحة ووترغيت في عهد الرئيس رتشارد نيكسون، والكونترا ضد حكومة ساندانيستا اليسارية في نيكاراغوا، وعملية إيران غيت في عهد الرئيس رونالد ريغن، وغيرها كثير.

 

فالرئيس أوباما يعاني من عقدة الرئيس الجمهوري السابق، جورج دبليو بوش، وصار من أولوياته إلى حد الهوس هو إفشال كل ما حققه بوش في العراق بإسقاط حكم البعث الجائر وإقامة النظام الديمقراطي فيه. والمعروف أن أوباما كان معارضاً لسياسة بوش في العراق قبل أن يصبح رئيساً. ولذلك ومنذ تسلمه الرئاسة عام 2009، راح أوباما يعمل على إفشال مشروع بوش في العراق وبمختلف الوسائل والحجج. إذ نراه اليوم يتردد في بيع السلاح لتسليح الجيش العراقي لمواجهة الإرهاب، وسكوته عن دور الشركاء في العملية السياسية في الإرهاب، بل ويلقي اللوم على المالكي.

 

وفي هذا الخصوص لا بد وأن يتحمل السيد المالكي نصيبه من اللوم في معارضته لإبقاء نحو 15 ألف جندي أمريكي في العراق حسب ما طلبت به أمريكا إثناء المفوضات بين العراق وأمريكا لإبرام الاتفاقية الأمنية الإستراتيجية بينهما، وذلك لإصرار العراق على شرطه أن يحاكم العسكري الأمريكي إذا ما ارتكب جريمة في العراق بقوانين عراقية. وقد نصحنا الحكومة العراقية بتقوية علاقتها مع أمريكا والموافقة على وجود بعض القوات الأمريكية في العراق لتدريب جيشه، ومساعدته في مواجهة الإرهاب عند الحاجة. ولكن للأسف الشديد لم يستجب لندائنا أحد.

 

ولكن من جهة أخرى، علمتُ من قيادي سياسي عارف بالأمور، أن إيران هددت المالكي أنه في حالة موافقته على إبقاء قوات أمريكية في العراق، فإنهم (الإيرانيون) سيحيلون العراق إلى جهنم! وأعتقد بإمكان إيران تنفيذ هذا التهديد عن طريق بعض المليشيات الشيعية (اتباع الصدر). وهذا هو الذي جعل المالكي يمتنع عن إبقاء قوات أمريكية في العراق. والمفروض بالأمريكان أن يعرفوا هذه الحقيقة ويتفهموا الموقف العراقي الحرج .

 

علاقة أمريكا بداعش

هناك مقالات صدرت في الغرب بعد كارثة داعش في العراق، تساعدنا على فهم الأزمة العراقية وحقيقة داعش. ففي مقال للسيد خالد سنجاري بعنوان: الكارثة العراقية والجيوبوليتكس Iraqi Calamity and Geopolitics))، توصل الباحث إلى استنتاج مقنع أن داعش هي صناعة مخابرات دول إقليمية (السعودية وقطر وتركيا) وبدعم ومباركة أمريكا، لاستخدامها في زعزة أمن واستقرار الدول التي تخرج على سياسات أمريكا وصديقاتها في المنطقة، كما حصل في سوريا ضد حكومة بشار الأسد، ويجري الأن في العراق ضد حكومة المالكي، والقضية أبعد من العراق، فالهدف هو زعزعة إيران وروسيا والصين.

 

وفيما يخص إيران ومحاولة أمريكا "التقرب" منها لدعم العراق ضد داعش، يرى الباحث البريطاني فنيان كننغهام في مقال له بعنوان: (الولايات المتحدة تقود إيران إلى المستنقع العراقي US Leading Iran into Iraqi Quagmire)، أن ما يجري في العراق هو من صنع أمريكا وسبب تردد أوباما في دعم العراق هو منح داعش الوقت الكافي لاحتلال أكبر مساحة ممكنة من العراق لتضمن مصادر بقائها من جهة، ومن ثم إقناع إيران للتورط في المستنقع العراقي. والغاية الأخرى من هذه الحملة هي تجزئة العراق، الدعوة التي بدأها نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل سنوات,

 

وهذه اللعبة تعني أن أمريكا تريد الانتقام من إيران، كما انتقمت من سوريا، لأن سوريا وإيران جعلتا العراق مستنقعاً لأمريكا بعد 2003. وإن صح ذلك فهذا يذكرنا بجر الاتحاد السوفيتي إلى المستنقع الأفغاني، الأمر الذي استنزف الاقتصاد السوفيتي إلى حد الإنهيار.

 

وعن منظمة داعش الإرهابية يقول كننغهام: "إن منظمة داعش المتطرفة بشكلها الحالي هي صناعة أمريكا وتدعمها سراً، جنباً إلى جنب مع حلف شمال الأطلسي وحلفاء واشنطن في الخليج. ففكر داعش هو انعكاس لشيوخ الوهابية في السعودية وقطر، وكلاهما قد خصص أكثر من 10 مليار دولار في دعم داعش والجماعات المتطرفة الأخرى، مثل جبهة النصرة."

 

وتأكيداً لدور السعودية وقطر في دعم داعش، "اتهم السيناتور الامريكي جون ماكين ، الكيان السعودي بتمويل مجاميع "داعش" الاجرامية في العراق، مطالبا واشنطن بالضغط على حكام آل سعود لوقف تمويل ودعم تنظيم" داعش" التكفيري.

 

ورداً على سياسات أوباما المدمرة في العراق شن ديك جيني، نائب الرئيس الأمريكي السابق، هجوماً كاسحاً على أوباما حول سياسته الخاطئة في التعامل مع الملف العراقي في حديث له في (معهد أميركان إنتربرايز للأبحاث السياسية العامة) في واشنطن العاصمة قائلاً:

 

"نادرا ما كان أي رئيس أمريكي على هذا القدر من الخطأ، وبهذا الحجم، وعلى حساب الكثير. في كثير من الأحيان قال لنا السيد أوباما انه "ينهي" الحروب في العراق وأفغانستان، كما يرغب. والآن تحطم خطابه باصطدامه بالواقع ". إذ نرى جهاديي داعش وهم في ملابسهم السوداء يحتلون الأراضي التي أمنت عليها أمريكا عن طريق الدم الأمريكي وهو الدليل النهائي، أي إذا كانت هناك حاجة لأي دليل، أن أعداء أمريكا لم "يهلكوا" وإنما هم مازالوا يستقوون ويواصلون مسيرتهم.

 

هذه المواقف المتخاذلة من أوباما ورد فعل القادة الجمهوريين ضده، وما كتبه الإعلام عن حقيقة ما يجري، وسكوت أوباما على ما ترتكبه داعش الإرهابية في العراق، وبعد صدور فتوى الإمام السيستاني للعراقيين المقتدرين على حمل السلاح، والتجاوب الشعبي الواسع للفتوى الذي أذهل العالم، وخوف أوباما أن تخرج الأمور من يد أمريكا كما حصل في دعمهم للقاعدة وطالبان في أفغانستان، والتي كانت من عواقبها كارثة 9 أيلول/سبتمبر 2001، كل هذه الأمور دفعت أوباما إلى تغيير موقفه نسبياً وربما لتهدئة العراقيين واللرأي العام الأمريكي والعالمي، عندئذ، قال أوبما: (إن بلاده مستعدة لتنفيذ "ضربات عملية عسكرية محدودة في العراق إذا تطلب الأمر" لمواجهة الخطر المتنامي للمتطرفين، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا عودة لوحدات قتالية أمريكية إلى العراق. وأن الولايات المتحدة سترسل 300 مستشار عسكري إلى العراق، وإنها ستنشئ مراكز عمليات مشتركة في بغداد وشمالي العراق. وعززت من نشاطاتها الاستخبارية وعمليات الرصد في العراق من أجل دراسة المخاطر التي تهدد العاصمة بغداد."

 

وليفضح دوره في دعم داعش، قال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، "إن قيام الولايات المتحدة بشن ضربات جوية على عصابات "داعش" في العراق يمكن أن يؤدي لسقوط أعداد كبيرة من القتلى المدنيين وإن واشنطن لا تحبذ هذه الاستراتيجية". بينما أردوغان لم يعترض على جرائم داعش الفضيعة في القتل الجماعي ضد العراقيين العزل في المناطق التي احتلتها.

 

الموقف الأمريكي من المالكي

رغم أن الرئيس أوباما تحفظ في إعطاء رأيه الخاص في بقاء أو رحيل المالكي، وهل سيتمكن المالكي من إعادة الاستقرار السياسي إلى العراق؟ حين سأله أحد الصحفيين، فأجاب:

 

"كما قلت، انها ليست وظيفتنا أن نختار الزعماء للعراق. وكان من بين ما حارب الامريكان من أجله خلال سنوات عديدة في العراق، هو توفير الفرصة للعراقيين لتقرير مصيرهم واختيار قادتهم.)

 

والجدير بالذكر، أن هناك حملة في الإعلام الغربي وخاصة في أمريكا ومنذ السفرات المكوكية التي قام بها أسامة النجيفي وصالح المطلق في العام الماضي، وتأجيرهم لشركات العلاقات العامة (Public Relation=PR)، للتأثير على أعضاء الكونغرس ومجلس الشيوخ الأمريكيين، وبالتالي للتأثير على موقف إدارة أوباما. ويبدو أن هذه الشركات نجحت في تكوين لوبيات في واشنطن لصالح النجيفي والمطلق، وهي نتاج الملايين الدولارات التي صرفها هؤلاء وبدعم من السعودية وقطر.

 

ومهمة هذه الشركات واللوبيات تشويه صورة المالكي، وإظهار الزبائن بالمساكين المظلومين المهمشين من قبل المالكي!!. والتركيز على فكرة مفادها أن المالكي دكتاتور، قام بتهميش وعزل السنة والكرد، وسياسة المالكي هذه أدت إلى تفشي الفساد والإرهاب، وأنه فشل في تحقيق الاستقرار وتوفير الخدمات للشعب، وإرضاء الشركاء في العملية السياسية. وراح الإعلام الغربي وبعض القادة السياسيين يرددون هذه العبارات بمناسبة ودونها.

 

وإنصافاً للحقيقة نقول، لا يمكن للمالكي أن يهمش أحداً، وإنما هناك حملة للتخلص منه لأنه صمد أمام العواصف، والتزم بالدستور، فالسنة لم يتحملوا أن يكون شيعياً رئيساً للوزراء، وقالها مستشار أسامة النجيفي صراحة: "الحكم للسنة و هم من حكموا العراق طيلة القرون الماضية ولا نسمح للشيعة باختيار رئيس الوزراء". وإذا ما نجحوا في إزاحة المالكي فالبديل إذا كان شيعياً لن يدوم أكثر من ستة أشهر.

 

أما الكتلة الكردستانية بجناحها البارزاني، فيريدون التخلص من المالكي لأنه يرفض أن يخالفوا الدستور بالتصرف بنفط كردستان كما يشاؤون. هذا كل ما في الأمر.

 

ولذلك لجأ خصوم المالكي بإثارة الاضطرابات في البلاد على شكل اعتصامات ، وتصعيد الأعمال الإرهابية وسيطرة داعش على بعض المناطق في محافظة الأنبار، تكللت مؤخراً بما حصل في الموصل والذي كان مخططاً له أن يحصل قبل عام، ولكن اجلوه إلى ما بعد الانتخابات، فإذا فاز المالكي وأصر على الولاية الثالثة يطلقون العنان لداعش بكل طاقاته، كما حصل باحتلال الموصل وبمساعدة رئيس الإقليم الكردستاني، والسعي لاحتلال بغداد وإسقاط الحكومة بالقوة. وهذه الخطة بدأت خيوطها تتكشف للعيان، وهي ليست من هذه العصابة الداعشية التي ما هي إلا بهائم للتنفيذ تتصرف بلا عقل، إذ وراءها دول أقليمية (السعودية وقطر وتركيا) وكذلك بعض الدول الغربية وخاصة أمريكا، ومن هنا نجد تقاعس الرئيس الأمريكي في دعم العراق ومساعدته في دحر الإرهاب.

 

والسؤال هنا، كيف تقبل أمريكا الديمقراطية الليبرالية التي تسعى لنشر الديمقراطية في العالم، أن تضرب نتائج الانتخابات في العراق عرض الحائط، وتترك الأمر بيد عصابات إرهابية من مرتزقة الشيشان والأفغان وباكستان والسعودية، ليقرروا من يشكل الحكومة؟

 

إن موقف أوباما من داعش، والضغط على المالكي بالتنحي، وترك داعش لتقرر من يحكم العراق، هذه خيانة كبرى للديمقراطية والعدالة والقيم الإنسانية، وإذا ما تحقق لهم ما يريدون، فلن تبقى أية مصداقية لأمريكا في العالم.

 

لذلك، نؤكد للرئيس أوباما، وكل من استخدم الوسائل الداعشية لتنفيذ الأعمال القذرة في العراق، ولأغراض مخالفة للدستور أن "حساب الحقل لا ينطبق على حساب البيدر"، و أن كيدهم سيرتد إلى نحورهم. يبدو أن هؤلاء المراهنين لم يعرفوا طبيعة الشعب العراقي وسايكولوجيته الاجتماعية. الشعب العراقي يرفض الإملاءات الخارجية عليه. فالمالكي حصل على أكبر عدد من أصوات الناخبين، نحو ثمانمائة ألف صوت في بغداد وحدها، أما كتلته (دولة القانون) فقد حصلت على 95 مقعداً، فهل من الديمقراطية بمكان أن يزاح هذا الرجل وهو الذي قاد العراق لثمان سنوات في أحلك الظروف، ويحل محله أحمد الجلبي الذي لم يحصل على أكثر من ألفين صوت؟ أية ديمقراطية هذه؟ ولذلك، وكما نشرت صحيفة الواشنطن بوست أن الأزمة الأخيرة رفعت من شعبية المالكي. لذلك فأية محاولة لإزاحة المالكي بالقوة إرضاءً لأسياد داعش فسيكون مردودها كارثة على العراق وعلى الذين يحاولون تنفيذ هذه الخطة الجهنمية. وليتمسك الرئيس أوباما بما صرح به في مؤتمره الصحفي: " إن بلاده لا تستطيع اختيار قادة العراق فهو أمر يعود للعراقيين أنفسهم". 

 

 

ونضيف: أن من يقرر مصير المالكي ومن يتسنم رئاسة الحكومة في العراق، هم نواب الشعب وتحت قبة البرلمان العراقي وليس الداعشيون من مرتزقة السعودية وقطر وتركيا.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.