اخر الاخبار:
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

حول التعامل مع حزب البعث// عبدالخالق حسين

اقرأ ايضا للكاتب

حول التعامل مع حزب البعث

عبدالخالق حسين

 

نشر الصديق الدكتور عبدالرحمن جميل مقالاً بعنوان: "من يرفع الحظر عن حزب البعث؟"، ناقش فيه محنة مجلس النواب العراقي "في كيفية التعاطي مع بعض مشاريع القوانين من بينها، مع ما يتعلق بالاستمرار في حظر حزب البعث وتجريمه أو  رد الاعتبار له في هذه المرحلة الحساسة والمعقدة التي يمر بها النظام السياسي في العراق... من النواب من يرى أن استقرار البلاد وأمنها مرهون بعودة حزب البعث ووجوده ، فيما آخرون يشككون في نوايا البعث مستندين في مواقفهم على ممارساته السابقة عندما كان الحزب الوحيد الحاكم في العراق ورفضه، بل انتقامه من كل المنتمين لأحزاب سياسية دونه." و "ويعتمد المشككون في نوايا حزب البعث في موقفهم أيضاً على بيانات الحزب المنشورة على صفحته الإلكترونية (ذي قار)، وتأكيده الأخير على عبارة (سنعود بقوة السلاح) كما يبثه تلفزيون(الفارس العربي) المملوك للحزب."(1)

 

وبعد مناقشة موضوعية، توصل الكاتب إلى استنتاج أجتزئ منه:

".. اذا كانت لديه [البعث] النية في نبذ شعاره المقزز (بعث تشيده الجماجم والدم...)، ويعتذر عن كل الذي ارتكبته تنظيماته وأجهزته خلال حقبة ما قبل 2003 ويتعهد أمام الشعب العراقي بقبوله الدخول في العملية السياسية على أساس مبدأ التنافس الحر في الانتخابات، ويتخلّى عن مبدأ اللجوء الى العنف ونزعة الكراهية والعنصرية والاستعداء الواردة لحد الآن في شعاراته وأدبياته وبما يتفق مع مبادئ الدستور... إن خطوة صريحة وجريئة في هذا الاتجاه لا تحتاج الى وساطة آخرين.. بل أنها اذا ما جاءت من الحزب وعلى لسان قيادته (الحالية أو الجديدة) فأنها ستُسقط كل الأسباب الموجبة لاستمرار الحظر المفروض عليه، وبعكسه لماذا يريدون رفع الحظر عن حزب البعث؟"(نفس المصدر-1).

 

ونظراً لأهمية المقال، و خطورة ما تضمن من اقتراح واستنتاج، قمت بتعميمه على مجموعة من المعارف والأصدقاء. وبدوري استلمت نيابة عن الكاتب، تعليقات مهمة من عدد من القراء الأفاضل، ركزوا فيها على نقطة مهمة مفادها، أنه حتى ولو اعتذر البعث و"تعهد أمام الشعب العراقي بقبوله الدخول في العملية السياسية على أساس مبدأ التنافس الحر في الانتخابات...الخ"، فمن الغباء التصديق به والركون إليه، وذلك لما نعرف من تاريخ هذا الحزب الفاشي الطائفي في التنكر لتعهداته وتحالفاته. وأذكر في هذا الخصوص نموذج واحد من صديق جاء فيه: "في رأيي ان التاريخ الذي منح البعثيين فرصة تسلق السلطة لمرتين، فان منحها لهم للمرة الثالثه، فالذنب حينذاك ليس ذنب التاريخ، بل ذنب العراقي الذي يسمح (للمؤمن ان يلدغ من جحر مرتين).

 

والحقيقة، أن الأخ الكاتب أكد هذه المسألة عندما أعاد على الأذهان نوايا حزب البعث وترديده لعبارة (سنعود بقوة السلاح). وهذا يعني أن الكاتب أراد تجريد دعاة رفع الحضر عن البعث من حججهم، وأكد في نهاية المقال بقوله: "... وبعكسه لماذا يريدون رفع الحظر عن حزب البعث؟". وهذا يعني أنه من المستحيل أن يتخلى حزب البعث عن عنجهيته في "العودة بقوة السلاح".

 

فالتاريخ لم يمنح أي حزب عراقي، الفرصة لحكم العراق لوحده ولخمسة وثلاثين سنة، كما أعطى حزب البعث. ولكن هذا الحزب، ولأسباب فاشية وعنصرية وطائفية، فوَّت الفرصة على نفسه وعلى الشعب العراقي، فلو كان صادقاً مع نفسه، ومخلصاً لشعاراته البراقة المرفوعة، لانتقل بالعراق إلى مصاف العالم الأول في التحضر والتقدم. ولكن بدلاً من ذلك أهدر حكم البعث الثروات المادية والبشرية الهائلة على حروبه العبثية، الداخلية والخارجية، وأحال العراق الذي كان يسمى ببلاد السواد، إلى صحارى وخرائب وأنقاض، وملأه بالمقابر الجماعية، وقتل نحو مليونين، وشر نحو خمسة ملايين من شعبه في الشتات. وعليه فهذا الحزب هو أسوأ من الحزب النازي الألماني. وإذا كان الحزب النازي مازال محظوراً ورغم مرور نحو 70 عاماً على إسقاط حكمه، فحظر حزب البعث مطلباً ملحاً أكثر لا يقل إلحاحاً وشرعية عن حظر الحزب النازي الألماني.

 

هذا الموضوع ليس جديداً، فأنصار البعث لهم وجود واسع و ملحوظ ومؤثر منذ 2003، في الحكومة والبرلمان، ومنظمات الإرهاب التي ترتكب جرائمها اليوم باسم "داعش"، وتخطط لتغيير الاسم إلى (الحرس الوطني) لإضفاء الشرعية على تنظيمات الإرهاب، وبتكاليف تدفعها لهم الحكومة العراقية من أموال الشعب المظلوم. وقد ناقشتُ هذا الموضوع في عدة مقالات قبل سنوات، منها مقالي الموسوم: (مخاطر عودة البعث بين الحقيقة و"الخروعة")(2) عام 2009، رداً على مقال السيد عودة  وهيب بعنوان ("خرّوعة" البعث لن تخيف طيور الحرية). وألحقته بمقال آخر بعنوان: (التحذير من عودة البعث، بين المعقول واللامعقول)(3).

 

حذرت في المقالين وما تلاهما من مقالات، أنه حتى لو اعتذر قادة حزب البعث للشعب العراقي عن أخطائهم، وتعهدوا بدعم الديمقراطية، (وهو من سابع المستحيلات)، فإنهم لن يلتزموا بعهودهم ومواثيقهم، لذلك يجب عدم الثقة بهم مطلقاً. وللتذكير أعيد الفقرات التالية:

 

صحيح أن الشعب العراقي بمعظمه هو ضد حزب البعث، ولكن متى أعار البعث اهتماماً بموقف الشعب منه؟ وهل كان البعث في أي فترة من تاريخه تمتع بشعبية لدى العراقيين؟ وهل الشعب العراقي هو الذي انتخب البعث في 8 شباط 1963، أم اغتصب السلطة عن طريق مجزرة بشعة؟ وكذلك في عودتهم الثانية للحكم عن طريق ما أسموه بالانقلاب "الأبيض" في 17-30 تموز 1968؟ فكلنا نعلم أن البعث مكروه من قبل الشعب، والبعثيون يعرفون هذه الحقيقة قبل غيرهم، لذلك يقترفون أبشع الجرائم بحق الشعب انتقاماً منه، سواءً كانوا في السلطة أو خارجها.

كذلك من الخطأ المطالبة بمصالحة البعثيين والسماح لهم بممارسة السياسة ومشاركتهم في السلطة أسوة بما حصل في الاتحاد السوفيتي وجمهورية جنوب أفريقيا. لأن قادة الشيوعيين السوفيت هم الذين قادوا الإصلاح السياسي، فغورباتشوف بدأ الغلاسنوت والبرسترويكا، ويلتسن كان عضو المكتب السياسي للحزب، ورئيساً لجمهورية روسيا السوفيتية، وكذلك فلاديمير بوتين (الرئيس الحالي) كان رئيساً للإستخبارات السوفيتية(KGB) ، وبذلك فالحزب الشيوعي الحاكم هو الذي مهد للتحولات السياسية.

 

كذلك فيما يخص التحولات الثورية في جمهورية جنوب أفريقيا في الانتقال من النظام العنصري إلى النظام الديمقراطي الليبرالي عام 1994، فرئيس الوزراء ديكلرك (في النظام العنصري) هو الذي بادر في الاتصال بقيادة المعارضة وعلى رأسها المناضل نيلسون مانديلاً. فهل قام البعثيون بأية مبادرة إصلاحية في العراق؟ أم كانوا يشنون حملات الإبادة ضد القوى الوطنية، و مازالوا يحرقون العراق ويناهضون العملية السياسية الديمقراطية؟ لذلك فتشبيه البعثيين العراقيين بشيوعيي روسيا وغيرها من جمهوريات الإتحاد السوفيتي، أو بما جرى في جنوب أفريقيا غير وارد، والفرق واسع كالفرق بين الأرض والسماء.

 

وبناءً على ما سبق، فالبعث لن يعتذر وهو أسوأ من النازية، ولا يمكن أن يقبل بالديمقراطية، وهذا جزء من دستوره الذي يستهين بالوسائل الديمقراطية في استلام السلطة، ويعوِّل على الانقلابات العسكرية وقوة السلاح والإنفراد بالسلطة. لذلك فمن واجب كل القوى الوطنية الخيرة، وبالأخص المثقفين، عدم الاستهانة بمخاطر البعث الفاشي، وتذكير الشعب دوماً بجرائمه، إذ كما قال الفيلسوف جورج سانتايانا: "الذين لا يتذكرون الماضي محكوم عليهم بإعادة أخطائه".

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

http://www.abdulkhaliqhussein.nl/

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

روابط ذات علاقة

1- عبدالرحمن جميل، من يرفع الحظر عن حزب البعث؟

http://www.alakhbaar.org/home/2015/2/184990.html

 

2- عبدالخالق حسين: مخاطر عودة البعث بين الحقيقة و"الخروعة"

http://www.sotaliraq.com/articlesiraq.php?id=51922#axzz3RQTX8FKX

3- عبدالخالق حسين: التحذير من عودة البعث، بين المعقول واللامعقول

 

http://www.abdulkhaliqhussein.nl/index.php?news=333

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.