اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• مكنسةٌ وزنبيل وحمار

حامد كعيد الجبوري

مقالات اخرى للكاتب

إضاءة

مكنسةٌ وزنبيل وحمار

نهاية الخمسينات من القرن المنصرم و تحديدا عام 1958 م دخلت الصف الأول الابتدائي بمدرسة العدنانية في الصوب الصغير من مدينة الحلة ، ننهض مبكرا لنهيأ أنفسنا للذهاب الى المدرسة ، في محلتنا التي تسمى ( الوردية ) نجد رجلين أحدهما يحمل ( مكنسة ) تختلف عما نراه في بيوتنا ، ( المكنسة ) مصنوعة من سعف النخيل كبيرة الحجم موضوعة على غصن شجرة يابس و طويل يسمى ( الربد ) ، وشخص آخر يحمل بيده اليمنى ( زنبيل ) مصنوع من سعف النخيل ( الخوص ) وفي يده اليسرى ( مجرفة ) وهي أيضا من مخلفات الأشجار ، ويقود حمارا يوضع على ظهره ما يسمى ( السابل ) وهو أيضا يصنع من سعف النخيل ، واجب الرجل الأول حامل ( المكنسة ) جمع الأوساخ ومخلفات البيوت ويجمعها على شكل تلال صغيرة ويسمى ( الكناس ) ، وواجب الرجل الثاني جمع تلك التلال الصغيرة من الأوساخ ووضعها داخل ( الزنبيل ) ونقلها الى ( السابل ) الموجود على ظهر حماره ، وطبعا للحمار مخصصات مالية تصرف من نثرية البلدية ، بهذه الإمكانيات القليلة كنا نجد محلتنا نظيفة جدا ، وطبعا لكل محلة من محلات الحلة العشر لها منظفوها ، ولمجموع هؤلاء المنظفون مراقبا يجوب المدينة صباحا على قدميه ليتأكد من عمل منظفيه ويسمى هذا الرجل ( الجاووش ) ، ومن المفيد قوله أن أصحاب البساتين الصغيرة كانوا يشترون تلك الأوساخ من أصحاب الحمير ليجمعوها في مكب كبير ومن ثم تحرق لتصبح سمادا عضويا لأشجار بساتينهم ، ومعلوم أن هؤلاء الرجال ( الكناس ، الزبال ، الجاووش ) عمال خدمة يتقاضون رواتب مجزية يستطيعون بها إيصال أولادهم لصفوف الدراسة ، ورواتبهم تزيد على ( 18 ) دينار عراقي ، علما أن راتب معلم المدرسة هو ( 28 ) دينارا ، بمعنى أن الفرق غير كبير كما نراه في رواتب الحكومات الوطنية الحالية ، وكانت مدننا نظيفة وشوارعنا أنظف بعدد قليل جدا من هؤلاء خدمة الناس ، اليوم ولا مقارنة بينه وبين أمس ، أجد أن غالبية المحافظات العراقية تشكوا من تراكم النفايات والأوساخ في محلاتها وشوارعها ومتنزهاتها رغم المبالغ الكبيرة التي تذهب لجيوب أناس بعينهم ، قبل أيام صرح مدير بلدية محافظة صلاح الدين قائلا أن مبلغ ( 17 ) مليار دينار عراقي لا يكفي لتغطية نفقات عمال الخدمة ، ومعلوم أيضا أن محافظة صلاح الدين قياسا لعدد سكانها أقل مبلغا للتنظيف من المحافظات العراقية الأخرى ، لا نعرف كم يصرف لبغداد العاصمة ، أو لحدباء الموصل ، أو لبصرة الثغر العراقي ، مجرد تسائل أضعه أمام المعنيون في الحكومات المحلية وأقول ألم تكن مدننا ( بالمكنسة والزنبيل والحمار ) أنظف بكثير من تكنولوجيا السيارات التي تنظفون بها مدننا الحالية ؟ ، رحمة بخزينتنا ورحمة بنظافة مدننا أصحاب المعالي وأصحاب الجيوب المنتفخة ، للإضاءة .......... فقط .

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.