صبراً أيها الشهداء !!!!// حامد كعيد الجبوري

اقرأ ايضا للكاتب

           إضاءة

ولو أسمعت لو ناديت حيا/ ولكن لا حياة لمن تنادي

صبراً أيها الشهداء !!!!

حامد كعيد الجبوري

 

   كثيرون فقدوا أبنائهم بأشرف انتفاضة عرفها الشعب العراقي وهي انتفاضة آذار الخالدة ، ونعرف جميعا نحن أبناء الحلة مواقع المقابر الجماعية ولكن من يستطع الوصول أليها ، وما أن سقط النظام الفاشي حتى هرع أبناء بابل لتلك المقابر ونبشوا التراب ووجدوا الآلاف من جثث أبناء بابل ، وغطت القنوات الفضائية العربية وغيرها تلك المأساة الإنسانية الكبيرة ، أطفال لا تزل رضاعتهم بأفواههم ، شباب بعمر الورود ،نساء وكهول ، سيارة ( كوستر ) تحمل 24 راكب بمختلف الأعمار دفنوا مع السيارة أحياء ، وتحدث الكثير من الساسة الجوف أن هؤلاء جنود إيرانيون دخلوا العراق ليسقطوا أو ليساعدوا بسقوط نظام صدام ، وخرست تلك الأصوات ما أن بدأ استخراج جثث الأطفال والنساء ولم يبق لهؤلاء الجوف إلا الخرس .

     اليوم 25 / 3 / 2014 م  رافقت وفدا من الشعراء والفنانين العرب والأجانب لزيارة دائرة الشهداء والمقبرة الجماعية في الحلة لأني من أسرة المهرجان ، مهرجان بابل للثقافات والفنون الثالث ، ويا ليت لم أذهب لهذه المهمة ، دخلنا لدائرة الشهداء واستقبلنا من قبل وكيل مدير الدائرة وحدثنا عن مأساة المقابر الجماعية ، وحدثنا شخص فقد ( 14 )  من أسرته ولم يبق من عائلته إلا هو ، أبوه ، أمه ، إخوانه ، أخواته ، كلهم قتلوا ،  كان عمره سنتان وكفله جار لهم قبل أن يأخذه أقاربه ، قصص لا يمكن أن يصدقها إنسان ، ولا يرتكبها حيوان بحق أبناء جلدته .

    خرجنا من الدائرة صوب المقبرة الجماعية التي لا تبعد عن مركز مدينة الحلة سوى بضع كيلومترات ، باتجاه مدينة النجف الأشرف مجاورة لمرقد (أبو بكر بن علي بن أبي طالب ) الذي جرح في معركة الطف وأخذه بعض الأعراب وأتوا به صوب مساكنهم القريبة من ( بورسيبا ) وتوفي من جراحته في هذا المكان ودفن فيه ، هكذا تقول الرواية  ، كان يرافقنا الفنان السوري ( هاني نديم ) ، والشاعرة السورية ( سمر محفوض ) وليس محفوظ كما تريد ، والشاعر اليمني ( أحمد ) ، وشاعر أيراني ( صادقي ) ، وشاعرة أنكليزية أسمها ( أنكز ) بمرافقة زوجها ، وأكرر ليتني لم آت لهذا المكان ، مكان بائس ومهمل ، لا قدسية لشهيد ضحى بنفسه ليجلس ( شعيط ومعيط ) كما يقولها موفق محمد على كراسي أخذوها من دم هؤلاء الشهداء ، الصور الموجودة لم تكلف حكومة بابل المحلية ومجلس محافظتها حتى صبغ الأعمدة الحديدية البسيطة جدا والتي بدأ الصدأ يأكلها ، لم يكلف أحد نفسه ليعبد الطريق الذي لا يتعدى طوله 100 م بمادة الإسفلت أو القار ، ومعلوم أنها مقبرة رمزية فالشهداء السعداء نقلوا لمقبرة السلام ، أما الشهداء المجهولون فدفنوا بهذه المقبرة البائسة ( كومة تراب ) ، ووضعت لهم شواهد عبارة عن صفيحة صغيرة لا تتجاوز مساحتها  15 سم في 15 سم ، مرفوعة عن الأرض بخشبة غرزت في التراب ، فتجدها غير متناسقة وتدل على عدم اكتراث المعنيين بدماء هؤلاء الشرفاء ، بكى الجميع لهؤلاء الذين ضحوا بدمائهم الشريفة ، ووقفت الشاعرة الإنكليزية باكية وبدأت تقطف الحشائش التي نبتت عشوائيا وجعلتها كباقة من الزهور لتنثرها على تلك القبور الترابية .

      أناشد دولة رئيس وزراء العراق ، وبرلمان العراق ، ومجلس محافظة بابل ، وحكومة بابل المحلية ، وكل من له صوت ولا احدد جنس ذلك الصوت ، أن يصار الى إلغاء هذه المقبرة الجماعية كرامة لمن ضحى بدمه وشبابه ليمنحنا حريتنا ، أو نجعلها أفضل من الخضراء التي يسكنونها ، كما هو معمول بالدول التي تحب شهدائها حقا  ولا يصعدون على دماء الأبطال زورا وبهتانا ، ولينظر هؤلاء الذين ذكرتهم جميعا لمزبلة صدام القابع في غار الرذيلة كيف صنعوا له قبرا يباهي به قبور الصحابة والأولياء ، وهل يفضل الجلاد على ضحيته ؟ ،

 (ولو أسمعت لو ناديت حيا / ولكن لا حياة لمن تنادي ) ،

 

 للإضاءة .... فقط .