• مفيش حد أحسن من حد

حامد كعيد الجبوري

مساهمات اخرى للكاتب

       مفيش حد أحسن من حد

 

     هناك مثل شعبي عراقي وهو بيت من الشعر الشعبي جميل جدا  يقول ، ( يا ريت حوبتنه تبين / طبيبين والثالث أمزين ) ، ومن المؤكد أن الكثير لا يعرف معنى هذا البيت الذي أصبح  مثلا ، و ( يا ريت ) هي للتمني ، و ( حوبتنه ) بمعنى الظليمة التي وقعت علينا ودعونا الله ليأخذ لنا حقنا ممن ظلمنا ، و ( تبين) بمعنى تظهر العلامة على ذلك الظالم ، و ( طبيبين ) بمعنى أن ذلك الظالم الذي أفترى علينا يمرض ويذهب لطبيبين فقط لعلاجه ، وأما الثالث فهو الحلاق الذي يكون على يده موت ذلك الظالم ، والحلاق هنا هو الطبيب الجراح الذي يموت الظالم تحت مشرط يده ، كل هذا المثل والتوضيح له  بسبب تلك الأقاويل التي لا يزال العرب يرددونها اتجاه الشعب العراقي ، وعودة ل 9 / 4 / 2003 م وسقوط صنم الدكتاتورية صدام والفراغ الذي أفتعله الجيش الأمريكي المحتل ، وتخريب ألبنا التحتية العراقية ، وفتح أبواب المصارف الحكومية من قبل المحتل ليسرقها قسم من الأحزاب والمرتزقة ، والكل يتذكر كيف تصدى العراقيون الشرفاء  لمفردة ( علي بابا ) ، وكيف وقف الشعراء وبخاصة الشعبيون منها لدرء تلك الفرية على الشعب العراقي ، ويذكر الجميع أيضا أن الناس ، بل قل العوام منهم سرقوا مقرات الحزب المنحل ، وثكنات الجيش العراقي الذي سرّح نفسه من الخدمة آنذاك ، ولم يكن هناك تواجد فعلي للشرطة العراقية  ، ومع كل هذا لم تسجل حادثة سطو أو سرقة لبيوت المواطنين ، وهذا يدلل على أن الشعب العراقي كان مترقبا للتغيير لا غير ، وأذكر هنا أن أحد أقاربي سرق من مقر الحزب المنحل جهاز حاسوب ، ولأن سكني قريب لذلك المقر فقد جاء قريبي بالذي سرقه ليضعه أمانة لدينا ليعود ثانية لجلب شئ مسروق آخر ، قلت له أني لا أوافق على إدخال شئ مسروق لداري ، قال لي أن الكل الآن يسرق كل شئ ، قلت له أنا لست من الكل ولا أسمح ببقاء الحاجة المسروقة لدي ، أجابني وماذا سأفعل إذن ؟ ، قلت له أعد الذي سرقته الى تلك اللجان التي شكلت لتستلم المسروقات وخذ وصلا به ، ذهب الرجل الى تلك اللجان التي اكتشفنا أن القسم الكبير منها مزيف ، وكانوا يأخذون المسروقات من السراق ، بمعنى أدق أن هؤلاء عصابة اتخذت من الدين وسيلة لتسرق ما سرقه الأصغر منهم من السراق ، وحادثة المتحف العراقي معروفة للجميع ، فاللصوص الأمريكان أخذوا السمين وتركوا الغث لغيرهم وهكذا .

    ما حدث في جمهورية مصر العربية ، وقبلها في تونس الخضراء ربما يتشابه مع ما حدث في العراق ، معلوم ان الجوع سيف مسلط على الرقاب جميعا ، وهذا ليس تبريرا للسرقة ، وقديما أطلقها الاشتراكي الإسلامي أبو ذر الغفاري حيث قال ، ( عجبت لمن لا يجد قوته لا يحمل سيفه ) ، وليس في بلاد العرب وحسب بل في العالم أجمع ، كلنا يتذكر ما حدث في فرنسا قبل سنوات قليلة من تحطيم لواجهات المحلات وسرقة محتوياتها ، والجوع كما قلنا قاتلا فها هو جد الرئيس الأمريكي الأقدم ( ريغان ) يأكل من جثة صديق له مات وهما ببلاد الاسكيمو بعد أن واجهتهم عاصفة ثلجية أضاعا من خلالها الطريق ، وما ألصقه العرب بنا وعيرونا به من نهب للمتحف العراقي حدث ببلاد الفراعنة أيضا ، مع ملاحظة الفارق ، الجيش الأمريكي المحتل للعراق يحطم أبواب المتحف ليسرقه ، في حين أن أبناء الشعب المصري حطموا أبواب متحفهم ليسرقوه دون قوات أمريكية مساعدة  ، لم يسرق العراقيون بيوت أهليهم في حين نجد ( البلطجية ) المصرية تسرق بيوت أهل مصر الشرفاء ، وما حدث من نهب للمصارف الحكومية في العراق حدث أيضا بمصر ، ولكن العراقيون لم يحطموا محلات الناس أو التجار لينهبوها ، ونرى الشعب المصري فعلها ، وشاهدنا ما حدث على الفضائيات من محاولة أقتحام مرآب للسيارات يملكه تاجر مصري ، وكيف دافع ذلك التاجر وأبنائه عن ممتلكاته العامة ،  والله أنها ليست شماتة بهم ، ولكنها تذكير لهم بأن الشعوب أجمعها تمارس نفس الممارسات بعينها ، سواء بالشرق أو الغرب ، الشمال أم الجنوب ، اللهم لا شماتة وأحفظ الشعوب العربية وغيرها من شر الأشرار ، وطمع الطامعين .