اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

Beez5

من اوراق لم تختم بعد!- نصبُ الحريةِ!// محمود حمد

 

الموقع الفرعي للكاتب

من اوراق لم تختم بعد!

نصبُ الحريةِ!

محمود حمد

 

كانَ الليلُ طويلاً والناسُ نيامٌ..

مِقبرةُ الكرخُ الميسورةِ تَكْتَّظُ بأفواجِ القتلى..

فوجٌ يدفعُ فوجاً من جوفِ الأرضِ إلى طرقاتِ المقبرةِ الخلفيةِ..

يَسْتَّلُ "جوادٌ"(1) هَيكلَهُ من تحتِ رُفاةِ الأموات..

يَتسلقُ جوفَ الأرضِ إلى أرصفةِ الأحياءِ الموصودَةِ بالجثثِ الملغومةِ..

يَبحثُ عن دربٍ دونَ دماءٍ للبابِ الشرقيِّ..

يَتوقفُ وَسطَ الساحةِ قُدّامَ النُصبِ (2) المخذولِ بأبراجِ الدباباتِ المحتلةِ..

يَسالُ امرأةً عابرةً في الشارعِ أن تَمنَحَ "شيلتها" لفتاةٍ سافرةٍ تَصرخُ وسطَ النصبِ ..

خَوفَ فتاوى القَتَلةِ..

أُمُ شهيدٍ تَتَرَجلُ من نصبِ الحريةِ لشوارعِ بغداد المسبية..

تَتْركُ مأتَمَها لعشيرٍ ما نَكَثَ العَهْدِ بَتاتاً..مُنذُ عقودٍ..

تَحملُ والنسوةُ جُثمانَ الأبناءِ المجهولةِ لمقابرَ بِكرٍ صارت تَتَفَردُ فيها ارضُ النهرينِ..

تَتَكاتفُ وامرأةٌ تحملُ جثمانَ شهيدٍ من أرصفةِ الكرادةِ..

تُقَلِبُ وجهاً في وجهِ أم شهيدِ الكرادةِ..

تَصرَخُ..

ابنتيِّ الصُغرى "خنساء" صارتْ أماً منكوبةً..

تَزَوَجَتْ الطفلَ الأشولَ ..

يَحبو في بابِ ضريحِ نبي الله الـ"صالحِ" (3)..

تَمشي تَتَعثرُ وابنَتَها خنساءَ الصارت أُماً بين زحامِ النَدّاباتِ ..

يَلِجْنَّ النَفَقَ الَليليَّ القاتِمَ..

في بلدٍ ما عادَتْ فيه دروبٌ سالكةٌ إلاّ الأنفاقِ الملغومةِ بالريبةِ..

ويَصِلْنَّ إلى مدنٍ تَلْتَفُ جِهاراً بعباءةِ حُزنٍ سوداء ..

تَتَزاحمُ فيها نسوانٌ تَعرِفُهُنَّ صغاراً رُضَّع..

صِرْنَ كتائبَ حُزْنٍ في جيشِ الثَكلى..

************

جُنديٌّ معروقُ الجبهةِ يَتفاقمُ غَضَباً في قلبِ النُصْبِ..

بَدَدَ جُدرانَ الظُلمَةِ من دربِ الفلاحينَ الفقراء..

كانَ رفيقاً للمحراثِ وكيرِ الحَدادِ..

.... سَخِياً في مرتفعاتِ الجولانِ وحَيفا..

........................

تَهاوى من بينَ ضلوعِ النُصُبِ..

......إلى أرصفةِ الأسمالِ وأكداسِ الخردةِ في البابِ الشَرقيِّ..

صارَ نَزيلاً أبدياً في جبهاتِ النَصرِ المَقبورةِ..

..... أسيراً في أقفاصِ الغُربَةِ..

...... شحاذاً في باصاتِ النقلِ المكتظةِ بالأشباهِ..

.......نَشالاً لرغيفِ الخُبزِ الجائعِ..

.......قُرباناً لبريمر في عيدِ الشُكرِ..

*********

فتاةٌ فاتنةٌ تومِئُ في كفٍ لنهوضِ الأمةِ..

وتُلَوِّحُ بالأُخرى نارَ الحُريةِ في وجهِ الأصنامِ الورقيةِ..

خَطواتٌ واثبةٌ دونَ قيودٍ للأرضِ..

صَدرٌ مثلَ طيورٍ تَخفِقُ فَوقَ الغَيمِ..

وصُبحٌ يُشرقُ عند الخَدينِ..

فتاةٌ حالمةٌ..

وَعدٌ يَتَجَذَرُ..

امرأةٌ..

تَتَقَدَمُ فَجْرَ الحُريةِ ..

تَعقِبُها أزمنةَ المستقبلِ..

يُمْسِكُها الوِدُّ إلى ألواحِ النُصْبِ الحاني..

وَوعيدٌ تَحتَ جدارِ النُصبِ بعصرٍ دَمويٍ اسود..

................... يوئِدُها!

**********

عُمالُ المَسطَرِ في غبشِ الصُبحِ..

يَلوذونَ بمطرقةِ العاملِ في نُصُبِ الحُريَةِ..

خِشيَةَ قِطعانُ ذئابٍ سارحةٍ في طرقاتِ المُدُنِ المُحتلةِ..

تَنهَشَهم سياراتٌ ذاتَ نقابٍ ..ملغومةٍ..

..........تَفْتِكُ حِقداً بجياعِ الأهلِ..

......... تُبَعْثِرُ أحلامَ الأطفالِ المنتظرينَ ببابِ الأكواخِ العجفاء..

........تُفْشي داءَ الجوعِ بأحشاءِ الوطنِ المنهوكِ الأوصالِ..

تَتَزَحْزَحُ مِطرقةُ العاملِ من مَوطِئِها ..

تَفسحُ مأوىً لطوابيرِ العمالِ المُنَتفضينَ..

تَهطِلُ قَطْرَةَ غَيظٍ من جَبهتهِ لِسنابلَ سبعٍ يابسةٍ ..

تَغدو حَقلَ رخاءٍ يَغمُرُ وَجهَ الوطنِ الناصعِ من "سدي كان" (4) إلى "رأس البيشة"..

(1) جواد:هو الفنان جواد سليم مبدع نصب الحرية.

(2) نصب الحرية الذي يشكل قلب بغداد الحضاري المعارض.

(3) قبرنبي الله (صالح) الموجود في الكرادة الشرقية ببغداد.

(4) سدي كان: احد اجمل مواقع كردستان العراق الجبلية في اقصى الشمال بين الحدود الايرانية والتركية.و(رأس البيشة) سهل رملي في اقصى جنوب العراق المطل على الخليج العربي.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.