مقالات وآراء

تلاعب مفوضية القضاة بارقام الانتخابات// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

سعد السعيدي

 

تلاعب مفوضية القضاة بارقام الانتخابات

سعد السعيدي

 

اعلنت مفوضية الانتخابات في مؤتمر صحفي قبل ايام النتائج النهائية للانتخابات التشريعية التي جرت مؤخرا. من بين ما ذكره رئيس مجلس المفوضين جليل عدنان خلف هو ان عدد الناخبين الكلي قد بلغ أكثر من 22 مليوناً ، والمصوتين اكثر من تسعة ملايين ناخب. وإن نسبتهم بلغت 44 بالمئة من عدد الناخبين الكلي.

 

إن هذه الارقام المعلنة هي مما يثير الاستغراب الشديد. إذ ان مفوضية الانتخابات التي يديرها قضاة يفترض بهم الصدق والامانة قد قامت بالالتفاف حول الحقائق والارقام في اعلانها لهذه النتائج النهائية. فهم يقومون بتضليل الرأي العام لدى اعتبارهم اعداد المستلمين للبطاقات الانتخابية كعدد الناخبين الكلي ، وليس اعداد الناخبين المسجلين. فليس كل من يحق له المشاركة قد ذهب لاستلام بطاقته كما تعرف المفوضية.

 

بهذا ستكون الاعداد الكلية الحقيقية للناخبين اي المسجلين اكبر من العدد الذي ادعته في مؤتمرها الصحفي. وتكون نسبة المشاركة على هذا اقل بكثير مما اعلنته. إن الارقام الحقيقية للناخبين ونسب المشاركين في هذه الانتخابات الاخيرة بعد التأكد منها هي كما يلي :

 

اعداد الناخبين المسجلين او من يحق لهم التصويت كما يسمون احيانا هم اكثر من 25 مليونا. واعداد الذين شاركوا في الانتخابات هو 9 ملايين تقريبا. إذن تكون نسبة المشاركة في الانتخابات 36 بالمئة. وهي بعيدة جدا كما يرى من النسبة التي اعلنها اولئك القضاة والتي اعتمدوا فيها اعداد المستلمين لبطاقات الانتخاب وكانوا 21 مليون تقريبا.

 

وإن اضفنا اعداد التصويت الخاص حيث ان عدد المصوتين هو 822 الفا من مجموع 1.2 مليون ناخب ، ستزيد نسبة المشاركين الكلية قليلا لتصبح 38 بالمئة ! اي ايضا بعيدة جدا عن نسبة ال 44 بالمئة التي ادعتها مفوضية القضاة. ونعتبر الفرق بين المستلم لبطاقته من هؤلاء من عدمه كما في التصويت العام ضئيل للغاية. وهذه النسبة تطابق ما اعلنه تحالف منظمات الرقابة على الانتخابات لدى اغلاق صناديق الاقتراع والتي نشرت بعد الانتخابات.

 

يحار المرء في محاولة تفسير هذا التصرف من لدن قضاة المفوضية. إذ لا يمكن وصفه إلا بالتضليل كما اسلفنا. فبانحنائهم للضغوط قد تلاعبوا بالارقام المستخدمة في حساب نسب المشاركة. ولابد ان الاحاطة الاممية المساندة لدى مجلس الامن التي اجرتها ممثلة الامم المتحدة في بغداد قد شجعت هذه المفوضية على التصرف بهذه الطريقة. فهل كان الهدف من العملية هو تضليل الرأي العام بادعاء نجاح الانتخابات في اقناع الناخبين بالمشاركة على الرغم من المقاطعة المعلنة لغالبية افراد الشعب ؟ ام هو الاثبات للرأي العام العالمي الذي يتابع ما يحدث في البلد بان احتمال تكرار حالة 2018 قد انتهى الى غير رجعة ، وان منسوب الثقة المحلية في النظام السياسي العراقي آخذ بالصعود مرة اخرى بعد كبوة ذلك العام والمطالبات باسقاطه ! ونتائج تلك الانتخابات لم تكن إلا تلاعبا هي ايضا بالارقام في ظل غياب تلك الحقيقية كما هو معروف. ام لعل الهدف هو سياسي داخلي بحت يعيدنا للاحتمال الاول يتمثل بمنح شرعية للانتخابات نفسها مع نسبة مشاركة غير واطئة تماما. وذلك لاسقاط حجة من كان يمكن لان يدعي لاحقا باهتزاز شرعيتها استنادا على نسب مشاركة واطئة جدا ؟ وكل هذه هي امور اساسية في هذه الانتخابات لكون كل ما دار بشأنها هو عن مدى شرعيتها ارتباطا بنسب المشاركة فيها. مهما يكن من امر فهي كلها تلاعب بالارقام والنسب الناتجة مما يعتبر تعاملا من المفوضية مع السياسيين ونزولا عند مشيئتهم وضغوطهم. وهو بهذا يكون خرقا للمادة (98) من الدستور التي تمنع ممارسة القضاة للسياسة. إن كل الارقام التي اوردناها في هذه المقالة والمتعلقة بهذه الانتخابات موجودة في الاعلام ويستطيع ايا كان تدقيقها.

 

ويتذكر الجميع امر نسب المشاركة هذه التي كانت هذه المفوضية تتكتم عليها في يوم الانتخابات الشهر الماضي. وهي ما كنا قد نشرنا مقالة حولها اسندناها بروابط تبين تلاعب هذه المفوضية بالارقام والنسب الناتجة لحظة نشر النتائج الجزئية. وكنا قد اثرنا فيها احتمال تعرض المفوضية للضغوط. وهذا التلاعب قد اثار الرأي العام وقتها ووصل الامر للسياسيين.

 

اليس من العيب على هذه المفوضية التعامل مع الانتخابات التي اتمنوا على ادارتها بهذه الطريقة ؟

 

ومع كشفنا لهذه الالاعيب الانتخابية فإن اقل ما ننتظره الآن من مفوضية القضاة هو تصحيح ارقامها هذه..