اخر الاخبار:
كاليفورنيا تعلن حالة الطوارئ بسبب الزلزال - الجمعة, 06 كانون1/ديسمبر 2024 10:48
مقتل شخص في قصف تركي استهدف قرية بدهوك - الأربعاء, 04 كانون1/ديسمبر 2024 19:00
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

حظروا المشروبات الكحولية ليتاجروا بالمخدرات ويهرِّبوا الكحوليالت!// علاء اللامي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

علاء اللامي

 

عرض صفحة الكاتب 

حظروا المشروبات الكحولية ليتاجروا بالمخدرات ويهرِّبوا الكحوليالت!

علاء اللامي*

 

ربما لا يعلم كثيرون أن جريمة الرشوة والمتاجرة بالمخدرات في العراق "كانت" تعادل قضائياً جريمة زنى المحارم والتجسس لمصلحة العدو وهي غير مشمولة بأي عفو عام رئاسي، ولكن المعلوم أن هاتين الجريمتين أصبحتا في عهد حكم المحاصصة الطائفية ممارسة عادية من لا يمارسها يوصف بالغباء. كيف تحول العراق إلى واحد من أكثر البلدان تعاطيا واستهلاكا للمخدرات بعد ان كان تعاطيها وصمةَ عار بعكس تناول المشروبات الكحولية التي كان البعض يفاخر بتناولها بكميات كبيرة، وسنتوقف عند هذه الحيثية بعد قليل!  

 

نعم، كان القانون العراقي حتى سقوط النظام السابق، ولعدة سنوات بعده، يحكم بالإعدام على المدانين بجريمة تلقي الرشى. وحتى حين كان يصدر عفو عام رئاسي جمهوري عن المحكومين بالإعدام أو بأي عقوبات أخرى يستثنى منه مرتكبو الأصناف الأربعة المذكورة؛ الزنى بالمحارم والتجسس والمتاجرة بالمخدرات والرشوة فلا يشملهم أي عفو عام رئاسي أو غير رئاسي!

 

وإذا كانت ظاهرة تعاطي المخدرات شبه منعدمة في العراق حتى بداية الثمانينات بل وحتى سنوات قليلة قبل الاحتلال الأميركي سنة 2003 حين أصبح تعاطيها من "بركات" نظام الحكم الجديد القائم على المحاصصة الطائفية والتبعية الكاملة للأجنبي وفقدان السيادة! وبخصوص جريمة الرشوة يمكن أن يعطينا هذا المثال فكرة واضحة عن تغليظ عقوبة مرتكبيها:

*في نهاية ثمانينات القرن الماضي أتُهم وزير الزراعة العراقي بالوكالة السيد عبد الله بدر الدانوك (وهو أكاديمي متخصص بالزراعة وأستاذ جامعي) بانعدام الأمانة وتلقي رشوة وقُدم إلى المحاكمة سنة 1989 فحكمت عليه بالإعدام. تفاصيل التهمة هي أنه سهَّل حصول صديق له على صفقة في مناقصة علنية لبيع حقل أو شركة دواجن حكومية. وقد دافع الوزير عن نفسه بالقول إن المشتري كان صديقه فعلا ولكنه لم يأخذ منه فلسا واحدا كرشوة وإنما أحال إليه المشروع بيعاً لأنه قدم أفضل عرض في المناقصة.

 

وقيل أيضا في بعض التسريبات إن الوزير المتهم رفض أن يبيع حقل أو شركة الدواجن إلى عدي ابن الرئيس صدام أو إلى صهره حسين كامل بسعر بخس وأقل من السعر الدفتري المحدد من قبل الرئاسة الذي بيعت به فتآمرا عليه واتهماه بأنه أخبر المشتري بالقيمة الحقيقية لهذا الحقل وضغطا داخل مؤسسات الحكم من أجل إعدامه.

 

السيرة الذاتية للوزير الدانوك تقول إنه كان رجلا نزيها نظيف اليد ولكنه أعدم فعلا بتاريخ 29 تموز 1990، ولكن هناك من يعتقد (ضرغام الدباغ مثلا) أن الدانوك لم يعدم، ولا أعرف أي المعلومتين هي الصحيحة.

 

يحدث هذا في بلاد حكمها ذات يوم ملك يدعى حامورابي، واضع أشهر قانون قديم في التاريخ البشري وحامورابي حكم بين سنة 1792 وسنة 1750 ق.م. علما أن هناك قوانين أقدم منه ولكنها أقل شهرة

 

أما بخصوص المخدرات فقد حظر لصوص الحكم المشروبات الكحولية ليتاجروا بالمخدرات والمشروبات معاً فتسارع تدمير المجتمع العراقي وقفز سعر الغرام من المخدرات من 6 دولارات إلى سبعين دولارا! لقد تفاقمت ظاهرة انتشار المخدرات منذ قيام حكم المحاصصة الطائفية في العراق وخصوصا بعد حظر استيراد وتصنيع وتجارة المشروبات الكحولية فانفتح الباب واسعا أمام المخدرات وتشكلت شبكات يقودها متنفذون من أهل الحكم لتهريب الكحوليات من مناطق الشمال حيث حكومة الإقليم لا تحظر المشروبات إلى وسط وجنوب العراق! قرأت قبل أيام تقريراً مرعباً حول انتشار تجارة وتصنيع وتعاطي المخدرات في الشرق الأوسط عموما وفي العراق بوجه خاص حيث أصبح العراق في المراتب الأولى بين دولة هذه المنطقة وأصبح خطرها "يفوق خطر الإرهاب التكفيري بـ 12 مرة" كما قال الخبير الأمني العراقي صفاء الأعسم، والذي حدد سنة بدء انتشار هذا الطاعون بعد عام من قيام أول حكومة محلية على أساس المحاصصة الطائفية في ظل الاحتلال أي 2006.

 

*يتذكر أبناء الجيل العراقي الحالي (الجيل قرابة 33 عاما) والذي قبله، أن تعاطي المخدرات في العراق كان يلحق بالمتعاطي عارا فاضحا يغدو المتعاطي كالمصاب بالجرب أو الأُبنة يتحاشاه الجميع ويقاطعونه بعكس الشخص المعروف بتناول المشروبات الكحولية المحلية العرق بأصنافها المختلفة كالعرق الذي يسمونه شعبيا "حليب سباع". وأكثر من ذلك فالشاربون للعرق يفاخرون علنا بأنهم يتناولون كميات كبيرة منه دون أن يُسقطهم أرضا وقد يخوضون منافسات عملية لإثبات ذلك! أما اليوم، ومنذ الاحتلال الأميركي وللدقة -كما يحدد الخبير الأمني صفاء الأعسم بعد سنة من قيام أول حكومة طائفية محلية سنة 2005، تضاعفت أعداد متعاطي المخدرات وأصبح خطرها يفوق خطر "الإرهاب"  12 مرة!

 

لقد انقلبت الصورة تماما وغدت تجارة المخدرات وتعاطيها سهلة ومتاحة وقد وضعت العراق في المراتب الأولى بين الدول فيما بادرت حكومة المحاصصة الطائفية العرقية إلى سن قوانين وإجراءات يُحظر بموجبها بيع وشراء وتصنيع واستيراد الخمور بكافة أنواعها وأصبحت السوق مفتوحة أمام المخدرات التي خلا لها السوق إلى جانب الأنواع الرديئة والمصنوعة محليا من الخمور هي السائدة. وأصبحت شبكات تهريب واستيراد الخمور أشبه بالمافيات تديرها أحزاب ومنظمات نافذة في السلطة!

 

*الأرقام العراقية الرسمية أقل كثيرا من الأرقام المستقلة التي نشرت وتنشر في الصحافة العالمية ومع ذلك فإن الأرقام الرسمية تقول إن النصف الأول من العام الجاري "شهد ضبط 230 شبكة تتاجر بالمخدرات من ضمنها 27 دولية بالإضافة لأكثر من 150 تاجرا دوليا وضبط كميات من المواد المخدرة/ نشرت المعلومة في شهر تموز من العام 2024".

 

وقد استقبل مركز واحد لمعالجة الإدمان في العراق خلال النصف الأول - كما تقول الباحثة النفسية إيناس كريم - من هذا العام ما يقرب من 700 حالة بينهم 45 فتاة، وهو رقم كبير جدا مقارنة بالعام الماضي الذي شهد بأكمله استقبال نحو 820 حالة إدمان".

 

*أرقام وزارة الداخلية العراقية تقول إنها "تمكنت من اعتقال 19 ألف متهم في مجال المتاجرة والترويج والتعاطي وقتل 17 تاجر مخدرات وضبط 8 طن من المواد المخدرة و18 طنا من المؤثرات العقلية" وهذا خلال العام الماضي 2023 فقط كما جرى اعتقال أكثر من 144 تاجر دولي في العام نفسه حسب ما قاله الناطق باسم الوزارة مقداد الموسوي.

 

*هذه البيئة جعلت سوق المخدرات ميدانا للصراع والمنافسة بين أحزاب ومليشيات الفساد والعصابات العادية "الجنائية" بعد أن أصبحت المخدرات هي الدجاجة التي تبيض ذهبا! لقد قفز سعر غرام الكريستال المخدر من ستة دولارات إلى سبعين دولارا وأصبحت عجلة تدمير المجتمع العراقي تدور بسرعة جنونية وسط خواء وتواطؤ وغباء الجهات الرسمية التي تتحاصص كل شيء حتى هذا التدمير على أسس الطائفية السياسية!

 

و"انتشرت الجرائم ذات العلاقة بالمخدرات - كما تقول الباحثة النفسية نرمين محمد - مؤخراً في المجتمع العراقي وباتت تهدده بالانهيار ومنها جرائم أرتكبها أشخاص تمثلت بقتل أطفالهم وزوجاتهم وأخرين اعتدوا جنسياً على الأطفال وعلى محارمهم".

 

 إن هذا التدمير المنهجي للمجتمع العراقي سيستمر ويتفاقم أكثر طالما بقي النظام المحاصصاتي الطائفي التوافقي قائما، فلا يمكن لهذا النظام أن يكافح هذه الظاهرة المخطط لها بدهاء من قبل أعداء العراق لأن أي حل سيصدم سريعا بحصة ومصلحة ساسة هذه الطائفة أو ذاك الحزب... لا حل في الأفق إلا بحل وزوال هذا النظام وضرب التبعية للولايات المتحدة وطرد القوات الأجنبية من البلاد وإنهاء تدخلات دول الجوار في الشأن العراقي الداخلي. و #لاحل _إلا _بحلها 

 

*كاتب عراقي

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.