مقالات وآراء
يوميات حسين الاعظمي (1326)- مانشيت/ 3 المقام العراقي شكلاً
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 20 نيسان/أبريل 2025 20:09
- كتب بواسطة: حسين الاعظمي
- الزيارات: 851
حسين الاعظمي
يوميات حسين الاعظمي (1326)
مانشيت/ 3 المقام العراقي شكلاً
حلقات مقتطعة من كتابيَ المخطوط في جزئه الثاني(افكار غناسيقية) الذي لم يصدر بعد.
بعض المانشيتات الداخلية من (الفصل الاول) والبحث المقدم الى اكثر من مؤتمر واولها كان بمناسبة انعقاد مؤتمر الفن العربي المعاصر (الثالث) جامعة اليرموك،اربد المملكة الاردنية الهـاشمية 1999.
البحث (سلم مقام الحجاز كار كرد بين النظرية والتطبيق).
***
مانشيت/ 3 المقام العراقي شكلاً
من ناحية اخرى، فان شكل (form) المقام العراقي يتكون من عناصر واسس هيكلية توضح ابعاده الادائية وتشكل بنفس الوقت عاملاً مشتركاً لكل مقام من المقامات العراقية، أي ان هذه العناصر وعددها خمسة حسب اتفاق الاغلبية الساحقة من المؤرخين والمتخصصين في شؤون المقام العراقي، او ستة حسب راي الحاج هاشم الرجب، حيث يضيف عنصر القرار ضمن عناصر المقام الرئيسة، وهذه العناصر الخمسة موجودة في كل مقام على حدة وهي.
1- التحـــرير: يقصد بهذه المفردة، البداية او الاستهلال لغناء احد المقامات العراقية، ويأتي هذا الاستهلال دائماً بكلمات او ألفاظ خارجة عن النص الشعري المغنى مثل امان .. امان.. او ويلاه .. ويلاه .. الخ. ويعتبر التحرير نموذجاً لحنياً متكاملاً لروحية وتعابير وثيمة (هامش1) المقام المغنى.
2- القـِطَعْ والاوصال: ويقصد بهاتين المفردتين اصطلاحاً، بالتنوع السلَّمي أي الانتقالات والتحولات السلَّمية او الاجناس الموسيقية والتنوع فيها خلال الغناء في علاقات لحنية متماسكة، والعودة دائما الى سلَّم المقام المغنى(السلَّم الاساس، الميلودي) وهذه التحولات أو القطع ذات أشكال ثابتة ومحددة في مساراتها اللحنية في غالب الاحيان.
3- الجلـــسة: وهي النزول الى الدرجات الموسيقية المنخفضة بإسلوب القرار، ولكن بمسار لحني محدد ذو شكل معين يكاد يكون ثابتاً، أي ليس أي نزول او أي قرار يعني الجلسة بالضرورة، حيث تشير هذه الجلسة للموسيقيين او توحي للمستمعين ايضا على انه ستأتي طبقات عالية من الغناء أي الجواب او اكثر من الجواب. مثل(فعل ورد الفعل) أي لابد من حدوث هذه الجوابات التي تأتي ايضا بمسارات لحنية محددة وبشكل ثابت معين ليس أي جواب ايضا. وتسمى هذه الجوابات بـ(الميانة) وهي العنصر الرابع.
4- الميـــانة: ويأتي غناؤها بطبقة صوتية عالية بعد الجلسة مباشرة ذات شكل ومسار لحني معين ثابت، على ان هذه الجوابات او هذه الميانات ليس من الضروري دائما تسبقها جلسة من حيث هي عنصر من عناصر شكل المقام العراقي، فقد تأتي صيحات غنائية عالية لها مقومات الميانة واهم هذه المقومات ثبات هذه الصيحة في مسارها اللحني في المقام المغنى دون الحاجة الى ان تسبقها جلسة..! في حين ان النزول الى الجلسة في العنصر الثالث يجب ان تتبعها ميانة في كل الاحوال. اضافة الى ان هناك صيحات عالية من الغناء حرة يستسيغها المغني حسب مزاجه الآني لا علاقة لها بموضوع الميانة خلال غنائه للمقام لانها لا تمتلك مقومات الميانة.
5- التســليم: وهو نهاية المقام ويأتي دائماً بألفاظ او كلمات غنائية خارج النص الشعري، شأنه في ذلك شأن ما يحـــــــدث في العنصر الاول(التحرير)(هامش2).
من هذه الناحية يختلف المقام العراقي عن الاغنية المقصودة أو التي نسميها الاغنية الحديثة التي تعكس ثقافة الفرد في المجتمع. لأنها تجارب محدودة لاتتعدى حدودها الفردية، وفي حيز زمني محدد. سواء أكان شاعراً للاغنية أو ملحناً أو مؤدياً لها. فكلهم افراد معلومون في المجتمع. في حين أن التراث انعكاس لثقافة المجتمع كله وعلى مدى التاريخ وهو ما تعوِّل عليه كل الدراسات الاكاديمية لمعرفة قيمة تراث هذا البلد أو ذاك. فمهما كانت قيمة الفرد الثقافية فإنها تبقى ضمن حدودها التأثيرية الفردية، ويبقى المجتمع صاحب كلمة الحسم في أيه دراسة بحثية أكاديمية.
هناك اداءات اخرى، مثل القرارات والجوابات التي لا يعتمدها الباحثون ضمن العناصر الرئيسة المكونة للمقام العراقي، على اساس ان القرار قد ياتي خلال حرية المؤدي في الارتجال والتصرف منطلقا من جمالياته ومزاجه الادائي، وكذلك الشأن مع الجواب، وبتعبير آخر، ان هذه القرارات والجوابات التي نعنيها، ليس لها مساراً لحنياً ثابتاً معيناً مثل قرار الجلسة وجواب الميانة.
من ناحية اخرى، فان اداءات الشعائر الدينية قد حفظت لنا هذا الموروث من الضياع في فترات انحسار مرَّ بها المقام العراقي عبر تاريخه الطويل، ومن هذه الشعائر مثلاً، قراءات التمجيد بذكر الله سبحانه وتعالى والتواشيح في الجوامع وتلاوة القرآن الكريم والمناقب النبوية الشريفة والتهاليل والاذكار وطرقها المختلفة(هامش3).
والى حلقة اخرى ان شاء الله.
هوامش
- ثيمة: نعني بها فكرة العمل الرئيسة
2 - رشيد، د.صبحي انور، الالات الموسيقية المصاحبة للمقام العراقي، ط اولى، بغداد، 1989، ص93
3 - أ- الاذكار: مفردها ذِكِر يجتمع فيه الصوفيون ويقرعون دفوفا خاصة وترافق هذه الدفوف آلة ايقاعية تسمى الخليلية ويرددون قصائد نظمت باللغة الدارجة في مدح الرسول الاعظم (صلى الله عليه وسلم) وقد تشعب هؤلاء الى عدة طرق منها الطريقة الرفاعية نسبة الى السيد احمد الرفاعي والطريقة القادرية نسبة الى الشيخ عبد القادر الكيلاني والطريقة السهروردية نسبة الى الشيخ عمر السهروردي والطريقة البدوية نسبة للسيد احمد البدوي والطريقة النقشبندية ومؤسسها الشيخ محمود النقشبندي وقد اخذها من الطريقتنين السهروردية والسرهندية واصبحت طريقة واحدة سميت باسمه.
ب- التهاليل: مفردها تهليلة وهي ان يقف الصوفيون على شكل دائرة (حلقة) ويذكرون اسماء الله الحسنى باصوات منسجمة واوزان خاصة وينبعث من بينهم مؤدي مقام ينشد قصائد لشعراء صوفيين ويتوسط الحلقة رجل مرتد لباساً خاصاً وهو لباس المولوية يستدير بمكانه بسرعة وهو واقف ويعمل بيديه حركات متنوعة حيث يفرش في الدوران رداءه العريض وسط هذه الحلقة اما الواقفون فهم يوحدون بلفظه دايم الله حي وبلفظه لا اله الا الله حسب اصول متبعة اما رئيس هذه التهليلة فيسمى شيخ الحلقة او المرشد .
جـ- المناقب: مفردها منقبة وتتلى فيها المدائح النبوية وتتكون من اربعة فصول ويرتلها رجل يسمى (الملا) يجلس قرب البطانة المكونة من ثمانية او عشرة اشخاص وهم يرددون الاشغال الملحنة حسب المقام الذي ينشده الملا او مؤدي المقام (خليل، شعوبي ابراهيم، المقامات، وزارة الارشاد، مط اسعد، بغداد 1963، ص 35-36).
صورة/ حسين الاعظمي يتجول في بناية قصر فيرساي، فرنسا. نهار 11 كانون ثاني 2004.