اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• القوش .... فعل تاريخي في قلب الأمة

تقييم المستخدم:  / 5
سيئجيد 

 

سالم كجوجا

القوش .... فعل تاريخي في قلب الأمة

               

        لستُ مع التكتلات القروية أو العشائرية، وإنما أنا أخ لكل سورايا، من أي منطقة أو بلد كان،  وان روحية بولس الرسول في قوله "أصبحت كلاً للكل لكي اربح الكل" هي في اعماق كياني، سيما إذا تعلق الأمر بأُمتي. أن روح الإنفتاح على الناس من أي دين او قومية أو بلد أو لون هي من قناعاتي وفي عمق أحاسيسي، ولكن هذا الإنفتاح لايمنعني من الكلام عن محيط اصغر هو: البلدة التي أنتمي إليها، وذلك في حدود المحبة بإطار معقول ومقبول. واليوم  ونحن من ثقافة عصر العولمة والأنترنت وتكنولوجيا الإتصالات، ..نعرف أن العالم أصبح كقرية صغيرة،....نتساءل: عجباً إذا كان الأمر كذلك، فما بالنا نتمسك بعشق بلدة متواضعة هي كذرة صغيرة في هذا العالم- القرية؟

 

 

     جميلة هي الصفات التي يمتلكها أبناء شعبنا الـ"سورايا" عموماً، فالروابط الأسرية والإجتماعية الفاعلة فيما بينهم هي مثار إعجاب، فهم يشكلون مجتمعاً له خصوصيته يستمد قوة تركيبته من موروثهم الثقافي والديني ذو الأبعاد العميقة التي ينتج منها فضائل شخصية سلوكية، فتلقى لدى تجمعاتهم روح التسامح والسلام، والرغبة المعرفية والإنتاجية، واحترام الحياة والإحساس بقيم الجمال والصدق. ولما كان أهل القوش شريحة من ذلك المجتمع، فتركيبتهم هي منه إذن. و سواء كان أهل ألقوش في الوطن الأم أو في المهجرفستلقى عندهم: جدية، شهامة، وحب الخير، والإلتزام بالجماعة، والتمسك بالعادات الشعبية الجميلة التي تربطهم بمعاني الأصالة، ومساندة بعضهم البعض في السراء والضراء،علاوة على تشابك روابطهم ببني قومهم الـ "سورايا" ، والشعور بعمق الإنتماء اليهم،.. والأمثلة كثيرة صعبٌ إحصاء إيجابياتها،  فنشكر الله  لأن النشوز عن هذه الإيجابيات محدود ولقلته يمكن إحصائه.

  وأنا إذ أكتب بعض الأسطر عن القوش أشعر ببعض الحرج، فليس من طبعي ان أتباهى بأسم بلدتي لئلا يعتبر البعض أن ذلك التباهي فيه شئ من التقوقع والإنغلاق أو التحيزأو العنصرية.

     ولكن أرجع لأقول أن العنصرية لا تأتي من حب  يعشعش في دواخلنا تجاه  البلدة و أهلها، لأن الحب الحقيقي يجب أن يولد منه حب أكبر يشمل كل شعبنا الـ "سورايا" ، والعنصرية تظهر عندما ينقلب الحب إلى كبرياء فارغة فيما بيننا، فيصبح  ذلك الحب مبعثٌ  للإنتقاص من الآخرين، وتعالٍ مقيت على الغير، واستخفاف بالناس إلى حد المس بكرامتهم، بعيداً عن أبسط أصول التعامل، وهذا امر نتلمسه في قلة قليلة ليست بذي بال، ولايمكنها أبداً أن يكون لها شأنٌ يُذكر.

 إن التمسك بحب البلدة فيما لو إتخذ مجراه الطبيعي لينمو إلى حب أكبر يشمل الدائرة الأوسع، يجعلني  ان أكون أحد الذين يدعون إلى ذلك الحب، لابل أذوب فيه عشقاً وهياماً.

 

       فإذاكان حب القوش يدعوني إلى حب لغتي السورث الحبيبة وألى التمسك بأصالة الإنتماء وجميل التراث ..فأنا أعشق القوش

        وإذا كان حب القوش يدعوني إلى الإلتزام فعلاً  (لاكلاماً وإدعاءً)  بمتطلبات رسالتي المسيحية أو بالمبادئ الإنسانية التقدمية المنفتحة العادلة .. فأنا عبدٌ للحب الذي  يعطيني ذلك الأيحاء.

      وإذاكان حب القوش يدعوني إلى تأصيل إنتمائي القومي إلى أمة أهل بيث نهرين..و يدعوني  إلى أصالة الأنتماء إلى بابل وآشور.. فأنا من قومية أهل ألقوش وسأقدس حبي لها.

    وإذا كان حب القوش يدعوني إلى فتح  ذراعي لأبناء أمتي من شعب الـ (سورايا) دون إستثناء أو إنتقاص، فشرف لي أن أكون من القوش.

      وإذاكانت حقيقة كاثوليكية القوش تدعوني إلى الإنفتاح والمحبة العميقة على أصحاب المذاهب الأخرى:نساطرة، ارثوذوكس..وغيرهم،  بروح المجامع المسكونية في العصر الحديث دون الإنتقاص من أحد أو  الأستهزاء  بخياراته، فأنا فخور بالقوش .

 

       إذاكانت القوش تدعوني إلى أصالة إنتمائنا ألى العراق.. وتحترم أديان جيرانها من مسلمين ويزيديين، فأنا من يتمسك برسالة دين أهل ألقوش و وطنية القوش.

   وإذاكان حب القوش يربطني  بكل أدوار حضارة بيث نهرين الواحدة الغير مجزأة: سومرية وبابلية وآشورية وكلدانية فأنا ملتصق بألقوش.

   وإذا كان واقع أهل القوش المنفتح،  يرى في المسميات كلداني أو آشوري أو سرياني أو آرامي.. إشارات إلى مراحل أو حلقات حضارة واحدة،  فأنا مع أهل ألقوش  لا أرفض أياً من المسميات.. كلها لي.. وقلبي يتسع لجميعها... ف "سورايا"  اليوم،  إن هو،  إلاّ محصلة تلك المسميات.

 

        القوش .. لأنها القديمة الباقية، عاصرتِ تاريخ عراق  بيث نهرين...وعاينت  أمتزاج دماء العراقيين القدماء: الآشوريين والكلدانيين، فأضحى دماً واحداً.. وعليه سنبقى  ننهل الوحي منها .... يملأنا إلإعتزاز  بذلك الدم الذي يجري في عروقنا...

  القوش يا من عاصرتِ تاريخ أمتي قبل المسيحية وبعدها، ...  ويامن تربضين على سفح ذلك الجبل.. أنت من كنت تنشدين لنينوى قائلةً: ها أنذا أبنتكٍٍٍٍِ..أُشارككِ في عزك وحضارتكِ، وأتحمل مسؤولية خلاصك من الخراب من خلال نبي قديس،...

     ويوم وقفتْ القوش أمام حرائق نينوى  مندهشة  لهول ما رأت.. لم تغادر مكانها  بل كان جبلها  وكهوفها ودهاليز مساكنها تحت الأرض، كملجىءٍ أو مأوى إحتضن خلقاً من شعب آشور، والبارحة أنتِ كنتِ يا القوش من إحتضن قومه، ورضيتِ المصير الواحد وواجهتِ الموت، يوم سميل الأسود ... وها أنتِ لازلت باقية خالدة  ...

  القوش يامن ترفضين دعوات تقسيم أمتي إلى قوميات هزيلة ستبقين رمزاً لوحدة الأمة .. فأنت  حاضنة (للسورايي) جميعاً، مهما كان محيطهم أو منطقتهم،... من محيط نينوى .. وصبنا..وبروار.. وحكاري.. وأورمي.. ومحيط نصيبين..  وأورهي الحضارة.. ومحيط نمرود-كالح.. ومحيط أربيل -عنكاوة.

       وفي فترة من العهد المسيحي.. توليت يا القوش القيادة فبسطت جناحيك لتحتضني شعوباً أخرى إلى الهند والصين.. ولكن هذه المرة كسرت السيف.. ورميت الرمح... فكان سلاحك ناراً طهّّرتِِ بها الشعوب من أرجاسها.. تلك النار التي لهيبها الحب  والسلام  والخلاص بالمسيح، وسعت كنيسة المشرق كنيستك، إلى حلم يراود الإنسانية، وهو خلق عالم تعيش فيه النعجة مع الذئب، ذلك كان أيضاً حلم السومريين كما ورد في مدوناتهم على الطين.

 

       حبنا لتلك الصفات التي إجتمعت في ألقوش.. حرك فينا الوجدان لنكتب أشعاراً لها وللأمة الـ"سوريثا" فنتغنى بتلك القصائد وننشدها، فألقوش براتد سورث، وخاثد مثواثا.

           

                   فإذا تغنينا بك يا ألقوش فإنما نتغنى بحب شعبنا ألـ "سورايا".

 

   القوش أنت الخلية الحية التي عاصرت كل تاريخ العراق، من موقعك على ارض آشور رصدتِ كل الأحداث وأنت على جبلك الأشم، ولم يدرك عدوك بأن في تلافيف ذلك الجبل يتخفى الكثير من شعب أمتك، ينتظر هدوء العاصفة ليمارس حياته، فبقيتِ أنتِ  المدينة الحية الشاهدة لتاريخ المنطقة إلى الآن.

 

    وعند هذه المحطة ليس لي إلا أن أتأمل عمق معاني العبارة التي حملها الجمهور:

 

   ميثن تا القوش… ولكن مع إضافة مكملة لتلك العبارة الجميلة :  وتا  أومثا  د ألقوش.

 

 

 

                               ميثن تا القوش .. وتا أومثا دالقوش

                      وآلها ناطر القوش سوريثة               

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.