اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• العراقيون..والمكون المسيحي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

سالم كجوجا

العراقيون..والمكون المسيحي

كيف ينظر العراقيون من القوميات والأديان الأخرى ألينا نحن "السوراي"؟...كيف يرون طوائفنا و يفهمون تسمياتنا؟ ماهو المنظار الذي ينظرون به ألينا من خلاله؟....

نقول: إن أغلبهم يُشير إلى المسيحيين كـ "مكون واحد" سيما في المخاطبات الرسمية، وهذا المكون له حقوق واحدة دينيةـ قومية، ويتعاملون معه على هذا الأساس. وبصورة عامة، معظمهم لا يفرقون جيداً بين تسمياتنا ولايهمهم أمرها كونها شأن داخلي (إلا لمن يرغب بالبحث والمعرفة، أو لمن له دوافعه السياسية لأضعافنا وخرق صفوفنا)، فجلـّهم يعلم بأننا مسيحيون، ننحدر في أصولنا من سكان بين النهرين الأصليين الذين أنشأوا حضارة عريقة على ضفاف دجلة والفرات،وبالتالي يضفون علينا خصوصية متميزة هي الخصوصية القومية لمن يحمل منهم نهجاً إنسانياً بعيداً عن منهج الصهر والتذويب وتزوير التاريخ. ونحن نؤكد صحة تلك النظرة إلينا من خلال تسميتنا لجميع أهل النهرين من المسيحيين: "سورايا" وهي التسمية الجامعة التي تعني للبعض "مشيحايا" وهذا صحيح إلى حد ما، ولكن في حقيقتها تعني أكثر من ذلك، وبشكل أدق هي إشارة إلى المسيحيين المنحدرين من أصول "بيثنهرينية" آشورية بابلية كلدانية أكدية، ف"سورايا" إسمنا الجامع، والسورث هي لغة السوراي حصراً. ففي كلمة "سورايا" ،العزيزة على قلوبنا جميعاً، دلالات الجمع بيننا، وهي قوة لشد الأواصروتمتينها، وتعبير عن المستقبل المشترك لنا، علاوة على حملها معاني المحبة والتعاطف والتآلف. وهذه الكلمة "سورايا"، ورثنا أستعمالها من أجدادنا وسمعناها منذ نعومة أظفارنا في بيوتنا، وهي المتداول بين أقراننا. لم نخاطب بعضنا بأية تسمية طائفية، كنا نقول سورايا وسوراي، لابل كنا نخجل من سؤال أي شخص عن طائفته، لابل حتى عن دينه، خشية أن يدخل سؤالنا في باب التفرقة والتمييز. هذا ما نعرفه قبل أن ترتفع أصوات الدعوات الطائفية المفرقة والمُشتتة هنا وهناك، والتي يعتبرها شعبنا "المتواضع المحب المنفتح" أصوات نشاز لاتأتي من الراعي الصالح الذي يحب القطيع كله،ذلك القطيع الذي يعرف صوت راعيه جيداً، ويستطيع أن يُميّز بين الغث من السمين. إن الصوت المخلص هو الصوت الذي يؤمن بقناعة راسخة ،لايمكن لأعتى طائفي أن يُغيرها، وهي: أن ابناء الطوائف من سريان وكلدان وآشوريين (سواري) شعب واحد، ليس كمسيحيين فقط، وإنما بتميُّزهم الواضح بما يلي:

1-لغة واحدة(سورث).

2-تراث وتاريخ واحد(بيث نهرين).

3-السكن على أرض واحدة منذ آلاف السنين. هي أرض بلاد مابين النهرين.

4- المصير واحد.

5-الأهداف المشتركة.

وعليه، فإن تلك النقاط تعطينا خصوصية متميزة عن الآخرين، هي ما يُطلق عليه الخصوصية القومية. فالنقاط الآنفة الذكر هي من مقومات القومية، تلك المقومات التي يشترك فيها من يسمون انفسهم: سريان،كلدان، أوآشوريون. وبسبب هذا الإشتراك في مقومات واحدة يكوّنون بالتالي: قومية واحدة. هذا مايثبته المنطق ويقبله العقل عندما يكون نيّّرا واضحاً لاتشوبه الغايات والمصالح والكبرياء والتزوير وحب التسلط. ولكن هناك من يؤمن بفكر مغاير لما نقوله بشأن وحدتنا القومية، فتشوب "ثقافة التقسيم" نظرياته ورؤآه، وأسباب التقسيم القومي يأتي في أساسه من أسباب كثيرة أهمها طائفية، فيقع الداعون إلى هذا النهج بالتالي في أتون التفرقة الطائفية وبث روح الكراهية و التطرف.

عندما يأخذ الإنتماء الطائفي طابعاً يتجاوز المسألة المذهبية، إلى حالة "قومنة الطائفة"، بسبب كون طوائفنا تحمل أسماؤنا التاريخية، يقودنا كما قاد غيرنا، إلى التطاحن والضعف والوهن والتخلف عن النظرة الإنسانية المعاصرة، فالتطرف الطائفي إذن يقود إلى التقسيم القومي، كما أن التقسيم القومي يقود إلى التطرف الطائفي، وهو الشر والحقد والكراهية، بينما الوحدة القومية بين السورايي هي المحبة والنور المشرق الذي يُضئ وجوه وحياة المنضويين تحت لوائها، ويضمن المستقبل لأجيالنا. ايها السادة نقول بملء الفم: أن نكون موحدين نحن السوراي أفضل من أن نكون منقسمين، ما موجود من مساحات مشتركة بين طوائفنا هي أكبر من أن نتنكر لها ونزدري بها، فالوحدة من فضيلة المحبة، فلا نستهين هذه الفضيلة ويركبنا الشر فنقلل من إحترام الناس لنا. ونكون قد فقدنا فرص نيل حقوقنا والتخطيط للحفاظ على ديموغرافية بلداتنا.

إن قيم المسيحي، دفعت بعض الكتاب المنصفين(من العراقيين غير المسيحين) إلى نعت المسيحيين

بأنبل الصفات: كالإخلاص والصدق والأمانة والوطنية، وتأتي هذه النظرة الإيجابية من الأسباب الآتية:

1-وحدتنا كمكون واحد غير منقسم(فهذه نظرة الغير المسيحي إلينا)

2-شهادة المحبة للآخرالتي يمتاز بها المسيحيون،والقيم الإنسانية النبيلة التي يتحلون بها.

3-الإخلاص والصدق والأمانة في العمل والحياة اليومية.

4- روح الإنتماء إلى الوطن-العراق، لا إلى أي أرضٍ اُخرى خارجه، أي: أصليون غير نازحين.

ونقاط أخرى كثيرة،.... وهذا ما دفع الكثيرين من الكتّاب العراقيين وغيرهم من الكتّاب العرب، إلى كتابة شهادتهم عنا. وهنا نختار "غيض من فيض" مما كتبوه عن المكون المسيحي. فمما قال بعضهم:" أن أبرز فضائل الشخصية الاجتماعية الحالية في العراق، تتجسد بكثافة في شخصية الفرد المسيحي العراقي تحديداً... فلديهم "احترام الحياة" قولاً وفعلاً،.... فالمسيحي العراقي مسالم ومتسامح وانبساطي ومتعاطف ومهذب ومنفتح على الآخر العراقي أياً كانت هويته الدينية أو العِرقية أو الفكرية، إذ يطغى الطابع العقلاني الصرف ويحل التوازن النفسي المريح أينما يكون للمسيحيين موطأ قدم ودور فاعل في الحياة العراقية"...تلك هي شهادة "الغير المسيحي" بخصوصنا نحن السوراي(المسيحيين العراقيين)،... وحبذا لو إحترمنا السلوكيات الجيدة التي ينعتوننا بها، وان لانُحيد عنها وإنما نرسخها أكثر فأكثر، وأن نرفض ما هو خلافها، وأن نؤكد إعتزازنا لإعتبارهم لنا "مكوناً واحداً" وتعاملهم معنا على هذا الأساس، لكي نحتفظ كـ "سوراي" بمكانتنا، ونبقى صادقين في: إنفتاحنا فيما بيننا كطوائف مسيحية متنوعة متفاهمة متسامحة أولاً، وبيننا وبين الآخرين من الشرائح العراقية الأخرى ثانياً.

ورغم الرغبة القوية الموجودة عند بعضنا في تقسيم "السوراي" وتفتيتهم إلى شراذم قومية يائسة، كما نلاحظه من خلال بعض المقالات، إلا أن "العراقي المختلف" بقي تعامله معنا على أساس "المكون الواحد": أي "شعب واحد بقومية واحدة". ولكن، ورغم ذلك، لازلنا نخشى من تلك المقالات التي تطرح فكراً "قومياً تقسيمياً" يقود إلى التفرقة الطائفية كما لمسنا يشكل فعلي من خلال طروحات على النت تستند إلى تنظير بائس محرف لاينفعنا في نيل شيء سواء من ناحية حقوقنا القومية أو في حياتنا الإيمانية "كشهود للمسيح في مجتمعاتنا"، سيما وأن النفَس العنصري تفوح رائحته من بعض تلك المقالات، نظراً لما إتسمت به من تحقير للطوائف الأخرى، و إطلاق نعوت الإستخفاف والإستهجان عليها، لابل حتى تشويه إنتماؤهم الوطني وإتهامهم بقيادة المستعمر الأجنبي لهم، مما يؤدي إلى تأليب الغير عليهم والإنتقام منهم ... هكذا طروحات تُعطي إنطباعاً سيئاً عن المسيحيين، وقد تغير رأي الآخرين الأيجابي فيهم إلى ماهو عكسه، وكأنما عدوى الطائفية التي طحنت المسلمين ببعضهم إنتقلنت إلينا بصيغ أخرى.

ومادمنا في سياق نظرة الغير إلينا كمكون مسيحي واحد، نذكّر القاريء اللبيب بأنه بعد إلغاء التسمية الموحدة: الكلدوآشوريين، وفصلها إلى كلمتين، تم إبقاء الكلمتين مترابطتين للدلالة على أنهما مكون واحد، بدليل أن الفاصلة التي توضع عادةً بين المكونات القومية عرب، أكراد، تركمان، لم توضع بين الكلدان والآشوريين في الدستور العراقي الجديد، فنص المادة 121 من الدستور هي: يضمن هذا الدستور الحقوق الادارية والسياسية والثقافية والتعليمية للقوميات المختلفة كالتركمان، والكلدان والآشوريين، وسائر المكونات الاخرى، وينظم ذلك بقانون.، لاحظ لافاصلة بين الكلدان والآشوريين، وإنما تم حصر الأسمين بين فاصلتين. هكذا أرتأت لجنة كتابة الدستور، وهذا معقول فحقوق الكلدان من الناحية العملية لا تختلف عن حقوق الآشوريين أو السريان، لأن السريان والكلدان والآشوريين مكون واحد دينياً وقومياً، وآليات تنفيذ مقررات حقوقية تخص الآشوريين والكلدان والسريان هي واحدة لاتنفصل، أما دستور اقليم كردستان فهو يضع المكون المسيحي البيث نهريني(سورايا) هكذا :كلدان سريان آشوريين، لافواصل ولاتقسيم. هكذا يرانا الآخرون، وهذا هو المعقول والمفيد لنا. فنحن كلدان بقدر ما نحن آشوريون او سريان، والعكس صحيح.

من الواضح للجميع أن إختلاط مسمياتنا التاريخية بالمعاني الطائفية هي إشكالية بحد ذاتها، لابل مسألة شائكة شغلت الكثيرين منا أكثر مما شغلهم موضوع حقوقنا أو القلق من إستباحة أراضينا وقرانا، وتلك الإشكالية هي التي قادت إلى فرض واقع الأسم المركب، أي أن التوحد الذي هو الجوهر غلب المظهر الذي هو الأسم، فكان الغطاء هو تسمية مركبة آنية تشمل المفردات الثلاث:كلداني سرياني آشوري. والهدف هو أن يتم التعايش بظل هذه التسمية الموحِدة، والتعود على العمل المشترك بيد واحدة من أجل الأهداف المشتركة، عسى أن يهدينا الله والعقل إلى مسمى من كلمة واحدة ذات دلالة كافية يقتنع الجميع بها. ولكن...يا ترى ..أهو حلم سيتحقق؟ أم سيفرغ العراق من السوراي عندما نتوصل إلى تلك القناعة؟!

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.