اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• الفتاة العانس في بلدي ..من ينصفها؟

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ماهي سليمان لاسو

الفتاة العانس في بلدي ..من ينصفها؟

عانس .كلمة صغيرة تحوي بين طياتها الكثير من الألم ،الحزن ،القهر ، الحرمان – ..والخ في انتظار مستقبل مجهول .

فكما هو حال كل دولة ما أن تخرج من حرب حتى تدخل أخرى اشد ضراوة مع مخلفات الحرب السابقة التي أنتجت الفقر والجهل وكم كبير من الأيتام والأرامل والجرحى ناهيك عن الانحلال الاجتماعي واستشراء الفساد وتفاقم البطالة وتنامي الجريمة ،ومن ابرز ما يتمخض عن تلك التركة الثقيلة هي الفتاة العانس.

في بلدي العراق الحافل بالحروب والمعاناة منذ نشأته الأولى يتصدر القوائم العالمية في عدد الأرامل والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة وايضا (عدد العوانس) تلك الشريحة المهمشة والمسحوقة إلى ابعد الحدود تتجرع الألم وتستنشق الذل في كل لحظة لتعيش منفية في وطنها غريبة بين ذويها تعاني الأمرين (تخلفها عن قطار العمر ونظرة المجتمع الساخرة) حيث في مجتمعنا العراقي وللأسف ينظر للفتاة العانس على أنها نكرة دون الرجوع لأسباب ذلك.

تعتبر الحرب العراقية الإيرانية مطلع الثمانينيات وما تبعها من حرب الخليج الأولى والثانية من ابرز الأسباب التي ساهمت في زيادة أعداد العوانس في العراق .أما بعد عام 2003 فتعد الهجرة خارج القطر نتيجة الظروف الأمنية المتدهورة من أولى أسباب زيادة أعداد العوانس وبشكل خاص وسط الأقليات (الايزديين والمسيحيين) كما أن مجتمعنا العراقي بطبيعته كمجتمع تحكمه التقاليد العشائرية والقبلية فقد ساهم ذلك ايضا في زيادة نسبتهن ارتباطا بالظروف المعيشية وتدني المستوى التعليمي والثقافي فضلا عن تقييد حريتهم في اختيار شريك حياتهن وإجبارهن على الزواج من الأقرباء.

وان توقفنا لحظة عند معاناة هذه الشريحة من المجتمع سترى بان وراء كل عانس قصة وغالبا ما تكون محزنة أليمة ..وعلى العكس من الدولة المتقدمة ( الغربية ) حيث يكون سن الثلاثين وما فوق هو السن الملائم لزواج الفتاة وسن الأربعين هو سن الإنجاب ..فان الفتاة الشرقية ما أن تبلغ الثلاثين من العمر حتى تصبح رقما أخر في سجل أرشيف العوانس ،ومادة دسمة تلوكها السن المتزوجات من محيطها ،وبحكم علاقتي بعدد من العوانس فان الواحدة منهن تحس بالسخرية والنقص ممزوجة مع ذلك الشعور بالرغبة العنيفة في تكوين أسرة وبيت خاص بها أسوة بقريناتها من المتزوجات ،تلازمهن على الدوام تلك الفكرة " فكرة الشراكة" بأنه لا يمكن للإنسان استكمال طريق الحياة دون شريك لمواجهة الحياة والخوف والإحساس بالأمان والاستقرار النفسي والتطلع نحو المستقبل المشرق ، كما إنهن على يقين مهما وصلن مراحل متقدمة من المستوى العلمي والثقافي والاقتصادي فذلك كله هباء سيذهب إدراج الرياح دون رفيق درب الحياة.. وفي كلام يحز القلب قالت لي صديقة عانس ذات مرة : (هناك ملاجئ أيتام ودار عجزة فلماذا لا يكون هناك ملجأ العوانس)؟ وأخرى تقول بكل بساطة لماذا لا تخصص الدولة راتب للعوانس أسوة بالأرامل؟

وفي ظل انفتاح العراق على العالم ونوافذ منظمات المجتمع المدني المعنية بمكافحة مخلفات الحروب ومن ضمنها (الطفولة – ذوي الاحتياجات الخاصة – جرحى الحرب – الأمراض المستعصية- مكافحة الألغام - منظمات التوعية والإرشاد الاجتماعي ..والخ) لكن للأسف الشديد ليس هناك أي جهة تعنى بهذه الشريحة المنسية (العوانس) على المستوى الحكومي والمدني..تاركيها تغرق متخبطة في مستنقع اليأس والمجهول مختنقة بدموعها في كل لحظة ،تموت كل يوم وهي تعاني الصبر على تحمل الذل والاضطهاد على مستوى المجتمع عامة والعائلة بشكل خاص، حتى تتعود بل وتدمن العبودية لتقتنع أخيرا بأنها لم تعد بأكثر من خادمة لأشقائها وزوجاتهم وأطفالهم حتى يصل بها الحال بان تستبدل فارس أحلامها بفراش دافئ ولقمة تسد رمقها وتستبدل طموحاتها المستحيلة بكلمة رقيقة في انتظار لحظة الموت الحقيقي لتضع بذلك نهاية لسيناريو لم يكتب له النجاح ناهيك عن اللواتي استعجلن مصيرهن ليكون حبل المشنقة أو الانتحار حرقا.. خاتمة مأساة طويلة.


أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.