اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

ألصرخي ومأساة كربلاء// حسين الزورائي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 

ألصرخي ومأساة كربلاء

حسين الزورائي

 

هنالك من يؤيد السيد محمود الصرخي الحسني ويعتبره مرجعا له ، ومهما كانت اسبابهم ودواعيهم، علينا ان نحترمهم على الاقل من مبدأ (حرية الرأي والفكر)، فالدين والدستور يقران ذلك.

وهناك من يسفهه ويسفه اتباعه بأبشع الاشكال والاوصاف، ليس اولها: الضال المضل ولا اخرها: الوجه الاخر لعملة داعش، ويمكن ان نفهم هؤلاء، اذ ان اغلبهم لهم رجال دينهم، وان هذا السلوك يقع في نطاق المنافسة والغيرة من الاخر. والفهم هنا غير الاقرار. نفهم هذا السلوك ودواعيه، لكننا لا نقره. وهنا لابد من الاشارة الى ظاهرة بدأت تتسع في العراق، وهي ان كل منظومة متكونة من رجل دين واتباعه، لا يستقيم لهم خط  ومنهج، الا من خلال معاداة منظومة اخرى من نفس المذهب والطائفة، ولهذا تجد التسفيه، والتنكيل، والتسقيط والتحريض، على قدم وساق، ليل نهار، بمناسبة وبدونها، والامثلة على ذلك كثيرة، مع الاسف الشديد. كما ان هناك من حاول استغلال ظاهرة الصرخي لمارب اخرى، بدعمه مثلا نكاية برجال دين اخرين، او تسويقه على انه مرجعا عربيا للشيعة العرب، بالضد من مرجع (غير عربي) للشيعة العرب وغير العرب (والمقصود ايران). وهذا مرفوض لكنه موجود كأداة من ادوات وبراغماتية السياسة. البعض الاخر استهوته، شباب وحيوية وعدد وتنظيم اتباع الصرخي، على انها ميليشيا جاهزة، يمكن الاستفادة منها في منعطف ما، على الاقل بالضد من ميليشيا اخرى. وهذا ايضا مرفوض، ولكنه من ادوات الصراع المليشياوي المستشري في المجتمع.

الاغلبية وهم (مثلي) ليسوا معنيين بهذه الامور، بل ان الخوض بمثل هذه المواضيع (لمثلي) معقد للغاية، فبسبب كلمة غير مناسبة او مصطلح ليس في محله، او فكرة متقاطعة مع معتقد، قد تقودني وغيري للهلاك. لكن القتل والدم الكثير الذي سال في كربلاء قبل ايام يجعلك تتسائل عما ذا يتقاتل الناس، وفي وقت يهددهم كلهم الارهاب القاتل!!؟؟ لا اريد الخوض بالمعتقد، ولا الحلال والحرام، لكن الذي اعرفه، هو ان الصرخي واتباعه يمارسون حياتهم وطقوسهم بشكل طبيعي منذ وقت ليس بالقصير، وهم جزء من هذا المجتمع. وانا لا اعرف المخفي عن هذه المجموعة، الحكومة واجهزتها الامنية والاستخباراتية هي المعنية بمثل هذه الامور. يقول محافظ كربلاء في مؤتمر صحفي في 3 تموز الجاري نقلا عن السومرية نيوز: "تم العثور على معمل للتفخيخ ومستودعات للأسلحة تابعة لإتباع رجل الدين محمود الحسني الصرخي"، وهذا يستدعي التحقيق، فأين كنتم عنهم؟؟ أم انه تبرير للاستخدام العنيف للقوة!

وأضاف "تم العثور على وثائق وأجهزة موبايل تبين الى اتصالات مع دولتين اجنبية وأسلحة مختلفة". لايوجد في العراق شاب بدون موبايل، ولا بيت بدون سلاح، وأنا شخصيا في هاتفي مجموعة من ارقام الهواتف لمعارف واصدقاء ومنهم اجانب يتوزعون على اكثر من 12 دولة، فهل سأقتل فورا عندما يقع هاتفي بيد الشرطة بسبب ارقام الهواتف الاجنبية هذه؟! فوجود اتصالات مع دول اخرى امر طبيعي في عصر الاتصالات الذي نعيشه اليوم، الا اذا ما عرفنا من هي هذه الدول وما هي نوعية هذه التصالات. مرة اخرى الامر يستدعي تحقيق من مستوى عالي، الا التصرف العشوائي. واخيرا اضاف المحافظ: ان "منزل الصرخي الذي هو في منطقة سيف سعد، كان مفخخا وبالتالي تم تفجيره". لا تعليق، فلست خبيرا بالمتفجرات، لكن من السهل الادعاء على انه مفخخ، لتبرير تفجيره. وتابع المحافظ: "الصرخي ليس رجل دين وان انصاره عندما تمادوا بتصرفاتهم واعتداءاتهم على المواطنين اضطررنا الى حمل السلاح لايقافهم" وهذا هو مربط الفرس –كما يقولون- من يستطيع ان يحدد من هو رجل الدين، ومن هو ليس برجل دين؟؟ وما هي المحددات والضوابط والمواصفات؟؟ من يضعها؟ ومن الذي يشرف على مطابقتها في رجل ما ليقول انه رجل دين او لا؟؟ وهل الحكومة معنية بمثل هذه الامور وهذا التشخيص والتحديد!؟. لكن يبدو ان السبب في كل هذه المأسات هو ان ثمة احتكاك قد حصل بين اتباع الصرخي وبين بعض افراد القوات الامنية وتطور ليهب كل الى نجدة جماعته، وتطور الى عنف لتحصل تلك المأساة، هو ما اشار له المحافظ  ضمنا من "انهم تمادوا بتصرفاتهم واعتداءاتهم على المواطنين." وما يؤكد ذلك هو التصريحات التالية: "اعلنت مديرية شرطة محافظة كربلاء المقدسة انتهاء فتنة المدعو «محمود الصرخي» في المحافظة "متهمة" اتباعه المسلحين بالاعتداء على القوات الامنية ومحاولة تشكيل ميليشات مسلحة. وقال مدير علاقات واعلام شرطة كربلاء العقيد «احمد الحسناوي» في بيان له ان "بعض المحسوبين على اتباع الصرخي بكربلاء قاموا بالاعتداء على عناصر من الاجهزة الامنية". وبين ان "مجموعة مسلحة تمادت وتعرضت على فوج الدعم والاسناد كما اعتدت على حمايات بعض المسؤولين مستهترة بكل القيم والمباديء واسفر التعرض عن استشهاد اثنين وجرح عدد اخر الامر الذي استدعى الرد الحازم والفوري من جانب الاجهزة الامنية".

واضح جدا انها مشكلة بسيطة و تطورت لهذا الحجم، وخصوصا ان احد اطرافها (القوات الامنية) التي غالبا ما تستخدم العنف المفرط حتى في ابسط المواقف. ولا تهتم بالتحقيق، وتعتقد دائما ان الاحتكاك مع منتسبيها هو بالضرورة احتكاك مع الدولة (الدولة: حكومة + شعب) لذا فيجب ان تنتصر للدولة، وهذا بالضبط ما نحاول تسليط الضوء عليه لانه خطأ كبير ويقود الى اخطاء اكبر. نتذكر هنا مأساة قتل مدرب نادي كربلاء علي يد القوات الامنية. ولو كان هذا المدرب من اتباع الصرخي مثلا، او رجل دين اخر، وهرع جماعته لنجدته بشيء من العنف، لحدثت مثل هذه الكارثة في ذلك اليوم!! وهنالك امثلة كثيرة على الاستخدام المفرط للقوة من قبل الاجهزة الامنية، ضد مواطنين عزل، لمجرد سوء فهم او احتكاك بسيط يتطور الى استخدام السلاح وينتهي غالبا بكارثة. والصحفي المغدور من قبل حماية الرئيس خير مثال على ذلك. تكرار هذا المشهد بات ظاهرة، تستحق الوقوف عندها، ومعالجتها من قبل القيادات الامنية، وهذه دعوة مخلصة، فالأنفصام وعدم الثقة بين ابناء القوات الامنية وبين المواطنين هي من اهم الثغرات التي يتغلغل منها ويعيش عليها الارهاب، والطابور الخامس.

في نفس السياق، وفي يوم المأساة، قالت وكالة براثا للانباء على لسان مندوبها في كربلاء "ان الاشتباكات مازالت مستمرة بين القوات الامنية وجماعة محمود الصرخي  لحد هذه اللحظة في منطقة سيف سعد حيث اصبحت ساحة حرب وقد شاركت طائرات الهليكوبتر في الاشتباكات". ان صح خبر استخدام الطائرات في هذه المشكلة، فهي كارثة، فالبلد احوج لجهد الطيران في مقارعة عصابات داعش، كما ان استخدام الطيران في المشاكل والازمات المحلية، يستدعينا ان نتأمل قليلا، وربما نعطي لانفسنا الحق ان نطلب من امريكا وروسيا والدول الاخرى بعدم بيع الحكومة العراقية لاي طيران عسكري او اسلحة فتاكة اخرى، لانها تستخدمه ضد ابناءها. هكذا كنا نلوم العالم كله على تسليحه ووقوفه مع الدكتاتور صدام، عندما استخدم الاسلحة الفتاكة ضد ابناء العراق و ليس لحماية العراق.

ارجو ان لا يفهمني البعض بأني ادافع عن طرف. لا، انا ادافع عن مبادىء: اهمها التحقيق قبل التجريم، والعقوبة يحددها القانون. كذلك، الجيش والاسلحة الفتاكة ومنها الطيران، مهمته الدستورية حماية الوطن (ارض الوطن وشعبه وحدوده ومياهه واجوائه)، لا ان تستخدم في ضرب جزء من ابناء الشعب حتى لو كانوا متمردين على الحكومة. ما اشبه اليوم بالبارحة، اما كنا ايام الانتفاضة الشعبية الخالدة 1991 متمردين على حكومة الطاغية المقبور، واعتبرنا هو اننا (صفحة الغدر والخيانة)، لقد ادناه وادنا من ساعده على استخدام طيران الجيش ضدنا (بغض النظر ان كنا منتفضين حسب رأينا، او متمردين حسب رأيه)، وهل نضيف جديدا اذا ما ذكرنا الانفال والاهوار وحلبجة!!. كان يمكن لمحافظة كربلاء ان تستدعي ما تريد من قوات الشرطة الاتحادية، لكن لا الجيش والا الاسلحة الفتاكة من يعالج مثل هذه القضايا.

أكيد ان لا تحقيق سيفتح بعد هذه المأسات، حالها كحال (الزركة) او (جند السماء) فقد قتلت ناس بمجرد الظن انهم ارادوا ان يمارسوا القتل ولا تحقيق جرى او نشر لحد الان!! في الختام نطالب الجهات المسؤولة ان تفتح تحقيق موسوع ومهني، ويجب ان ينشر على الراي العام لمعرفة دواخل الامور، وكيف تفجر الوضع بهذه الطريقة التي قادت الى مذبحة. لماذا لم تتخذ الحكومة اجراءات مسبقة على ضوء المعطيات المتوفرة عن جماعة الصرخي قبل ان نقع جميعا في شرك هذه المأساة.

نعتقد ان من واجب الحكومة ان تأخذ التدابير الكافية لحماية المجتمع (وبضمنهم من يريد ان يقدم على فعل الجريمة) من اي جريمة قبل وقوعها، خصوصا اذا ما كانت لدى الحكومة مؤشرات (كما تدعي) على السعي للاجرام، والا لماذا تحكم؟ الحكومة تريد ان تحكم، ولاتتمكن من حماية المجتمع، ولا تستطيع ان تجبي ضريبة، ولا تتمكن من القضاء على البطالة وعلى الفساد، ولا توفر الامن ولا الخدمات العامة، تريد فقط ان تتحكم بعوائد النفط!! اللهم بدد هذه الثروة، ليحيى جيل المستقبل بأمن وسلام!

عضو رابطة المنتفضين العراقيين ـ 1991

6 تموز 2014

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.