اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

كم من متعلمينا مثقفون؟// عبد الصاحب الناصر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

كم من متعلمينا مثقفون؟

عبد الصاحب الناصر

براغ في 16/12/2014

 

من هو الشخص المثقف؟ سؤال يستحق البحث للوصول الى وصف حقيقي وثابت لنلتزم به في العالم العربي في لغتنا، وكذلك لغيابه ضمن توصيف المجمع العلمي العربي كغياب غيره من المصطلحات العلمية الغائبة  .

 

 من احسن التوصيف الذي حصلت عليه من الانسكلوبيديا البريطانية هذا الشرح او التوصيف: "هو الشخص الذي يضع قيمة عالية للاشياء التي تهم الفكر بصورة عامة، ويهتم في فهم المسائل الاجتماعية والانسانية والجمالية والفلسفية، خصوصا على المستويين، المجرد والعام." ووصف اخر جميل استعيره، هو: "ذلك  الشخص الذي ينتصر للمشاكل التي تتطلب العقل لينتصر على الجانب الحيواني في طباع الانسان". يعتقد ابن خلدون ان الانسان يولد وفيه الشر والخير الى ان ينتصر لأحد هاتين الحالتين باستعمال العقل وفكر والمنطق  .

 

 ويقول المفكر السعودي ابراهيم البليهي، اننا في حاجة الى اعادة تأسيس ثقافة، والابداع سابق للنظريات. وان الانسان يولد وهو حبيس بيئته، الى ان يتعلم ويستعمل العقل والفكر والا سيبقى حيواناً غير قابل للتغير، وجهل الجهل يغتال العقل. ويقول عن الثقافة أنها ما قبل التعليم ومع التعليم وما تبقى في الذاكرة بعده.

 

ان الانسان يولد حبيس بيئته واذا بقى الانسان يدور في هذه البيئة وعاداتها سيبقى جاهلا. لذا على الانسان ان يتعلم، ليس تعليما لغويا او حرفيا او حسابياً وغيرها، بل ان يتعلم إستعمال العقل ليتوصل الى حدود المنطق بعد البحث والتفكير.، وكيف يتعلم تعليم نفسه إلى نهاية عمره.

 

ويقول المفكر العراقي الدكتور على الوردي: "إن الفكر البشري حين يتحرر ويخرج على التقاليد لا يستطيع ان يحتفظ بطابع اليقين على اي صورة . انه حين يشك  في امر واحد من امور حياته لا يستطيع ان يقف في شكه عند هذا الحد، فالشك كالمرض المعدي لا يكاد يبدأ في ناحية حتى يعم جميع النواحي، والانسان ان يكسر تقليدأ واحدأ لا بد ان يأتيه يوم يكسر فيه جميع التقاليد. وهو بذلك قد استفاد من جهة و تضرر من جهة اخرى، الا اذا تحصن بالثقافة مسمرا .

 

كتب المثقف العراقي الدكتور عبد الخالق حسين مقالاً قيما حول انتشار الاشاعات الضارة وعن سبب انتشارها السريع وبالأخص بين (المتعلمين) بعنوان: (لماذا فشل المالكي في اطلاق  ابنه وامواله المحتجزة في لبنان).

 

ما يهمني هنا هو قوة تأثير الاشاعة وتقبلها ثم إعاداة نشرها بين المتعلمين العراقيين، على الرغم من سخافتها وضعف مستوى اخراجها. ليس موضوعي اتهام المالكي ام عدمه  فقد كتب الدكتور عبد الخالق حسين كثيرا في هذا الخصوص واجاد في موضوع الاشاعات ، انما انا مهتم بموضوع (الكسل) في اعمال العقل لقراءة الشائعات ومدى مصداقيتها او كذبها . كنا ومازلنا ننتقد سفراء الدين الراجلين الذين ينتقلون بين القرى والارياف العراقية يستغلون بساطة الناس وسذاجتهم ويشوشون أذهانهم بخزعبلات خرافية لاستمالة عواطفهم التي تترجم بكرم هؤلاء البسطاء لهؤلاء الدجالين من قوتهم واموالهم القليلة  .

 

اتذكر نقلا عن احد الاصدقاء من مدينة النجف الأشرف، عندما كان يزور البسطاء في مواسم الزيارات وعندما كان طالبا في الثانوية. قال إن المزوِّر (الشخص الذي يقرأ مراسيم الزيارة) ان يستدرج هؤلاء الناس البسطاء ويستدر عواطفهم واحاسيسهم الى حد ان يتكرموا عليه بالعطاء .

 

ان  في احد الايام مابين الزيارات كانت مجموعة من اهل الحي ومعهم شابة عروس جديدة بان من ذيل فستانها المطرز، اي كانوا في فرح ولم يتمكن من ان يبكيهم ، فقرأ عليهم هذا ادعاء من عندياته .

 

حاويلي يا مير حسين

منه الغسله وشاله

ومنهم الخيط ثوبيج

ومنهو الكشكش ذياله .

 

فاخد الناس بالبكاء،  ليس لذكره النفنوف بل لذكره مصيبة الحسين وما تعرض له من ظلم.

 

فمن البساطة الاستخفاف بالناس البسطاء، ومن من المؤسف ان يستجيب المتعلمون للإشاعات، ولغاية يعرفونها، ثم يعودون ينشرون تلك الإشاعات طوعاً.  ارسل لي ( صديق العمر, عمرها ٥٢ سنه) هذه الاشاعة ، فكتبت له عن سبب اعادة نشرها وسبب عدم التفكير في مدى مصداقيتها، وناقشت له منطقيا الاسباب حسب فهمي لها. فكتب صديقي: "قد لا يكون المقال المنشور (عن المالكي حرامي بغداد) صحيحا. لكن السبب الذي دعاني لارساله هو لقناعتي بان المالكي وحاشيته وغيرهم قد سرقوا العراق فعلا".

 

اذاً وبكل سهولة نتهم شخص بجريرة غيره دون ان نتأكد من اجرامه او فعلته او سرقته للمال العام .

 

نسمع اليوم موجات (كصرعات الموضة) من النقد والنصح والتكبير لحكومة السيد العبادي، وكأنها تختلف مائة بالمائة عن حكومة المالكي "الجائرة المستبدة"، وبالأخص التي "عزلت العراق" عن العالم وعن الدول العربية الشقيقة. وهذا تبرع سخيف للحط من سمعة العراق والعراقيين. في الحقيقة أن الدول العربية هي التي عزلت العراق، ووقفت على الضد من مسيرته ولم يكن العراق يوما من الايام ضد اي بلد عربي بل هم من شجع داعش (البعث)، والارهاب ووصفوا العراق بالصفوي والتابع لايران، ومولوا وساعدوا بنشأة البعث الداعشي. وان وقوفهم مع العراق اليوم (ان كانوا صادقين) انما لخوفهم من داعش (صناعتهم)، ولخوفهم من اسيادهم الامريكان الذين بدلوا سياستهم واعترفوا بأخطائهم حول داعش والارهاب. وليس لأخطاء عراقية، بل العراق ضحية أخطائهم إن لم نقل جرائمهم. وهذا موضوع يدل على سطحية الثقافة التي تدور في العراق اليوم. وكانت السعودية اول بلد يزوره المالكي بعد تسلمه السلطة التنفيذية سنة ٢٠٠٦ .

 

ليس الارهاب وحده من يقف امام تطور العراق كبلد موحد مستقل بل كثير من المتعلمين لأسباب شخصية بحتة تعودوا عليها واصبحت جزءً من ثقافتهم الاجتماعية والسياسية الموروثة.

 

ومن تلك الاسباب: وقوفهم ضد الدين والمتدينين حتى لو كانوا من المتفتحين من  الشيعة مثل المراسل البريطاني بول وود لشبكة  الـ(BBC)  الذي اتهم المليشيات الشيعية في مدينة جلولاء وهم في مقبرة جماعية في بلدة يسيطر عليها البيشمركة، وهم من اشار له بالمقبرة وانها لشيعة عراقيين كما نقلها مباشرة من المنطقة نفسها، فكتبت للشبكة استفسر: هل يخيف شيعة العراق الناس حتى وهم في مقابر جماعية؟.

 

من حق الناس ان يؤمنوا بأية الايدلوجية يريدون، ولكن بشرط ان لا تستعبدهم تلك الايدلوجيات وتمنعهم من التفكير النقدي المستقل في المستقبل، والاعتراف بان العالم يتغير، والناس تسير الى الامام، وان الجمود هو الموت بعينه، ربما كالموت  السريري  .

 

عبد الصاحب الناصر

 

 

براغ في 16/12/2014

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.