اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

البعث... مشروع عقيم تقيئهُ التاريخ// طلال شاكر

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

البعث... مشروع عقيم تقيئهُ التاريخ....

طلال شاكر

كاتب عراقي

 

المشهد السياسي العراقي بتعقيداته واشكالياته مازال يواجه تحديات كبيرة لابل في اغلبها عصية على الحل. ولا يلوح بالافق مايشيرالى انبثاق رؤية وطنية متماسكة نحو الكثير من الملفات العقدية  كأستحقاقات ينبغي مواجهتها ووضع حد للجدل العقيم  حولها ومنها ملف حزب البعث المحظور وقانون المسائلة والعدالة وبخاصة مايتعلق بعودة حزب البعث الى النشاط العلني او القانوني عبر قرار يتخذه البرلمان العراقي.. وكثيراً ماتخضع مثل هذه ألامور الى رؤى متناقضة ازاء تنظيم سياسي اشكالي يتحمل مسؤوية تاريخية كبرى في دمار العراق وما وصل اليه  من تداعيات وارث مرير استكمله الاسلام الطائفي بكل نذالة وخيانة للمسؤولية.. وقد قرأت مؤخراً مقالة للدكتور والاخ عبد الخالق حسين عنوانها :"التعامل مع حزب البعث:" وهي رؤية  نافذة ومناقشة رصينة حول الموضوع من جوانب مختلفة تعكس القلق المشروع من تداعيات هذه القضية في بلد مضطرب وانقسام مجتمعي وسياسي عميق من قبل مثقف وطني غيور.. في هذه المقالة سأناقش القيمة العملية والسياسية لعودة حزب البعث للعمل  القانوني كاًفتراض جدلي، من خلال استحضار تاريخي موجز لقيم وافكار وممارسات هذا الحزب كأستدلال عام دون الدخول في التفاصيل والاقتباسات والتواريخ والشواهد فهذا برأي معروف ومستقصى ..

موضوعة حزب البعث هي قضية اشكالية تخضع للكثير من التأويلات والمعايير المتضاربة والمبالغ فيها.. فالحزب بالصورة التي عرفناه بها قد تلاشى ولم يبق منه سوى تنظيمات مازالت تحمل اسمه اوتنتحل عناوين اخرى انخرطت في اعمال دموية مشينة أو من اعارت خدماتها لقوى ومنظمات ارهابية متعددة كما هو معروف. وقد حازت على دعم ومؤزارة كبيرة من لدن المناطق الغربية وقوى مشاركة في العملية السياسية بل ان قوائماً حصلت على مقاعد برلمانية بأصوات بعثية ناهيك عن الذين كانوا بعثيين وقد عادوا الى مراكز حساسسة في اجهزة الدولة كقياديين في الاحزاب الاسلامية الشيعية ومقاتلين في ميليشياتها ، وهذا من عجائب وغرائب المشهد السياسي العراقي هذا بأيجاز ماهو قائم وبارز فيه.. لانريد ذكر وتكرار مافعله حزب البعث تاريخياً واية تركة ثقيلة مدمرة تركها لا تحصرها اسفار وجرائم لاينصفها عقاب ولايكفيها قصاص.. وسأناقش الموضوع من ناحية اخرى غير ما سيجري في البرلمان العراقي... حزب البعث لم يعد له مبرر سياسي اوفكري للعودة والعمل وهو الحزب الوحيد الذي سقط قبل تجربته في الحكم وبعدها وبخاصة في العراق فلم يقدم اية رؤية جديرة سواء كانت وطنية اوقومية جل افكاره عبارة عن شعارات واستعارات مشوهة ولم يملك اي مشروع  اقتصادي اوثقافي اوسياسي ذي خصوصية او فرادة يمكن الوثوق به ولا برنامج عمل بأنساق سياسية مترابطة سوى بيانات طافحة بالعنصرية ومعاداة الاخر وطوباوية الاهداف وتمجيد العنف المنفلت بوصفه وسيلة مقدسة لنيل الغايات ، ولعل اخطر ماأنجزه تأسيسه  لمدرسة الاستبداد والعنف، ترسخت  فيها مفاهيم وقيم تأصيل المؤامرة عبادة الفرد والعشيرة والعائلة الحاكمة والمنطقة والطائفة وصنع العبودية السياسية واختزال الوطن والمواطنة بشخص الحزب والقائد وكان على الدوام واجهة لهويات فرعية ضيقة. ولم  يطور أويؤمن بأية افكارأواساليب  تنهض بالعمل السياسي التعددي، ولم يهتم بالرؤية الانسانية للثقافة وظهر هو واغلب قادته كاجلاف بلا تهذيب  لفظتهم بيئة صحراوية قاسية وموحشة,, وكان مرتهناً للتاريخ العربي بأوهامه ورواياته الفارغة ومناقبه المشينة حاشراًالاسلام في مشروعه كثيمة سالفة لبدائيين تائهين. البعث هو من حطم مفهوم الوطنية واعادة انتاج الطائفية والعنصرية برؤى مخادعة واستعارات علمانية مشوهة عندما قفز الى السلطة. ان الفكرة الجوهرية التي قام عليها  هي القومية العنصرية التي لاتسمح له سياقاتها ابدا أن يتطور بأتجاه مدني علماني أنساني وهو ماجرى وحدث..  عندما كان  في السلطة لم يستطع تحقيق أدنى اهدافه كالحرية والاشتراكية في بلد يحكمه بشكل مطلق ويملك اكبر الامكانات ، لكنه اهدر ثروات العراق بحروب عبثية وافساد للذمم والحياة.. ولم يستطع طيلة مسيرته السياسية أن يقوم بمراجعة موضوعية لتجربته اويقبل نقداً او رؤية تخالف منهجه وافكاره. كان مغلق النوافذ متعالياً ومتعجرفاً على الحياة بلا حدود مفارقاً لها....الغرض من هذا العرض هو التذكير بأن عودة حزب البعث الى الحياة السياسية  ستضر العراق وافق تطوره المتعثر اصلاً، فاية اضافة ممكن يقدمها الى الفكر والعمل السياسي العراقي سوى ان يكون واجهىة لاستقطاب طائفي عنصري بلون عروبي  يلعب على الورقة العراقية كمنطلق نحو ترسيخ الاصطفافات الطائفية بلون سياسي مموه كيف يسمح لحزب بالعودة والعمل السياسي وفي ذمته جرائم جنائية لم يجر حلها ولم يبد ندماً اومراجعة أو يعتذر لشعب وبلد ادماه وشوهه. القضية ليست محاربة فكر او حرمان حزب سياسي من فرصة العمل القانوني او حلاً لمعضلة سياسية تندرج في مفهوم العدالة الانتقالية او المصالحة الوطنية او تسوية سياسية لمصلحة البلد فالتحول التاريخ الذي جرى في العراق كان اساساً في اسقاط وازالة حزب البعث من السلطة كعائق تاريخي سياسي مركب امام عودة العراق الى الحياة، رغم انتكاسة التحول ونكوصه، فكيف يجري تأهيله من جديد على حساب ماضي وحاضر مليئ بالجرائم والارهاب والدمار..؟ اما اذا كانت القضية معالجة موضوع حزب العبث المنحل واالمنتمين اليه كمواطنين عراقيين في ضوء القانون فهذا مانرحب به ونشجعه بل وندعو اليه خارج ثقافة العزل والثأر والانتقام والامر برمته متروك للقضاء عبر رؤية سياسة رصينة وحكيمة تتعامل مع الموضوع كملف يبت فيه القانون دون الخضوع لاجندات المناورة والابتزاز.. من خلاصة الرؤية يمكن القول ان الاحزاب الايديولوجية من الصعب نجاحها في ظل مفترضات تاريخية جديدة تحتاج الى الانفتاح والمرونة الفكرية والسياسية والتنظيمية والتعددية. ولم نسمع جديداً من بقايا حزب البعث او من ينطق باسمه سوى ذلك الخطاب القديم الجديد المليئ بمفاهيم ورؤى لاتنتمي الى العصر الانساني الجديد ولاتلائم وطناً وبلداً يبحث عن حاضر ومستقبل امن في عيشه وحياته...البعث لم يملك  ماضياً وحاضراً ومسقبلاً  نافعاً وجديراً قدمه اوسيقدمه انه قيئ التاريخ الذي تعسر هضمه. فجرى استفراغه...

 

طلال شاكر كاتب عراقي

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.