اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

من أجل وحدة حقيقية، ليست ترقيعية// زهـدي الـداوودي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

من أجل وحدة حقيقية، ليست ترقيعية

زهـدي الـداوودي

 

الكل يعرف‘ حق المعرفة بأن العراق بلد لا تترعرع فيه الأفكار الشوفينية. وإن نمت لأسباب معينة، فإن ذلك لا يعني أن أرضه خصبة لتلك الأفكار. ولا داعي لذكر الأمثلة التي لم تصمد أمام الواقع العراقي العنيد. يكفي أن نقول أن التجارب الفاشلة قد تلاشت مثل فقاعات الصابون، بعد أن عرقلت تقدم البلد.

 

اعتقد البعض أن المحاصصة والاستبداد ونهج حكم الحزب الواحد أو الايديولوجية بأشكالها المختلفة، هي العلاج الناجع لحل مشكلة الحكم المعقدة في العراق والتي تتصف بخصوصية تعدد الأطياف الملونة التي تكاد لا تنسجم مع بعضها بعضاً. إن في هذه الخصوصية يكمن جمال العراق. والذي لا يرى هذه الباقة الملونة من الأطياف، فيؤسفني أن أقول بأنه مصاب بعمى الألوان.

 

اعتقد البعض أيضاً بأن حكم الحزب الواحد أو سلطة الفرد هو الطريق الأفضل لقيادة البلد، بيد أن الواقع قد أثبت خطأ ذلك التهج الذي اتخذ مسارا آخر، أدى هو الآخر إلى عرقلة تطور البلد.

 

إن تلك النهوج قد أدت إلى خراب البلد والتأخر والركود والتفرقة وفتح الطريق أمام الدول المجاورة والقبائل البدائية للاستيلاء على البلد ووضعه تحت سيطرته. ولا زالت هذه النهوج تنخر في جسد البلد منذ العصور القديمة إلى يومنا هذا. وبدأت الشقوق والخراب بالظهور بشكل أوضح، ينذر بالانهيار التام. وأصبح الفساد نهجا في التعامل بين المواطن والدولة.

 

ونتيجة لسوء الفهم، أخذ المواطن يساهم في تخريب الدولة، دون أن يدري بأن هذا الجهاز هو ملكه.

وبدأت الأطياف الملونة تفقد ألوانها التي تحولت لى السواد. وراحت الهوية الوطنية تداس بالاقدام. وهكذا تحولت الأطياف إلى مسمياتها البدائية، تذبح بعضها بعضاً. حلت هويات جديدة محل الهوية العراقية التي حلت محل الهوية العثمانية التي اكتسبها العراق في العام 1921 .

 

 

على مدى تاريخه القديم الذي يعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد حتى الآن لم يكن العراق موحداً. كانت دويلات المدن هي الظاهرة السائدة بهذا الشكل أو ذاك. ولعبت الزراعة دوراً حاسما في دفع حمورابي لخلق الدولة المركزية المعروفة بقوانينها وقنواتها المائية وريها. وأثبتت هذه الثيمة أن الوحدة الحقيقية لا تتحقق عن طريق القوة، بل عن طريق الظروف الموضوعية والذاتية الناضجة.

 

بعد خمسة آلاف سنة من الحضارة يأتي نصاب أرعن ومعه عصابة من المجرمين المحترفين لخلق حكومة استبدادية فاشية تريد تحقيق الحرية والاشتركية والوحدة. وكان أن حقق الخراب والموت الجماعي وتشويه المجتمع وعرقلة التطور ودفعه إلى الوراء. إن أخطر ما يكمن في هذه العملية هو تخريب باقة الأطياف الملونة وشق المجتمع العراقي إلى حافة الحرب الأهلية.

 

ما العمل من أجل ايقاف عملية التخريب المستمرة والتقهقر إلى الوراء؟

هل يمكن إعادة بناء البلد وتوحيده على أسس جديدة غير قابلة للتخريب؟

 

الجواب يمكن أن يكون بنعم. وتكون كلمة "نعم" مصحوبة باجراءات علمية وواقعية بعيدة عن الخيال والحزبية الضيقة والمحاصصة والمذهبية والانصياع إلى لغة الميليشيات التي تكبو عند أول مواجهة مع المخربين. المشكلة هي أن هذه الاجراءات تفرض عن طريق البرلمان. وبالتالي تؤدي عملية الاتكاء على البرلمان إلى الاستغناء عن هذا الجهاز الضخم الذي لا عمل له سوى استهلاك كميات هائلة من المبالغ التي ينبغي أن تصرف بصورة عقلانية في أوجهها الصحيحة.

 

إن ما ينبغي أن يؤخذ بنظر الاعتبار في العراق هو حزمة الأطياف الجميلة التي تكونت بصورة طبيعية منذ آلاف السنين، ومراعاة حقوقها القومية والثقافية والمذهبية والادارية. إن سياسة التعريب التي طبقها الدكتاتور الارعن بالحديد والنار والمقابر الجماعية لم تؤد، إلا إلى التمسك بالقبيلة والمذهب. إذاً ليس من حق أحد أن يلغي هذه الباقة الأزلية.

 

إن السياسة التي ينبغي تطبيقها في دولة متعددة الأطياف مثل العراق، هي العلمانية الواعية التي تنظر إلى كل الآطياف بعين واحدة ويضع الانسان الكفوء في المكان المناسب، دون الالتفات إلى مكونه وانحداره الاجتماعي أو الديني.

ينبغي أخذ موقع وحجم الطيف، الذي يسمى خطئاً بالاقلية، بنظر الاعتبار:

هل شروط الفدرالية أو الحكم الذاتي متوفرة في الطيف المعني؟

مدى سعة الطيف وتعلقه بالعراق الموحد.

هل يخطط الطيف الحاصل على النظام الفيدرالي لأجل الانفصال؟

هل ثمة فكرة انفصالية عند بعض أفراد البيشمه ركه؟

هل يتحمل التركمان الحكم الذاتي؟

ماذا يقول أصحاب الاطياف الصغيرة حول مصيرهم؟

ما هو موقف القبائل والعشائر العربية من حركة "دعش" ؟

أسئلة، وغيرها كثيرة، تطرح نفسها بجد ووعي، باحثة عن الجواب الصحيح والواقعي.

 

حين نضع الاسئلة وأجوبتها الكثيفة في زاوية ما، نجد أمامنا بيادر من الاقتراحات الناضجة والعملية. وهناك من ضمن الاجوبة من يقول: "إن تطبيق الاشتراكية هو الحل الأمثل". إن هذا المثل يفتح أمامنا الباب، ولكن حذارى من السرعة في الدخول إلى المحراب، فالناس لهم مشاكلهم التي تحتاج الى التأني والهدوء.

 

ما هي المشاكل التي تجابه العراق وأين تكمن الحلول؟

 

هناك مشكلة يجب أن تتعايش معها، سواء شئت أم أبيت ولا يمكنك أن تمسحها من الوجود مهما أستعملت من وسائل. إنها بالعكس، تتماسك أكثر فأكثر ولذلك يجب الاعتراف بها ومنحها كافة حقوقها. هناك مشكلتان يجب الأعتراف بهما دون اللجوء إلى الوسائل الملتوية، الفدرالية الكردية والحكم الذاتي للتركمان. انك إذاً من أجل أن تحل مشاكل هؤلاء، يجب أن تلجأ إلى تطبيق الديمقراطية الصحيحة. وبنفس الروحية اديمقراطية ينبغي عليك حل مشكلة التركمان الذين يمتد وجودهم من تلعفر، آلتون كوبري، كركوك، داقوق، طوز وقره تبة.

 

أربعة عقود من الزمن والنظام الدكتاتوري يفتح أبواب الجحيم أمام الأطياف الجميلة. والمشكلة التي ينبغي مراعاتها هي أن معظم الأماكن مختلطة من العنصرين الكردي والتركماني. هنا ينبغي إجراء انتخابات محلية واختيار الممثلين إلى إدارات المحافظات والاقضية والنواحي.

 

بالديمقراطية الحقيقية فقط يمكنك حل مشكلة تعدد القوميات.

 

ولنا عودة إلى الموضوع.

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.