اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

لعنة القرن الحادي والعشرين// علي بداي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 لعنة القرن الحادي والعشرين

علي بداي

 

في حياتنا الشعبية العراقية كنا نسمي البشرالمسالمين الذين لا يؤذون أحداً " أهل الله" ،وحين تجمع علاقة عمل أو صداقة أو تحالف نزيهة بين الناس نقول عنهم أنهم تجمعوا على "حب الله" ، وحين تضيق السبل ببني البشروتتقاذفهم الحياة ذات الشرق وذات الغرب يشكون لله ماهم عليه من عذاب، فالشكوى لله وليست للبشر، وحين يتهم الأنسان ظلما بما لم يرتكب، يتجه لله طالبا تدخله فهوالذي يعلم الحقيقة .

في ثنايا منظومة القيم هذه ، يقف " الله "رمزا للخير المطلق والعدالة المطلقة ، هو رمز، لا علاقة له بالدين ولا رجاله إطلاقاً ،رمز لوجود لم يره أحد لكنه موجود في كل إنسان، وهو الضمير الرقيب وتأسيساً على ذلك فقد يغيب الله عن المرء حتى وان التفت على رأسه ملايين الكيلومترات من قماش العمائم. والله الذي تعرفه الناس هوأقرب للمرء من حبل الوريد، لذلك ليس هناك مايمنع البسطاء من الناس من مخاطبة الله بلا كلفة ولا وساطة، فهو قريب منهم يخاطبوه بدون ادوات التعظيم والتقديس التي ينادي بها ذوي العمائم بعضهم، فالإنسان يخاطب الله مباشرة ومن قلبه فيقول : "انت"  ولايقول "أنتم" أو "ايها المولى المقدس"!

ولأن الناس عندنا قد شبعوا غماً، وهماً، وفقراً، وتعباً، وكمداً، وتجهيلاً، وهتافاً، وعاشوا على إستنشاق دخان الرصاص الممزوج بالشعارات عشرات السنين ، فقد رأوا في موجة العمائم التي أكتسحت العراق بعضاً من حل، عل في إدعاء ذوي العمائم القرب من آل بيت الرسول وصراخهم عن ثورة المستضعفين ما يقربهم من "أهل الله" ، وكان بعدها أن "وقع الفأس بالرأس" كما يردد العراقيون الآن.

 لم يفطن مواطننا المتعب، الى أن الأحزاب الطائفية لايجمعها مع الله المعروف لديه أي جامع ،فهي نتاج لبدعة الأسلام السياسي، أي تسخير الأسلام والدين والله والحسين للوصول الى التسلط ، وهكذا بمقابل الله المعروف للناس ، إخترع قادة أحزاب الطوائف في واقع الحال تعريفاً آخر لله ، فهو في قاموسهم: "الموكل الذي وكلهم بالتحكم بالناس ومصائرهم وفصلهم الى موالين ومعارضين ، والموكل الذي كلفهم بحيازة الذهب والفضة قربى له ونيابة عنه وأوكل لهم بناء الفلل الفخمة في أوربا وتأسيس الشركات وتوزيعها على ذوي القربى  " .

ومنذ ذاك لم يجد العراقي أمامه سوى البكاء والشكوى : إنتخبناهم وخذلونا!!

بررمنظرو الأحزاب الأسلامية وجود أحزابهم ودخولها الحياة السياسية الحديثة بمقارنتها بالأحزاب ذات الخلفيات المسيحية في أوربا التي شكلت ظاهرة ضمن الحياة الديموقراطية الأوربية، وهو ادعاء يكشف عن مدى واسع لسذاجة وسطحية صانعيه أو أنه أدعاء قد صيغ  لتسويقه على أناس عزلوا عن الأحتكاك بالعالم لفترة طويلة .فأحزاب أوربا المسيحية هي أحزاب ديموقراطيةمدنية لا دينية لاتشبه احزابنا الطائفية في شئ، هي أحزاب عصرية مبنية داخلياً وفق انظمة ديموقراطية تحتم وجود المؤتمرات والأنتخاب للهيئات العليا وحرية النقاش وتبادل الأراء والشفافية فيما يخص مالية الحزب ومصادرها وأوجه الأنفاق وقد ساهمت تلك الأحزاب بتطوير انظمة الحكم الديموقراطية في بلدانها وإلتزمت بقواعد الديموقراطية فلم تعلن حالة العصيان على القانون حين تخسر إنتخابات ما بل غالبا ما تصحح مساراتها للفوز في المرة القادمة . أما الاحزاب الدينية الطائفية العراقية فهي اقرب الى المؤسسات الدينية العشائرية– المالية السرية منها الى الأحزاب السياسية العصرية، حيث لا تعرف هذه الأحزاب المؤتمرات ولا علانية النقاش حول الأمور التنظيمية، أو المنح المالية التي تتدفق اليها من بلدان عدة . وقد شهد الجميع كيف تراكمت الثروة بسرعة خارقة بيد مجموعة من أفراد الاحزاب الدينية عن طريق ثلاثة مصادر: النهب جراء ارتباك مؤسسات الدولة والأثراء المشرع قانوناً عبر الامتيازات التي وفرها قانون رواتب الهيئات الرئاسية الثلاث والوزراء ونوابهم  والحافظين ونواب البرلمان والأف المستشارين من أشباه الأميين والمصدر الثالث هو رأس المال الديني (اموال الخمس والزكاة ومايسمى بتبرعات المؤمنين). أن من البديهي أن يكون تتبع هذه الأموال من قبل الدولة او القضاء في حالة كهذه ضرباً من المستحيل لأن من اليسير على أي حزب ديني مرتبط بإمام او مرشد، ان يزعم ان المليارات التي بحوزته هي من تبرعات الخمس او الزكاة او تبرعات اثرياء المسلمين.و طيلة 12 سنة من فترة تسلطهم لا يمكن للمتابع أن يعثر على موقف بارز واحد لقادة الأحزاب السياسي في العراق خارج دائرة الخداع والغيبيات والديماغوجيا من أجل التشبث بالكرسيونهب كل مايمكن نهبه فهل أن الأحزاب الدينية هي لعنة القرن الحادي والعشرين ؟ كل ما جرى من هدم وقتل ودمار في بداية القرن الحادي والعشرين في منطقتنا كان بسبب من هذا الوحش المنفلت الناطق باسم الله على هيئة أحزاب وهيئات نهي وأمر وأباطرة دم ومال زرعوا نبتتهم في البيئة العقلية الخربة التي خلفتها أنظمة القمع العسكرية فكان الحصاد سموماً توغلت بجسد وروح الحاضر والمستقبل بحيث بات الكل الآن يدور على نفسه عاجزاً عن إيجاد حل يخرجه من هذا المأزق. ترى كيف يمكن الخلاص من هذه اللعنة؟

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.