اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

عشرُ سنين من عمر مجلة حمورابي// سالم كجوجا

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

عشرُ سنين من عمر مجلة حمورابي

سالم كجوجا

 

عشرُ سنينٍ مرت على الإصدار الأول لمجلة حمورابي التي تصدر في أميركا. تلك المجلة الثقافية التراثية التي تصدر بثلاث لغات (عربية، سريانية، إنكليزية)، هدفها تعريف القراء بتراث وثقافة وتاريخ شعب بلاد مابين النهرين، حيث تمتد جذور المكون المسيحي (سريان كلدان آشوريين) إليه. فهم بحق المكون الأصيل بين شعوب البلدان التي إنبثقت على أرض النهرين اليوم.

   صدر عددها الأول في شهر كانون الثاني من عام 2006، وكان (إتحاد سورايا القومي: المجلس الكلدوآشوري السرياني القومي سابقاً) هو من تولى هذا الإصدار، بتآزر فرعيه في مشيكن وكاليفورنيا. وقد سعى المرحوم سعيد سيبو (أول رئيس تحرير لها) مع مجموعته من المجلس في فرع كاليفورنيا، إلى إصدار المجلة هناك لسنة ونصف، أي إلى العدد السادس، ثم تولّى فرع مشيكن مسؤؤلية إصدارها إلى حد يومنا هذا، فتم طبع 34 عدد منها في مطبعة print mero تحت مسؤولية كادر مشيكن في إتحاد سورايا القومي ومعهم مؤازرين بارعين من كُتاّب مستقلين عنه، مواظبين على الكتابة ونشر بحوثهم (وهم مشكورين على ذلك)، سيما فيما يخص تاريخ (الكلدان السريان ألآشوريين)، في حقبتين رئيسيتين: قبل المسيحية وهو تاريخ بلاد بين النهرين القديم، ثم بعدها، علاوة على مواضيع عامة متفرقة.

بالإضافة إلى كتّاب مشيكن، فهناك مَنْ يقطن منهم في كاليفورنيا وأوهايو، ومنهم من هو خارج أميركا، في العراق وأوروبا، كما هو شأن الأستاذ المعروف فؤاد يوسف قزانجيفي ألمانيا، المواظب على مد المجلة ببحوثه على مدى سنين عديدة.

من المؤكد أن المطبوعات الورقية بشكل عام تأثرت بهبّة الأنترنت، فضَعُفَ تداولها بسبب المواقع الألكترونية المتنوعة، بالإضافة إلى مواقع التواصل الإجتماعي التي أغنت الناس عن الإستعانة بالمطبوعات الورقية: كالفيس بوك وتويتر وأنستغرام وتوو ..وغيرها. ورغم أهمية تلك المواقع فقد أثّرت سلباً في رواج المطبوع الورقي بشكل كبير، مما خفّض من الموارد المالية لتلك المطبوعات، حتى نال الأمر أوسع المجلات أو الجرائد إنتشاراً في العالم. ونظراً لإنجذاب القراء إلى الأنترنت، لجأت حمورابي إلى نشر نتاجاتها على صفحات النت في مواقع متعددة، فأصبحت مُتيسرة لجميع المتابعين في كل أقطار الأرض. وغالباً ما يصلنا إيميلات يستفسر فيها أصحابها عن المجلة بغية الإشتراك فيها، ومنهم في أقطار أخرى، كالجزائر وكندا مثلاً، ومن أطياف متنوعة من القراء.

ورغم بعض العقبات، بقيت حمورابي، (وهي المجلة المتواضعة الغير ربحية)، متماسكة بفضل الأسخياء من المتبرعين، وأصحاب الإعلانات الذين لهم الفضل الأكبر في ديمومتها مادياً. أما رهط كتابها فبقوا مواظبين أوفياء على إتحافها بمقالاتهم طوعياً وبدون مُقابل، لإيمانهم العميق في جدوى نشر الثقافة ودعم كل مطبوع يحمل أهدافاً واضحة للإرتقاء بفكر الإنسان إلى ماهو أفضل. وهنا تُسجل أسرة المجلة (إدارة، وهيئة تحرير) شكرها العميق لكل الأسخياء من كُتاب مواظبين وأصحاب إعلانات، ومتبرعين ومؤازرين، ونقول لهم: كنتمْ سبباً في نشر الموروث العراقي القديم ثم التراث الشرقي المسيحي بكل ماتيسر من مصادر، وبقيت صفحة اللغة السريانية (آرامية، كلدانية، آشورية... سمها ما شئت) مستمرة بجهود المخلصين في عطاء مستمر لاينضب، مَثَلهم مثلُ تلك الشمعة التي تذوب من أجل أن تُضيء لمن حولها.

لقد مكثت مجلة حمورابي خارج الصراعات الطائفية أو المذهبية أو المنافسات الحزبية التي تُقسّم شعبنا السورايا... وظلَّ فكر المجلة حريصاً مؤمناً: بأن السريان الآشوريين الكلدان... هم:    

•     الأبناء الحقيقيين لتربة حضارة بين النهرين المعطاءة والمتفردة في وضع أسس الحضارة الإنسانية العالمية.

•     وأنهم يحملون سمات قومية واحدة لايمكن أن تطالها التجزئة إلاّ بالتأثيرات الطائفية أو المصالح الشخصية أو تزوير التاريخ وطمر الحقيقة، أو الإنسياق وراء الغير الذي لايريد لنا أن نكون متحدين أقوياء.

فهم شعب واحد يحمل سماتاً قومية واحدة، عميق الجذور، صنع حضارة إنسانية راقية ورائدة، خلال حلقات متتابعة كمّلت بعضها منذ أيام سومر وأكد مروراً ببابل وآشور، ثم في الفترة المسيحية التالية، وأبان حكم العباسيين في بغداد، ناهيك عن المساهمات الفاعلة منذ تأسيس الدول والحكومات الوطنية الحديثة.

  وقد ساهمت مجلة حمورابي، في نشر ثقافة قبول الغير واحترامه وفق المباديء الإنسانية العالمية إستناداً على رؤى سياسية واجتماعية رصينة، كما أولت إهتماماً بحقوق المهضومين من الأقليات الأثنية والدينية المختلفة، وسعت بإعلامها المتواضع "مساندة كوتا" المكونات الصغيرة في البرلمان العراقي، كما ساندت فكرة إنشاء محافظة تجمع كل أطياف العراقيين سيما من المكونات الصغيرة التي هي أكثرية هناك، أي في منطقة سهل نينوى التي تتصف بطابع ديموغرافي مُتميز  قومياً ودينيياً قوامه أكثرية من المكون المسيحي واليزيدي والشبكي وغيره. ولكن شاءت الأيام أن تهب الرياح بعكس ماتتمناه السفن المبحرة في عباب بحر الحياة، فهبّتْ ريح سوداء عاتية سعت إلى تحطيم البشر والحجر حاملة لواء فكر تخريبي ظلامي لايؤمن بالتطور الحضاري ويسعى إلى عكس حركة عجلة التاريخ، وتحطيم الأرث الثقافي الإنساني الغني بمعاني الإرتقاء الذي يسعى إليه الإنسان بفاعله مع أرضه، ومع معطيات الفكر الإنساني السليم المنفتح الساعي إلى إحقاق سعادة البشر واحترام توجهاتهم طالما كانت من أجل السلام والبناء...

  واليوم تشهد منطقتنا الشرق أوسطية ظروفاً صعبة، وتدخلات دولية وإقليمية لها أجنداتها الخطيرة، قد تقود إلى حرب طاحنة لايمكن التكهن بتداعياتها، مُحركها الأول: أطماع إستعمارية، وحفنة من حكام متنعمين بثراء البترول إبتكروا الإرهاب الحديث على خطى موروثهم المتطرف البالي، فسادَ الظلام والخراب شعوب المنطقة، فشاهدنا بأم أعيننا ونحن في القرن الواحد والعشرين أعمالاً همجية ترتقي إلى عصور مظلمة، فمن سبي النساء والأطفال، وهتك أعراض المحصنات: كبيرات وصغيرات.. متزوجات أوبنات، إلى قطع الرقاب في الساحات العامة ونشر أفلامها عبر الأنترنت، وإحراق أو إغراق البشر أحياء..... وحيثما إرتفعت شعاراتهم لاترى إلا الأطلال والخراب العام، فافتعلوا لتلك الشعوب الحروب الطائفية والقومية ليُمعنوا في سحقها وتفتيتها، ويبدو أنه تحقق لهم الكثير من مآلهم على حساب شعوب المنطقة المُنهكة. وعسى أن تنهض الشعوب وتنفض عنها ذلك الفكر الهدّام، لتبني مع شعوب العالم المتحضر، حضارة ترفع من شأن الإنسان.

وفي الوقت الذي نرجو للناس حياة المسرة في ذكرى ميلاد المسيح، ونحن على أعتاب عام جديد، ننتظر اليوم الذي سيعود فيه أهلنا إلى ديارهم في نينوى وماحولها ليُمارسوا حياةً طبيعيةً قوامها السلام، في ظل عراق آمن. وننتظر برلماناً متطوراً لايُضحّي بحقوق أي مكون من أجل مفردات موروثة ضررها أكبر من نفعها، تتناقض مع أبسط قوانين حقوق الإنسان.

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.