اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الهروب والخلاص من القائم// ترجمة سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الهروب والخلاص من القائم

جمال ناجي من أربيل وبمساهمة بن لاندو من الولايات المتحدة (*)

ترجمة سعد السعيدي

 

بعد فترة قصيرة من سيطرة تنظيم داعش على مدينة القائم ، ادرك جاسم محمد ان لابد له ولعائلته من الفرار.

 

قال محمد " لقد شهدت مقتل فتاة تبلغ من العمر 14 عاما. كانت تتوسل بهم وتقول لهم بأنها بريئة. إلا انهم قاموا برجمها لساعة كاملة حتى الموت وكانت تنزف. في النهاية استخدموا صخرة كبيرة وهشموا رأسها بها ".

 

." كنا واقفين نشاهد هذا المنظر تماما كالعبيد ، ولم نكن نستطيع عمل أي شيء "

 

ومحمد الذي يبلغ ال 53 عاما هو عامل في مصنع فوسفات القائم في محافظة الانبار قرب الحدود السورية ، كان قد هرب مع عائلته في تشرين الاول/ أكتوبر بعد أن عاش لما يقرب من العامين في ظل حكم الجماعة المتشددة (وقد رفض أن تلتقط صورة له).

 

تسلط قصته الضوء على التكتيكات الوحشية التي تستخدمها داعش في الحفاظ على سيطرتها وصعوبات المغادرة ، وكذلك المعضلة التي يواجهها العديد من العراقيين السنة مثله الذين يرفضون تسلط داعش لكن أيضا يشعرون بالغربة في باقي العراق.

 

بحلول حزيران/ يونيو من عام 2014 ، ستة أشهر بعد سيطرتهم على الفلوجة ومعظم الانبار وبعد عام من العنف المتزايد الشدة ، تم للمسلحين السيطرة الكاملة على بلدة القائم والمنطقة الحدودية. وذكر محمد بانهم قاموا بتهميش الجماعات المسلحة الأخرى وقمع كل معارضة عن طريق غرس الخوف من خلال الإعدامات العلنية بشكل كبير.

 

وأضاف " انهم يأتون بشخص ليقوموا بإعدامه علنا عن طريق حرقه او صعقه بالتيار الكهربائي أو إطلاق النار عليه ". واردف " كل هذا جعلني أكره وجودهم. تمنيت لو أن الأمور تعود إلى ما كانت عليه في السابق على الرغم من ظلم الجيش العراقي. إلا أنه يبقى لا يقارن مع ما تقوم به داعش ".

 

تم فرز السكان بين أولئك الذين بقوا في الحياة المدنية وأولئك الذين ارادوا الاستجابة لنداء الخليفة.

 

استهدف مسلحو داعش شيوخ عشيرة البو محل " في مسعى للانتقام " عندما تحولت العشيرة للقتال ضد تنظيم القاعدة في العام 2005. الآن ، فكل أسرة ممن لديها اثنين من الرجال على الاقل في سن القتال تجبر على المساهمة بهم.

 

اما بالنسبة لمحمد فلم يكن التعاون مع داعش يجذبه. ليس فقط لأنها كانت تسعى لفرض قوانين على أساس تفسير عنيف ومتطرف للإسلام ، ولكن لكون العديد من وكلائها في القائم هم من الأجانب.

 

ومع ذلك فإن محمد ، مثله كمثل أي شخص يعيش في المناطق التي تسيطر عليها داعش قد تظاهر بالطاعة للنظام الجديد ، حيث يمكن لمن لا يمتثل أن يتعرض للإعدام. وقد جرى تأشير بيوت المتوفين بكلمة " مُصادَر ". وقد بيع كل شيء ذي قيمة في المدن السورية مثل الرقة ودير الزور ، حيث توجد معاقل داعش.

 

" يتم بيع جميع ممتلكات سكان القائم في سوريا " ، كما قال محمد. " جعلني هذا أكره نفسي واليوم الذي تساهلت فيه مع افكار داعش. لقد خدعونا وسرقونا بين يوم وليلة ".

 

النهب والتجارة

 

عاش محمد وعائلته في الكرابلة وهي ناحية تقع شرق القائم ، عندما استولى داعش عليها. في الصيف الماضي انتقل إلى الحُصَيبة الأقرب إلى مصنع الفوسفات حيث كان يعمل.

 

كان الدواعش قد قاموا بتجريد المصنع من كل محتوياته لغرض استخدام المعدات هناك لصنع القنابل ، وقاموا بنقل بعض المواد إلى سوريا. وقال محمد بانهم قد استولوا على 500.000 لتر من الوقود من محطة الكهرباء القريبة التي تم تفكيكها أيضا ونقلها إلى سوريا.

 

واضاف بان " المصنع الآن فارغ ، ولم يبق منه إلا المبنى ".

 

في الأيام الأولى من سيطرة داعش على شمال العراق في صيف وخريف عام 2014 ، كانت صهاريج النفط تشكل مشهدا متكررا حيث كانت تنقل النفط الخام من كركوك ونينوى ومحافظات صلاح الدين من خلال معبر القائم إلى البو كمال في سوريا.

 

قال محمد الذي كان شاهدا على مرور الصهاريج اليومي " لا أعرف كم منه كان يذهب الى داعش لكني اعرف انهم كانوا يفرضون الضرائب. فللصهاريج الكبيرة كانت الضريبة حوالي 300 دولار ثم أصبحت 400 دولار ، و 100 دولار للصغيرة ".

 

وكانت تأتي الشاحنات ايضا من سوريا وهي تحمل الكيروسين والبنزين لكن من النوعية الرديئة.

 

وقال محمد مسترسلا بان أنماط حركة المرور قد بدأت بالتبدل في كانون الثاني من عام 2015 مع عبور الصهاريج في الليل  فقط ، " مع إطفاء مصابيحها لتجنب الضربات الجوية الليلية. كل هذه الصهاريج تملكها داعش وتأتي من الحسكة والرقة ودير الزور إلى القائم".

 

وكان النازحون من المناطق المجاورة قد اتخذوا حقل عكاس الغازي كملجأ لبعض الوقت. وقد جرت مقابلة العشرات على مدى العامين الماضيين - بعض هؤلاء النازحين وآخرين هم من العاملين في حقل عكاس او من محطة توليد الكهرباء القريبة ومصنع الفوسفات – كلهم رووا قصصا عن إتيان داعش لأجانب وتفتيش رؤوس الآبار لكن من دون تشغيل الموقع.

 

الحياة تزداد سوءا

 

حتى وإن كان ثمة من يريد البقاء بعيدا عن المشاكل ، لم تكن لادارة داعش الشديدة الحماسة ان تجد صعوبة في محاسبة الناس على قوانين يجهلونها.

 

ففي إحدى المرات ، عند السفر إلى سوريا لمراجعة طبيب لقدمه ، تم استجوابه من قبل أفراد " لجنة الصحة " الداعشية الاربعة. وكانوا مكلفين بتحديد ما إذا كان مرضه خطيرا بما يكفي لتبرير العناية الطبية المهنية. لكن بدلا من التركيز على قدميه أصابهم الغضب لكون دشداشته - وهي الرداء العربي التقليدي - كانت طويلة جدا.

 

واضاف محمد " أمروا بجلدي 20 جلدة. كان كل واحد منهم اصغر مني لأكثر من 20 سنة ".

 

لكن كما اتضح فيما بعد ، فكل الدواعش في سوريا كانوا يرتدون الدشداشة القصيرة التي كانت النمط المنتشر مع الوهابيين وغيرهم من السنة. بالنسبة للدواعش ، فإن الدشداشة الطويلة السائدة في العراق - بين العرب من الطائفتين - تحمل دلالة شيعية على وجه التحديد. وقد اعترف محمد بأنه كان يجهل هذه القاعدة.

 

" جاء احدهم وكان عراقيا ودعم الادعاء بكوني جاهلاً " ، قال محمد. " اخرجني من الغرفة بينما كانوا يضحكون علي. ومع ذلك قام احدهم بتقصير الدشداشة.... وقد بكيت لما يحدث لي ".

 

ترافق ذلك الذل مع اليأس عندما توقفت الحكومة العراقية عن إرسال رواتب الموظفين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة من قبل داعش.

 

" بعدما قطع راتبي ورزقي الوحيد ، أصبح كل شيء صعب للغاية " ، قال محمد. " كان لا بد من الهروب باية طريقة ، حتى لو كانت المحاولة تعني الموت لنا ".

 

كان لمحمد زوجة وابنتين وابن واحد وكان يخشى على سلامتهم. حجم عائلته هذه جعل ايضا التخطيط للهروب أكثر صعوبة.

 

يقول محمد بأن هناك الكثيرون مثله في القائم ممن كرهوا الحياة في ظل الحكم القمعي لداعش. لكنه قال انه لا يوجد أمل لمقاومة هذه الجماعة أو الانتفاض ضدها. فليس هناك من إمكانية لإنشاء تنظيم ، ولا الثقة في تلقي أية مساعدة خارجية.

 

وتنظيم داعش بارع ايضا في إقناع السكان بأن الحكومة العراقية تعاديهم وتريد ايذائهم. لذلك يستخدم هؤلاء شاشات عملاقة في ساحات المدينة تعرض افلاما عن ضحايا الغارات المدنيين.

 

الهروب

 

بدأ محمد التخطيط للهروب في كانون الثاني 2015. وبدأ بتوفير المال والسؤال من حوله بهدوء عن سواق مستعدين لتهريبه.

 

بعد تسعة أشهر ، وجد اخيرا سائقاً. وكان الثمن 1400 دولاراً. وهو ارتفاع بمقدار 3400 في المئة عن معدلات ما قبل مجيء داعش. وقد أخذوا معهم بالكاد اي شيء من حوائجهم.

 

واضاف " طالما لا يوجد لديك أمتعة أو أي شيء آخر يظهر بانك مغادر الى غير رجعة ، فلن يمنعك حاجز داعش الذي على الطريق من المرور إلى مدينة الرطبة القريبة والواقعة أيضا تحت سيطرتهم.

 

بعد ذلك ، استخدموا طريقا صحراويا جانبيا للوصول إلى نقطة التقاء بعد نقطة تفتيش للجيش العراقي.

ثم كان عليهم دفع 1000 دولار إضافية لسيارات الأجرة وتذاكر الطائرة للوصول إلى أربيل ، عاصمة إقليم كردستان العراق.

." لم أصدق بأننا نجحنا في ذلك " قال محمد ، " اي في الخلاص من سجن داعش "

 

(*) من نشرة تقرير نفط العراق

مقالة نشرت بتاريخ الخميس 31 كانون الاول / ديسمبر 2015

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.