اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

معسكر بعشيقة والصراع على شمال العراق// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

معسكر بعشيقة والصراع على شمال العراق

سعد السعيدي

 

كان إعلان السورجي في كانون الاول الماضي عن وصول الاتراك الى معسكر بعشيقة بمثابة إشارة التنبيه للمدى الذي بلغه الصراع حول شمال العراق بمعية الاطراف المتحالفة مع الاتراك. وقد ارتفعت خطورة الموضوع مرة اخرى من خلال خبر شحنة الاسلحة التي اعلن عن وصولها اليه مؤخرا.

 

اكتنفت ظروف وجود المعسكر بالغموض مع إهمال إعلامي لما كان يجري بشأنه إلا من بضعة اخبار كالعادة. كان خبر الاعلان عنه في تشرين الاول 2014 حيث نقل عن العبيدي وكان ما زال نائبا وقتها عن حصول محافظة نينوى على قطعة ارض بمنطقة سهل نينوى الواقعة تحت حماية البيشمركة لتحويلها الى مركز تدريب باسم معسكر تحرير نينوى. واوضح بأن التدريب سيؤمن من قبل الحكومة والتحالف الدولي. ومن احمد الجبوري النائب عن نينوى علمنا بان موافقة المركز قد اتت عن طريق هيئة الحشد الشعبي وكذلك الرواتب.

 

بعد هذا الإعلان نسي امر المعسكر ولم يعد يذكر في الاخبار حتى شهر حزيران من السنة الماضية حين اعلن فجأة عن نية الداخلية لنقله خارج إقليم كردستان ! إذ قيل عن التوصل الى علم الوزارة عن تواجد متطوعون وهميون فيه. يلاحظ هنا عن ان هذا التقرير لم يظهر الى العلن إلا بعد ان تم نشر تقرير سقوط الموصل في ايار 2015 والذي جرى فيه تثبيت مسؤولية محافظ نينوى في سقوط المدينة وإقالته لاحقا. لا ندري لماذا جرى الانتظار حتى الانتهاء من إعداد هذا التقرير النيابي لاعلان نقل المعسكر ؟ فهل يعقل بأن الداخلية لم تكن تعرف بحقيقة ما جرى في المدينة او حتى في المعسكر من خلال مصادرها ؟ وكيف جرى التأكد من وجود الوهميين مع تواجد المدربين (حكوميين او من التحالف) فيه ؟ لا يمكن ان تكون القضية متعلقة فقط بالوهميين إن صح هذا ليكون خلف قرار نقل المعسكر ، فماذا كانت اسباب الداخلية للقيام بسحبه الى خارج الاقليم إذن ؟

 

ويبدو بأن لحظة الاعلان عن نقل المعسكر كانت مناسبة لانفلات الالسن بما كان مخفيا. فعرفنا مثلا بأن رواتب متطوعي المعسكر قد اوقف صرفها منذ شهر شباط وربما قبله. ومن نفس النائب احمد الجبوري (في المقابلة المذكورة اعلاه) حصلنا على تكملة مثيرة للمعلومات وهي ان بعد قطع الرواتب الحكومية... تولى الاتراك دفعها بواقع 500 دولار شهريا لكل منتسب ، وإن القنصل التركي في الموصل قد شوهد وهو يوزع هذه الاموال بنفسه ، عدا عن توليهم تدريب المتطوعين هناك بانفسهم ! ما يثير لدينا الدهشة وحتى الغثيان الشديد هو غياب كل رد فعل من الحكومة بعد انقلاب وضع المعسكر نحو هذا الحال واستمراره هكذا. بل هو التساهل والتهاون التامان !!.. حتى اتخاذ قرار نقل المعسكر في حزيران (وتنفيذه في شهر تموز اللاحق). اي انه جرى انتظار ستة شهور كاملة حتى يبادر الى عمل شيء ما. فهل كان الوزير الغبان ورئيسه العبادي فعلا جاهلان لاوضاع المعسكر خلال كل هذه الفترة ؟ والسؤال الآخر هو لماذا انتظرا شهورا منذ لحظة قطع الرواتب حتى صدور تقرير سقوط الموصل وتنحية النجيفي لنقل المعسكر ولم يقما بنقله رأسا من لحظة ايقاف صرف الرواتب إن كان هذا هو الحل الامثل (ولو إننا لا نراه إلا حلا في غاية الاعوجاج وسنوضح لماذا) ؟ ولماذا جرى السكوت عن صرف الرواتب التركية فيه بعد قطع الرواتب الحكومية وحتى دخول القوات العسكرية التركية فيه في كانون الاول الماضي ؟ لاحقا في تشرين الثاني الماضي جرت زيارة العبيدي للمعسكر بوجود الاتراك فيه وهو عمل اقل ما يمكن وصفه به هو الخيانة العظمى ويتوجب محاكمته على هذا الاساس. فكيف يجرؤ على زيارة موقع تتواجد فيه قوات اجنبية تغدق فيه الاموال لمرتزقة وهو ما يفسر بأن الحكومة لا تمانع فيه ؟

 

حسب الاخبار التي لا نعرف مصداقيتها ذكر بان من جرى نقلهم من المعسكر هم منتسبو شرطة المحافظة اي انهم يتبعون الداخلية. ومن بقي في المعسكر بعدها هم المتطوعون التابعون للنجيفي كما نظن ممن استمر الاتراك بالصرف عليهم.

 

لمحافظة الموصل خصوصية واضحة لكونها خط التماس السياسي والعسكري للمركز مع اقليم كردستان. وهي المركز الرئيسي لتواجد الحكومة المركزية في كل شمال العراق. بالمقابل لابد ان البرزاني يعتبرها من ضمن مناطق نفوذه لهذه الاسباب وكذلك داعميه الاتراك من خلفه. هل انشيء معسكر بعشيقة بهدف تحرير الموصل فقط كما اشيع ام ان إنشاؤه كان لغرض تلبية حاجات اخرى املتها ظروف المنطقة والامن الوطني  كما نعتقد ؟ ما تكون اهمية هذا المعسكر لتصرف عليه تركيا اموالا وترسل اليه قواتا ؟ لا يبدو لنا بأن خيار الموقع قد ترك للصدفة. فعند التدقيق فيه يلاحظ وقوعه على مقربة من الخط الفاصل بين المناطق التي يسيطر عليها داعش وباقي مناطق سهل نينوى الواقعة تحت سيطرة الاقليم.. فهل كانت الفكرة الاساسية هي لوضع اية قوات في المنطقة بهدف تأمين تواجد عسكري عراقي ولو بحده الادنى بعد انسحاب الجيش من كل الشمال (خصوصا وإنه لم يكتمل تشكيل غرفة عمليات نينوى الجديدة ولم تحصل على قائدها وقتها) وكذلك لوضع حاجز امام تمدد الدواعش باتجاه الاقليم بعد محاولتهم الاولى في آب 2014 ؟ فإن كانت هذه هي حقا احدى اهداف إنشاء المعسكر فلماذا جرى قطع الرواتب عنه بفترة وجيزة بعد إنشائه ونقل منتسبي الداخلية منه الى خارج الاقليم وتركه شبه فارغ إلا من حشد النجيفي ؟ قطعا لن نحصل على اجوبة شافية لهذه الاسئلة..

 

كذلك إن كان المعسكر فعلا محاولة لتأمين موطيء قدم في المنطقة بعد انسحاب الجيش ، فهل جرى تزويده بالاسلحة ؟ من الاخبار علمنا ان ثمة اسلحة قد جرى إرسالها للمعسكر بداية شهر كانون الاول 2014. هل جرى استلام هذه الاسلحة ام انها تسربت لداعش او لاطراف اخرى في الاقليم ؟ وهل يكون هذا التسرب يا ترى هو سبب نقل المعسكر وسحب الدعم الحكومي عنه ؟

 

نعتقد بأن من اهداف الاتراك في تعزيز قواتهم في بعشيقة هو لتعويض الوهن الذي اصاب سلطة البرزاني مؤخرا. والتمهيد لهذه العملية كان بوضع اليد على الموقع عبر المدربين بداية منتهزين فرصة قطع الرواتب ولاحباط إرسال اية قوة عسكرية عراقية للتمركز فيه في اي وقت لاحق. من الواضح بأن هذه اللحظة كانت بداية فقدان السيطرة على المعسكر. لذلك نرى بأنه كان يتوجب نشر قوات عراقية فيه لمسكه ولتعديل الاوضاع فيه ولمنع احتلاله من اية قوى اخرى بدلا من سحب القوات منه والتنازل عنه كليا لتركيا لاحقا كما رأينا.

 

يستنتج من هذا بان معسكر بعشيقة قد اصبح نقطة الصراع للسيطرة على شمال العراق بين الدولة العراقية وتركيا الداعمة لداعش والبرزاني. وقد انتهت الجولة الاولى (التي نرجو ان تكون فعلا مجرد جولة ، لا نهاية المطاف) بهزيمة كاملة للدولة العراقية بسبب سوء الإدارة والفساد في اعلى السلطة. ونحن نرى انه لابد للدولة من استرجاع هذا المعسكر بأية طريقة ولو بالقوة لتأمين استعادة الموصل لاحقا وكذلك لتأمين خلو المنطقة من اي سند قريب للدواعش دون انتظار تحرير الانبار وكركوك. فلا يجوز التهاون مع تواجد قوى عسكرية اجنبية تعبث داخل حدود بلدنا من خلاله. ويتوجب عدم الركون فقط الى مجلس الامن الذي لا تبدو عليه العجالة في هذا الامر خصوصا مع الاداء الضعيف للدبلوماسية العراقية ، بل الضغط العسكري على الاتراك بموازاة الضغط السياسي. كذلك ارى انه يتوجب العمل لوضع الاميركان عند حدهم كونهم عند دعمهم للاحتلال التركي قد وضعوا انفسهم علانية بمواجهة العراق واثبتوا للمرة الالف بانهم ليسوا من اصدقائه ، بل في خندق اعدائه. ارى ايضا بتوجب إنهاء وجود ما يسمى بحشد النجيفي لطالما كان ضد مصلحة البلد بنفس وقت استعادة السيطرة على المعسكر. فليس ذاك المتخابر مع دول اجنبية داعمة للارهاب هو من سيقوم بتحرير ما عمل على تسليمه لهم بنفسه.

 

ننتظر قيام الحكومة بواجبها تجاه هذه القضية باسترجاع المعسكر وطرد الاتراك. فهي قضية لا تحتمل التهاون فيها...

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.