اخر الاخبار:
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

تجاوز مفوضية الانتخابات على حقوق عراقيي الخارج// سعد السعيدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

تجاوز مفوضية الانتخابات على حقوق عراقيي الخارج

سعد السعيدي

 

في العام 2010 كنا نتهيأ نحن عراقيو الخارج للمشاركة في التصويت في الانتخابات النيابية. وكان لدينا ظنّ بأن الامور ستجري كما جرت في الانتخابات السابقة عام 2005. إذ لم نتصور يومها بأن ثمة نوايا سوداء كانت تعد لها مفوضية الانتخابات ضدنا في الخفاء.

 

قبل الانتخابات باسابيع بدأنا نقرأ في الاعلام اخبارا مقلقة تردد بأن ثمة تغييرات قد اجريت حول الاوراق الثبوتية المطلوبة التي تثبت اهلية العراقي للمشاركة في الانتخابات. كانت هذه التغييرات تفيد بأن الاوراق الثبوتية الاجنبية التي كان يحوز عليها عراقيو الخارج الصادرة من بلدان المهجر وعلى عكس ما جرى في الانتخابات الاولى عام 2005 ، لم تعد مقبولة لاثبات الاهلية للمشاركة في التصويت. بدلاً منها ستكون الوثائق الاساسية هي الاوراق الثبوتية العراقية مثل هوية الاحوال المدنية او شهادة الجنسية العراقية. ولا يجهل الكثيرون اسباب فقدان غالبية العراقيين لهوياتهم الثبوتية لدى هروبهم من العراق خلال إحدى فتراته "الزاهية".

 

على موقع المفوضية في الصفحة المخصصة لانتخابات الخارج لم يكن مذكورا ايا من هذه الاخبار المقلقة. فعدا عن بضعة معلومات عامة اولية حول الانتخابات ، كان الصمت التام يلف الموضوع (وهو ما استمر حتى ليوم او يومين قبل بدء ايام الانتخابات الثلاث !). لهذا السبب كانت تنتابنا الشكوك حول مصداقية الاخبار التي وصلتنا ، وهو ما دفع الكثيرين لتسقط اية توضيحات من مفوضية الانتخابات حولها.

 

لاحقا وصلنا خبر يقول بأن ثمة ندوة حول الانتخابات ستعقد في مدينة لاهاي الهولندية بإدارة وائل الوائلي عضو المفوضية من حزب الدعوة. وهو كان رئيس الدائرة الانتخابية لغرب اوروبا المعين حديثا والتي كانت تضم بلجيكا وهولندا وفرنسا.

 

في هذه الندوة التي كنا حاضرين فيها عندما سُئل هذا الوائلي حول الاوراق الثبوتية المطلوبة للمشاركة في التصويت اجاب ولدهشتنا مؤكدا... بأن الاوراق الثبوتية الاجنبية الصادرة من بلدان المهجر وبالنظر لاوضاع العراقيين في الخارج ، سيكون معترف بها كوثائق اساسية لإثبات هوية العراقي ويمكن الاعتماد عليها للتصويت. وحول الاوراق الثبوتية العراقية قال بأنه يمكن ايضا إبراز هذه إن توفرت الى جانب الوثيقة او الهوية الاجنبية ، مثل الجواز المنتهي غير النافذ. إذ ستعتبر وثائق إضافية ساندة للوثيقة الاجنبية. واكد لنا بأنه لن تكون هناك اية تبعات إن لم تتوفر هذه الوثائق العراقية بجانب الاجنبية !

 

بعد هذه التوكيدات الصادرة من موظف كبير في المفوضية شعرنا جميعا بالاطمئنان حول الموضوع. ولم تنتابنا بعدها اية شكوك من احتمال ان يكون في الامر تلاعبا مدبرا.

 

في يوم الانتخاب كنت قد وصلت الى مركز الاقتراع الواقع على ضفة قناة في مدينة اوتريخت الهولندية. اخذت مكاني مع جمع غفير من العراقيين بانتظار الدخول الى القاعة والتصويت. بعد اجتياز الباب الرئيسي وإجراءات التفتيش وصلنا الى القاعة المقسمة الى محطات ، وهنا كانت المفاجأة. فقد قال لي موظف تدقيق الهويات وبعدما رأى الاوراق الثبوتية الاجنبية بأنها... غير كافية للانتخاب وغير معترف بها لوحدها ! إذ لا تقبل هنا إلا الاوراق الثبوتية العراقية مثل هوية الاحوال المدنية او شهادة الجنسية العراقية او جواز سفر عراقي نافذ !! عدا هذه الاوراق لن تقبل اية هوية اخرى حتى لو ذكر فيها بلد حاملها. واضاف قائلا بأن هذه هي تعليمات المفوضية !

 

طبعا لم يجد في هذه الحالة محاولة إثبات كوننا عراقيين ، ولا عن اعتماد هذه الوثائق الاجنبية في السابق في إنتخابات 2005 ، ولا حتى ترديد ما قاله لنا الوائلي. فقد كان الموظف صارما : من دون اوراق ثبوتية عراقية تثبت جنسية المتقدم للتصويت ، لا يمكن قبول مشاركة الشخص المعني بالانتخابات !!! بالنتيجة قام نفس هذا الموظف بدفعي بالقوة خارج المحطة.

 

توجهت بعد هذا الى مدير المركز الانتخابي في القاعة الذي كان واقفا على مقربة حيث رأى ما جرى وكان قد تعمد إدارة ظهره لنا. وكان هذا رجلا قصيرا وبدينا. على بطاقته التعريفية كان مذكورا اسمه : سلام دبش ! رددت له بغضب بما كان قد ذكره لنا الوائلي حول الاوراق الثبوتية الاجنبية ، وافهمته بأني لست بوارد المغادرة ما لم يسمح لي بالتصويت اسوة بالباقين. وبخلافه فبضعة كلمات حول ما جرى توا في المحطة ستجد طريقها علنا في القاعة بطريق الميكروفون الذي كان خلفه. وقد فعل هذا الكلام فعله في هذا الدبش. إذ بان عليه الخوف الشديد ، فأمر نفس موظف المحطة الذي كان قد اخرجني... بافساح المجال لي بالتصويت ! وقد رد على هذا الموظف عندما اعترض قائلا له بأن هوياتي مقبولة وان لي الحق على هذا بالتصويت !!! وهكذا كان حيث سمح لي الموظف بعدها مرغما ووسط دهشة باقي الموظفين بالدخول والتصويت بعد "تدقيق" الهوية ! وحسب ما وصلنا من الاخبار لاحقا كانت قد تكررت كثيرا حالات رفض مشاركة العراقيين من حملة الوثائق الاجنبية وطردهم من مراكز الاقتراع خلال تلك الايام سواء كان في اوروبا او خارجها في البلدان العربية وامريكا وغيرها.

 

كانت اخبار هذه المفوضية حتى الى ما قبل يوم او يومين من تاريخ بدء التصويت تتجنب التوضيح حول إمكانية استخدام جواز السفر العراقي للتصويت وتتعمد اعتماد التناقض. فكانت الاخبار الواصلة من فرع مفوضية هولندا تقول بأنه يمكن الاعتماد على جواز غير نافذ ، بينما الاخبار من بلدان اخرى كانت تقول العكس. فاذكر بأن الاخبار التي كانت تصلنا من المانيا كان يذكر فيه حتى احرف الجوازات العراقية النافذة المطلوبة المعتمدة من المفوضية في ذلك البلد لاثبات الاهلية للتصويت !!

 

وقد الغي لاحقا كل تصويت جرى بالهويات الاجنبية لكن دون نشر اية ارقام حولها. وقد خلا طبعا موقع المفوضية من ذكر مثل هذه الارقام المحرجة. فليس معروفا عن الدوائر العراقية اهتمامها بتسجيل المعلومات التي يمكن ان تدينها.

 

وفي انتخابات 2014 اللاحقة كررت المفوضية مرة اخرى التلاعب بالاخبار حول الاوراق الثبوتية خصوصا جوازات السفر. فاكدت في البداية وشددت بعدم قبول إلا الجوازات النافذة للتصويت ، لتعود قبل بدء الانتخابات بيوم وتصدر "توضيحا" يفيد بإمكانية استخدام الجوازات غير النافذة ! وكما حصل في انتخابات 2010 تعمدت تجنب وضع اية توضيحات حول هذه النقطة الغائمة على موقعها.

 

وسبب هذه التصرفات ذوات المستوى الواطيء هو حساسية الاسلاميين من كون عراقيي الخارج وبحكم إقامتهم الطويلة خارج البلد هم ممن يمتلكون الثقافة الانتخابية وانهم بالتالي غالبية ممن لا تصوت اصلا للاحزاب الاسلامية الحاكمة في بغداد. وإن بفضل مساهمتهم الانتخابية هم نجح مرشحان شيوعيان الوحيدان من خارج الاحزاب الاسلامية من الوصول لمجلس النواب في انتخابات عام 2005.

 

بسبب هذه التجاوزات التي قامت بها المفوضية انخفضت بشكل كبير جدا اعداد العراقيين الذين ذهبوا للتصويت في هولندا في انتخابات عام 2014. فكانت الاعداد الكلية حسب ما وصلنا هو 4500 شخص فقط من مجموع 40400 عراقي هولندي ممن يحق له التصويت ، اي بنسبة 11 بالمئة فقط وهو كما يرى نسبة شديدة التدني. بينما في انتخابات 2010 كانت ارقام المشاركة أكثر من 12 الفاً من مجموع 40900 عراقي هولندي يحق له التصويت ، اي بنسبة 30 بالمئة تقريبا. وهي نسبة ايضا شديدة التدني. (اعداد العراقيين المشاركين في انتخابات 2010 على مستوى العالم بلغ 272 ألفاً لما لا يقل عن مليون و400 ألف ناخب في الخارج حسب تصريح سعد الراوي احد مسؤولي المفوضية ، و166 الف مشارك في انتخابات 2014).

 

لكن الاشد اثارة للعجب هنا هو الاشادات الدولية التي انهالت حول ما سمي "بنجاح" الانتخابات ! فكل الوفود الاجنبية التي "راقبتها" كانت قد حصرت زياراتها لبضعة مراكز للتصويت داخل العراق فقط. وهكذا فقد هنأ واشاد الرئيس اوباما ووزير خارجيته "بنجاح" الانتخابات ، وكذلك فعلت الخارجية البريطانية وسفيرها في بغداد ، وايضا بعثة الامم المتحدة (اليونامي) والجامعة العربية والاتحاد الاوروبي وحتى مجلس الامن ! لكن لم يتجشم ايا منهم بزيارة مركز واحد خارج العراق ليطلع على التصرفات المخزية للمفوضية التي مورست في انتخابات خارج العراق ، علما بأن الخروقات داخل العراق وحده لم تكن بالبسيطة او مما يمكن غض النظر عنها حيث ان اكبرها هو تعيين رؤوساء المفوضية ومدرائها من اعضاء الاحزاب السياسية الحاكمة. وهي خروقات يبدو ان هؤلاء المراقبين قد فضلوا إزائها النظر الى الجهة الاخرى !

 

يمكن اعتبار هذه المقالة كشكوى ضد تزوير المفوضية المستقلة لانتخابات خارج العراق. نطالب على هذا بمحاسبتها ورؤوسها على الالاعيب التي لجأوا اليها في تجاوزها على حقوق عراقيي الخارج.

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.