اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

• بعضٌ من المنطق في نقاش التسميات

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 
آشور كيواركيس

·        بعضٌ من المنطق في نقاش التسميات

 

09/تشرين أوّل/2010

 

كثيرا ما دارت النقاشات والردود حول التسميات التي معظمها إن لم يكن أجنبيا (بصيغة لغوية غريبة عن الآشورية)، فهو حتما لا يعبـّـر عن مجموعات ثقافية ولا حضارات ولا دلالة على ارتباط بالأرض، وفي هذا السياق سنتناول الموضوع بعيدا عن التاريخ كونه كل من قرأ قصة من قصص السندباد بدأ يعتبر نفسه فيلسوفا ويحشر أنفه بما لا يفهمه، لذلك فلنعتمد هذه المرّة إلى المنطق البسيط في معالجة هذا الموضوع والذي نراه صوابا كونه منطقنا، ولو كان هناك من لا يراه صوابا فليتفضـّـل بالتعليق.

 

 

قبل كل شيء علينا أن نسأل أنفسنا، نحن من نــُـسمّى (مسيحيـّـو العراق) وبشكل خاص الطوائف المسيحية التي تجمعها ثقافة واحدة، أي المشرقيين والكلدان والسريان – هل الوحدة التي تجمعنا هي دينية؟ سياسية ؟ شعبـَـوية؟ أم قومية ؟

 

سمعنا مرار وتكرارا بأن "الكلدان والسريان والآشوريين" (كما درجت التسمية القطارية باعتبار الآشوريين طائفة)، هم شعب واحد وهذا ليس منطقيا كون هناك سريان من الآشوريين والآراميين والهنود، وعبر التاريخ كان هناك سريان من العرب. وكذلك الأمر بالنسبة للكنيسة الشرقية كونها كنيسة "جاثاليقية" أي "يونيفرسال" أي أنها تضم عدة شعوب ومنها الهنود حتى اليوم، وأيضا نفس الشيء ينطبق على الكلدان كونه هناك كلدان من الهنود ومن الآشوريين – فكيف يكون "الكلدان والسريان والمشرقيون" شعبا واحدا ؟ إذا كانت كل تسمية بحد ذاتها من هذه التسميات، تضم عدة شعوب ؟؟؟

 

والسؤال الذي يطرح نفسه حول هذه العبارات التي لا يفهمها طارحوها، هو : هل نحن "شعب" ؟ أم "أمــّــة" ؟ أم "قومية" ؟؟؟ 

 

لم نسمع حتى اليوم أيـّـا من طارحي التسمية القطارية يقول "القومية" الآشورية السريانية الكلدانية، بل غالبا ما نسمع عبارة "الشعب" الكلداني الآشوري السرياني، والشعب هو مجموعة بشرية قد لا تنحصر بثقافة واحدة مثل الشعب العراقي، الشعب الأميركي ... ونستطيع أن  نقول بأن الآشوريين والعرب والتركمان والأكراد هم "شعب" واحدا (الشعب العراقي) ولكننا لا نستطيع بتاتا أن نقول بأنهم "قومية واحدة" – لذلك فإن التسمية المركبة تأتي تحت عنوان شعبوي لأن طارحيها هم إمــّـا جهلة طيـّـبون يريدون الوحدة بأي شكل حتى ولو بالمقلوب، أم أنهم أذكياء فاسدون يريدون ابتكار "قوميات" جديدة ضمن "الشعب الواحد".

 

أمــّـا السؤال الثاني فهو : ما هي تركيبة "كلداني آشوري سرياني" ؟ فهل هذه أسماء طوائف ؟ أم أسماء قوميات ؟ ومَن مِن فلاسفتنا ومثقفينا ومؤرخينا لديه الإجابة على هذا السؤال ؟ ومن منـــّـا حين يـُـسأل عن انتمائه، سواء في التاكسي أو في الجامعة أو على الطريق ... ويجيب "أنا كلداني آشوري سرياني" ؟؟ محوّلا نفسه إلى سخرية لسائله، أم أنها عبارة تستعمل فقط للخطب الإنتخابية وجمع التبرعات من البسطاء ؟

 

وهكذا نكون قد أثبتنا "منطقيا" وبعيدا عن التاريخ، بأن التسمية القطارية ليست في محلها لأنها مبنية على اللاشيء، ولكن إذا أردنا تسمية موحّدة "ترضي الجميع" فلماذا لا نعود إلى حقيقة وأصول تسمية "سورايا" التي يستعملها "شعبنا" بكافة لهجاته (لهجة طور عابدين، أورمية، نينوى، هكاري ..) ولماذا لا يتجرّأ أحد على مناقشة موضوع "سورايا" ؟ وأيضا لماذا أصبح القوميون الجدد يتجنبون استعمالها علنا ؟ 

 

 

هذا كان بالنسبة إلى "التسمية الموحدة"، أما بالنسبة لكل تسمية على حدة، فبالنسبة لتسمية "كلدان" كل ما نطلبه بالمنطق هو الجواب على سؤال بسيط : ليتفضل أي كان بترجمة العبارة البسيطة التالية، إلى ما يسمّى "السورث"، وهي عبارة "بطريرك المنجـّـمين" وأنا هنا لست أستفزّ أي كان بل الإسم الكلداني هو الذي يستفزّ أتباعه، باعتبار أنه لا يصلح حتى لأن يكون إسما كنسيا كونه ضد مفهوم المسيحية فكيف ينادي به بعض الآشوريين كإسم كنسي وقومي في آن ؟؟؟ ومن جهة ثانية، ما هذه القومية التي ليس لها أرض ؟ فإذا كان الآشوريون الكاثوليك اليوم فعلا أحفاد الكلديين القدماء لماذا لا يطالبون بما سماه الآشوريون "كلدو" ؟ أي الحلة والأهوار ؟ وإذا كانوا فعلا "بابليين" فلما لا يستعملون هذه التسمية سياسيا وكلنا فخرٌ بها ؟ والأغرب من ذلك هو أن كافة القوميين الجدد من الآشوريين الكاثوليك يقبلون بالإسم – الشتيمة "كردستان" ويقبلون اعتبارهم "كردستانيين" فأي قوميين هؤلاء ؟ ولكن المهمّ أن يرفضوا "آشور" كإسم للأرض التي أنجبتهم والتي لا يزال قسم كبير منا صامدا فيها (حتى الآن) سواء كنا كلدانا أم سريانا أم مشرقيين.

 

أما بالنسبة لتسمية "سُريان" فهي تسمية هجينة إي أجنبية مفبكرة من تسمية آشوريا – سوريا – ثم سوريان أي سكان سوريا بالمفهوم الإغريقي (سوريا التي شكلت في مرحلة ما، الإمبراطورية الآشورية أي من زاغروس إلى سيناء – وليس الوطن المركزي الآشوري)، والكنيسة "السوريانية" هي الكنيسة التي ضمت المسيحيين من سكان سوريا (الإغريقية) وهم ليسوا بالضرورة من قومية واحدة، وهذا هو العمود الفقري في عقيدة الحزب القومي السوري المعادي لكل فكر قومي ينشأ اليوم بين جبال زاغروس وسيناء، باعتبار أننا جميعا "أمة سوريـّـة تامة" وكل قومي آشوري، كردي، عربي وغيره ... يُــعد انفصاليا عن سوريا وعدوا لها، وهكذا نشأت عملية "السريَنـة" في المجتمع الآشوري (شعب سرياني/آشوري – لغة سريانية – أرض "بيت نهرين" من زاغروس إلى سيناء)، وهو ما نشره القوميون السوريون في مدينة القامشلي السورية تحت إسم "المنظمة الديموقراطية [الآثورية]". كما نشروا خرافة أن عبارة "آرام" هي من "أرعا رمتا" أي "الأرض العالية" على أن الآراميين والآشوريين "شعب واحد" علما أن الآراميين عرفوا تاريخيا ببداوتهم الصحراوية منذ بدء ظهورهم في الصحراء السورية في الألف الأوّل قبل الميلاد ولم يسكنوا الجبال أبداً، كما أنهم كانوا دائما مجبرين على الإبتعاد عن الفرات إلى الداخل السوري كما تورد المدونات الآشورية (تغلات فلاسّر استمرّ بإبعادهم لأربعة عشر سنة ثم  سئم منهم فهاجمهم ودمـّـر كافة تجمعاتهم حتى جبال لبنان) فكيف يكونوا والآشوريين شعبا واحدا ؟


 

أما القسم الآخر من "السريان" فهو قومي آرامي، وهذا أكثر منطقيـّـة لأنه كما قلنا آنفاّ، إن عبارة "سريان" تضم عدة شعوب ومنها الآراميين ولا أحد يستطيع نكران ذلك، وشئنا أم أبينا لا يزال الآراميون القدماء موجودين ومحافظين على لغتهم وتقاليدهم في ريف دمشق ومناطق أخرى من سوريا ومن الواجب الأخلاقي العالمي حماية ثقافتهم من الإندثار وهذا ما بدأت به الحكومة السورية، ولكن مشكلة "القوميين الآراميين" أنهم لا يميزون أيضا بين "سرياني" و"آرامي" كما لا يميّز الآشوريون الكاثوليك بين "كلداني" و"بابلي"، كما أن قضيتهم تقتصر على "إنسحاب سوريا من لبنان الآرامي" أي أن قضيتهم انتهت عام 2005 ... مما يثبت بأن بعض قرّاء قصص السندباد الذين بدأوا يقتنعون بأهم سيخلقوا نوعا من الإستقلال عن المجتمع الآشوري ولو اقتصر ذلك على بعض مواقع الأنترنت، يتحوّلون يوما بعد يوم إلى تضييع لوقتهم ووقت المجتمع الآشوري ككل، كون أفكارهم لا تقوم على أسس منطقية بل على بعض العبارات الواردة في الترانيم الكنسية ورسائل الشمامسة والمطارنة وإرساليات الكثلكة. 


 

لن أتطرّق إلى الإسم الآشوري لأنه "إسم" وليس "تسمية"، ولن أقول بأنه إسمنا الجامع بل أفضل أن أضع أمام القارئ التسميات المطروحة، ولو أراد من يعارضنا، معرفة إسمنا الجامع عليه أولا الإجابة على الأسئلة الواردة أعلاه، إلا إذا كنا سنلقى الأجوبة الإنهزامية المعتادة : "أنت حاقد على الكلدان" أو "الآشورية ابتكار إنكليزي" وهي حتما أقوال أصبحت تافهة ولا تردّ عليها سوى المدوّنات الآشورية التي يعود عمرها لآلاف السنين والآثار الآشورية "حصرا" التي لا تزال صارخة في القلاع الآشورية مثل ألقوش وتلكيف وعنكاوا وبرطلا وكرملش وغيرها من القرى والبلدات في آشور المحتلة... ولا يستطيع أحد إسكاتها مهما طال ذقنه ومهما تلوّن قلم أتباعه. 


 

إذا أردنا فعلا "الوحدة" فعلينا تحديدها، فإذا كانت وحدة "شعب" فكل شعوب العالم هم شعب واحد بمفهوم الشعبوية لأننا نعيش على كوكب واحد وقرارنا السياسي هو واحد نوعا ما عن طريق المؤسسات الدولية، ومصيرنا واحد بناءً على قانون الطبيعة، ووفقا لهذا المفهوم فلتنعدم القوميات وليصبح العالم "أمة واحدة" ... ولكن هذا غير منطقي كون الثقافات لن تزول وحربها فيما بينها لن تتوقف وهنا ندخل في سؤال آخر، هل ثقافتنا واحدة ؟ والجواب هو نعم 100% لذلك نحن "قومية" واحدة لأن القومية تبنى على الثقافة حتى لو كنا من عدة أصول (لو سلمنا جدلا) ولا داعي للعبارات الملغومة إّذا كان هناك من يعارض مع ما وَرَدَ في الأسطر أعلاه، بل لنجب أولا على الأسئلة المطروحة ثم لنناقش مسألة "القومية" منطلقين من "الثقافة" – "ما هي ثقافتنا؟ آشورية أم سريانية أم كلدانية؟ ... كيف ولماذا ؟ " وهكذا نصل إلى الإسم القومي.

 

- بيروت

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.