اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

عن فلسطين والحالة العربية// فهد سليمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

عن فلسطين والحالة العربية*

فهد سليمان

نائب الأمين العام للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين

 

(1)

الأوضاع العربية

المنطقة العربية هي دوماً في عين الإهتمامات الدولية، نظراً لموقعها الإستراتيجي، ولثرواتها في المواد الأولية، ولكونها في الوقت نفسه تشكّل سوقاً إستهلاكية تُغري الدوائر الرأسمالية في التغلغل فيها. وشكّل قيام دولة إسرائيل في قلب المنطقة عاملاً إضافياً للإهتمام الغربي، والأمريكي خاصة، بما يضمن إدامة التفوّق الإسرائيلي على مجمل الحالة العربية وحرمان الشعب الفلسطيني من حقّه بكيانية مستقلة فوق ترابه الوطني. لذلك تعرّضت المنطقة منذ مطلع القرن الماضي وحتى اليوم إلى سلسلة من الغزوات الإستعمارية والإمبريالية، بما فيها الغزوة الصهيونية، تلبية لأطماع ومخطّطات الغرب في منطقتنا، ولإجهاض تحركات حركة التحرّر العربية، وإغلاق الطريق أمام شعوب المنطقة في التقدم والديمقراطية والحداثة وإمتلاك ناصية العلم والمعرفة، وبناء أُسس الدولة المدنيّة الديمقراطية القائمة على المساواة في المواطنة والعدالة الإجتماعية، ولصالح بقاء شعوبنا في دهاليز التخلّف والأمّية والجهل والعيش على هامش المجتمع الدولي.

في هذا الإطار، لا يمكن أن نتجاهل بعض التجارب المشرقة في تاريخ المنطقة: التجربة الناصرية التي شكّلت علامة مضيئة في تاريخ الشعوب العربية، وتجربة ثورة الجزائر، واليمن الجنوبي، وكذلك تجربة الثورة الفلسطينية وصمودها الأسطوري؛ وهي كلّها ثورات إخترقت السقف الإستعماري والإمبريالي، وهدفت إلى صناعة حالة جديدة في المنطقة. كذلك، لا يمكننا أن نتجاهل المقاومة اللبنانية على مختلف إتجاهاتها وتعاقب مراحلها ضدّ الإحتلال الإسرائيلي التي إنطلقت عام 1982، وحقّقت الإنتصار المؤزّر في العام 2000، الذي أسس له أيضاً صمود سوريا، سياسياً وفي الميدان.

وستبقى المنطقة العربية مسرحاً مفتوحاً على التطورات السياسية الكبرى، فالتاريخ لم يغلق ولن يغلق أبوابه، بل سوف تبقى مُشرعة أمام ولادة أوضاع جديدة، نعتقد أنها سترسم للمنطقة مستقبلاً آخر. فليس قدر هذه المنطقة أن تبقى مسرحاً للتدخلات والصراعات الإقليمية والدولية. وإذا ما أخذنا بالإعتبار تجارب شعوب أخرى في أوروبا وآسيا، وغيرها، نلاحظ أنها بقيت فترات طويلة تحت طائلة الحروب المحلية والصراعات الدولية، لكنها في نهاية المطاف، إستطاعت أن تتجاوز هذا كله، وأن تمسك مصيرها بين يديها، وأن تعيد صياغة أوضاعها وأن تتحرر من الاطماع الاقليمية والدولية. ولعلّ المميز عندنا هو وجود اسرائيل، والصراع العربي والفلسطيني - الاسرائيلي، الذي يشكل على الدوام، نزيفاً للطاقات العربية، وستاراً في الوقت نفسه، لتعطيل سياسات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

ونعتقد أن هذه الخصوصية، أي خصوصية وجود كيان إسرائيلي في قلب المنطقة العربية، هو الذي وفر للعديد من الأنظمة العربية الذرائع لتعطيل مسيرة الإنماء والديمقراطية، تحت شعارات معيّنة تطورت كشعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة»، في الوقت الذي كانت فيه الجهود تبذل، علناً وبالسر للوصول إلى تسويات وصفقات مع الجانب الاسرائيلي. نعتقد أن الوجود الاسرائيلي، بما هو خطر متعدد الجوانب يجب أن يشكل، على العكس من هذا كله، حافزاً جدياً لبناء الدولة العربية باقتصادها الوطني المتماسك، بعيداً عن مظاهر الفساد والهدر والامتيازات غير المشروعة، وبما يخدم مصالح أوسع الفئات الشعبية والوسطى ويعزز دور المرأة، ويفتح الأفق أمام أجيال الشباب. هذا ما يقوي أوضاعنا العربية، ويعزز قدرتنا على اخراج المنطقة من هيمنة القوى الاجنبية، والتحرر من سطوة الوجود الصهيوني

(2)

الإنفجارات الشعبية

إنفجار الأوضاع في عدد من الدول العربية بدءاً من نهاية العام 2010، لم يكن بالأساس، نتيجة لمخطّطات خارجية لإثارة الأزمات والحروب في المنطقة، بل نتاج لفشل النخب السياسية الحاكمة، في بناء الدولة الوطنية، المستندة إلى مبدأ المواطنة والمساواة في المواطنة. وعلينا ألاّ نتجاهل الاستبداد السياسي والإجتماعي، والفساد وأنظمة شراء الذمم والزبائنية، وسيادة العلاقات العشائرية، وفشل النخب في حلّ قضايا مرحلة التحرّر الوطني وما بعد هذه المرحلة. وكلّها عوامل أدّت إلى إنفجارات، شكّلت فرصاً  للمزيد من التدخل الخارجي في شؤوننا العربية، وللدفع بالرياح بما يخدم مصالح هذا التدخل.

لقد رفعت الجماهير العربية المنتفضة رايات الحرية وحقوق المواطنة والمساواة بين مكوّنات شعوب المنطقة وما يتطلبه ذلك من عدالة إجتماعية وتوزيع عادل للثروة الوطنية والموارد المالية المتاحة للأنظمة السياسية في ظل المساواة التامة بين المواطنين أمام القانون.

وكان يمكن لهذه الإنتفاضات الشعبية أن تشق طريقها إلى أهدافها هذه، لولا تدخل قوى الظلام والتخلف والعنصرية، ومنها بعض إتجاهات الإسلام السياسي وبتوجيه ودعم كاملين من القوى الإمبريالية والقوى الرجعية العربية والمحلية وتحولها معاول هدم في عملية بناء دولة جميع المواطنين، الذين يحتكمون عبر نظام سياسي قائم على الحرية والديمقراطية وحقوق المواطنة المتساوية، إلى قيم ومباديء التعايش بين مختلف الثقافات والأديان، وما أكدته جميع المواثيق والأعراف التي أقرتها الأمم المتحدة والهيئات والمؤسسات الدولية، وبما يقلص إلى الحدود الدنيا التأثيرات السلبية لإنتماءات مجتمعات مرحلة ما قبل الدولة الحديثة (العرقية، والطائفية، والقبلية، والجهوية) وآثارها السلبية الهدامة على عملية التحول الديمقراطي والمشاركة السياسية، وبناء ثقافة للعيش المشترك تستند إلى تكريس أسس ومباديء المواطنة، وسيادة القانون، والعدالة الإجتماعية.

إن ما نشهده الآن، ما هو الإ ارهاصات لما هو قادم. فحركة التاريخ، وإن دخلت أحياناً في دهاليز ومتاهات، لكنها في نهاية المطاف محكومة، في ظل التفاعلات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية، لأن تتقدم إلى الأمام. وما نشهده الآن ما هو الإ صراع على رسم إتجاهات حركة التاريخ، هو صراع بين قوى تحاول جاهدة، أن تجمد هذه الحركة وأن تعطلها، حتى لا يتجاوزها الحدث، وبين قوى التغيير والتطور والحداثة

 

(3)

ثنائية مزيّفة

بالمقابل، نلاحظ أن هناك مشاريع لتركيب ثنائيات بديلة للثنائية الصراعية العربية ــــــــــ الإسرائيلية لصالح ثنائية مذهبية. ونؤكد أن هذه الثنائية تُخفي وراءها مشاريع وصراعات إقليمية تغذّيها الولايات المتحدة بشكل خاص، من خلال سياسات تهدف إلى إبقاء المنطقة في حالة توتر سياسي، وإستنزاف داخلي دون الوصول إلى الانفجار الشامل؛ توتر، بحيث تنشغل شعوب المنطقة عن قضاياها الداخلية والوطنية والقومية، وتستنزف طاقاتها في صراعات غير مبدئية لا تنتج سوى الفوضى، بل وأحيانا البحث عن تقاطعات سياسية معها، كموقف بعض الدول العربية من إيران، أو الحديث عن التعاون مع الإرهاب، أو حتى في إطار الصراعات العربية ــــــــ العربية، كما هو حال الوضع في سوريا، واليمن على سبيل المثال.

على كلٍ، ليس في هذا مجرّد مفارقة، بل هو إنزياح  سياسي خطير، يُفترض معالجته من خلال الدعوة إلى توفير حلول سياسية للصراعات الداخلية الناشبة في هذه الدول، بما يُغلق الطريق على التدخلات الخارجية، ويؤسّس لإعادة بناء الدولة الوطنية التي تمارس سيادتها على كامل أراضيها، الدولة التي تتوجه جدياً لإقامة علاقات وحدوية بأشكال مختلفة بين الأقطار العربية تقرِّب ما بين شعوبها، وصولاً إلى ما هو أرقى، وتعيد البوصلة إلى إتجاهها الصحيح، باعتبار أن إسرائيل هي عدوّنا القومي، وأن القضية الفلسطينية هي القضية القومية العربية الأولى، وأن إسرائيل هي مصدر الخطر الحقيقي على مصالح العرب، ومصالح سائر الدول في الأقليم، ما يؤسّس لعلاقات جديدة خارج مفهوم النزاعات الإقليمية التي لا تخدم سوى إسرائيل والغرب ومصالح الولايات المتحدة بشكل خاص

(4)

محاولات تشويه المقاومة

إن ما تقترفه قوى التكفير الظلامية، على مختلف تسمياتها، من أعمال إرهابية، يلحق أفدح الأضرار بمصالح البلدان المسلمة والعربية، ويخدم المساعي الصهيونية الدائبة لتشويه سمعة هذه البلدان، بمؤسساتها الرسمية، وحركاتها الشعبية، ومواطنيها، سواء بسواء؛ وذلك على خلفية السعي بكلّ الوسائل لتقويض جهود البلدان الساعية إلى تكريس إستقلالها الوطني وسيادتها على أراضيها وإمساكها بمقاليد أمورها، كما والحركات السياسية المكافحة من أجل التحرّر الوطني والإستقلال الناجز، والتنمية السياسية والإقتصادية لشعوبها، تحت راية الاستقلال والحريّة والعدالة الإجتماعية.

ضمن هذا المشهد العام، وبالتخصيص فإن الأعمال الإرهابية التي تتبنّاها قوى التكفير والظلامية إنما تُستخدم من قِبل العدو الإسرائيلي في تشويه صورة ومضمون الصراع مع دولة إسرائيل، باعتباره صراعاً مع كيان سياسي عنصري غاصب للحقوق الوطنية لشعب فلسطين بشكل خاص، وللشعوب العربية عامة؛ كما وفي إلحاق الأذى بغرض النيل من عدالة القضية الفلسطينية بما هي قضية شعب مكافح، وحركة وطنية تحرّرية تسعى إلى إقرار حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني على ترابه الوطني وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي شرِّدوا منها منذ العام 1948.

في هذا السياق، يحاول الإحتلال الإسرائيلي على الدوام أن يقدّم مقاومة شعبنا له بأنها أعمال إرهابية، وأن يقدّم نفسه إلى الرأي العام العالمي كجزء من الجبهة العالمية لمكافحة الإرهاب، ليغطّي بذلك على إنتهاكه اليومي لقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بقضيتنا الوطنية، وإنتهاكاته الدائمة للمواثيق والأعراف والقوانين الدولية؛ وليغطّي، كذلك، على جرائم الحرب التي إرتكبها ومازال ضد أبناء شعبنا، إن في الضفة الفلسطينية أو في قطاع غزة؛ علماً أن الفصائل الفلسطينية دون إستثناء قد أجمعت على إدانة كلّ أشكال الإرهاب العالمي، ومن ضمن ذلك الإرهاب المنظّم الذي يشكّله الإحتلال والإستيطان الصهيوني لأرضنا، وشعبنا.

في هذا الإطار ومن أجل الإرتقاء بالصورة النضالية لشعبنا، بما فيها مقاومته المسلحة ودفاعها عن شعبها ضد العدوان الإسرائيلي بادرت الجبهة الديمقراطية في وقت مبكر، وما زالت، من خلال ذراعها العسكري، كتائب المقاومة الوطنية الفلسطينية، إلى الدعوة لتشكيل غرفة عمليات مشتركة لفصائل المقاومة، تكون ذات مرجعية سياسية موحّدة، هي التي ترسم قرار القتال والتهدئة مع الإحتلال، وهي التي ترسم أشكال المقاومة المسلّحة، ومناطق عملياتها، وتوفّر لها التغطية السياسية والإعلامية اللازمة، بما يصون حقّ شعبنا في كلّ أشكال المقاومة المشروعة، كما أقرّتها الشرعية الدولية وشرعة حقوق الإنسان، ويقدّمنا إلى الرأي العام كحركة تحرّر وطني، تناضل من أجل الخلاص من الإستعمار الصهيوني، ولأجل حقّ شعبنا في الحريّة والعودة والإستقلال

 

(5)

طريق أوسلو .. المسدود

مازال إتفاق أوسلو يخيّم على الحالة الفلسطينية، بقيوده وشروطه المجحفة بحقّ شعبنا الفلسطيني وحقوقه الوطنية المشروعة. وما زالت السلطة الفلسطينية تلتزم إتفاق أوسلو وكلّ الإتفاقات الموقّعة مع الإحتلال الإسرائيلي. هذا ما أفصح عنه الرئيس محمود عباس في خطابه أمام الأمم المتحدة في نيويورك، في 21/9/2016 رغم أن المجلس المركزي لـ م.ت.ف في 5/3/2015 قرّر بالإجماع البدء الجدي بالتحرر من هذه الإتفاقات، عبر وقف التنسيق الأمني مع سلطات الإحتلال، والشروع بمقاطعة الإقتصاد الإسرائيلي، وتدويل قضايا الصراع، كالإستيطان والأسرى وجرائم الإحتلال أمام المحافل الدولية، كمحكمة الجنايات الدولية، ومطالبة الأمم المتحدة بتوفير الحماية الدولية لشعبنا وأرضنا ضدّ الإحتلال والإستيطان، والدعوة إلى مؤتمر دولي تحت قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية، التي تضمن لشعبنا حقوقه الوطنية المشروعة غير القابلة للتصرّف في الإستقلال والسيادة والعودة وتقرير المصير.

لقد وصل مشروع أوسلو إلى نهايته، لكن هناك محاولات من قِبل السلطة الفلسطينية، وبعض الدول الأوروبية، كفرنسا، ومن قِبل الولايات المتحدة، لإنعاشه وتمديد فعاليته. الصراع داخل الحالة الفلسطينية يدور الآن بين ثلاثة إتجاهات؛ إتجاه أول يتمسك بإتفاقات أوسلو وآلياته العقيمة، وتمثّله السلطة الفلسطينية؛ إتجاه ثانٍ يتمسك بالإنقسام الداخلي، ويمثّله طرفا الإنقسام حماس وفتح؛ وإتجاه ثالث يدعو للعودة إلى البرنامج الوطني الفلسطيني، برنامج النضال والكفاح والمقاومة، كما أقر عناوينه المجلس المركزي في 5/3/2015، ووثيقة الوفاق الوطني في 26/6/2006، ومجمل قرارات الإجماع الوطني التي إتخذتها المجالس الوطنية الفلسطينية المتعاقبة وجولات الحوار الوطني في القاهرة. ونحن في الجبهة الديمقراطية، ما زلنا في موقع المعارضة لإتفاق أوسلو، وفي موقع النضال  لتجاوز هذا الإتفاق عبر التحرّر من قيوده، وفي موقع النضال لإعادة الاعتبار للبرنامج الوطني الفلسطيني الموحَّد والموحِّد، والذي يُنهي الإنقسام، ويشقّ الطريق أمام الإنتفاضة الشعبية، على طريق العصيان الوطني الشامل لدحر الإحتلال وطرد الإستيطان، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس، وعودة اللاجئين.

نعتقد أن ثمة خطوات لابد من تحقيقها للتحرر من قيود أوسلو، والعودة إلى البرنامج الوطني الفلسطيني الموَّحد والموِّحد، برنامج العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة.

في مقدمة هذه الخطوات العمل على إعادة بناء مؤسسات م.ت.ف، على أسس جديدة، في القلب منها المجلس الوطني الفلسطيني بالدعوة إلى إعادة تشكيله عبر الإنتخابات الشاملة بنظام التمثيل النسبي، ودعوته للإنعقاد خارج المناطق المحتلة لإتاحة المجال للقوى الفلسطينية كافة، المكونة للخارطة السياسية والحزبية والمجتمعية أن تشارك فيه، وأن يعيد صيغة برنامجه السياسي على قاعدة المراجعة النقدية لمسيرة أوسلو الفاشلة، وتبني برنامجاً كفاحياً، يجمع بين كل أشكال المقاومة، والعمل السياسي والدبلوماسي، بما في ذلك تدويل القضية إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، ومحكمة العدل الدولية.

لقد آن الأوان لمحاكمة الكيان الإسرائيلي على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي إرتكبها ضد شعبنا، في الاستيطان، والاعتقالات الجماعية، والقتل بدم بارد، وحصار قطاع غزة. كما آن الأوان للمطالبة بتوفير الحماية الدولية لأرضنا وشعبنا ضد الإستيطان والإحتلال، والعمل على نيل العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة وبالتالي إحداث النقلة السياسية المطلوبة، التي توفر للجنة التنفيذية الجديدة، والمنتخبة من قبل المجلس الوطني قيادة شعبنا في مسيرته الكفاحية، وإعادة صياغة سلطته الفلسطينية إستجابة للبرنامج النضالي الجديد والبديل، وعلى قاعدة من الوحدة الوطنية البرنامجية والتنظيمية والمؤسساتية، شعارنا في ذلك «شركاء في الدم.. شركاء في القرار والمسؤولية».

كل هذا من شأنه أن يقطع على الجانب الإسرائيلي طريق المناورات وأن يحشره في الزاوية، وأن يفتح الأفق لتسوية وطنية مرحلية لصراعنا معه، تفتح الأفق نحو الحل الناجز للقضية الفلسطينية، وتحرير كامل التراب الوطني، في دولة ديمقراطية.

نعتقد أن على العرب والمسلمين أن يتخذوا الموقف العقلاني، والقوي، والوطني، إنطلاقاً من الواقع المأسوي الذي صنعه إتفاق أوسلو في الضفة والقطاع، وضرورة تحرير شعبنا من قيود هذا الإتفاق الهابط والجائر. وبالتالي الإنحياز إلى الإرادة الشعبية، إرادة الغالبية الفلسطينية، لصالح البرنامج الوطني الفلسطيني، الذي شكّل الأساس للصيغة الإئتلافية التي تمثّلها م.ت.ف ممثّلاً شرعياً ووحيداً لشعبنا الفلسطيني

 

(6)

الجامعة العربية

الجامعة العربية مؤسّسة، وباعتراف عدد من الدول الأعضاء، ذات آليات قاصرة. ورغم أنها قائمة في بعض جوانب عملها على المأسسة، إلاّ أنها تعاني قصوراً في الدور، إنطلاقاً من قصور دور الأطراف الأعضاء فيها. فالجامعة هي بالأساس تعكس طبيعة الحالة الرسمية العربية. وكلّما تقدّمت العلاقات بين الدول الأعضاء في الجامعة، تطور دور الجامعة نفسها. وكلّما إنحسرت العلاقات البينية، تراجع دور الجامعة. وفي حال إنقسام العرب إلى محاور، تنقسم الجامعة نفسها، وتعاني صعوبة في أداء دورها، والعكس صحيح؛ لذلك، لا يمكن أن نحكم على الجامعة كمؤسّسة من دون أن نحكم على السياسات العربية ودور الدول الأعضاء. صحيح أن أمين عام الجامعة معنيٌ بأن يقدّم على الدوام، هو والفريق المساعد له، الأفكار والإقتراحات  لتطوير أداء الجامعة. لكن الصحيح أيضاً أن قيمة هذه الإقتراحات أن يؤخذ بها من قِبل الدول الأعضاء، خاصة وأن العرف ينصّ على أن قرارات الجامعة غير مُلزمة للدول الأعضاء؛ وبالتالي يستطيع أي طرف أن يتنصل من أيّ إلتزام نحو قرارات الجامعة، بدعوى ممارسة حقوقه السيادية.

إننا لا نُنكر الدور الذي تلعبه الجامعة العربية على الصعيد الدبلوماسي، إن في الأمم المتحدة، أو في العلاقات مع باقي دول العالم، حتى خلال بعثاتها الدبلوماسية. كما لا نستطيع أن نُنكر إحتضانها لعدد من الفعاليات الوطنية الفلسطينية، لكننا في نهاية المطاف نعتقد أن تطوير دور الجامعة العربية رهنٌ بالتوافقات العربية، خاصة بما يتعلق بالقضية الفلسطينية وبالصراع مع الكيان الإسرائيلي.

ونعتقد أن أحداث النقلة السياسية الفلسطينية المطلوبة، في التحرر من قيود أوسلو، والعودة إلى البرنامج الوطني الفلسطيني، برنامج العودة وتقرير المصير والإستقلال، وفقاً للآليات النضالية الجديدة، من شأنه أن يضع الجامعة العربية أمام استحقاقات سياسية، إن كمؤسسة، أو على الصعيد الخاص بكل دولة، لا يمكن التهرب منها، لا سياسياً، ولا أخلاقياً

 

 (7)

العلاقات الفلسطينية - العربية

من موقع مسؤوليتنا الوطنية إزاء قضيتنا الفلسطينية والقومية، وإزاء مصالح شعوبنا العربية، فإننا في الجبهة الديمقراطية نتّبع سياسة تحرص على إقامة العلاقة مع أوسع دائرة عربية، إن على المستوى الشعبي أولاً، أو على المستوى الرسمي ثانياً، دون أن يعني ذلك أننا نتدخل في الشؤون العربية الداخلية. فحرصنا على هذه العلاقات ينطلق من موقع حرصنا على توفير الدعم لقضيتنا الوطنية، إنطلاقاً من قناعتنا أن يكون كلّ العرب لفلسطين، وأن تكون فلسطين لكلّ العرب. وفي هذا السياق، نحن حريصون على عدم الزجّ بأنفسنا في أيٍ من الخلافات العربية الداخلية، أو في أيٍ من الصراعات في هذا القطر العربي أو ذاك، دون أن يعني هذا أننا لا نملك رؤية لطبيعة الصراعات الدائرة في المنطقة، إن على الصعيد المحوري، أو في كلّ بلد على حِدة، ودون أن يعني ذلك أننا لا نملك وجهة نظر بالحلول الضرورية لكلٍ من القضايا المثارة.

نحن لا نتردّد في أن ننقل وجهة نظرنا، بكلّ وضوح، وبكلّ صراحة، إلى كلّ أطراف الصراع، ونعلن ذلك في بياناتنا وتصريحاتنا السياسية. يدفعنا إلى ذلك حرصنا على المساهمة في إطفاء الحرائق في المنطقة، وتوفير حلول سياسية للأزمات العربية، على قاعدة وحدة الدول العربية، ووحدة شعوبها، وخروجها من أزماتها المستعصية بالحوار الشامل، وبالحلول السياسية المتوازنة التي تلبي مصالح الناس، خارج أيّ تدخل خارجي، وبما يضمن بناء الدولة العربية الوطنية على أُسسٍ من المواطنة، والمساواة في المواطنة في إطار من الديمقراطية والحريّة والكرامة الوطنية والعدالة الإجتماعية

 

29/11/2016

 

 

* الورقة المقدمة من الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى ورشة عمل مختصة بعنوان «فلسطين في بؤرة الأوضاع العربية»، دعت إليها بمناسبة اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني «دائرة الإعلام والتوثيق في الجبهة الديمقراطية».

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.