اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

لماذا تغير التقويم الهجري// مهند محمد صبري البياتي

تقييم المستخدم:  / 3
سيئجيد 

 

لماذا تغير التقويم الهجري

مهند محمد صبري البياتي

اكاديمي مقيم في الامارات

 

اعتمد العرب قبل الاسلام على التقويم القمري- الشمسي لتنظيم حياتهم وتوثيق عقودهم وامورهم الماليه والتجاريه وتثبيت مواسم الحج والاسواق والاجتماعات، حيث استخدم القمر لتحديد اشهر السنه، في حين استخدمت السنه الشمسيه لتعديل مواقع الاشهر القمريه في فصولها، وبما ان السنه القمريه المكونه من اثنا عشر شهرا قمريا تقل عن السنه الشمسيه بمقدار احد عشره يوما تقريبا كمعدل عام، لذلك فان كل ثلاث سنوات قمريه تقل بمقدار شهر تقريبا عن ثلاث سنوات شمسيه، لذلك كان يتم اضافه شهر قمري واحد الى السنه القمريه كل ثلاث سنوات، ليصبح طول السنه القمريه ثلاثه عشر شهرا مره واحده كل ثلاث سنين وتدعى هذه السنه بالسنه الكبيسه ويطلق على هذا الشهر بالشهر الكبيس، لتتعادل ثلاث سنوات قمريه مع ثلاث سنوات شمسيه تقريبا، ولكن تبقى هذه السنوات الشمسيه الثلاثه اطول من هذه السنوات القمريه الثلاثه قليلا حتى بعد اضافه الشهر الكبيس. ولتقليل الفرق اكثر بين السنه الشمسيه والسنه القمريه- الشمسيه، كان يستوجب ان تكون الاضافه ثلاث اشهر قمريه كل ثمان سنوات تقريبا، اي ان هنالك ثلاث سنوات كبيسه قمريه-شمسيه في كل ثمان سنوات شمسيه تقريبا ومع ذلك لاتتساوى اطوال السنوات الشمسيه مع القمريه-الشمسيه، وللقيام بحساب ادق فأن كل تسعه عشر سنه شمسيه تزيد عن تسعه عشر سنه قمريه بمقدار سبعه اشهر قمريه تقريبا، لذلك فأن هذه الاضافات لا يمكن حسابها بدقه عاليه مالم تتوفر امكانات رصديه وفلكيه وبعض الحسابات المعقده. وقد قامت قريش قبل الاسلام باناطه مهمه اضافه هذه الاشهر الكبيسه الى التقويم القمري- الشمسي العربي الى شخص من قبيله كنانه يدعى القلمس، وذلك لابقاء الاشهر القمريه في نفس فصولها ومواسمها وجعل السنه الشمسيه القمريه مساويه للسنه الشمسيه تقريبا.

يذكر الاخباريون ان قريشا اتفقت في النصف الاول من القرن الخامس اليولياني (نسبه الى يوليوس قيصر)، او الميلادي وفي زمن قصي بن كلاب، الى اعتماد اسماء الاشهر القمريه التي نستخدمها اليوم وكذلك اضافه الشهر الكبيس لتقويمهم القمري-الشمسي، وكذلك توزيع مهام اداره مكه زمن السلم والحرب بين القبائل القريشيه وعوائلها المشهوره. وتم اسناد الامور التي تخص مناسك الحج وشعائره واوقاته الى قبيله كنانه، واتفقت قريش على اسماء الاشهر القمريه التاليه: محرم، صفر، ربيع الاول، ربيع الثاني، جمادي الاول، جمادي الاخر، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذي القعده وذي الحجه. ودون الموسوعي جواد علي معضم اخبار العرب في موسوعته الشامله (المفصل في تأريخ العرب قبل الاسلام) ومن بينها اخبار التقويم والحج والاشهر الكبيسه. ومن المؤسف له ان العرب قبل السلام وكذلك في القرون الاولى للاسلام لم يقوموا بتدوين معضم حوادثهم واخبارهم، بل تناقلوها شفاها وكان اول من دون الاخبار وبطلب من الخليفه العباسي ابو جعفر النصور هو محمد بن اسحق (ت151هج) بكتابه السيره النبويه، ولم يبين احد من الاخباريين متى تحول التقويم القمري-الشمسي العربي الى التقويم القمري فقط والمعمول به الان، والذي لا يثبت فيه الشهر القمري على فصل من فصول السنه بل يتحرك كل عام احد عشر يوما تقريبا، ويكمل دوره كامله حول السنه الشمسيه كل ثلاثه وثلاثين عاما تقريبا.

يتفق معضم الاخباريون العرب والمسلمون على اسماء الاشهر القمريه وتسلسلها، وان هنالك اشهر حرم لا يجوز فيها القتال ولا الغزو، وان هنالك شخص من بني كنانه يدعى القلمس كان يعلن للناس في نهايه كل موسم الحج ان كانت هنالك حاجه لاضافه شهر كبيس للسنه القادمه لتتوازن السنه القمريه-الشمسيه، مع السنه الشمسيه. ولكن بقيت اسئله كثيره من دون اجابه قاطعه تساعد على فهم ومعرفه ما جرى للتقويم القمري-الشمسي العربي، ومنها ماذا كان موقع الاشهر القمريه بالنسبه لفصول السنه ومقدار تزامنها مع الاشهر الشمسيه، وماذا كان اسم الشهر الكبيس الذي ما عاد يستخدم، وما موقعه الصحيح بالنسبه للاشهر القمريه، وهل كان هذا الشهر محرما او يجوز فيه القتال، ومتى تم ايقاف العمل باضافه الشهر الكبيس، وهل توجد وثائق مكتوبه قديمه تم التدوين فيها لتأريخين احدهما شمسي والاخر قمري او قمري-شمسي عربي، وسنحاول هنا الاجابه على هذه التساؤلات واماطه اللثام عما جرى للتقويم القمري-الشمسي العربي.

من الضروري البدء بتحديد موقع الاشهر القمريه بالنسبه لفصول السنه او الادق بالنسبه للاشهر الشمسيه والتي كانت تستخدم حينها والمعروفه بالتقويم اليولياني، نسبه للامبراطور اليوناني يوليوس قيصر، والذي كان معمول به منذ العام 45 قبل الميلاد ولغايه العام 1582 ميلادي حيث اصبح التقويم يدعى كريكوري بعد اجراء تعديل عليه وتصحيحه باضافه عشره ايام للتقويم وتعديل الطريقه التي يجري فيها تحديد السنه الكبيسه والتي يكون فيها عدد ايام شهر شباط (فبراير) تسعه وعشرون يوما. وكان هذا التقويم الشمسي معمولا به في شمال الجزيره العربيه اي في بلاد الشام والعراق، وتستخدمه القبائل العربيه المقيمه هنالك، وكانت قريش تتبادل التجاره والحج مع هذه القبائل ومع سكان شمال الجزيره، لذلك فان تجار قريش ورؤسائها كان ملمين بهذا التقويم ويعرفون اشهرها الشمسيه، ولا تزال نفس اسماء هذه الاشهر الشمسيه تستخدم في الشام والعراق ولها جذور بابليه قديمه ولها معانيها في اللغه البابليه وكذلك اللغه السريانيه والتي كانت اللغه السائده حينها، والاشهر الشمسيه هي: كانون ثاني (يناير)، شباط (فبراير)، اذار (مارس)، نيسان (ابريل)، ايار (مايو)، حزيران (يونيو)، تموز (يوليو)، اب (اغسطس)، ايلول (سبتمبر)، تشرين اول (اكتوبر)، تشرين ثاني (نوفمبر)، وكانون اول (ديسمبر).

عند مراجعه ترتيب الاشهر القمريه وهي: محرم، صفر، ربيع الاول، ربيع الثاني، جمادي الاول، جمادي الاخر، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذي القعده وذي الحجه. نجد هنالك شهران باسم الربيع وهو اشاره لموسم الربيع حيث تكثر الاعشاب وتخضر المراعي ويتلطف الجو، ومعرفه مواسم الربيع مهم جدا للقبائل العربيه الساكنه في الجزيره وفي شمالها ليتحركوا مع قطعانهم ومواشيهم باتجاه هذه المراعي الخضراء والتي تزدهر وتكثر اعشابها مع بدايه الربيع، ومعروف ان الربيع يبدأ بالشهر الثالث الشمسي اي اذار (مارس)، وربيع الاول هو الشهر الثالث ايضا في السنه القمريه العربيه، اضافه الى ان اسم الشهر الرابع الشمسي هو نيسان(ابريل) ونيسان يعني باللغه السريانيه الربيع والسنابل وهذا الاسم يتوافق مع اسم الشهر الرابع االقمري العربي ربيع ثاني. اما بالنسبه لشهري جمادي الاول وجمادي الاخر، فهو يدل على تجمد او تيبس سنابل القمح والشعير وضروره البدء بحصادها، وليس له علاقه بجماد الماء كما هو شائع لدى الكثيرين، لان الماء لا يجمد في اي مكان بالجزيره ولا يمكن ان يعقب اشهر الربيع اشهر يجمد فيها الماء، ومعروف ان حصاد القمح والشعير في الجزيره وشمالها يحصل في الشهرين الخامس والسادس من السنه الشمسيه، بل ان اسم الشهر السادس الشمسي وهو حزيران (يونيو) فهو يعني بالسريانيه، الحنطه او الحصاد. ولاحظ ان الشهر السادس القمري هو جمادي الاخر، اي اخر شهر يجب فيه حصاد القمح والشعير، ولا ننسى ان الحصاد مهم جدا للمزارعين من االقبائل العربيه وكذلك لتجار الحبوب وللمستهلكين، وان الرعي وزراعه القمح والشعير البعلي اي المعتمد على الامطار كانت الكثير من القبائل العربيه وخاصه في شمال الجزيره، تمارسه، لذلك نعتقد ان اشهر ربيع الاول وربيع الثاني وجمادي الاول وجمادي الاخر تتوافق مع اشهر اذار ونيسان وايار وحزيران، ومعاني هذه الاشهر الاربع في التقويمين القمري العربي والشمسي اليولياني متوافقه مع بعضهما البعض، واذا تمعنا في كلمه شهر رجب والواقعه في الشهر السابع القمري، فسنجد ان كلمه "ترجيب" والمشتقه من رجب تعني اسناد ثمار الاشجار والنخيل، ونعرف ان عذوق التمر، وهي مجموعه شماريخ التمر، يجب ان تسند الى السعفه التي تحتها كي لا ينكسر العذق عند نمو التمر وزياده وزن العذق، وعمليه الترجيب تبدأ من الشهر الخامس ايار (مايو) و تنتهي في الشهر السابع تموز (يوليو) الشمسي اليولياني حسب المنطقه وتسمى هذه العمليه ايضا بتقويس او تركيس عذوق التمر، اي ان رجب تعني القيام باسناد وإركاب العذق على السعفه الواقعه تحتها. اما شوال والواقع في الشهر العاشر القمري، والذي يعني تكييس اي وضع الاشياء في كيس، فهو اشاره الى وضع التمور بعد جنيها وتنظيفها في الاكياس المصنوعه من سعف النخيل، ومعروف ان عمليه جني التمور ومعالجتها ثم تكييسها لتسهيل خزنها ونقلها يتم في الشهر العاشر الشمسي تقريبا، ونعلم اهميه النخيل والتمور للجزيره العربيه وشمالها ولقبائلها، فهو الانتاج الزراعي الاول في المنطقه، اي ان مواسم الرعي وحصاد القمح والشعير ومعالجه التمور وموسم خزنها، كلها مثبته في الاشهر القمريه العربيه وبنفس مواسم وترتيب الاشهر الشمسيه اليوليانيه، لذلك نعتقد بان اسماء الاشهر القمريه العربيه قد وضعت كي تتوافق مع الاشهر الشمسيه اليوليانيه والاصح السريانيه- البابليه، اي ان اول شهر قمري وهو محرم يتوافق مع اول شهر شمسي وهو كانون ثاني (يناير)، وهذا يجعل الشهر الاخير في السنه القمريه وهو ذي الحجه يرتبط مع الشهر الاخير للسنه الشمسيه وهو شهر كانون اول (ديسمبر)، اي ان الحج كان يقع في احد اشهر الشتاء، وهو وقت مناسب للحجيج من قبل القبائل العربيه المختلفه للذهاب الى مكه لاداء مراسم الحج وكذلك القيام بالتجاره والتسوق والاجتماع مع بعضها البعض باسواق مكه والتي تعمر وتزدهر اثناء مواسم الحج.

وقد اشار القرآن الكريم لذلك بوضوح في سوره قريش (لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). والمقصود بالرحله في القرآن الكريم هي رحله القبائل العربيه الى مكه للحج الاكبر في الشتاء، والحج الاصغر او العمره في الصيف، ومواسم الحج والعمره كانت ولا تزال تجلب الخير لقريش ولاهالي مكه، لما يصرفه الحجيج في هذه المواسم وتزدهر الاسواق والتجاره فيها. لذلك اتفقت قريش مع بقيه القبائل العربيه في الجزيره وخاصه في غربها وشمالها، على حرمه القتال في هذه المواسم، لكي يصل الحجيج الى مكه ويمارسوا شعائرها ويرتادوا اسواقها ثم يغادروها بامان مع بضاعتهم وتجارتهم الى ديارهم، لذلك كانت الاشهر الحرم هي ذي القعده وذي الحجه ومحرم في الحج الكبير في الشتاء، شهر قبل الحج لضمان وصول الحجاج واخر بعد الحج لضمان عودتهم سالمين، ويكون الحج قبل منتصف الشهر الثاني بقليل. اما الشهر المحرم الاخر فهو رجب مضر ويقع في الصيف وشهر رجب هو السابع من تسلسل الاشهر القمريه اي يتوافق مع شهر تموز (يوليو) وهو للمعتمرين. ولا نعتقد بان المقصود بالرحله في سوره قريش هي التجاره فقط، لان التجاره تحصل عند توفر الاموال اللازمه لشراء البضائع، وحاجه السوق وتوفر السلع، وهي غير مرتبطه بالمواسم كالصيف او الشتاء، ولكن المفسرين لم يربط كلمه الرحله بالحج، لانه بعد الغاء السنه الكبيسه، اصبح شهر ذي الحجه يدور خلال الفصول ولم يبقى ثابتا في الشتاء، واذا تمعنا في ايات السوره الكريمه، نجد ان الله سبحانه وتعالى يطلب من قريش عباده رب البيت الحرام، لانه بسبب البيت الحرام يرحل الحجيج لمكه مرتين للعام لممارسه شعائر الحج والعمره ولتقديم القرابين وهم في امان، وكثير من الحجيج محمل بالبضائع للمتاجره بها وكذلك يقوم الحجيج بصرف الاموال في الحج، وهو ما يعود بالفائده على جميع ابناء مكه وقريش، اضافه الى ان تحريم القتال في هذه الاشهر الحرم يجعل الامان مستتبا. ونلاحظ ان الاشاره الى الشتاء اولا دلاله على الحج الاكبر ثم الصيف تاليا للدلاله على العمره او الحج الاصغر، ولا ننسى بان التجاره لا يتكسب منها الجميع من قريش بل يستفيد منها بالدرجه الاولى الاغنياء والمشاركين بالتجاره، ولكن الحج يعم خيره على جميع ابناء قريش ومكه.

ولما تقدم فاننا نجزم بان بدايه السنه القمريه-الشمسيه العربيه قبل الاسلام كانت تتوافق مع السنه الشمسيه التي كانت تستخدم من قبل القبائل العربيه في الشام والعراق، والتي لها علاقات تجاريه وروابط كثيره مع قريش اهمها الحج مرتين كل عام الى البيت الحرام والالتقاء في اسواق مكه العامره في هذه المواسم مع القبائل الاخرى لعقد الصفقات التجاريه والتسوق وحضور الندوات والمطارحات الشعريه وعقد الاتفاقات ما بين القبائل العربيه. وقريب من نهايه شهر ذي الحجه اي نهايه موسم الحج، ونهايه السنه القمريه-الشمسيه كان المسؤول عن الحج وطقوسها وهو القلمس من بني كنانه، يقرر هل يجب اضافه الشهر الكبيس للسنه القادمه ام لا، بعد ان يقوم ببعض الحسابات الفلكيه، وذلك لضمان بقاء التقويم القمري-الشمسي متوافقا مع التقويم الشمسي ومن دون انحراف للاشهر القمريه، وليبقى الحج في الشتاء، واشهر الربيع تتوافق مع كثره الاعشاب، وازدهار المراعي، وشهرا الجماد يأتيان مع تيبس وجماد سنابل القمح والشعير والبدء بحصادهما، وتذكير اصحاب بساتين النخيل بضروره ترجيب او تركيس او اركاب عذوق التمر على السعف كي لا تنكسر العذوق قبل نهايه شهر رجب، وكذلك تكييس وحفظ  التمور في شوالات او اكياس السعف في شهر شوال.

كان ابو ثمامه جناده بن عوف اخر القلامسه من بني كنانه، وقد قام بهذا العمل لمده اربعين عاما، وله معرفه ودرايه بحساب مواعيد الشهر الكبيس والسنه التي يجب فيها اضافه هذه الشهر لتستقر السنه القمريه-الشمسيه مع فصول ومواسم السنه، وقد يتصور البعض ان هذا العمل كان يحتاج الى درايه واسعه بالفلك والمام برصد النجوم والكواكب، ومعرفه كبيره بالابراج ومتابعه مواقعها في السماء. ولكن في واقع الحال، ان المعرفه بالتقويم الشمسي اليولياني ومعرفه ايامه واشهره، وهذا كان متيسرا للقلمس ولكثير من تجار قريش ورؤسائها لعلاقتهم بالقبائل العربيه في الشام والعراق وهذه القبائل كانت تستخدم هذا التقويم، اضافه لمراقبه بدايه الشهر القمري او شهر ذي الحجه كانا كافيين للقرار بشأن اضافه الشهر الكبيس. حيث كان من الضروري ضمان عدم وقوع الاول من شهر ذي الحجه في العام المقبل خارج الشهر الاخير للسنه الشمسيه اي خارج كانون اول (ديسمبر) اي انتقاله لشهر تشرين ثاني (نوفمبر)، ولان القلمس كان يعرف ان السنه القمريه اقصر من الشمسيه بحدود احد عشر يوما، لذلك فأن صادف وقوع الاول من ذي الحجه في ذلك العام في اليوم الثاني عشر او ما بعده من شهر كانون الاول (ديسمبر)، فان الاول من ذي الحجه في العام القادم سيبقى حتما في شهر كانون الاول ايضا، لذلك فان القلمس سوف لن يضيف شهرا كبيسا ذلك العام، اما اذا صادف الاول من ذي الحجه يوم العاشر او ما دونه من شهر كانون الاول، فان الاول من ذي الحجه للعام القادم سيزحف الى شهر تشرين ثاني (نوفمبر)، عندئذ سيقوم القلمس بالاعلان عن اضافه شهر كبيس، لضمان بقاء شهر ذي الحجه في العام المقبل في شهر كانون اول، وبذلك تبقى الشهور القمريه في مواسمها وفصولها، وان صادف الاول من ذي الحجه يوم الحادي عشر من كانون اول، فان ذي الحجه في العام القادم قد يصادف الاول من شهر كانون اول، او الثلاثين من شهر تشرين ثاني، حسب موعد ظهور القمر لشهر ذي القعده للعام القادم، وهو امر نعتقد ان القلمس هو من كان يقرر ذلك، وهو لن يؤثر بشكل كبير على مواقع الاشهر القمريه-الشمسيه عموما، فان قرر اعلان اضافه الشهر الكبيس في موسم الحج هذا، فان ذي الحجه في العام المقبل سيكون في اواخر شهر كانون اول، وستكون السنه المقبله كبيسه، وان لم يعلن عن اضافه الشهر الكبيس للعام القادم، فان ذي الحجه للعام القادم سيصادف الاول من شهر كانون اول، او الثلاثين من شهر تشرين ثاني، وستكون السنه التي تليها حتما كبيسه. وقد يغير القلمس في حساباته يوما واحدا ان كان العام القادم سنه كبيسه في التقويم اليولياني. ان الوصول لمعرفه هذه المعلومات وطريقه تطبيقها ليست معقده ولا صعب الوصول اليها، وخاصه لاسره القلامسه التي مارست هذا العمل على مدى قرنين من الزمن، ولكن عدم افشاء هذا السر مهم جدا ايضا، وهو من اسرار المهنه التي لايفشيها القلامسه لغيرهم، لانها تعطيهم هذه المكانه الخاصه في كنانه وفي قريش، بل حتى عند الحجاج، وقد يكون هذا الامر سرا كبيرا لا يعرفه الكثيرون.

اما عن الاسم الذي كان يطلق على الشهر الكبيس، فان المعلومات عنه قليله، ولكن يذكر بعض الاخباريين ان اسمه كان صفر الاول، اي ان موقعه يقع بين شهر محرم وصفر، وقد يكون الامر صحيحا، وخاصه ان اليهود كانوا يطلقون على الشهر الكبيس في تقويمهم القمري-الشمسي اسم اذار الاول، علما ان هذا الشهر يأتي بعد الشهر الخامس في السنه اليهوديه، في حين ان شهر صفر الاول ياتي بعد الشهر الاول في السنه القمريه-الشمسيه العربيه. ولموقع هذا الشهر اهميه كبيره اذا ما علمنا بان التدوين لم يكن معروفا عند العرب، بل يتناقلون امورهم شفاها، ففي نهايه موسم الحج كان مهما جدا ابلاغ جميع الحجيج من قبل القلمس واتباعه ان كان هنالك شهر كبيس اي صفر الاول في العام المقبل ام لا اذا كان موعده قد حان، ليقوم الحجيج بدورهم عند وصولهم لديارهم في شهر محرم بابلاغ قبائلهم بالامر، و كذلك كانت قريش تقوم باعلام القبائل العربيه المختلفه بان الشهر التالي لمحرم هل هو صفر الاول او صفر فقط، ومع ذلك كان بعض الناس او حتى بعض القبائل لا تصلهم هذه المعلومه ولا يعرفون باضافه الشهر الكبيس، لذلك فعندما يصل هؤلاء الناس الى مكه في العام المقبل لاداء مناسك الحج يخبرهم اهل مكه ان حجهم هذا هو في ذي القعده، لذلك اختلط على الاخباريين هذا الموضوع وذكروا ان بعض الناس يحجون في ذي القعده ثم في ذي الحجه. وكان ضروريا ان يكون الشهر التالي لشهر محرم هو موقع الشهر الكبيس كي لا ينسى العرب ذلك ويضعون شهر صفر الاول بعد محرم مباشره بعد رجوع الحجيج في حسابات الاشهر لديهم، وكذلك لمنع زحف اشهر الربيع والجماد لانه في السنه التي يضاف فيها الشهر الكبيس سيكون موقع الاول من شهر ربيع الاول في اليوم الثامن او قبله من شهر اذار (مارس)، اذا لم تتم اضافه الشهر الكبيس قبل ربيع الاول، اي سيصبح شهر ربيع الاول في الشتاء وليس في بدايه الربيع.

يبقى السؤال المهم، هل كان الشهر الكبيس، صفر الاول شهرا محرما ام يجوز فيه القتال، وتتضارب فيه اقوال الاخباريين وبشكل كبير، بل ويخلطون كثيرا بين اسم شهر محرم وكلمه محرم التي تعني تحريم القتال، مما ادى الى اختلافات كبيره بين الاخباريين عند كتابتهم عن الاشهر الحرم والنسيئه واضافه الشهر الكبيس. نعتقد وبشكل كبير الى ان القلمس كان يعتبر شهر صفر الاول اي الشهر الكبيس، شهرا محرما ايضا عندئذ تكون الاشهر الحرم اربعه متسلسله وهي ذي القعده وذي الحجه ومحرم وصفر الاول، ويبقى صفر وما يليه من اشهر غير محرم فيه القتال، وتظهر هنا مشكله لغويه لم ينتبه اليها الكثيرون، حيث ان السنه الكبيسه فيها صفر الاول الذي يحرم فيه القتال وشهر صفر الذي يجوز فيه القتال، وهذا ما دعى كثير من الاخباريين لاحقا ان يذكروا ان القلمس كان يحرم صفرا عاما ويحلله عاما اخر، من دون الانتباه الى الفرق بين صفر الاول وشهر صفر الاصلي. ومن الجائز ان ما دعا قريش والقلمز الى اعتبار الشهر الكبيس شهرا محرما، هو لاعطاء الحجيج شهرا اضافيا للبقاء في مكه وارتياد اسواقها واجتماعاتها، وهي فائده اقتصاديه كبيره تجنيها قبائل قريش واهل مكه، من بقاء الحجيج فتره اطول وما سوف يصرفونه خلال هذه الفتره، ولا نعتقد ان بإمكان القلمس تقرير كون الشهر الكبيس محرما من دون موافقه قبائل قريش، وفي نفس الوقت ان قرار تمديد الاشهر الحرم في مكه من ثلاثه اشهر الى اربعه وفي موسم الحج، قد يسبب ارباكا شديدا في اماكن اخرى من الجزيره ولدى القبائل التي لم يصلها خبر تمديد الاشهر الحرم، وقد تقوم القبائل بغزوات واعتراض للحجيج المتأخرين شهرا بسبب اضافه صفر الاول المحرم، ونعتقد ان ذلك دفع النبي محمد (ص) الى تحديد الاشهر الحرم في خطبه الوداع حيث ذكر بان الاشهر الحرم هي ثلاثة متوالية: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب الذي يدعى شهر مضر الذي جاء بين جمادى الآخرة وشعبان.

وبسبب عدم وجود ثقافه وممارسه للتدوين عند العرب والمسلمين الاوائل، لم تتوفر لدينا ايه وثيقه مدون فيها التاريخ بالتقويم الهجري اضافه لاي اشاره لتقويم شمسي يقابله لمعرفه متى تم ايقاف العمل بالشهر الكبيس، وان ما ذكر لتواريخ بعض الحوادث المهمه بالتقويمين الهجري واليولياني الشمسي من قبل الاخباريين، فهو كان نتيجه للحسابات الفلكيه التي قام بها الفلكيون المسلمون لاحقا، ولم يذكر ابن اسحق (ت 151 هج) وهو اول من كتب السيره النبويه الشريفه اي تأريخ بالتقويم الشمسي، وقد يكون ابي الريحان البيروني (ت 440 هج) هو اول من قام بحساب التواريخ بالتقويم اليولياني للتواريخ الهجريه وخاصه في كتابه الاثار الباقيه عن القرون الخاليه. لذلك لا يعرف احد متى بالضبط تم ايقاف العمل باضافه الشهر الكبيس، ويخلط معضم الاخباريين بين النسيئ التي حرمها الله سبحانه وتعالى في سوره التوبه ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ. إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )، وبين الشهر الكبيس والذي لم يتم تحريم اضافته او الاشاره اليه، ولم يذكروا متى تم ايقاف اضافه الشهر الكبيس وفي زمن اي من الخلفاء تم ذلك، لان النسئ هو اشاره الى تحليل وتحريم القتال في شهر صفر الاول الذي وجب ان يكون محللا وجعله القلمس محرما واصبحت الاشهر الحرم بذلك خمس في السنه الكبيسه، وخلط الامر على الناس.

ولقد كشفت مجموعه من اوراق البردي او البرديات، والموجوده حاليا في المكتبه الوطنيه النمساويه، وتحت اسم مجموعه راينر معلومات مهمه عن العلاقه بين التقويمين العربي واليولياني، وهذه البرديات اكتشفت في القرن التاسع عشر في مدينه أهنس المصريه، وكان يطلق عليها هيراكابولس وتقع جنوب القاهره، واهم وثيقه فيها برقم 558 والتي نشرت معلومات عنها لاول مره عام 1923، وهي عباره عن وصل استلام مجموعه من الماشيه ومكتوبه باللغتين العربيه واليونانيه وعلى نفس البرديه، وتشير الكتابه العربيه انها كتبت في شهر جمادي الاول عام 22، اما الكتابه اليونانيه فتشير انها كتبت بتأريخ قبطي شمسي والذي يوافق 25 نيسان (ابريل) عام 643 يولياني. وتوجد برديات اخرى في نفس المجموعه كتبت فيها التواريخ بالهجري اضافه الى التاريخ القبطي الشمسي والذي يمكن تحويله لليولاني وهي البرديه 556 وتاريخها صفر 22 مع تاريخ 6 كانون ثاني (يناير) 643، والبرديه الاخرى برقم 557 مكتوبه في صفر 22 مع التأريخ 26 كانون ثاني 643، وتختلف البرديه 555 بذكرها اليوم ايضا وهي مؤرخه في 28 محرم 22 مع التأريخ القبطي الشمسي والذي يوافق يوم 26 كانون اول (ديسمبر) 642 يولياني. ونلاحظ انه في ثلاثه منهذه البرديات لم يتم ذكر اليوم بل اشير الى الشهر العربي القمري والى رقم السنه فقط ومن دون ذكر كلمه هجري، ما عدا الوثيقه 555 حيث تم ذكر اليوم ايضا.

ان هذه البرديات مع وجود هذه التواريخ فيها مهم جدا لانها سوف تبين لنا متى توقف اضافه الشهر الكبيس للسنه الهجريه القمريه، وسوف نستعين ببرنامج حاسوبي خاص يقوم بالتحويل ما بين التقويم الهجري والتقويم اليولياني- الكريكوري، ويعتبر البرنامج ان جميع سنوات التقويم الهجري هي قمريه فقط، اي لا يقوم بايه اضافه اي شهر كبيس للاشهر القمريه، ويمكن الاستعانه باي برنامج اخر لهذا الغرض، والبرنامج موجود في الموقع الالكتروني snahle.tripod.com/hijri.htm .

وفي هذا البرنامج يمكن ان نضع التأريخ الهجري او اليولياني/ الكريكوري ونحصل على المرادف الاخر له وهذا البرنامج لا يأخذ الاشهر الكبيسه بنظر الاعتبار، اي يفترض عدم وجودها، وعند استخدام هذا البرنامج مع التواريخ اليوليانيه المذكوره في البرديات اعلاه نجد ان البرديه 558 كتبت في 29 جمادي الاول عام 22 ، والبرديه 556 كتبت في 8 صفر عام 22، والبرديه 557 كتبت في 28 صفر عام 22، اما للبرديه رقم 555 فان البرنامج يعطي المرادف لتاريخ 26 كانون اول (ديسمبر) 642يولياني وهو يوم 27 محرم عام 22 ، والاختلاف هنا عن المكتوب في البرديه هو يوم واحد وهذا متوقع ان يحدث في الاشهر القمريه بين ما تشاهده العين البشريه لظهور القمر لتحديد بدايه الشهر القمري، والحسابات الفلكيه التي يعتمدها البرنامج. وتوضح هذه التواريخ الى انه في العام 22 هجري وما بعده لم تتم اضافه اي شهر كبيس، اي توقفت اضافه الشهر الكبيس قبل العام  الهجري 22 اي ان العام 22 هجري هو قمري فقط.

وعند استخدام التواريخ المذكوره في البرديه 555 او بالاستعانه بالبرنامج الحاسوبي، سيصادف الاول من محرم عام 22، اما يوم 29 او 30 من شهر تشرين ثاني (نوفمبر) 642 يولياني. ويكون الاول من ذي الحجه في العام 21 هجري مصادفا ليوم 31 تشرين اول (اكتوبر) عام 642 وذلك حسب البرنامج، ومنها نستنتج ان شهر ذي الحجه قد زحف شهرين قمريين، اذ يفترض ان يقع الاول من ذي الحجه في شهر كانون اول كما استنتجنا في البدايه، اي لم تتم اضافه شهرين كبيسين للتقويم الهجري العربي، ومنها نعرف ان اضافه الشهر الكبيس قد توقف قبل عام 21 هجري بعدة سنوات.

وبالاستعانه بالبرنامج او القيام بحسابات فلكيه، نجد ان الاول من ذي الحجه عام 18 هجري صادف الثالث من كانون اول (ديسمبر) 639. اي انه كان على القلمس او من يقوم مقامه (لانه لا نعلم هل بقي القلمس يؤدي واجبه ام لا بعد حجه الوداع)، اضافه شهر كبيس للعام 19 هجري لمنع زحف شهر ذي الحجه كما ذكرنا سابقا وابقاء الاول من ذي الحجه عام 19 في شهر كانون اول 640عام، وبسبب توقف اضافه الشهر الكبيس في موسم الحج عام 18 هجري زحف الاول من ذي الحجه عام 19 هجري الى 22 تشرين ثاني (نوفمبر) 640، ولو ان الشهر كان مضافا لاصبح الاول من ذي الحجه عام 19 هجري يصادف 21 كانون اول (ديسمبر) 640 ولكان العام 19 هجري عاما كبيسا، ولاصبح الاول من ذي الحجه عام 20 هجري يصادف 10 كانون اول (ديسمبر) 641، وهنا كان من الواجب اضافه شهر كبيس ثاني ليصبح الاول من ذي الحجه عام 21 هجري يصادف 30 كانون اول عام 642 بدلا من 31 تشرين اول (اكتوبر)، اي تبقى الشهور القمريه من دون دوران. من هذا نستنتج ان اضافه الشهر الكبيس توقف او لم يطبق العام 18 هجري اي في زمن الخليفه الثاني عمر بن الخطاب (رض)، ولكن لا نعلم بالضبط في اي سنه او مناسبه تقرر ايقاف العمل باضافه الشهر الكبيس، قد يكون في السنه السابعه عشر هجريه حيث تقرر جعل سنه هجره الرسول محمد (ص) هي بدايه للتقويم الاسلامي او ايه سنه اخرى قبل ذلك، ولكن الاخباريين لم يشيروا الى ذلك لاعتقادهم بعدم اهميه هذا الحدث. ومن ملاحظه البرديات نجد انه لم يكن يضاف كلمه هجري عند تدوين التأريخ، وان اليوم لم يكن يذكر كذلك دائما بل يتم ذكر الشهر والعام فقط كما رأينا في البرديات 556 و557 و558 عدا البرديه 555، وهنا ايضا لم يخبرنا اي من الاخباريين متى بدأ باضافه كلمه هجري عند التدوين مع رقم السنه ومتى تقرر الزام اضافه اليوم ايضا عند تدوين التأريخ.

وحيث ان الاول من ذي الحجه عام 18 هجري قد صادف الثالث من كانون اول 639 يولاني، فان الاشهر القمريه العربيه كانت متوافقه مع الاشهر اليوليانيه-السريانيه، والتقويم في العام 18 هجري وما قبله كان قمريا-شمسيا، وسنحاول معرفه السنوات التي تم فيها اضافه الشهر الكبيس للتقويم القمري-الشمسي العربي قبل العام 18 هجري، بالاستعانه ببرنامج الحاسوب الذي ذكرناه، علما بان البرنامج لم يصمم لاضافه الشهر الكبيس، لذلك فان اسماء الاشهر القمريه سوف لن تتطابق مع واقع الحال، لكن بدايه السنه القمريه هي نفسها، وبما ان الشهر الكبيس كان يضاف كل سنتين او ثلاث سنوات لذلك سنحاول معرفه ماذا صادف الاول من الشهر القمري قبل ثلاث سنوات اي في كانون اول عام 15 هجري او 636 يولياني، وسنجد انه كان يوم الخامس من كانون اول (ديسمبر)، اي ان القلمس سيعلن في ذي الحجه 15 هجري بان عامهم المقبل كبيس وسيتم اضافه شهر فيه، ولكن لن يكون محرما، لان القرآن الكريم والنبي محمد (ص) قد نهى عنه، وسنجد ان اليوم الاول للشهر القمري في شهر كانون اول 633 يولياني اي في عام 12 هجري سيصادف 9 كانون اول، اي انه في ذي الحجه عام 12 هجري اعلن القلمس باضافه شهر كبيس لعامهم المقبل، وبما انه تمت اضافه شهر كبيس كل ثلاث سنين مرتين متعاقبتين فمن المحتمل ان تكون الاضافه قبل سنتين، والاول من الشهر القمري في عام 10 هجري صادف الاول من كانون اول (ديسمبر) 631 يولياني، وهنا ايضا اعلن القلمس اضافه شهر كبيس للعام 11 هجري.

اي انه تم الاعلان عن اضافه شهر كبيس في ايام الحج للسنوات 10 هجري، اي في حجه الوداع، وفي العام 12 هجري في خلافه ابو بكر الصديق (رض)، ثم في عام 15 هجري في خلافه عمر بن الخطاب (رض)، وبعدها اوقف الخليفه عمر (رض) اضافه الشهر الكبيس، اي ان اضافه الشهر الكبيس كان مسموحا وليس هو المقصود بالنسيئه، كما حاول معضم المفسرين للقرأن الكريم لاحقا ان يذكروا ذلك لانهم لم يعلموا السبب الفعلي لايقاف اضافه الكبيس بل حتى لم يكونوا يعلمون بايه سنه تم ذلك، كما لم يفسروا كلمه الرحله في سوره قريش بشكل صحيح، فلماذا اوقف الخليفه عمر (رض) اضافه الشهر الكبيس، سنحاول توضيح هذا الامر، بعد القاء الضوء على امر مهم اخر.

ذكرت معضم المصادر ان النبي محمد (ص) قد ذكر في خطبه الوداع عام 10 هجري (أيها الناس إنما النسئ زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً ليوطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله ويحرموا ما أحل الله. وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرض، منها أربعة حرم ثلاثة متواليات وواحد فرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان)، و لم يستطع المفسرون معرفه المقصود (وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق الله السماوات والأرض) ، فعند الرجوع للسنه الهجريه العاشره، سنجد ان الاول شهر ذي الحجه 10هجري قد صادف الاول من كانون اول (ديسمبر) 631 وانتهى الشهر يوم 30 كانون اول، اي كان شهر ذي الحجه بكامله ضمن شهر كانون اول، وبدأت السنه الهجريه العاشره يوم 11 كانون ثاني (يناير) 631، اي كان العام الهجري العاشر بكامله ضمن العام الشمسي 631 يولياني، اي تطابق العام القمري باشهره الاثنا عشر مع العام الشمسي، وهو يحصل مره كل ثلاثين سنه تقريبا، وهذا هو تفسير المقصود به باستداره الزمان. اما النسئ فواضح جدا اشارته الى تحليل شهر صفر (الاول) من قبل القلمس في السنه الكبيسه والتأكيد بان الاشهر الحرم هي ذي القعده وذي الحجه والمحرم من دون صفر الاول، ولم تجري اي اشاره لتحريم اضافه الشهر الكبيس، لذلك تمت اضافه الشهر الكبيس ثلاث مرات متتاليه في زمن النبي محمد (ص) وفي خلافه ابو بكر الصديق (رض)، ثم في خلافه عمر بن الخطاب (رض)، ولولا هذه الاضافات لكان الحج في الخريف ولتحركت جميع الاشهر القمريه ثلاث اشهر واصبحت الاشهر القمريه لا تعطي معناها في السنه العاشره الهجريه.

اما وقت ايقاف اضافه الشهر الكبيس من قبل الخليفه عمر (رض) فنعتقد انه حصل العام 17 هجري، اي في نفس الزمن الذي تم فيه اقرار التقويم الاسلامي الهجري، حيث يذكر المحدثون انه جاء كتاب من ابو موسى الاشعري للخليفه عمر (رض) يقول فيها (يا أمير المؤمنين، تأتينا الكتب، وقد أرِّخ بها فى شعبان، ولا ندرى أى شعبان هذا، هل هو فى السنة الماضية؟ أم فى السنة الحالية؟) فجمع عمر (رض) الصحابه ليستشيرهم بالامر، فتم الاتفاق على جعل سنه هجره الرسول محمد (ص) للمدينه هي ابتداء للتقويم الاسلامي وتم اعتماده. ونعتقد انه في نفس الجلسه تم الاتفاق بين الصحابه على الغاء اضافه الشهر الكبيس، فكما هو معلوم ان من كان يقوم به هو القلمس بسبب تكليفه بالامر منذ اكثر من اربعين عاما، وقبل البعثه النبويه الشريفه، وبقي مستمرا بالامر حتى بعد فتح مكه بسبب خبرته بالموضوع، وكما ذكرن سابقا ان اضافه الشهر الكبيس استمر في وقت النبي محمد (ص) وابو بكر الصديق (رض) وبدايه خلافه عمر (رض)، ويعتبر القلمس من المؤتلفه قلوبهم، ونعتقد اما ان عمر (رض) او احد الصحابه اقترح في نفس الوقت ايقاف قيام القلمس في نهايه موسم الحج بالاعلان عن الشهر الكبيس، لانه شرف كبير لمن يقوم به و نعتقد بان مراسيم الاعلان عن هذا الامر كان يجري في طقوس فيها تفاخر كبير لا يرضى عنها عمر (رض) وبعض الصحابه مثل الامام علي كرم الله وجهه (رض) ، وخاصه انها تُذَكٍر بالجاهليه، ووجدوها فرصه للتخلص من القلمس وطقوسه هذه وهي تسترجع  ذكريات ما قبل الاسلام بما فيها من تفاخر وتعالي وموقع مميز للقلمس الذي اسلم بعد فتح مكه، وخاصه ان الاسلام لم يحرم او يحلل الشهر الكبيس، وليس لدى الصحابه خبره بالتقويم او التاثير الذي سيسببه ايقاف العمل بالشهر الكبيس وهم لم يستشيروا القلمس عند النقاش بشأن خطاب ابو موسى الاشعري، علما ان القلمس هو الخبير في هذا الموضوع، او يمكن انه استشير ولكن لم يؤخذ برأيه، لانه ليست هنالك ايه اشاره لحضور القلمس لهذا الاجتماع. كذلك ان اليه الاعلام عن اضافه الشهر الكبيس كل سنتين او ثلاثه الى ارجاء العالم الاسلامي المترامي الاطراف حينها اصبح من الصعوبه بمكان، لذلك قرر عمر (رض) والصحابه الغاء الشهر الكبيس، ومعلوم ان عمر (رض) كان يلغي امورا قد اقرها القرآن الكريم، كايقاف حصه المؤتلفه قلوبهم من توزيع الصدقات، وايقاف الحد على السرقه في عام الرماده، عندما كان يجد الامر صائبا، فكيف بامر كالشهر الكبيس الذي لم يتم تحليله او تحريمه من قبل القرآن الكريم او الرسول محمد (ص). ويبدوا ان القلمس لم يبدي اعتراضا او مخالفه لهذا الامر، او كان اعتراضه هادئا لم ينتبه له الاخباريين ويدونونه لاحقا، وعندما وجد المسلمون بعد سنوات ان الاشهر القمريه بدأت تتحرك وتغير موعد الحج، كان المسلمون في خلافات شديده فيما بينهم بسبب الفتنه الكبرى، ولم يصبح موضوع الشهر الكبيس او تحرك الاشهر القمريه بالامر المهم الذي يستوجب الوقوف عنده او القيام بتعديله، وخاصه ان بعض المفسرين والفقهاء حاولوا و نجحوا في تفسيرهم للنسيئه بشكل خاطئ وهو ما لا يزال قائما لحد الان، فعندما يذكر الشهر الكبيس في اي موضوع، يجيبون بانه محرم و يذكرون تحريم النسيئه.

إننا نعتقد بان الشهر الكبيس لم يتم تحريمه في الاسلام مطلقا، ولكن جرى ايقاف العمل به من قبل الخليفه عمر بن الخطاب (رض) والصحابه عام 17 هجريه عندما قاموا بتثبيت التأريخ على التقويم العربي، بجعل سنه الهجره هي بدايه للتقويم، واضافوا اليه تحويل التقويم القمري-الشمسي الى تقويم قمري فقط، من دون المام بما سيسببه ذلك من تحريك للاشهر القمريه، وذلك لجهلهم بالفرق بين التقويمين، وذلك لاسباب لا تعود لتحريم الاسلام له، بل لأمور لنقل انها اداريه، حيث كان الغرض منه التخلص من القلمس وهو يمثل بقايا ما قبل الاسلام، لذلك فأن اعاده التقويم الهجري الى القمري-الشمسي كما كان في بدايه الاسلام ضروري جدا، حيث يبقى الحج في الشتاء كما ذكره القرآن الكريم في سوره قريش وهو مناسب جدا للحجيج، وسيصادف رمضان ما بين شهر ايلول (اغسطس) وتشرين اول ( اكتوبر)، اي يبقى طول الليل والنهار متساوي تقريبا حتى في اقصى شمال الكره الارضيه عدا المنطقه القطبيه، وكذلك في اقصى جنوب الكره الارضيه، ولن يعاني المسلمون في هذه البقاع بطول اوقات الصوم التي قد تصل لاكثر من عشرين ساعه او تقل لغايه ساعتين او ثلاث كما يحصل الان، وهذه لا تمثل حكمه الصوم. ان تحقيق اعاده التقويم ليس بالامر بالسهل، فهنالك جيوش من علماء المسلمين وحتى بعض الفقهاء الذين يرفضون تغيير اي شيئ وسيحاربون الموضوع، لا لشيئ بل لانهم محافظون في تفكيرهم وتقليديون الى اقصى حد ولا يريدون مراجعه اي شيئ قام به السلف الصالح حتى لو كان غير صحيح، لكن نأمل من المجددين من الفقهاء ورجالات الدين والحكام ان يدرسوا الامر بحكمه ورويه وبالمنطق، ويتأكدوا بالادله العلميه والبراهين المنطقيه ان الشهر الكبيس لم يتم تحريمه من قبل القرآن او الرسول محمد (ص)، ونعتقد بانه من حق ملايين المسلمين ان يحجوا في الوقت الصحيح الى بيت الله الحرام وفي الشتاء، وان يصوموا رمضان في الموسم الذي فرضه الله سبحانه وتعالى.

 

واذا تمت الموافقه في السنين القادمه وهو ما نأمل فيه، الى جعل التقويم الهجري قمري- شمسي كما كان في بدايته، فان الامر يتطلب تسريع حركه شهر ذي الحجه باتجاه الشتاء، وذلك باضافه شهر كبيس للسنه الهجريه كل عام، لغايه ما يصل الاول من ذي الحجه الى شهر كانون اول (ديسمبر)، من دون حصول فراغ في التقويم الهجري، وبعدها يتم اضافه الشهر الكبيس كل سنتين او ثلاث حسب ما يقتضيه موقع الاول من شهر ذي الحجه. ونتوقع ان تظهر في المستقبل القريب وثائق وادله اضافيه تثبت ما توصلنا اليه من نتائج حول حقيقه ما جرى للتقويم الهجري.

التعليقات   

 
0 #1 زيدان على سيلان 2018-06-21 06:58
جزاك الله خيرا على هذا البحث القيم . ومما يبدو ان الاشهر القمرية في بداياتها كانت تتناسب مع الميلادية بسبب شهر التقويم الذي تم ايقاف العمل به بسبب تفسير الاية الخاطىء. ونتمنى من المسؤولين العمل على اعادة الاممور كما كانت على عهد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم .
الالتفسير الخاطىالء
 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.