مقالات وآراء

رسالة إلى الحزب السعودى المصرى// عادل نعمان

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

تم إنشاءه بتاريخ الجمعة, 20 كانون2/يناير 2017 11:16

كتب بواسطة: عادل نعمان

الزيارات: 2300

الموقع الفرعي للكاتب

رسالة إلى الحزب السعودى المصرى

عادل نعمان

مصر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ولأننى أعرف أن سيادة مصر على الجزيرتين «مقطوع بها»، قطعت أميالها أقدام أجدادنا، وتقطعت فيها أجساد أبنائنا، وقطعنا فيها أشواطاً لاستردادهما، وقاطعنا فيها العرب لاستعادتهما، وتقطع الوصل بيننا وبينهم بسببهما، إلا أننا لن نقطع عليكم طريقاً للعودة، حتى تقطعوا معنا بيقين على احترام هذا الحكم الفريد المقطوع به.

رسالة الحكم الأولى: «إن دخول الجزيرتين ضمن الأراضى المصرية ما انفك راجحاً، رجحان اليقين».. «ما انفك» معناها ما زال وما دام. وتقول العرب: ما انفك فلان يعمل كذا، أى ما زال فلان يقوم بذات العمل، وتفيد الاستمرار والثبات دون تعديل أو تغيير أو تبديل. ورجح الشىء أى ثقل. واليقين أى الاقتناع التام بأنها حقيقة واقعة. فهذه حقيقة أرض مصر، القادمة من عمق الماضى تحبو على ركبتيها توقاً وحنيناً إلى ثدى أم، من رحم التاريخ تتوالد وتتكاثر، يحمل القادم لها نعوش المغادرين منها، تلف مع الشمس دورتها تبحث عن دفء الحضن، وتدور حول نفسها تلف بدفئها أحاديث الصباح والمساء على شرف كوب من الشاى المغلى، على رغيف من الملح يُشبع الجياع، هذه أرضنا حُرّمت عليها المراضع إلا ثدى أمها، وتردُّ كل ألقاب الملوك إلا لقب أبيها، وتعيش على الملح وكوب الشاى المغلى ولا تأكل بثديها. فكيف إذا جئتمونا بشاهدى زور لأب ليس بأب، وأم ليست بأم، وتهللون وتفرحون بلا حكم؟ وكيف إذا جئناكم بشاهدى عدل شهود ولادة وشهود موت، تحزنون ولا تفرحون ولا تستحون؟!

رسالة الحكم الثانية: «وبهذه المثابة، يكون توقيع رئيس الوزراء على الاتفاق المبدئى بتعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، متلحفاً برداء غير مشروع كأعجاز نخل خاوية، ليس لها فى الحق باقية».. ويقال: أثابه أى جازاه أو كافأه، فيكون معناها أنه لا مقابل ولا مكافأة عن توقيع السيد رئيس الوزراء، بل إن مجازاته لهذا الفعل هو رده لعدم جوازه وعدم مشروعيته. ومعنى «كأعجاز نخل خاوية» كأنهم أعجاز نخل خاوية، وأعجاز النخل، أى أصولها، خاوية خربة وفارغة، فلا ثمار لها تؤكل، ولا ورق يُستظل بظله، ولا حياة تدب فيها يوماً ما. ومعنى «وليس لها فى الحق باقية» أى ليس لها من الحق شىء. فليس لكم من سبيل سوى ترك هذا الأمر الخرب، الذى لا فائدة منه ولا منفعة. ومن الحماقة أن يتمسك المرء بتوافه الأمور، فهى مضيعة للوقت، وضياع للمال والعقل، ومدعاة للشك والارتياب فى سوء نوايا من يستمر على تفاهته وتفاهة ما يصر عليه.

الرسالة الثالثة: «الحكومة لم تقدم ثمة وثيقة أو شىء آخر يغير أو ينال من هذا الشأن»، والشأن هنا تقصد به المحكمة «سيادة مصر على الجزيرتين المقطوع بها». ومعنى «ثمة شىء» أى أقل الأمور شأناً، وأقلها مقاماً، وأتفهها مركزاً، يمكن الاستناد عليه، والثمُّ هو حزمة صغيرة من الكلأ، حتى هذه الحزمة الصغيرة عجزت الحكومة عن حزمها. الحكومة ليس لديها ما تقدمه، أو لديها وهو والعدم سواء، فمن يكتب من التلاميذ «ثمة تافه» فى إجابته كمن لم يكتب ثمة شىء على الإطلاق، صفرهما فى قيمتهما واحد، وفى قدره ووزنه لا شىء.

الرسالة الرابعة: «بطلان توقيع ممثل الحكومة على اتفاقية ترسيم الحدود المتضمنة التنازل عن تيران وصنافير مع ما يترتب على ذلك من آثار، أحقها استمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وضعهما بأى شكل لصالح أى دولة أخرى».. القاضى يعرف أصول اللف والدوران فقطعها عليكم، فلن تستبدلوها بغيرها، أو تغيروا سطور كلماتها، أو نقاط حروفها، أو ألوان لوحتها. فهى مرسومة على أكفنا، محفوظة خطوطها وسطورها وكلماتها، مسجلة تفاصيلها، عرض وجنتيها إذا ابتسمت، وارتفاع هامتها إذا هبّت ووقفت، ومساحة الحزن على جبهتها إذا غابت ومالت وانكسرت، سنسمع وقع أقدامها إذا تسللت أو هرولت، سنعرفها إذا خرجتم بها تحت جنح الظلام، أو حاولتم إلباسها طاقية الإخفاء، أو سماها حملة دفاتركم فى جوازات سفرهما الشيخ تيران والشيخة سنافير!!.

الرسالة الخامسة: «إن التنازل عن أى جزء من إقليم الدولة (بما فيه الجزيرتان) أو إبرام أى معاهدة تخالف الدستور -فرادى أو مجتمعين- يُعتبر من الأمور المحظورة، وإبرام أى اتفاق دولى بشأنها لا يُعرض على الشعب، لأنه أعلن إرادته عبر دستوره، وحاصله أنه لا يقبل التنازل عن أى جزء من أرضه».. الرسالة تقول: لا استفتاء على التنازل، ولا عرض على الشعب بالبيع، ولا مناقشة لأمر قد حدده الشعب وقرره فى دستوره وألزم به نفسه وحمَلة أقلامه وولاة أمره حفظة أختامه، لا تنازل ولا بيع لجزء من الأرض، رفع الشعب قلمه، وجفف مداد كلماته، وأغلق دكانه، لا يبيع فيه أرضاً أو عرضاً أو شرفاً أو كلمة أو صحيفة.

الرسالة الأخيرة: منى إليكم.. تيران وصنافير المقطوع بمصريتهما ليستا رهاناً لحاكم جديد، فليست أرضنا على موائد المقامرين والمغامرين، وليست معروضة فى دكاكين النخاسة تتراقص وتهز لحمها وشحمها ويقلبها من يدفع ثمنها، ولن تكون يوماً لقصور الأمراء المشيدة أبراجها على مراسيها ينتظر أولادنا فتات موائدهم على شواطئ «شارم الشيخ» بعد أن نكون قد خربنا بلادنا بأيدينا، ولن نتركها يوماً لمداد أقلامكم تزوجونها لشيوخ الخليج، أو ترهنونها وفق هواكم لمن يدفع، فهى ليست حقاً لكم وليست حقاً لنا، فهى أمانة للأجيال القادمة نتركها لهم «ثمة شىء» بدلاً من «لا شىء»، إذا عجزنا عن تحويلها إلى «لاس فيجاس» كما يريد لها مليكها الجديد!!!.

"الوطن" المصرية

• < السابق
• التالي >