اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

من إخوان الوهابية إلى إرهاب الدواعش (16)// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

من إخوان الوهابية إلى إرهاب الدواعش (16)

عادل نعمان

مصر

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

هل انقسمت الوهابية على نفسها؟ نعم!!.. حين استقرت الدولة السعودية الثالثة بعد الحرب العالمية الأولى بمساعدة إنجلترا، تخلت عن فكرة الغزو ومهاجمة البلاد المجاورة، وذلك لإقامة مملكة ثابتة الحدود، قائمة الأركان، معترف بها، ويوجب عليها هذا الالتزام بأصول العلاقات الدولية، وحسن الجوار بين الدول، وهذا ما أغضب «إخوان الوهابية». وأضحى الصراع مستمرا بين وهابية راديكالية متشددة زادت فى تشددها وغلوها عن الوهابية الأم، وبين وهابية تسير فى ركاب الدولة، برجماتية تخفى تشددها، لكنها لا تتنازل عن الفكر الأصيل للوهابية وتستدعيه فى حينه، ولم يحسم سيف عبدالعزيز الأمر وقتها، ولم يحسمه غيره إلى الآن. ولقد اتهم «إخوان الوهابية» الملك عبدالعزيز بتركه فكر الجهاد ضد الكفار والمنافقين، واتجه ببصره عنه لمصالحه مع كفار الإنجليز أعداء الأمس وأصدقاء الغد،

ورغبته فى تأسيس ملكه على حساب دينه، ولكن حقيقة الأمر أن عبدالعزيز قد فرضت عليه الدولة المعاصرة الحديثة، واتفاقه مع الإنجليز، نمطا جديدا فى العلاقة عكس ما كان قائما، يستتبع فيه الالتزام بالتوازن فى العلاقات بين الدول، ولم يعد لفكر الغزو قائمة، وكان يستوجب الأمر على «إخوان الوهابية» الالتزام بما تعاهد عليه، ورآه صالحا للدولة الناشئة، ولما منعهم من غزو العراق والكويت والأردن وسوريا على أنها دول شرك ونفاق، وأضاع عليهم الغنائم والأسلاب ثاروا عليه وخرجوا من عباءته، وهذا للأسف ما كان يعنيهم. وللتاريخ لقد حاول الملك عبدالعزيز التخلص من هذه الوهابية التكفيرية الجديدة، واسمها تاريخيا «الإخوان الوهابية» فى معركة «السبلة 1929»، ولقد قضى على أكثرهم قتلا وحبسا، إلا أن بقاياهم قد تغلغلت فى المجتمع بطوله وعرضه، وفى جميع الأسر والقبائل حتى طالت من عظماء الأمة الكثير، ودخلت بيوت أعيانها وحكامها، فهو فكر قد تسلل تحت سمع وبصر الدولة وحكامها، فالأم لا تنفصل عن الابن حتى لو فرقت بينهما البلاد والأزمان، فهى ولادة لا تنفصل عراها. ونعود إلى حكاية «الإخوان الوهابية». فكرة الغزو لدى الوهابيين قد وجدت استحسانا لدى بدو نجد، فقد توافقت مع طبائعهم، وهى صفة قد ورثوها كابرا عن كابر، فلم يكن من سبيل للرزق سواها منذ القدم، وكانوا مصدرا رئيسيا لعبدالعزيز فى تكوين جيشه، لكن تجربة أجداده مع بدو الصحراء لم تكن كلها ناجحة، فطباعهم قاسية وعنيفة، صحيح مطلوبة عند الالتحام والغزو لا بأس فى هذا، لكنه لا يستطيع أن يثنيهم عنها عند الطلب، فهم متمردون دائما، طامعون فى المال دوما، ومتحالفون مع من يدفع لهم ويسبغ عليهم نعمه حتى لو كانوا خصومه، وللتخلص من طبائعهم هذه اتفق الوهابيون مع عبدالعزيز على إنشاء معسكرات لإيوائهم، وتدريبهم وإعادة تأهيلهم بدنيا ودينيا، وتعليمهم أصول دينهم، وتربيتهم على فكر الجهاد والولاء والبراء والانتماء وقتال الكافرين والمنافقين والمشركين على منهج الوهابية، وسُميت المعسكرات باسم «الهجر» وسموا هؤلاء باسم «الإخوان الوهابية» ويقوم بتعليمهم وتدريبهم وهابيون يسمون «مطوعون» أى الذين يطوعون البدو للفكر الوهابى، الذى يحوله إلى مقاتل شرس على منهجهم المتشدد، وتحول هؤلاء الأجلاف إلى وهابيين قح، بل زادوا عليهم شراسة وعنفا وتطرفا وغلوا وبأسا، حتى إنهم كانوا ينفذون الحدود بأنفسهم فى الشوارع دون الرجوع إلى ولاة الأمر، وأصبح لهم سلطان على سلطان الحاكم، وحكم يفوق أحكامه، ونفوذ يهدد نفوذه، وقوة تفوق قوة الدولة الوليدة، وجيش عقائدى داخل الدولة لا يتنازل ولا يهادن، ويمثل قلقا لعبدالعزيز الذى يؤسس دولته الجديدة على منهج جديد، حتى لو كان البناء تم باتفاقهما ومذهبهما سويا، إلا أن بناء الدولة الجديدة، وتثبيت أركان حكمه ومملكته يستدعى نهجا آخر غير ما كانا عليه، وهم لا يريدون التنازل عن فكرهم فى القتال ومحاربة أعداء الله والغزو والسبى والغنائم وهو مطلبهم الرئيسى، حتى أحرجوا الدولة إلى وقتنا هذا. وكانت موقعة السبلة التى أشرنا إليها سابقا. وقضى عبدالعزيز على من استطاع أن يقضى عليهم، وحبس منهم فى السجون من استطاع أن يحبس منهم، ومات منهم من مات، وتسلل الفكر الإخوانى الأكثر تشددا خارج أسوار السجن ما استطاع إلى ذلك سبيلا. حتى كانت واقعتان شهيرتان أعادتهما للسمع والبصر، وكانت الأولى: احتلال مبنى التليفزبون فى الرياض 1965 على أنه كفر وبدعة وجب محاربتها، وكان برفقتهم أمير شاب يسمى خالد بن مساعد بن عبدالعزيز وكان مصيره القتل مع من قُتل منهم. والثانية حين انتقم أخوه فيصل بن مساعد بقتل الملك فيصل 1975 بالرصاص فى الديوان الملكى بالرياض، وكانت النواة والبداية فى تكوين تنظيم «الدعوة المحتسبة» تحت إمرة جهيمان العتيبى الذى هاجم هو وجماعته الحرم المكى أواخر سبعينيات القرن الماضى، وقتل العشرات من زوار البيت، وتمكنت منهم قوات خاصة سعودية وقتلتهم جميعا.

هذا هو العفريت الذى لن ينصرف طالما قد خرج من قمقمه، فما بالكم إذا كان قد خرج يوما برضا الحاكم، ومهدت له عقيدة الوهابية طريقها، وفتحت لها خزائن أموالها، تنهل منها كيف شاءت ومتى شاءت، حتى لو كانت الإرادة صادقة فى حبسه فقد سبقها سيفه. نتحرك سريعا إلى أسامة بن لادن الشريك الرئيسى لتنظيم القاعدة وحفيد «إخوان الوهابية»، وكيف تم استدعاؤه إلى الجهاد فى أفغانستان من حكومات عربية وأجنبية، وكان تنظيم القاعدة، وهو الشرارة التى انطلقت لتصيب المسلمين فى مقتل قبل غيرهم.. الأسبوع المقبل.

"المصري اليوم"

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.