اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

السياسة من طالبان إلى إرهاب الدواعش «20»// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

السياسة من طالبان إلى إرهاب الدواعش «20»

عادل نعمان

كاتب وإعلامي مصري

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

كان الحوار بينى وبين وكيل برهان الدين ربانى، أحد قادة الجهاد الأفغانى فى ساحة توزيع المساعدات على أهالى المقاتلين، حادا وقاسيا، وكلما نظرت إلى عيون حراسه ورأيت الشرر يتطاير منها، عرفت مدى صبره علىّ، وثقل حوارى على صدورهم، فقد ضاقوا به ذرعا، ولم يمنعهم عنى أو النيل منى سوى ابتسامته الباهتة الشاحبة على وجهه، ولولا هذا ما تركونى أحاوره لحظة على هذا النحو، وقد كان فى حديثى لوم على تركهم أبناء الشعب الأفغانى يتسوّلون مدة الجهاد ضد الروس دون تعليم، فلا مدارس أو جامعات أنشئت، ولا تم تعليمهم مهنة أو حرفة طوال خمسة عشر عاما، وكان متاحا لهم هذا من المليارات التى ساعدتهم بها المنظمات الإغاثية ودول العالم، وسألته سؤالا قاطعا: ماذا لو وصلتم إلى الحكم هل ستحكمون شعوبكم بهؤلاء المتسولين؟ كنت على موعد مع الموت لولا وجود بعض المتعاطفين معى.

الغريب أن الجوعى والبؤساء من أهل الأفغان، كانوا يبيعون المعونة من مأكل وملبس كاملة بثمن زهيد خارج أسوار الساحة للموردين، وكان الموردون بدورهم يقومون بإعادة بيعها لنا، ونعيد توزيعها هكذا طوال النهار، فلا صدقة وصلت إلى أصحابها، ولا أجر حصده المتصدقون، فكرونى كيف كان يبيع الأطفال زكاة الفطر أمام الحرم بالمدينة المنورة! المهم أن تخرج الصدقة من دارها، ولا يهم أن تصيب الهدف.. تعالوا إلى طالبان.

سقطت وتفككت الإمبراطورية السوفيتية، وانسحبت من أفغانستان وتحقق المراد للأمريكان، وقتل نجيب الله رئيس وزراء الأفغان، سحله وصلبه رجال الجهاد فى الشوارع، هذا عهدنا دائما فى عالمنا الإسلامى، لا نكتفى بالإعدام فقط بل نزيده سحلا وصلبا.

ودارت رحى حرب جديدة بين الفصائل الإسلامية المنتصرة طمعا فى الغنائم والأسلاب، ورغبة كل فصيل فى الاستئثار بالحكم والخلافة والإمامة والسلطة والسلطان، ونسيت الفصائل الهدف، وكأن الحكم كان شاغلهم. ومات فى هذه الحرب أكثر من خمسين ألف قتيل، وأضعافهم مصابون ومفقودون، ولم يكتفِ قادة الجهاد، أحمد شاه مسعود، وبرهان الدين ربانى، وحكمتيار بهذا فقط، بل حولوا البلد إلى أرض محروقة، وكان هذا مصير الجهاد المزيف.

وتساءل الناس كيف تكون هذه نهاية الجهاد؟ ولماذا هذا المصير؟ ولم نجد إجابة صادقة عن هذا السؤال أو غيره، الآن أو حتى نهاية العمر، اللهم إلا إجابة واحدة اختبار وامتحان، وهى إجابة ناقصة، نرددها من مئات السنين وكأننا مع الاختبار طوال أعمارنا!

من رحم هذه المعاناة تعلقت أرواح البؤساء من الأفغان بتنظيم جديد وهو «طالبان» وظن الناس- وبعض الظن إثم- أنه أكثر رحمة وعدلا ممن سبقوه، فكان أكثرهم ظلما وجورا. طالبان مولود وهابى، خريج المدارس الوهابية التى انتشرت بأموال النفط فى أفغانستان وباكستان، ومعناها «جمع طلبة» فى لغة «البشتو» وكان أول ظهور لها فى ولاية «قندهار» جنوب غرب أفغانستان المتاخمة لباكستان. ووجدت الحركة فى بداياتها قبولا واستحسانا لدى شعب عانى ويلات الحروب والفوضى والسلب والنهب والاغتصاب وضياع الأمن ضياعا تاما.

 

كم كان الثمن غاليا والضريبة فادحة، والقتلى بالملايين والدمار أكل الأخضر واليابس، قد جعلهم فى شوق دائم إلى مخلص ومنقذ من هذا البؤس حتى لو كان الشيطان.

فقد توافقت دعواهم مع أحلام المقهورين، فبدأت فى جمع الأسلحة من المتحاربين، وأعادت الأمن إلى المناطق التى حررتها وسيطرت عليها، لكن سرعان ما عاد إليها وجهها القبيح، واستبدلت ظلما بظلم، ونهبا بنهب وفوضى بفوضىى، فلم تهتم بمعيشة الناس ولقمة عيشهم وتعليمهم، بل شغلهم تطبيق الأحكام، فتسرعوا فى تطبيقها حتى كانت على الشيوع، فخاف الناس بعد أن أمنوا، وظلموا بعد أن ظلموا، وكأن الشعب قد استجار بنارهم عن رمضاء غيرهم، فلم تسمح بالأحزاب السياسية، وحرمت الديمقراطية، ووجدت فى الدستور خروجا عن حكم الله، طالما أن أمير البلاد الذى اختاره أهل الحل والعقد، يحكم بالشورى، ولا ينزع منه الحكم إلا بكفره كفرا بواحا أو موته، مهما امتد ظلمه، واتسعت مساحة إفقاره لشعبه، وبدأت سلسلة من عذابات الشعب البائس، فأجبر الرجال على إطلاق اللحى وقص الشارب، ونفذوا الحدود من رجم الزانى والزانية وقطع يد السارق على الشبهة فى الأسواق، وألزموا النساء بالنقاب الشرعى وجلد غير الملتزمة به فى الشوارع، وحظر مشاهدة التليفزيون والاستماع إلى الأغانى والموسيقى، وتحريم تعليم البنات، وعادت أفغانستان إلى الأيام الأولى للعصر الوهابى الذهبى، ووجد أسامة بن لادن فى الملا محمد عمر، خليفة وإماما للمسلمين، وترك السودان وعاد ليعيش فى هذا الكهف المظلم فى عصوره الأولى، وفى حقيقة الأمر كان الخليفة الأعلى لطالبان هو أسامة بن لادن.

ولقد سيطرت طالبان على ثلاثة أرباع أفغانستان تساعدها باكستان من ناحية وأمريكا من ناحية أخرى. فباكستان قد فقدت سيطرتها على الفصائل المتقاتلة والتى كانت يوما تحت سلطانها وإمرتها، فأرادت استبدالهم بطالبان فربما تفرض سطوتها عليها، والأمريكان يبحثون عن بديل جديد بعد اكتشاف عملائها وأنصارها.

وكانت نهاية طالبان على أيدى الأمريكان عقابا على عدم تسليمهم أسامة بن لادن بعد اعترافه بتفجيرات مركز التجارة العالمى. فى تاريخ طالبان حادث لابد أن نذكره فربما نعرف جيدا لماذا يتحتم علينا إبعاد الدين عن الحكم. فقد قرر خليفة المسلمين الملا محمد عمر قرارين بعد توليه الخلافة الواهية مباشرة، وكان الأول: نسف تمثال بوذا فهو شرك بالله عظيم. أما القرار الثانى: تحريم زراعة الأفيون فهو والخمر سواء، الغريب لم يتراجع عن نسف التمثال على الرغم من المناشدات العالمية واحتجاج المنظمات الدولية بما فيها الأزهر وكثير من الدول الإسلامية، وتراجع عن قراره الثانى وزرع الأفيون الحرام لأنه المصدر الرئيسى للدخل فى أفغانستان. وتلك قسمة ضيزى. إلى الأسبوع المقبل.

 

 

"المصري اليوم"

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.