اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

حقائق قرآنية// أ. د. عبد علي سفيح

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

 

حقائق قرآنية

أ. د. عبد علي سفيح

بروفيسور.. مستشار وباحث لوزارة التربية والتعليم الفرنسية

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

القرآن الكريم كان وما زال محورا لكثير من الدراسات منذ اللحظة الأولى لنزوله على صدر الرسول (ص). وعلى الرغم من تنوع هذه الدراسات وتعددها، وما بذله العلماء الاجلاء فيها من جهود مضنية للاحاطة بكثير من جوانبه، فقد بقيت هذه الجهود قاصرة، وشاهدة بذاتها على أن النص القرآني يتجاوز كل طاقات النفس البشرية. وعلى الرغم من توالي الأحقاب والسنين، وتنوع الاعمال التي ألفت حول القرآن الكريم ودراساته، فقد بقي المجال مفتوحا لأعمال أخرى تضاف الى الأعمال السابقة، وتسد فراغا لا تسده مجتمعة أو متفرقة.

والقرآن الكريم دعوة. وكل دعوة تدعو الى الحوار والدعوة ليست كالجدال. ولذا وصف القرآن الكريم نفسه بأنه (كتاب منير) (سورة الحج :8  ؛ سورة لقمان: 20).

ومنذ أكثر من قرن من الزمان لا يوجد حوار صحيح بين الاديان، ولم نجد شخصا متخطيا كثير من القيود التي تفرضها شؤون الدين والدنيا والفكر والسياسة ونحن الآن في زمن لم يعد التطرق الى مثل هذه الموضوعات  من المحرمات والمحظورات. الى جانب ما يقرره القرآن الكريم من سلمية العلاقة بين الناس جميعا انطلاقا مما تفرضه موجبات حرية العقيدة على المستوى العام، فثمة علاقة خاصة دشنها القرآن مع أولئك الذين يشتركون مع الديانة الاسلامية في الأصل الابراهيمي وأعني بهم أهل الكتاب من يهود ونصارى. ولقد ركز القرآن الكريم في تقريره لكيفية بناء علاقة اتباع الديانة الاسلامية مع أتباع الديانتين اليهودية والنصرانية على استصحاب الأصل الذي يجمع بين تلك الديانتين التوحيديتين. وهو حوار معلق بين الاسلام والمسيحية واليهودية.وقد يعود ذلك بحسب رأي الشيخ محمد عبده الى (أن السلطة المدنية في الاسلام تبقى مقرونة بالسلطة الدينية بحكم الشرع لأن الحاكم العام هو حاكم وخليفة معا) (1). في حين نرى الدكتور طه حسين في مقالة له بالفرنسية عام 1934 تكلم عن الشيخ محمد عبده باجلال كبير، غير أن هذا التقدير لا يمنعه من الاشارة الى (ضعف المنهجية التي اعتمدها هذا المصلح)(2)                           

 

في هذه الورقة أود أن أثير انتباه المسلمين حول هذه المسألة الهامة وذلك بتعزيز الحوار الصحيح بين الاديان والتأكيد على أن الاسلام هو الاستمرار الطبيعي للديانات الابراهيمية ومكمل وحافظ لها. واذا ما كانت المسيحية رفضت الشريعة الموسوية بكاملها وعوضتها عن طريق الايمان بالمسيح (ع)، فالاسلام حفظ للشريعة التوراتية أمور كثيرة مثل الزواج والطلاق والزكاة، والختان وتحريم لحم الخنزير وأكل اللحم الحلال والغسل من الجنابة وتكفين الموتى  وغيرها..

وكان المفروض أن يحتج مسلموا العالم على كل أنواع الاساءة للأنبياء (ع)، وليس للرسول محمد (ص) وحسب، لأن القرآن لايفرق بينهم قال تعلى :( ءامن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا ءاليك المصير) (سورة البقرة :285 ). وهذا ما أشار اليه قول قول الشيخ محسن الاراكي  اللأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية يقول:

 (القرآن هو القاعدة التي يرتكز عليها كل البناء الاسلامي بكافة تفاصيله وجزئياته، ولا بد لكل حكم أو  أمر أن ينتهي في منابعه ومنطلقاته الى القرآن) (3).                                                   

 

الهدف من البحث هو تحديد حقيقة موقف القرآن الكريم من أهل الكتاب وذلك لتعزيز الحوار بين الاديان والذي شابه الفتور والغموض نتيجة تراكمات ثقافية لا صلة لها بروح القرآن الكريم.

من هذه الحقائق القرآنية:

أولا وحدة الدين

الاسلام أصطلاح لدين الله المنزل في الكتاب. القرآن لم يطلق على اليهودية والمسيحية والصابئة بالدين أبدا، بل أطلق القرآن عليهم بالملة. قد يعتبرها القرآن شرائع لدين واحد هو الاسلام. الاسلام موجود قبل القرآن. وكذلك مادة الاسلام هم المسلمون موجودون قبل القرآن. يظن الجاهلون أو المتجاهلون أن هذا الاسلام هو اسلام أمة محمد فقط. اسلام القرآن هو اسلام الكتاب الذي بلغه الرسول محمد (ص) بلسان قومه وهو نفس اسلام النصارى واليهود. قال تعالى: (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على ابراهيم واسماعيل واسحاق ويعقوب والاسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحدا منهم ونحن له مسلمون ومن يبتغي غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ).آل عمران 83-85.

القرآن أخذ الاسلام اسما ومعنى من الكتاب، قوله تغالى: (هو سماكم المسلمين من قبل )(سورة الحج : 78) . أي من قبل القرآن في الكتب المتقدمة.

وقوله تعالى: (ان الدين عند الله الاسلام وما أختلف الذين أوتوا الكتاب الا من بعد ماجائهم من العلم )( سورة آل عمران : 19). وكذلك قوله تعالى: (ومن يتبع غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) (سورة آل عمران: 85).

لم يوجد في القرآن غير هاتين الآيتين تذكر فيهما كلمة الاسلام.

القرآن يطلق بصورة عامة مصطلح المسلمين على غير العرب. أي للديانة التوحيدية قبل نزول القرآن. ويطلق بصورة عامة مصطلح المؤمنين على عرب الجزيرة الذين آمنوا بنبوة الرسول محمد (ص).

أما الدين فهو واحد للمسلمين وللمؤمنين وهو الاسلام. الاسلام موجود قبل القرآن وكذلك المسلمون موجودون قبل القرآن.

وقوله تعالى: (قل نزله روح القدس من ربك ليثبت الذين آمنوا- هم العرب- وهدى وبشرى للمسلمين-أي اليهود والنصارى-)(سورة النحل : 12) . القرآن يثبت العرب ويطلق عليهم تسمية المؤمنون، وفي نفس الوقت هو بشرى للمسلمين من أهل الكتاب. نجد في الآية الكريمة (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنو- أي العرب-اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا انا نصارى) (سورةالمائدة 82). 

وهذا هو توضيح كامل لاغبار عليه للمصطلحين هما المؤمنون والمسلمون. وكذلك قوله تعلى: (ان الذين آمنوا- يعني العرب- والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(سورة البقرة : 62).

وهناك فقرة في نص ميثاق صحيفة المدينة المنورة يذكر في أحدى فقراته: ان اليهود من بني عوف أمة مع المؤمنين. وأن اليهود ينفقون مع المؤمنين ما داموا محاربين (4).                             

في القرآن ذكرت كلمة المسلمون والمسلمين ومسلم ومسلمة حوالي 24 مرة.                          

قوله تعالى: (واتلوا عليهم نبأ نوح اذ قال لقومه....فان توليتم فما سألتكم من أجر ان أجري الا على الله وأمرت أن أكون من المسلمين)(سورة يونس : 71).

وقوله تعالى: (وما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن حنيفا مسلما وما كان من المشركين )(سورة آل عمران : 67). وكذلك قوله تعالى (ماذ يرفع ابراهيم القواعد واسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة وأرنا مناسكنا )( سورة البقرة :  127).

والنبي يعقوب والنبي يوسف والنبي سليمان (عهم) كلهم أدعوا وصرحوا بأنهم مسلمون (سورة البقرة  :133؛ سورة يوسف : 151؛ سورة النمل : 31-32).

حتى قوله تعالى: (وقال موسى ياقوم ان كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين )( سورة يونس  :84).

اذا كان كل الانبياء صرحوا بأنهم مسلمين ومن معهم من المؤمنين بنبوتهم من نوح الى الرسول محمد (ص)، فدين هؤلاء هو الاسلام وان أختلفت الشرائع. أي شريعة موسوية وشريعة عيسوية وشريعة محمدية. فأسلام أمة محمد هو اسلام الامم السابقة. (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) و(انه لفي الصحف الاولى صحف ابراهيم وموسى). أما جوهر هذا الدين الذي أراد الله سبحانه وتعالى من عرب الجزيرة ومن أهل الكتاب هو:قوله تعالى:

(ومن يسلم وجهه لله وهو محسن فقد أستمسك بالعروة الوثقى والى الله عاقبة الامو)(سورة لقمان : 22)

وكذلك قوله تعالى: (ومن أحسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال أنني من المسلمين)(سورة فصلت : 33).

 

ثانيا وحدة الكتاب

القرآن يعطي مصطلح الكتاب هو واحد. أي التوراة والانجيل والزبور والقرآن هي كتاب واحد.

عدد مرات تكرار كلمة الكتاب في القرآن هي 230 مرة، وكلها ذكرت بالمفرد أي الكتاب وليس الكتب.

قوله تعالى: (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم....)(سورة البقرة : 212).

قوله تعالى:(الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا....)( سورة غافر : 72).

وقوله تعالى: (نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان). هنا نجد شرائع ثلاثة لكتاب واحد.

وقوله تعالى: (وأنزلنا اليك الكتاب مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه)(سورة المائدة : 26 ).

مهيمنا عليه أي شاهدا عليه. فالاسلام في نظر القرآن واحد من ابراهيم (ع) الى الرسول محمد(ص) والكتاب واحد.

وقوله تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين)(سورة البقرة : 177).

فالكتاب واحد والنبوة واحدة والدين واحد. ممكن القول بأن التوراة هو الكتاب المترجم الى العبرية.والانجيل هو الكتاب الترجم الى الارامية أو السريانية. أما القرآن فهو الكتاب المترجم الى العربية.أي القرآن هو نفس الكتاب الا أنه بلسان عربي.

هنا القرآن يعلن صراحة، قوله تعالى: (حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لو لا فصلت آياته)(سورة فصلت : 3-4)

فصلت تعني ترجمة. فالقرآن هو شرح وترجمة الكتاب الاصلي الا أنه بلسان عربي.

يقول يعقوب بن اسحاق الكندي فصلت آياته في زمن اليهود سمي التوراة. (30)(تفسير بن كثير)

وقوله تعالى: (انا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وانه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم) (سورة الزخرف : 3-4).

فالقرآن هو تبيان أي شرح بلغة القوم. أما الكتاب هو التنزيل لانه لايتعلق بلغة القوم.

وقوله تعالى: (فانما يسرناه بلسانك)(سورة مريم : 97)؛ وقوله تعالى: (وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه)  (سورة ابراهيم : 4)؛ وكذلك قوله تعالى:(وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق لما بين يديه وتفصيل الكتاب)(سورة يونس : 37).

فالقرآن يؤكد بأنه ليس تنزيل جديد. بل الهدف من بعثة النبي محمد(ص) هو غفلت العرب عن معرفة ودراسة الكتاب، كقوله تعالى: (كما أرسلنا رسولا منكم يتلو عليكم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون). الانعام 156. والله سبحانه وتعالى حقق أمنية ابراهيم واسماعيل (ع)، كقوله تعالى: (ربنا وأبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم انك أنت العزيز الحكيم)(سورة البقرة : 129).

النبي ابراهيم (ع) موجود قبل التوراة والانجيل فيقصد أن يعلمهم الكتاب الاصلي. 

القرآن الكريم يقول آتينا موسى الكتاب. وتكررت في سور عديدة،المؤمنون:49؛ الفرقان: 35؛ القصص: 43؛ السجدة: 23؛ غافر: 53 فصلت: 45 ؛ والبقرة: 87.

وكلمة آتيناه معناها أعطي. أي أعطي شيء موجود مسبقا. آتي فلان الشيء: آتي به اليه؛ جاء به اليه.قوله تعالى:

(قال لفتاه ءاتنا غدائنا) سورة الكهف. القرآن صريح في التعبير بأن موسى اعطي الكتاب الموجود الأصلي على شكل التوراة.

 

ثالثا هل القرآن يشهد بصحة التوراة ولأنجيل؟

القرآن يشهد بصحة الكتاب وصحة التنزيل في التوراة والانجيل على زمان الرسول محمد(ص) في الحجاز.

الشهادة الاولى: قوله سبحانه وتعالى:(يتلونه حق تلاوته). البقرة 121

    قد يكون التحريف الذي يتهم به القرآن بعض اليهود هو عدم تلاوة الكتاب أي التوراة حق تلاوته أي تلبيس الحق بالباطل حسب تفسيرهم وتأويلهم، وذلك بقوله سبحانه وتعالى: (أولئك الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به فأولئك هم الخاسرون)(سورةالبقرة : 121). وكذلك قوله سبحانه: (ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل اليك من ربك هو الحق ويهدي الى الصراط العزيز الحميد)(سورة سبأ : 6).

فسره الجلالان: (يتلونه حق تلاوته) أي يقرؤنه كما أنزل.

فالكتاب يقرؤه كثيرون من أهل الكتاب في زمن الرسول (ص) في الحجاز كما أنزل.

الشهادة الثانية: قوله سبحانه وتعالى : (ولما جاء رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق منن الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون). البقرة 101

أي حسب هذه الآية الكريمة أن القرآن مصدق لما في التوراة والانجيل الذي عندهم وسماه الله سبحانه بكتاب الله أي كتاب منزل. قوله تعالى: (انا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور ويحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء)(سورة المائدة : 47).

هذه شهادة جامعة لصحة التوراة والانجيل كله من زمن موسى (ع) حتى عهد الرسول(ص) . وهي شهادة بأن التوراة فيها هدى ونور وانها حكم بها النبيون الذين أسلموا أي ظلت في زمن أنبياء بني اسرائيل وفي زمن عيسى ومحمد. كذلك شهادة القرآن بأنه ظل أهل الكتاب (شهداء) على الكتاب في زمن الرسول (ص) ، لأن الربانيون والاحبار يحكمون بما استحفظوا من كتاب الله فهو لم يزل في عهد القرآن (كتاب الله). فالقرآن لايمكن يسميه كتاب الله لو أن عليه شبهة تحريف.

قال الجلالين: (كتاب الله) هو اللوح المحفوظ. هذا غير مقنع . لأن النبي(ص) لا يمكنه أن يستشهد بكتاب في السماء لا يستطيع أهل الارض أن يتحققوا منه.  J(كتاب الله) هو على الارض، كقوله تعالى: (ان الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور......والذي أوحينا اليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه(أي قبله).....ثم أورثنا الكتاب الذين أصطفينا من عبادنا)(سورة فاطر : 29-32).

الشهادة الثالثة: القرآن يشهد بتنزيل الكتاب الذي يتلوه أهل زمانه. قوله سبحانه : (ان الذين يكتمون ما أنزل الله  من الكتاب.....ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وان الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد) (سورة البقرة : 174-175). هذه شهادة قاطعة على صحة تنزيل الكتاب الذي وصل الى الحجاز والى الرسول محمد(ص) ، وصحة تنزيل قائمة في عهد الرسول(ص) مهما أختلف أهل الكتاب في تأويله ومهما كتم بعضهم منه على العرب، قوله تعالى: (الله...نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس)(سورة آل عمران : 1-3). أي أن التوراة والانجيل لم يزلا هدى للناس حتى زمن الرسول(ص). وقوله تعالى: (قل يا أهل الكتاب لستم على شيئ حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل اليكم من ربكم)(سورة المائدة : 71). هل يصح أن يحمل القرآن أهل الكتاب على اقامة التوراة والانجيل لو كانا فيهما تحريف؟

وقوله تعالى : (وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله). المائدة 46. وكذلك قوله تعالى : ( وآتيناه الانجيل فيه هدى ونور....وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه ومن يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون)(سورة المائدة : 49-50).

نستنتج مما ذكرنا بأن القرآن يتهم أهل الكتاب لأنهم يكتمون الحق ويحرفون الكلم ويقولون على الله بدون علم.(قل فآتوا بالتوراة فأتلوها ان كنتم صادقين)(سورة آل عمران : 93).

وكان الرسول محمد(ص) يستغرب من الخلاف الدائر بين اليهود والنصارى وهم يتلون الكتاب الواحد وذلك بقوله تعالى: (قالت اليهود ليست النصارى على شيئ وقالت النصارى ليست اليهود على شيئ وهم يتلون الكتاب....)(سورة البقرة : 13).

فالقرآن يكفر اليهود اذ لم يعملوا بأحكام التوراة ويلومهم لأنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض، كقوله تعالى: (واذ أخذننا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم.....ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم ....أفتئمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض...)(سورة البقرة : 84-85).

اذن رغم كل هذه الشهادات بصحة التوراة والانجيل في فترة الرسول محمد(ص) الا أن هناك مفهوما دينيا لدى المسلمين بأن القرآن الكريم نسخ كل الكتب السماوية التي أنزلت قبله .

 

المصادر

1. محمد عمارة:الأعمال الكاملة للشيخ محمد عبده ، ص221.

2. Taha Hussein , l Avenir de la culture en Egypte. Paris 1934.

3. محسن الآراكي: محاضرة بعنوان القرآن الكريم أهميته ودوره وكيفية التعامل معه، 30/رمضان/1433.

. 4. بسيوني محمود شريف: الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان،دار الشروق القاهرة ج2/2003م.

 

 

أضف تعليق


للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.