اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

كيف نخلق بطلنا المنقذ؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

كيف نخلق بطلنا المنقذ؟

صائب خليل

9 آب 2017

 

ــ "أيها الدهر ليتك كنت تجمع كل ما أوتيت من قوة؛ وأنت أيتها الطبيعة ليتك تجمعين كل قواك ومواهبك لخلق انسان عظيم.. نبوغ عظيم ... بطل عظيم ... ومن ثم ليمنح الوجود مـــرة ثانية... رجــلا كعـــلي"

هكذا تمنى الدكتور جورج جرداق يوماً، وهكذا نتمنى جميعاً اليوم العلماني منا كجورج جرداق الذي يأمل بالطبيعة، والمؤمن الذي ينتظر الفرج من الله، وقد أحاطت بنا الكوارث والتراجعات، وبدا لمعظمنا ان الطريق غائمة والدنيا تنذر بالعواصف. في الليلة الظلماء يفتقد البدر، ولكل "بدر" يفتقده. البعض سيتمنى علياً أو الحسين، والآخر سيتمنى جيفارا أو ربما شافيز أو موخيكا او احمدي نجاد وآخر قد يختار ابطالاً محظورة الأسماء. فلدى كل منا "بطل" يتمنى ان يخلقه الله او "الطبيعة" أو "المجتمع"، ليقودنا لمقاومة الانهيار المتزايد أولاً، وللخلاص من الظلام والقهر المتزايد، ويعيد لنا قيمتنا الآدمية ثانيا.

لكننا نعلم جيداً، وللأسف الشديد، أن مثل هذه التمنيات، مهما كانت قوية وصادقة، لن تخلق لنا ذلك البطل الذي سيقودنا. فالعلماني لا يؤمن بالغيب، والمؤمن يعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ولا يعلم إلا الله كم يجب أن ننتظر المهدي المنتظر الذي قد يغيب الفاً آخرى، بينما مصيرنا قد يتحدد خلال عشر سنوات!

باختصار، إن أردنا ان ننقذ أنفسنا فعلينا أن نخلق بطلنا، وبسرعة، لكن كيف سنخلقه؟

أنا لدي فكرة لخلق ذلك البطل، أحب ان اشارككم إياها، خاصة وأنها تعتمد عليكم تماما، وتحتاج إلى مؤمنين بها بعمق، لكي تتحقق.

 

لنبدأ بالسؤال: لماذا نريد البطل الذي يقودنا؟ وما هو بالضبط تأثيره الذي نتمناه، علينا وعلى ظرفنا؟ ما الذي يفعله الأبطال لشعوبهم

النقطة الأولى (المعنوية) المهمة للبطل هي انه يشيع روح القوة والثقة في الناس ويكون النواة التي تنظم هذه القوة وتوجهها نحو الهدف.

النقطة الثانية (العملية) هي سلطته على مركز القرار في البلد وهو ما يمكنه من توجيه ثرواته وإمكاناته لخدمة الشعب ورفاهه وقوته.

السؤال أمامنا إذن: ما الذي يستطيع شعب لا يملك بطلا، ان يفعل ليحقق هاتين النقطتين الاساسيتين؟ هل يمكننا ان نخلق بطلنا؟

نعم يمكننا ان نخلق بطلنا. اسمحوا لي ان أوضح فكرتي، إنها كما يلي:

أولا: لماذا لا نبني قوتنا الموجهة بأنفسنا؟ لماذا لا يبنيها كل منا في نفسه؟ ما اقصده هو خلق "قوة إضافية" في الذات، قوة لها حسابها الخاص بعيداً عما نفعله اعتياديا من اجل أنفسنا في حياتنا اليومية، قوة تستمد دافعها من توظيف الرغبة والأمل في خلق البطل، ومخصصة لخلق "البطل"، قوة موجهة لخيرنا العام، لكنها ليست "تضحية" بالضرورة فهي ستكون أيضاً لخيرنا الشخصي المباشر. فكل ما يزيدنا قوة على المستوى الشخصي، ولم يكن على حساب الآخرين أو مخالف لمبادئنا، يزيدنا قوة وقدرة على الصمود العام (كشعب).

إذن الفكرة هي: رغم اننا لا نستطيع أن نخلق بطلا يتجسد بشكل إنسان بشحمه ولحمه، لكننا نستطيع أن نخلق بطلا من نوع آخر، نستطيع ان نخلقه "موزعاً" علينا، ومنتشراً على افراد المجتمع، يقودهم كما يقود البطل قومه إلى الصمود والخلاص.

 

ستسالني: لنفرض أنني اقتنعت بالفكرة، ما الذي يجب ان افعله بالضبط؟

معظم الأشياء سيتوجب عليك ان تحددها بنفسك، لكن نقطة الإنطلاق المركزية والأساسية التي قد تتطلب تغييرا نفسيا حقيقيا فيك وفي الكثير منا، هي: أن ترى نفسك كحاكم! أن تيأس من قصص الأطفال الذين يمنون أنفسهم بـ "حاكم رائع يأتي من المجهول ليحكمك بالعدل والرحمة ويحارب لك اعداءك ويبني لك وطنك"!

تجارب الشعوب تؤكد أن كون "الحاكم" من نفس البلاد لا يضمن صلاحه ابداً. أما إن كان يوضع على كرسي الحكم من قبل سلطات اجنبية، فيمكنك ان تنظر إلى الطريقة التي يعامل بها حكام تلك البلاد الأجنبية شعبهم، لتعرف أنهم أبعد ما يكونوا عن الاهتمام به، وأنهم يمتصون ثرواته بلا رحمة، فكيف بشعب غريب؟

إذن نسيانك خرافة الحاكم الجيد الذي يأتي به غيرك، هو الجهد الأول الضروري للانطلاق نحو التغيير. يجب أن تصحو من هذا السراب القاتل، وان يكون هدفك الوحيد المقبول هو ان تحكم وطنك بنفسك، وأن تعد نفسك لهذه المهمة!

والمقصود هنا ليس ان تعد نفسك لتستولي على السلطة شخصيا لتحكم، وإنما أن تمثل "المواطن الحاكم" الذي يتوزع الحكم عليه وعلى أمثاله من المواطنين. نعم هي الديمقراطية نفسها، لكنها الديمقراطية الحقيقية التي تقاس بمدى حكمك لبلدك كمواطن.

ولكي تكون لك إرادة الحكم، فعليك أولاً ان تؤمن بأن البلد بلدك انت. وأن ثرواته ملك لك، وحقك الشخصي المسلوب. أن تتخلص من كل ما أصابك من تنويم مغناطيسي إعلامي وتربوي يهدف إلى إنكار هذه الحقيقة ودفنها. يجب ان تعمل كشخص تم سلب أمواله التي يراها تبدد أمام عينيه ويرى ان مستقبله وحتى بقاءه على قيد الحياة كإنسان، يعتمد على فرصته في استعادتها.

 

تبدأ الكثير من القصص والمسرحيات بابن ملك صغير، تم الاستيلاء على مملكته بطريقة ما، ونجا هو وتشرد في البلدان دون ان يعرف به أحد. وفي بعض القصص لا يعرف هو نفسه انه ابن ملك ثم يكتشف ذلك فجأة، او يخبره أحد ما بالحقيقة. ومنذ تلك اللحظة يبدأ ابن الملك المسلوب المُلك، بالعمل على استعادته بهمة وعزم. يضع نصب عينيه تلك المهمة دون غيرها، يفتش باحثا عن كل ما يمكن ان يساعده في مهمته ويقوي جانبه، بل يصير يقيس الأشياء والناس بمدى تأثيرها على مهمته هذه. فكل ما يخدم هدفه "جيد" و "صديق" و "مهم". وكل ما عداه "سيء" و "عدو"، أو "غير مهم".

أنت هو "ابن الملك" ذاك!

ليست هذه اسطورة أو حكاية، فمبدأ امتلاك المواطن لوطنه، أصدق من كل الحقوق الخرافية للملوك ببلدانهم، وقناعتك بأن بلدك وثرواته مسلوبة منك ومن حقك، بل وواجبك تجاه نفسك واولادك، استعادتها ممن استولى عليها، أكثر مصداقية من اية قصة ملك يطلب مُلكه، وإرادتك لتفعل ذلك أجدر من أي منهم! تلك هي الخطوة الأولى، الخطوة النفسية الكبرى.

 

وكيف استعيد مملكتي؟ كيف اتخذ القرارات وأرى طريقي إليها في هذه المعمعة المشوشة؟ من الطبيعي ان الأمر يحتاج الى بذل الجهد والوقت للتفكير والقراءة والبحث، لكن عندما تؤمن حقاً بأنك صاحب الحق وتقرر ان تستعديه لتصبح "المواطن الحاكم" لبلدك، وتتقمص هذا الدور، فأن هذا بحد ذاته سيدلك على الكثير من الأجوبة. لأن السؤال الذي ستواجهه سيكون ابسط بكثير. فبدلا من ان تسال عند مفترق الطرق: أي الطريقين أفضل؟ (وأنت لا تدري بالضبط إلى اين تريد)، سيكون السؤال: أي الطريقين يتجه إلى هدفي كمواطن حاكم؟

في الجزء الثاني سنتحدث عن أمثلة على هذه الأسئلة وكيف تكون الإجابة عنها لخلق "المواطن الحاكم"، إضافة إلى خطوات مقترحة عامة يمكن للشخص ذاته ان يقوم بها لكي يقترب من تحقيق هدفه باعتباره "الملك" المخلوع الذي يسعى لاستعادة ملكه. أما الآن فدعونا نبذل جهدنا لننشر الفكرة ونبحث عن "رفاق" لهم الحماسة والإرادة ليرافقوننا!

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.