اخر الاخبار:
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

الخيارات الواضحة للمواطن الطامح لحكم بلده!// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الخيارات الواضحة للمواطن الطامح لحكم بلده!

صائب خليل

11 آب 2017

 

أنهينا الجزء الأول من المقالة (لمن لم يقرأه، يرجى قراءته اولاً هنا (1) ثم العودة لإكمال المقالة) بتساؤل المواطن الطامح للحكم: كيف يصل الى استعادة ما سلب منه؟ كيف يكتشف المواقف والخيارات التي توصله الى حكم بلده؟ وقلنا بان مجرد تقمص دور "إبن الملك المعزول"، الطامح لاستعادة ملكه – أي المواطن الطامح للحكم، سوف يدل الإنسان على الكثير من الحلول ويسهل الأجوبة، لأن السؤال سيكون: أي الخيارات يؤدي بي، كمواطن، الى كرسي الحكم؟ والسؤال نصف الجواب، ونبدأ الآن ببعض الأمثلة على ذلك:

 

1- على أي أساس سأنتخب، ومن الذي اريده للحكومة؟

باعتبارك "الحاكم" على بلدك، فأنك بانتخابك توكل على ادارته شخصا، مثلما يوكل شخص "مديراً لأملاكه". لذا يجب ان تبحث عمن “يدير بلادك لك”، بنفس الروح والحرص التي تبحث بها عن مدير لأملاكك. فما هي صفات المدير المناسب لأملاكك؟

يخشى المالك ان يخسر مصالحه بسبب من يوليهم امر أملاكه لنوعين من الأسباب: الأول تضارب مصالح الوكيل مع مصالح صاحب الملك وهي المتعلقة بالأمانة والثقة، وهي الأهم والأخطر. والنوع الثاني أسباب قلة كفاءة الوكيل وغفلته.

لذلك فالشرط الأول لمن انتخبه امينا على أموالي هو أن أكون مطمئنا إلى عدم تبعيته أو علاقته جيدة مع جهة عدوة، (تتضارب مصالحها مع مصالحي)، وهذا شرط حاسم لا مجال للتفاهم حوله.. والثاني أن يوافق أن يريني كل ما يتصرف به قبل ان يفعل، وبعد ان يفعل! ورغم أني سأبقي عيني مفتوحة فسأفضل من يكون له تاريخ يدعو للثقة قدر الإمكان لتسهيل العمل.

بعد ذلك تأتي أسباب الكفاءة وأولها أن الوكيل يجب أن يتفق معي في الخطوط العامة فلا احتاج ان اختلف معه في الصغيرة والكبيرة، فإن كنت لا أؤمن بالخصخصة فلن انتخب مروج لها، حتى لو كان امينا وخبيراً ولطيف اللسان الخ.... ثم أشترط ألا يكون أحمقاً... وألا يكون مغامراً... وأخيراً أضع شرط الخبرة في إدارة الأملاك، وهو الشرط الذي يضعه معظم الناس في المقدمة، لكني أتركه انا للنهاية.

من الطبيعي إنك قد لا تجد المرشح المالك لكل تلك الصفات، فتختار المرشح المالك لأهمها، وتنتبه بشكل خاص لما ينقصه منها.

 

2- هل يريد "المواطن الحاكم" قوات اجنبية داخل البلاد؟

إن أي حاكم عاقل سوف يعمل المستحيل لإخراج اية قوات اجنبية من البلاد، واعتبار ذلك أول أهدافه وأهمها، لان وجودها يمثل التحدي الأكبر والأقسى والأخطر لسلطته. وإذا اضطر أن يقبلها مؤقتا ففقط بعد التأكد التام من إمكانيته إخراجها من البلاد متى شاء. فالقوات الأجنبية قوة داخل البلاد خارج سيطرتك وتأثيرك تماما، ويمكنها ان تفعل الكثير لتدمير بلادك، وغالباً ما تفعل. وفي العادة فإنها تمد جذورها لتستقر من خلال طبقات من العملاء والمستفيدين، وعلى الحاكم الطامح لحكم بلده أن يشخص هؤلاء ايضاً ويضعهم في خندق أعدائه ويحسب لهم ألف حساب. ويدخل في نفس الصنف اية قوة أو سلطة أجنبية أخرى غير مسيطر عليها في البلاد.

 

3- هل يريد "المواطن الحاكم" حصر السلاح بيد الدولة؟

الحاكم، أي حاكم، لا يريد ان يبقي مسلحا في البلاد سوى من يطيعه هو، والمواطن الحاكم لا يجب ان يحيد عن هذه القاعدة. لكن عندما تتيح الظروف لقوة اجنبية أن تشكل بنفسها جيش البلاد والشرطة والأمن، وعندما تتصرف هذه المؤسسات بشكل يؤكد سلطة تلك القوة الأجنبية عليها كتسليم المدن إلى الأعداء بدون قتال، فأن الأمل الوحيد للحاكم هو في "السلاح خارج الدولة"، مهما كانت مساوئ ذلك. ففي تلك الحالة لا يأخذ "حصر السلاح بيد الدولة" الأولوية على طرد القوات الأجنبية وتحديد الموقف من بقية القوات المنظمة داخل الدولة، ولا يجب ان يرفع كشعار قبل شعار تحرير البلاد من العسكر الأجنبي والقوات المنظمة غير الموالية للمواطن الحاكم. ولا يجب ان يتم نزع سلاح الميليشيات الوطنية أبداً قبل التأكد من خلو البلاد من تلك القوات، وإن فعل ذلك ليس سوى حماقة كبرى تحطم آمال المواطن بالحكم. وأوضح دليل على ذلك، حرص القوات الأجنبية الشديد على "نزع سلاح" تلك الميليشيات.

 

4- هل الشفافية مهمة؟ هل نقبل مثلا بالتصويت السري في البرلمان؟

إن أكبر اهتمامات الحاكم الذي يريد الاستمرار في الحكم، هي معرفته ما يفعله "ولاته" على البلاد وكيف يفكرون. والنواب هم جزء من "ولاته" الذين يجب ان يراقبهم جيداً، فمنهم تخرج القوانين وتراقب الحكومة، ولا يمكن لحاكم، أي حاكم، ان يكون من الغفلة بأن يسمح بأن يجتمع هؤلاء "سراً" ودون ان يكون ذلك تحت رقابته. لذلك فـ “التصويت السري” جريمة كبرى بالنسبة للمواطن الحاكم، ولا يجب ان يقبل به إلا في حالات نادرة جدا، ولأسباب قاهرة وبأدنى حد ممكن من السرية. فجميع الأسباب التي تساق لتبرير تلك السرية، ليست سوى تآمر على المواطن.

 

ويجب أن تكون اجتماعات مجلس الوزراء علنية أيضا قدر الإمكان. وفي بلد تحت سلطة الاحتلال، فأن "الأسرار" ليست اسراراً إلا بالنسبة للمواطن، وحتى "داعش" تصله ما يهمه منها ما دامت تصل اسياده، وأن كشفها كلها علناً لن يضر المواطن بشيء بل العكس، سيكون دليله الأكبر لما يحدث ومرشده كيف يتخذ قراراته المستقبلية. لذلك يحرصون على السرية ولذلك يجب ان نحرص في كل مناسبة على تحطيمها ورفض كل الحجج الخاصة بها، واستبعاد من ينادي بها من أصواتنا وانتخاب من يدعو بصدق لإزالتها.

 

5- ولاة مستقلون و "تكنوقراط"؟

لا. إن محاسبة الوالي المرتبط (بحزب مثلا) أسهل بكثير من محاسبة الوالي المستقل، القادر على الهرب في اية لحظة بما حمل، خاصة بوجود القوة العظمى وقواعدها في البلاد. وما دمت انت الذي تنتخب الحزب وتستطيع ان تحرمه السلطة، فالحزب سيكون حريصا على أمانة وزرائه. أما إن لم تفعل، فليس هناك لك حل، لا بالمستقلين ولا بالأحزاب. وإن فعلت وقمت بواجبك بالمراقبة فسوف تصبح قوة الحزب معك وليس ضدك.

أما تسليم الحكم لـ "التكنوقراط" فهو ليس سوى حيلة للتهرب من مسؤولية الموقف السياسي وتهريب السلطة الى جهات مجهولة. ومن النادر ان كان نقص التكنوقراط مشكلة في الحكم. والملاحظ ان نسبة عالية ممن يتسبب في دمار البلد هم من التكنوقراط .

إن مشكلة المستقلين والتكنوقراط أنهم مرتبطون أو سيرتبطون عاجلا بجهات غير معلنة ولا احد مسؤول عنهم، على عكس اؤلئك المرتبطين بالأحزاب.

 

6- هل من مصلحة "المواطن الحاكم" أن يكون هناك إعلام مستقل عن الدولة؟

يدرك الحاكم أن "الإعلام" هو النافذة التي يرى الشعب منها العالم. وان هذا الإعلام قد يثري الشعب ويوعيه وقد يشوشه ويدمره. كما أنه قد يوحده ويربط بين أفراده ليكونوا "شعباً" كما يربط السمنت الحجارة لتكون "بناءاً". لذلك من الضروري أن يكون للحاكم السلطة على الإعلام بما يكفي لتوجيهه بهذا الهدف. إلا أن هذا يمكن ان يساء استغلاله أيضا كما يكشف التاريخ، لذلك نقول للإعلام المستقل عن الدولة: نعم بشرط ألا يكون وحيدا وألا يكون الأقوى وأن يكون للدولة القدرة على محاسبته على الكذب والتضليل. وفي حالة الحرب كالتي يمر بها العراق، فأن الرقابة على ما تنشره وسائل الاعلام والمحاسبة على الكذب الهادف إلى بث الفرقة فيجب ان يتيح القانون محاسبته بشدة.

 

7- قطاع انتاجي خاص وخصخصة الخدمات؟

للقطاع الخاص في الاقتصاد فوائد محدودة ومضار قد تكون وخيمة، ما لم يكن مسيطر عليه من قبل الدولة. لذلك يمكن السماح وتشجيع القطاع الخاص للإنتاج في المرافق الصغيرة فقط، وإن كبرت شركة خاصة تجبر على الانقسام، فلا يتغول المال الخاص وينافس "المواطن الحاكم" على الحكم، ويبدأ برشوة "الولاة" والقضاة والشرطة والإعلام ليفسد الدولة ويحكمها.

أما خصخصة الخدمات فلا وألف لا. لا يجب أبداً ان تترك المصالح الأساسية للمواطن الحاكم بأيد مجهولة أو مصالح خاصة. ان أي ترك للخدمات الأساسية للمواطن، مثل الكهرباء والصحة والتعليم والمواصلات والاتصالات، دع عنك الشرطة والجيش والأمن، بيد غير يده كمواطن حاكم هو لغم وكارثة مؤقتة. والحكومة التي تفعل ذلك حكومة خائنة تسير بأوامر من يبغي تحطيم البلاد.

إن الخدمات الأساسية يجب ان تكون بيد وزارات الحكومة الوكيلة لإدارة الوطن، وحين تفشل وزارة في أداء واجبها، يتم فورا استبدال الوزير بآخر، ثم آخر حتى نجد من ينجح في مهمته، لا ان يكون باب الخصخصة مفتوحاً بانتظار الفشل أو بحجة الفشل، لان الفساد سوف يتعمد الفشل من أجل الخصخصة. فمهما كانت الفائدة المجنية من تلك الخصخصة، وأغلب تلك الفوائد أكاذيب يروجها الإعلام كما تثبت تجارب الدول، فلا يمكن ان تعادل الضرر الأكيد الناتج عنها، بفقدان المواطن السيطرة على اساسيات حياته وتركها بأياد تتحكم بها وتهدد بالضغط عليه وعلى من يوليهم في حكومته، في اية لحظة تاريخية تراها مناسبة.

 

في الحلقة القادمة (الأخيرة ربما) سنذكر توصيات محددة لمن يتفق معنا على بناء "المواطن الحاكم" في نفسه وفي المجتمع، ويحدوه الأمل لإمكانية تحقيق شيء في هذا الاتجاه.. ومستعد لبذل الجهد في سبيله.

 

(1) صائب خليل: كيف نخلق بطلنا المنقذ؟

 

http://www.tellskuf.com/index.php/mq/69375-ag180.html

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.