اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مقالات وآراء

نبحث عن الشرف والشرفاء فلا نجدهما (6)// محمد الحنفي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

نبحث عن الشرف والشرفاء فلا نجدهما (6)

محمد الحنفي

المغرب

 

سبل جعل الواقع ينتج الشرف والشرفاء:

ومعلوم، أن تحقق الدولة الوطنية الديمقراطية / العلمانية / المدنية، التي تحترم حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، ووضع حد لاقتصاد الريع، وبناء اقتصاد وطني متحرر، وبالإضافة إلى ما لم نذكر، لا بد ان يؤدي إلى جعل المغرب، والمغاربة، وكل دولة من دول المسلمين، منتجة للشرف، والشرفاء، مما يقود إلى تقدمها، وإلى تطورها في الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، واللغوية، والمعرفية، والعلمية، والأدبية، والفنية، وغير ذلك، مما له علاقة بقوة الدولة الوطنية الديمقراطية / العلمانية / المدنية، كدولة منتجة للشرف، والشرفاء.

 

والمجتمع الذي يصير قائما على الشرف، والشرفاء، يصير مجتمعا خاليا من مختلف الأمراض الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وساعيا إلى أن تصير الثروة الوطنية الإنتاجية، والخدماتية، في خدمة جميع أفراد المجتمع، الذين يصيرون مهووسين بالتقدم، والتطور، أكثر مما يصيرون مهووسين بالتبرجز، وبتحقيق التطلعات الطبقية سعيا منهم كمتفاعلين مع قيمة الشرف، وكشرفاء، إلى:

 

1) تحرير المجتمع من كل ما يسيء إليه، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ومدنيا، وعلميا، ومعرفيا، والحرص على أن يكون متقدما، ومتطورا في كل المجالات المذكورة.

 

2) الحرص على ديمقراطية المجتمع، انطلاقا من ديمقراطية الشعب، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وفي أفق تربية جميع أفراد المجتمع، وتنشئتهم على أساس التشبع بالممارسة الديمقراطية، التي تجنبنا الوقوع تحت طائلة الاستبداد، بمضامينه الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

 

3) الحرص على الالتزام بالعدالة الاجتماعية، التي لا تتحقق إلا بتقديم الخدمات للجميع بالمجان، وبدون استثناء، وبدون محسوبية، أو زبونية، أو وصولية، أو إرشاء، أو ارتشاء، وبدون إنتاج أي ممارسة انتهازية، كيفما كانت هذه الممارسة، ومهما كانت، بالإضافة إلى التوزيع العادل للثروة المادية، على جميع أفراد المجتمع، وبدون أي تمييز قائم على الجهة، أو العرق، أو القبيلة، أو الجنس، أو المعتقد، كما يذهب إلى ذلك الحريصون على اللا مساواة، في توزيع الثروة المادية الوطنية.

 

4) احترام الكرامة الإنسانية، التي هي أساس الوجود الإنساني؛ لأن المجتمع، إذا لم تسد فيه الإنسانية، يعتبر بمثابة قطيع، وبدون قيمة، مادامت قطعان الحيوانات ذات قيمة مرتفعة، يمكن بيعها، ويمكن تصديرها، ويمكن أكل لحومها، والاتجار في تلك اللحوم.

 

ولذلك، فاحترام الكرامة الإنسانية، يجسد قيمة الإنسان على أرض الواقع.

 

وبناء عليه، نجد ان تحرير المجتمع، والحرص على ديمقراطيته، والحرص على الالتزام بالعدالة الاجتماعية: المادية، والمعنوية، واحترام الكرامة الإنسانية، تجعل الشرف شائعا في المجتمع،  الذي يصير منتجا للشرفاء، الذين يقفون وراء التقدم، والتطور، الذي يعرفه المجتمع، وتعرفه الدولة الوطنية الديمقراطية / العلمانية / المدنية، التي لا وجود فيها لشيء اسمه أدلجة الدين الإسلامي، التي تعتبر منطلقا لفساد، وإفساد الواقع.

 

ونجن عندما طرحنا موضوع: (نبحث عن الشرف، والشرفاء، فلا نجدهما)، كان هدفنا أن نوضح، على أساس إعمال العقل النقدي للواقع، أن الشرف لا يولد مع الإنسان، الذي لا يصير شريفا بحكم النسب، أو بحكم الجنس، أو بحكم المعتقد، أو بحكم اللغة، أو القبيلة، وغير ذلك، مما يعتبر سببا في التمييز بين أفراد المجتمع، باعتبارهم شرفاء، أو غير شرفاء.

 

فالإنسان ذكرا، كان، أو أنثى، يولد مجردا من كل الخاصيات، التي يكتسبها، انطلاقا من الشروط التي تحيط به، فيصيرون شرفاء، أو غير شرفاء، ولا يمكن لكل الأحزاب السياسية أن تنتج، من خلال ممارستها اليومية، نبل القيم، إلا  إذا كانت هذه الممارسة ترجمة لتوجهات أيديولوجية، وتنظيمية، وسياسية، تسعى إلى تحقيق ما هو منصوص عليه، في برامجها الحزبية، ذات الأبعاد الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى تحقيق الأهداف التي تخدم مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، التي لا يمكن أن تحتضنها هذه الجماهير، وتتفاعل معها، إلا إذا كانت موسومة بنبل القيم، التي تعتبر الفاعل الأساسي في وجدان الجماهير  الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة، وفي شخصيتها الجماعية، التي تتم ترجمتها، على مستوى الشخصية الفردية، ويذاك، يمكننا الحديث عن دور الأحزاب السياسية، في إنتاج الشريفات، والشرفاء.

 

وما هو مؤكد على أرض الواقع، أن جميع الأحزاب ليست كلها منتجة لنبل القيم، بل إن الأحزاب المنتجة لنبل القيم، هي الأحزاب المنحازة إلى العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، أما إذا لم تكن كذلك، فإنها لا تنتج إلا خبث القيم، التي لا يمكن أن تنتج لنا الشريفات، والشرفاء.

 

وطبيعة الأحزاب، التي لا يمكن أن تنتج نبل القيم في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي المغربي، تكمن في كونها من صنع الإدارة المخزنية، أو من صنع الدولة مباشرة، أو متمخزنة، لتتنكر، بمخزنتها، إلى تاريخها الوطني الديمقراطي، أو لرفعها شعارات منحازة إلى الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة. وهذه الأحزاب، هي التي صارت معبرة عن ما تسعى إليه الطبقات البورجوازية، أو الإقطاعية، أو التحالف البورجوازي الإقطاعي المتخلف، أو تتطلع إلى تحقيق النخب المريضة بتطلعات البورجوازية الصغرى، على حساب الجماهير الشعبية الكادحة، وطليعتها الطبقة العاملة. وهو ما لا يعبر عن طموحات الطبقة العاملة، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، الذين كانوا يعتبرونها أحزابها التي تقود نضالاتها، في أفق التغيير.

 

ولا يمكن إشاعة نبل القيم في الواقع المغربي، للوصول إلى تحقيق الشرف، وإفراز الشرفاء، في الحياة العامة؛ بل لا بد من إنضاج الشروط الذاتية، الممتلكة للشرف، والشروط الموضوعية الفارزة له، لأن الشروط الذاتية، والموضوعية، التي يعيشها الإنسان، أي إنسان، ومهما كان، هي التي تتحكم في تحديد ما يكون هذا الإنسان: شريفا، أو غير شريف، حريصا على ،شاعة الشرف في المجتمع، وتمثله له، أو غير حريص على ذلك، وغير متمثل له.

 

ونظرا لأن الشروط الذاتية، والموضوعية، المنتجة للشرف، والشرفاء، منعدمة بين غالبية العاملين في الإدارة المغربية، وكل العاملين في الإدارات الجماعية، فإن الشرف منعدم، والشرفاء منعدمون، في هذه الإدارة المغربية، وفي الإدارات الجماعية، التي لا تنتج إلا خبث القيم، التي أفسدت، وتفسد، وستفسد طبيعة المجتمع المغربي، التي قامت، في الأصل، على نبل القيم، التي انعدمت، بدورها، في الإدارة المغربية، لينعدم بذلك الشرف، والشرفاء.

 

ونظرا لأن الانتخابات، لا تجري إلا تحت إشراف الإدارة المغربية، فإن الفساد تحول، عبر مرشحي الإدارة، إلى العلاقة بين المرشحين، والناخبين، إلا قلة قليلة، لا تكاد تذكر.

 

ونظرا لأن الفساد عم بين المرشحين، والناخبين، على حد سواء، فإن على اليسار المناضل، حتى لا نقحم (اليسار) المتمخزن، أن يحرص على أن لا ينتمي إلى صفوفه إلا الشرفاء، حتى لا يصير مرشحوه فاسدون، ومن أجل أن لا يصير الفساد مستشريا في صفوفه؛ لأن اليسار إذا صار ملغوما بالفساد، فقد هويته.

 

ومن أهم ما يجب أن تقوم به قيادات اليسار المناضل، حتى نتجنب اعتماد (اليسار) المتمخزن، الفاسد أصلا، أن تقوم هذه القيادات بالمراقبة الصارمة للتنظيمات الحزبية، مهما كانت هذه التنظيمات فرعية، أو إقليمية، أو جهوية، أو وطنية، بما في ذلك التنظيمات القاعدية، وأن تتخذ الإجراءات ضد أي تنظيم، مهما كان هذا التنظيم، إذا وقف وراء تسريب الفساد، والفاسدين إلى صفوف اليسار المناضل، وخاصة في العملية الانتخابية.

 

واليسار المغربي المناضل، لا يمكن أن يثبت هويته النضالية، إلا بالنضال من أجل مدرسة عمومية مغربية، منتجة لنبل القيم، حتى لا تبقى منتجة لخبث القيم، نظرا للفساد الذي يستشري فيها، ونظرا لطبيعة المدرسة العمومية القائمة، والمعتمدة على برامج لا تنتج إلا خبث القيم، في صفوف الأجيال الصاعدة، التي تتحول إلى أجيال تحمل في مسلكيتها من الفساد، ما لم تعرفه الأجيال السابقة، مما يجعلها تسارع إلى بيع ضمائرها إلى أكثر من جهة.

 

والفساد، لا يتجسد فقط فيما عليه الإدارة المغربية، بل إن ما عليه الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، هو أم الفساد، وما تنتجه من قيم، لا يمكن أن ينتمي إلا إلى خبث القيم، وما يقوم به المؤدلجون المنتمون إلى هذه الأحزاب، سواء في المغرب، أو في غيره، لا يمكن ان يصنف إلا في إطار نشر الفساد، وإفساد الشعب المغربي، وباقي شعوب المسلمين.

 

ومعلوم أننا لا نمتلك الشرف، ولا نولد شرفاء، بقدر ما صار المجتمع الذي ننتمي إليه يتملك الفساد، وينشأ أفراده عليه. وهو ما يقتضي منا النضال المعمق، من أجل بث نبل القيم، المنتجة للشرف، والفارزة للشرفاء في المجتمع، في أفق العمل على تثبيت الشرف، وكثرة الشرفاء.

 

وما عليه بلدان المسلمين، لا يمكن أن يعبر عن سيادة الشرف فيها، وكثرة شرفائها، وإلا، فما معنى ما عليه الواقع في بلدان الخليج العربي، وفي باكستان، وفي أفغانستان، وفي سوريا، والعراق، واليمن، وليبيا، وتونس، والجزائر، كما في المغرب، وغيرها مما لم نذكر، من بلدان المسلمين، وفي كل موطن يتواجدون فيه.

 

ففي جميع بلدان المسلمين، يكاد الشرف ينعدم، وتكاد شروط إفراز الشرفاء، والشريفات، تنعدم، مما يفرض ضرورة إعادة النظر في واقع بلدان المسلمين، جملة، وتفصيلا.

 

فشعوب المسلمين، التي يتحكم فيها مؤدلجو الدين الإسلامي، ونظرا لسيادة قيم أدلجة الدين الإسلامي الخبيثة، فإن هذه الشعوب، صارت لا تنتج إلا الإرهاب، والإرهابيين، ليس إلا، وما سوى ذلك، غير وارد في هذه البلدان.

 

ونحن لا يمكن أن نعتبر الولايات المتحدة الأمريكية، والكيان الصهيوني، الداعمين لكل الدول الحاكمة في بلدان المسلمين، شريفين، ومنتجين للشرف، والشرفاء. فتاريخ الولايات المتحدة تاريخ أسود، وتاريخ الصهاينة تاريخ أسود، ولا يصدر عنهما، معا، إلا ما يسيء إلى التاريخ، وإلى الجغرافية، وإلى الإنسان. وما يجري من ويلات في هذا العالم، تقف وراءه الولايات المتحدة الأمريكية، كما يقف وراءه الكيان الصهيوني.

 

وليس من الشرف، كذلك، أن تصير الدول المسماة {إسلامية}، وما تفرزه من إرهاب، وحركات إرهابية عميلة لأمريكا، وللكيان الصهيوني؛ لأن ذلك يجعل هذه الدول، غير شريفة، وغير فارزة للشرفاء. وهو ما يحط من قيمتها الإنسانية، وما يقتضي ضرورة إعادة النظر في الممارسة، وفي منطلقات هذه الممارسة، من أجل إعداد المجال، لإشاعة الشرف، في المجتمع المفضي إلى فرز الشرفاء، وعلى مدار الساعة، سعيا إلى حصول تحول في المجتمع، الذي يشيع بين أفراده الشرف، الذي يحولهم إلى شرفاء، متشبعين بنبل القيم، حتى يعتز جميع أفراد المجتمع بمجتمعهم، وبماضي هذا المجتمع، وبحاضره، وبما يمكن أن يكون عليه مستقبلا.

 

خاتمة:

 

فهل يكفي ما طرحناه في هذه الأرضية، حتى نقتنع بضرورة الحرص على إشاعة نبل القيم في مجتمعنا؟

 

أليست إشاعة نبل القيم، مطية لإنتاج قيمة الشرف في المجتمع المغربي، الذي يتحول بفعل ذلك إلى مجتمع فاضل؟

 

أليست قيمة الشرف في المجتمع، هي الأساس، الذي يجعل المجتمع المغربي فارزا للمزيد من الشرفاء؟

 

أليس تحول المغاربة إلى شرفاء، مدعاة لامتلاك الحصانة ضد الفساد، مهما كان نوعه، وضد المفسدين، مهما كانت مسؤولياتهم، في المجتمع، وضد فساد الإدارة، وضد الفساد السياسي، وضد كل ما يسيء إلى كيان الإنسان، وضد الحكام المستبدبن، مهما كان لونهم.

 

أليس كل ذلك مدعاة إلى الحرص على تحرير المجتمع، وتحقيق الديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، واحترام الكرامة الإنسانية؟

 

أليس معنى ذلك: الحرص على بناء المجتمع المغربي، بناء سليما، بتاريخ مجيد، وبحاضر تتمثل فيه كل القيم النبيلة، وبمستقبل متعاظم بطموحات الشعب العظيمة؟

 

إن كل أملنا في معالجة موضوع: (نبحث عن الشرف، والشرفاء، فلا نجدهما)، أن يحصل تحول عميق في مجتمعنا المغربي، وفي مجتمعاتنا العربية، وفي مجتمعات كل المسلمين، حت يتخلص الجميع من خبث القيم، المنتجة للفساد، والمفسدين، والاستبداد، والمستبدين، وحتى تصير هذه المجتمعات منتجة لنبل القيم، التي تقف وراء إشاعة الشرف، وفرز الشرفاء، في هده المجتمعات، وفي المجتمع المغربي، الذي يصير بذلك مفخرة للمغرب، أمام المجتمعات الأخرى، وأساسا للتقدم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والعلمي، والمعرفي، الذي يجعلنا ننخرط في الحضارة الإنسانية، ومن بابها الواسع، ليصير بذلك المجتمع المغربي، مثالا لشعوب المسلمين، في كل بقاع الأرض.

 

ابن جرير في 22 / 08 / 2017

محمد الحنفي

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.